مين هو الجمل
د. مينا ملاك عازر
الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
لم يعد يشغلني من هم هؤلاء الراكبين على الجمال في موقعة الجمل؟ ولا أسأل هذا السؤال بمناسبة ذكراها السادسة، ولكن ما أصبح يشغلني بحق من هو الجمل الذي يُركَب؟ وقبل أن أجيبك على هذا السؤال يجب علي أن أذكرك أن الجمل الصبور الحمول الحيوان القادر على تحمل الجوع والعطش، رمز من رموز الصمود والتحدي بين الحيوانات، ولكنه أيضاً قادر على أن يفتك براكبه وقت أن يفيض به ووقت أن عامله معاملة سيئة، وحينما يتمكن منه.
الجمل في موقعة الجمل قيل أنه أتى من هضبة الهرم، لكن الجمل الذي يتحمل الجوع والعطش والعوز والإجراءات الاقتصادية الغبية والمؤلمة، هو الشعب المصري، فتجده يصبر ويحتسب، وينتظر تدخل إلهي يرفع عنه بلاء المسؤولين وغباء الاقتصاديين، وسوء اختيارات القادة.
الشعب المصري هو الجمل الذي تحمل مبارك طويلاً، ولكنه ثار فجأة عليه حين تمكن منه وقسم ظهره، ونسى له كل شيء خير في لحظة غضبه، فهل تحترمونه؟ وتقدرونه ولا تستمروا في التنكيل به وإلا سحقكم.
الشعب المصري الذي وإن بدى صبوراً حمولاً، طويل البال، واسع الصدر، لكنه في الحقيقة هو يخزن الأسية كما يخزن الأكل ليسحب من رصيده فيهما وقت رغبته، ووقت إرادته، وفي الوقت الذي يراه مناسباً، ولا تراه القيادة مناسباً.
الشعب المصري هو بطل موقعة الجمل الحقيقية، تلك الموقعة الجارية أحداثها على كل بقعة تدب عليها قدم مصرية في أرض مصر، يتحمل التخلي عن الأرض فيعيدها بالقضاء، فيصر نواب دعم مصر والسعودية على بيعها فيصبر ويبحث عن حل، يتحمل ارتفاع الأسعار ونقص الدواء، واختفاء الغذاء، واحتمالية اختفاء الماء بسبب التقاعس والتهاون في حق مصر أمام الإثيوبيين، إلى أن تأتيه الفرصة فيقتص من هؤلاء المسؤولين، فأمنوا شر الشعب المصري واتقوا شر غضبته.
الجمل في موقعة الجمل الآن يركبه المسؤولين، ليس ضعفاً منه لكن قوة وحباً في البعض منهم، لكن إن زادوه قسوة وضغطاً انفجر، فهل تعوا هذا؟ وتكفوا عن امتصاص صبره وقدراته على التحمل، أم أن تبقوا تضغطوا وتستحلوا صمته، وتظنونه ضعفاً أو رضا وموافقة على حماقات البعض.
لم يعد في الاختيارات المتاحة الكثير لكن من المؤكد أن مصر أبقى، والجمل يريد أن يمر ببلاده من تلك الصحراء التي هو سفينتها، فيا ترى قادة هذا الشعب الجمل بكل صفات الجمل الحسنة واالسيئة، يحسنون قيادته، ويفهمون أنه جمل أم يقودونه لنهايتهم، هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة بإذن الله.
المختصر المفيد اتق شر الحليم إذا غضب.