عماد حمدي: "الأيام الصعبة" وقصة زواجه بـ"نادية الجندي"
فن | إيلاف
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٧
"لمناسبة ذكرى وفاته، تلقي "إيلاف" الضوء على مسيرة الفنان الراحل عماد حمدي الذي لُقِّبَ بـ"فتى الشاشة الأول" لأكثر من 20 سنة، من خلال عرض مذكراته التي صدرت بتوقيع الناقدة إيريس نظمي قبل أكثر من 3 عقود، علماً أن الراحل سجلها قبل وفاته.
وفي الحلقة الثامنة يتحدث عن لقائه بالفنانة نادية الجندي وارتباطه بها مستعرضاً مراحل العلاقة بينهما في السنوات الأولى وأيامه الصعبة بتراجع أعماله.
حب في البلاتوه ويتابع "حمدي" سرد مذكراته قائلاً: إختارني المخرج حسن الإمام للمشاركة في بطولة فيلم "زوجة من الشارع" الذي كان يُفترض أن يتم تصويره في بلدة اج. وشعرت بالحماس لهذا للفيلم خاصةً بعد أن عرفت أن هدي سلطان وكمال الشناوي سيشاركانني البطولة فيه. فأنا عملت من قبل مع كمال الشناوي وأعرف مدى حبه لفنه ورغبته المخلصة في تقديم الجديد المتطور.
وهدى سلطان هي ممثلة ومطربة لها في نفسي قدراً كبيراً من الإحترام. ولقد سمعت أيضا أن هناك ممثلة جديدة اسمها نادية الجندي ستظهر في الفيلم. لم أكن قد سمعت باسمها من قبل، لكنني كنت دائماً مع إتاحة الفرص للوجوه الجديدة لكن دون إنكار خبرات الأجيال السابقة من الممثلين والممثلات.
ورأيت نادية الجندي لأول مرة في بلده أجا. لاحظت أنها شابة وجميلة وشديدة الحيوية. ومن خلال العمل أمام الكاميرا والظهور في مشاهد مشتركة كأن لابد أن يكون بيننا حوارات وتعليقات. وكأي ممثلة جديدة فإنها كانت بحاجة إلى توجيهات وإرشادات من سبقوها في ذلك المجال. وأنا بطبعي لا أبخل أبداً بالتوجيهات المخلصة، وكنت أقدّمها دائماً للممثلين الجدد الذين يعملون معي. ولقد كان طبيعياً أن أقدم تلك التوجيهات للممثلة الجديدة نادية الجندي. وفي فترات الإستراحة ما بين التصوير، بدأت أفكر بعمق في حياتي الموحشة التي أصبحت مثل صحراء قاحلة ليس فيها غير كثبان الرمال لاخضرة لاماء لاحياة.
والظمأ يكاد يقتلني والشعور الحاد بالوحدة يلاحقني. أنشغل بحياة الاستديوهات في النهار ولكن عندما يأتي الليل الموحش أشعر بالاكتئاب. حيث لا أجد حولي من يحادثني، أو يسمعني، أو يرد على تساؤلاتي ولا من يسمع ندائي. وكنت أقول لنفسي: ماذا يفعل رجل وحيد لو داهمه المرض فجأة؟ ست سنوات عشتها وحدي بعد انفصالي عن شادية أصبحت أشعر أكثر من أي وقت مضي بحاجتي الي شريكة وأنيسة تبدد وحشة البيت والليل وتعيد إلي حياتي شيئاً من الحياة. فبعد سن الأربعين تشتد حاجة الإنسان إلى شريكة لحياته تؤنس أيامه ولياليه وتخفف عنه وحدته وهمومه.
لكنني سألت نفسي: لماذا تنتابني كل تلك الهواجس بعد أن رأيت الممثلة الجديدة نادية الجندي. نعم بدأت اتخيلها شريكةً لحياتي. والغريب أنني لم أفكر كثيراً في احتمال عدم حدوث تقارب بسبب فارق العمر. فالعواطف الجارفة تحجب العقل، تمنعه حتى من التفكير السليم. لكن هكذا كانت بداية قصة الزواج الثالث مع انتهاء فيلم "زوجة من الشارع". عدت إلى البيت بزوجة، وبعد عامٍ من الزواج أنجبت نادية ابننا هشام.
العودة إلى المسرح دق التليفون وسمعت الأستاذ سيد بدير وهو يدعوني للقائه في مكتبه الجديد الذي انتقل إليه مؤخراً بعد أن أصبح مديراَ لمسارح التليفزيون، ذلك المشروع الفني الكبير الذي لا تكف الصحف عن الحديث عنه منذ فترة بعيدة لم أسمع صوته. العمل المتواصل يحرم المرء من متعة اللقاء مع الأصدقاء. إن علاقتي بالاستاذ سيد بدير قديمة جداً منذ أن كنت هاوياً بفرقة "أنصار التمثيل والسينما" التي كان هو أحد المسؤولين عنها. وفي الموعد المحدد للقاء كنت أجلس أمامه فبادرني قائلاً: مارأيك لو نتعاون معاً؟ سألته بماذا؟ فأجاب: بالتمثيل طبعاً.
فقلت: أنت تعرف مدى حبي للمسرح. فقال: إذن فانت موافق؟ فقلت: ليس لدي أي مانع. وكانت انطلاقة مسرحية جديدة بثلاث مسرحيات الأولى "خان الخليلي" التي أخرجها حسين كمال، والثانية "خطيئة حواء" وأخرجها جلال الشرقاوي، والثالثة" الرجل والطريق" وأخرجها محمود الشريف. لقد كنت سعيداً بهذه التجربة التي أعادت لعقلي كل الذكريات الرائعة القديمة وملأت نفسي بحماس الشباب. لقد ذكرتني ببداياتي وخطواتي الأولى علي خشبة المسرح، وكان حلمي الكبير أن أشارك في بطولة إحدى المسرحيات، وأن أحقق نجاحاً مسرحياً كبيراً.
ولقد شاءت الظروف أن تُحقق لي هذه الأمنية، ولكن بعد سنواتٍ طويلة، وبعد أن أصبحت نجماً سينمائياً ورغم إني لم أواصل العمل مع فريق التليفزيون المسرحي لعدم تمكني من السفر لعرض هذه المسرحيات أمام جمهور المحافظات البعيدة بسبب انشغالي وارتباطي بعقودٍ وأدوار وأفلام سينمائية جديدة، إلا أن علاقتي بالمسرح لم تنتهِ عند هذا الحد. بل تجددت عندما بدأت أعمل على مسارح هيئة المسرح التي يسمونها مسارح القطاع العام. لكن الظروف التي واجهتني بعد ذلك جعلتني أبتعد عن المسرح رغم حبي الشديد له.
توقيتٌ خاطئ وحدث مثلاً أن رشحني المخرج كمال ياسين لدور البطولة في مسرحية للاستاذ توفيق الحكيم اسمها "شاهين ما مات". ولم أتردد لحظة واحدة في قبول الدور. فالنص جيد والشخصية التي سأؤديها من الشخصيات تمتع وتشبع الممثل وبدأنا البروفات، وكان يشاركني في بطولة المسرحية سميرة محسن وحسن عابدين ومجموعة أخرى من الممثلين الجيدين.
وفوجِئت أن الوقت المحدد لعرض المسرحية هو شهر "مايو". شهر انشغال كل البيوت بالإمتحانات فكل طالب مشغول بالإستعداد للإمتحانات وكل أسرة مشغولة بالطبع بأبنائها الذين تحرص علي نجاحهم بل وتفوقهم. فسألت: أي طالب ذلك الذي سيشغل نفسه بمشاهدة إحدى المسرحيات مهما كانت جيدة ورائعة خاصة قبل بدء الإمتحانات بأيام قليلة، وأي أسرة تلك التي ستترك ابنها في تلك الظروف العصيبة وتذهب لقضاء ليلة ممتعه تاركة إياه مع قلقه ومخاوفه؟ وحدث ما توقعته.
فذات ليلة وجدت في صالة المسرح عشرة متفرجين فقط. وكانت المفاجآة غير سارة لأي ممثل. وهذه هي نتائج التوقيت الخاطئ لعرض مسرحية جديدة في شهر الإمتحانات. وفي تلك الليلة قررت ألا أتعامل مع فرق القطاع العام، لكن حنيني للمسرح عاودني مجدداً. وبعدم إصراري على عدم التعامل مع فرق هيئة المسرح، لم يكن امامي سوي فرق القطاع الخاص. فحدث أن وافقت على المشاركة في بطولة مسرحية اسمها "كله عاوز من كله".
وعندما بدأ عرضها في الاسكندرية، كانت أمواج البحر تغطي علي كل شيء. فالمسرح الذي نقدم فيه المسرحية قريب جدا من الشاطئ لدرجة أن أصواتنا كانت تضيع وسط أحداث هدير امواج البحر بل وصل الأمر إلى حد أن الممثلين أنفسهم لم يتمكنوا من سماع بعضهم البعض على الخشبة. كما أن مستوى المسرحية الفني لم يكن لائقاً بخبرتي، ناهيك عن متاعب السفر.
فكان لابد أن أعود في كل يوم إلى القاهرة بسبب ارتباطات قديمة بالعمل في بعض الأفلام السينمائية في الليل. أمثل في الإسكندرية وعند منتصف الليل أبدا رحلة العودة إلى القاهرة لكي أشترك في تمثيل الفيلم الذي كنت مرتبطًاً به. ثم أعود في المساء إلى الإسكندرية وهكذا ولم أكن أعرف النوم إلا في القطار لكن حتى النوم داخل القطار. لقد كان نوماً قلقاً مرهقاً. فبمجرد أن أغمض عيني وأغفو قليلاً حتي أسمع صوت المفتش تذاكر .تذاكر يا حضرة، ثم يأتي مفتش آخر لدرجة إني فكرت في تعليق لافتة فوق صدري مكتوب عليها" والله العظيم معايا تذكرة".
لا أحد يمكنه أن يقدر ظروف الفنان في تلك اللحظات. وأذكر إني وصلت إلى محطة سيدي جابر ذات مرة قبل رفع ستار المسرح بدقائق قليلة وكان من الصعب أن أعثر علي تاكسي. فحاولت أن أستعطف أي سائق تاكسي، ولكن بلا جدوى. وكان الوقت يمر والستار يوشك أن يرفع والتاكسيات كلها مشغولة ولا تريد أن تتوقف أوحتى تتمهل قليلاً. فوجدت"أاتوبيس" مزدحم بالركاب. فاندفعت أجري نحوه وتعلقت ببابه، عرفني "الكمساري" فصاح قائلاً: أستاذ عماد :مش معقول! فأجبته:" أعمل إيه ورايا مسرح في الشاطبي".
لكنه اعتذر قائلاً: "إحنا مش رايحين الشاطبي ..رايحين الورديان"، فقلت : أنا متأسف مكنتش أعرف. وبدات أستعد للنزول في أول محطة. لكن، يبدو أن "الكمساري الطيب" قد ترفق بحالي فأراد أن يقدم لي خدمة إنسانية. فقد لمحت في عينيه تعاطفاً معي.
فقلت له : أنا في عرضك عايز أوصل المسرح بأي صورة بأسرع ما يمكن. وذهب الكمساري نحو السائق، وهمس في أذنه ببضع كلمات ونظر السائق نحوي ثم هز رأسه ووجدت الأتوبيس يغير اتجاهه ويسير في اتجاهٍ آخر، وبدا السائق يزيد من سرعة الأتوبيس ونظر الركاب إلى بعضهم البعض مندهشين وتعالت التعليقات المستنكرة "على فين يا اسطى الطريق مش من هنا ماشي علي كيفو وشعرت بالحرج الشديد. وقلت "الحمد الله أن الركاب لم يعرفوني جيداً".
فهم لم يفهمو أنني السبب في ذلك التغيير المفاجئ لخط سير الأتوبيس وأخيراً وجدت نفسي بالقرب من المسرح، واندفعت أجري ونسيت أن أشكر ذلك" الكمساري الطيب" الذي قدّم لي خدمةً إنسانية لن أنساها أبداً.
إهانةٌ بالغة وإذا كنت لم أنس "كمساري الإسكندرية" الطيب، فإنني لا أنسى أيضا ذلك الرجل الذي أهانني إهانة بالغة لن أنساها أبداً. فالانسان بطبعة لا ينسى من مدوا له يد العونو من وقفوا إلى جانبه في لحظات الشدة وأيام العذاب، ولا ينسى أيضاً من حاولوا إذلاله ومن تعمدوا إهانته. كانت صناعة السينما قد بدأت تمر بظروف صعبة قبل نهاية الستينات.
أغلقت الاستديوهات أبوابها واطفأت أضواءها وأصبح معظم الفنانين في حالة انتظار عقود العمل التي لا تأتي أبداً.ف أكبر الفنانين عرفوا البطالة. وكان هناك طاقات فنية نادرة أصبحت معطلة في أحد تلك الأيام. وفي أيام الكساد السينمائي شاءت الصدفة أن أصدم بسيارتي دون أقصد طبعاً سيارة أخرى لم تكن نتائج التصادم فادحة.
لكن صاحب السيارة رفض التفاهم وأصر على اتخاذ الإجراءات الرسمية التي تُتبع عادًة في مثل تلك الأحوال. وحكمت له المحكمة بمبلغ أربعمائة جنية ولم يكن في جيبي ولا في بيتي ذلك المبلغ. ورغم ذلك تمسك صاحب السيارة بموقفه المتشددو ظل يرفض التفاهم حتى علي طريقة تسديد الغرامة كان يريد المبلغ كاملاً وبأسرع ما يمكن مهدداً بأنه سيوقع الحجز على بيتي،و لم يكن يمزح بل كان جاداً جداً وصارماً جداً إلى حد القسوة غير الإنسانية. فقلت له:أالا يمكن الإنتظار قليلاً؟ قال : لا. قلت: أمهلني فرصة. فأجاب: لن أنتظر أكثر من ذلك. فقلت: ظروفي المادية لا تسمح الآن بدفع المبلغ. فقال: إذن سينفذ حكم المحكمة بالحجز على بيتك. وحكيت له حكاية تصادم سابقة مع سيارة شخص غير مصري.
وقلت له لقد كان هذا الشخص كريماً جداً معي فعندما اكتشفت شخصيتي تنازل بلطف عن مطالبه ورفض أن ياخذني مني أي تعويض، الأجنبي فعل ذلك وأنت أيها المصري لا تريد أن تقدر ظروفي، لكن قلبه لم يلن. ولم يتاثر لحظةً واحدة. وقلت في محاولة أخيرة لإنهاء الموقف، ليست معي الآن أي مبالغ نقدية. البيت فيه أشياء كثيرة خذ ما يساوي قيمته أربعمائة جنية وعرضت عليه راديو وكاسيت وبعض التحف، لكنه قال بطريقة أذهلتني وحيرتني: أنا عايز بدلك! تصوّرت إني لم أسمع جيداً. فعدت أستوضح: عايز إيه؟ فقال: البدل! قلت: مستحيل، حتعمل إيه ببدلي؟ فقال : مش عايز غير البدل بتاعتك! قلت له: خد أي شئ تاني أمامك تحف ثمينة إختار منها قيمة المبلغ. لكنه قال باصرار يدعو للدهشة، مش خارج من هنا بدون البدل. وإلا حاخليهم ينفذوا الحجز علي البيت، يا البدل بتاعتك، يا الحجز.
عودة الذكريات وبطريقة السينما في استرجاع الماضي الفلاش باك تذكرت أيام الرخاء والثراء في حياتي تذكرت الخمسينات واسطبل الخيول الذي الذي كنت أقتني فيه 35 جواداً من أفضل خيول السباق.لقد استعادت ذاكرتي الأيام التي كنت أتعامل فيها مع الكبار فرغلي باشا وعبود باشا. لم يكن المال هدفاً بل مجرد وسيلة للحياة. ولكن بعد أن انحسر الإهتمام بهواية سباق الخيل.
بدأت أفقد اهتمامي بتربية الخيول حتى أن مدرب الخيول وهو يهودي من مواليد بولاق كان يمتلك حصاناً واحداً عندما بدأ الإشراف على تدريب الخيول التي كنت أمتلكها، لكنه أصبح يمتلك إسطبلاً مليئا بالخيول. خيوله هو في الوقت الذي كنت أبيع أنا فيه خيولي. هكذاهي الحياة وكان ذلك المدرب اليهودي يستوقفني دائماً في الشواع ثم يشير نحو حصان يجر عربة حنطور أو يجر بعض الأحمال الثقيلة، قائلاً: أنظر يا استاذ عماد ألا تتذكر ذلك الحصان. اقول : لا طبعاً. فيقول : إنه حصانك كان عندنا في الإسطبل قبل ما تبيعه. وانظر إلى الحصان الذي يجري مرهقاً متعباً والحوذي يلاحقه بالسوط الذي يهوي علي جسده الضعيف فاشعر وكان السوط يهوي على جسدي أنا. وكأن الضربة موجهه إلى قلبي. وأقول بنفسي: "ما أشبهني بذلك الحصان كان مثلي يعيش في رخاء وثراء ثم أصبح فجأة يتلقي ضربات السياط. وأصبحت أنا اتلقى تلك الإهانة من صاحب السيارة الذي يتعمد إذلالي، ويطلب ملابسي.
كان مثلي مثل ذلك الحصان، لا يشكو الحاجة أو الحرمان فأصبح هزيل الجسد من قلة الطعام وأصبحت أنا قليل الابتسام من قلة المال وإنعدام الإنسانية". السفر إلى لبنان وذات يوم زارني صديق قادم من بيروت، قال لي: يا أستاذ عماد عايزك تسافر معايا بعد يومين لأننا محتاجينك في فيلم لبناني. ولقد كان السفر للخارج صعباً في ذلك الوقت. ويحتاج إلى قرارات وإستثناءات وإجراءات معقدة.
فاحترت ماذا أفعل، هل أبقي هكذا بدون عمل؟ النشاط الفني حياة الفنان بدون أدوار وأفلام، وبدون فن تصبح حياته بلا معنى. فقلت بنفسي: إنهم يريدونني في لبنان وأنا هنا بدون عمل وغير قادر حتي علي السفر والصديق اللبناني ينتظرني ويريد أن يسافر بعد يومين وخطرت في ذهني فكرة، لماذا لا اذهب لمقابلة شعراوي جمعة وزير الداخلية الوحيد في ذلك الوقت القادر علي منح تأشيرات السفر، وشجعني أخي رؤوف الذي كنت أعتبره دائما واحداً من أنقى وأقدر ضباط الشرطة. قال لي رؤوف، ماذا ستخسر؟ لاشيء، أطلب مقابلة وزير الداخلية وسنرى ما يحدث.
وبالفعل في الموعد المحدد، كنت أدخل غرفة مكتب وزير الداخلية شعراوي جمعة. قلت له يا سيادة الوزير أنا في مشكلة. جالي طلب للعمل في لبنان والسفر ممنوع. ونحن هنا لا نعمل وظروفنا المادية صعبة. أرجو أن تسمحوا لي بالسفر مع زوجتي، ولم يرد شعراوي جمعة ولم يعلق بكلمة واحدة. كانت ملامح وجهه جامدة بلا تعبيرغير تعبير الصرامة والعبوس قلت لنفسي ربما كان صمته نوعاً من عدم الرضا والإقتناع.
وبهدوء شديد رفع شعراوي جمعة سماعة التليفون وحادث شخصاً آخر. أعتقد أنه سكرتيره الخاص، لم يقل غير جملة واحدة، "عايز الأستاذ عماد وزوجته يسافروا دلوقت حالاً". كانت الساعة وقتها الحادية عشرة صباحاً وصديقي اللبناني مسافر في اليوم التالي مباشرةً وانا ليس عندي جواز سفر جاهز لكن المستحيل حدث وبأسرع مما أتصور جواز سفر لي وجواز لزوجتي والتصريح بالسفر، كان كل شيء جاهزاً في ساعاتٍ محدودة.
وفي صباح اليوم التالي 25 مايو 1967 كنت وزوجتي نادية الجندي نجلس داخل الطائرة المتجهة إلى لبنان. لكن في بيروت كانت تنتظرني أحداث أشد غرابة. لقد خسرت كل شئ فيها. والمزيد في الحلقة التالية
الكلمات المتعلقة