كفاكي تغيير البامبارز لأبنائك .. يا مصر .. !!
نبيل المقدس
الأحد ٥ فبراير ٢٠١٧
نبيل المقدس
أتعصب جدا عندما أذهب إلي المدن الجديدة مثل الرحاب والشروق والعبور والسادس من أكتوبر .. ليس بسبب طول المسافة أو تعب المواصلات , لكن مِنْ ما يفعله شباب سوريا في هذه المدن من خلق أعمالا مربحة. و مما يزيدني غِيرة منهم , وحزنا علي أغلب شبابنا المصري , هو أن الشباب السوري هم أصحاب هذه المحلات الجاذبة والأعمال الفنية التي جعلت من كل منطقة يتواجدون فيها منطقة سياحية وتجارية علي مستوي عالِ .. فنجدهم كخلية نحل تعمل وتعمل بطريقة جادة ومنتظمة , مع إيتسامة ترتسم علي وجوههم بالرغم من المآسي التي عانوها وما يزال أهاليهم يعانون منها في بلادهم مثل القتل والجوع والذل والطرد والتهجير والإغتصاب من قوات المعارضة ضد بشار الأسد أو من الهجوم التتاري من الجماعات الإرهابية داعش .
منذ بضعة أيام سابقة وبالصدفة شاهدت تقرير لأحد البرامج التليفزيونية حول المناطق التي ينتشر فيها السورييون بمشروعاتهم التي تُبهر كل من يذهب إلي هذه المناطق البعيدة والجديدة .. ولم تكتفي المذيعة أن تتجول في هذه المحلات والكافيهات , بل كانت تدير حوارات مع بعض السوريين العاملين حول كيفية وصولهم إلي هذا المستوي من العمل .. لكن ما لفت نظري وركزت عليه هذه المقابلات التي أتمتها مقدمة التقرير مع بعض الشباب المصري الذين يتمطعون علي الكراسي في أحد الكافيهات , ويأكلون ويشربون من هذه المحلات .. وما تعجبت منه أن اجد الكثير من الشباب والعائلات المصرية يتكلمون ويتباهون من جودة هذه المأكلوات ويتلذذون بطعمها, ويمدحون في جودة خدمة القائمين علي هذه المشروعات , وسرعة تلبية طلباتهم ..
أرجع للتقرير التليفزيوني و صُدمت بحوار غريب أدهشني بين مقدمة البرنامج وبعض الشباب المصري الجالسين في احد المحلات عن سؤالها لهم عن نوعية أعمالهم ! فرد كل واحد انه خالي شُغل .. قالت لهم لماذا لا تقيمون مشاريع مثل هذه المشاريع .. أو مشاريع أخري وخصوصا فقد تم فتح مجالات للعمل في إقامة المشاريع الصغيرة , وفتحت البنوك ذراعيها وخصصت بعض من الأموال لهذه المشروعات لكل من يريد ان يقوم بمشروع معين حسب مقدرته وإتقانه في مشروعه المقدم مع دراسة الجدوي .. وما يؤسفني أن رد الشباب كان صدمة لي .. فقد قالوا لالالا بصراحة احنا شعب " بتوع اكل وشرب " فقط .. اما العمل , فالأعمال المعروضة لنا غير مناسبة , فنحن نريد ان نعمل في دواوين الحكومة . أما المقابلة الثانية كانت لبعض من الرجال الكبار السن .. وأسفت أن أسمع منهم أن أبنائهم يأكلون ويشربون فقط ويرفضون الأعمال المعروضة لهم لأسباب غريبة .. مثل العمل موجود خارج نطاق إقامته .. فهو لا يتحمل البعد عن الأهل ... او الأجر ضعيف .. أو غير متفق مع دراسته .
أحب اقول للشباب : ان عصر إرضاع مصر الأم أبنائها , ووضع في أفواههم البيبرونا ,وتغير لهم البامبارز قد إنتهي .. الأن جاء عهد الإستقلالية ورجوع مصر إلي ما قبل الستينات .. حيث كان الأبناء بمجرد الإنتهاء من دراستهم الجامعية او التوجيهية أو حصولهم علي الشهادات الفنية .. يخرجون إلي عالم البحث عن عمل أو إقامة مشاريع لهم حسب قدراتهم الثقافية أو العلمية أوالفنية . كان شباب زمان هم الخالقون للعمل .. هم الذين يضعون مصر في مكانة متقدمة بين الأمم الأخري . لكن سياسة القضاء علي القطاع الخاص في أواخر الستينات وفتح أبواب التعينات الإدارية بجميع أنواعها في المصالح الحكومية بطريقة عشوائية , غيرت من طبيعة شباب مصر , فإغتصبت منهم الجدية في البحث و الإبتكار و الإعتماد علي ألنفس ..!!!
لكن ليس معني هذا أن الحكومة ترفع يديها عن الشباب كلية , بل هي تحاول أن تؤسس أرضية صالحة خصبة , لكي تُعِين الشباب في البحث عن أعمال حتي لا يصلوا إلي حالة اليأس .. فعليها تشجيع الاستثمارات التي تؤدي إلى زيادة المصانع والمشروعات , مما يزيد من فرص العمل وعليها وضع قوانين إستثمارية غير معقدة . كما عليها القضاء على مشكلة الانفجار السكاني الذي يهدم جهود التنمية , و الاهتمام بتحسين النظام التعليمي مما يوفر العمالة الماهرة المدربة و تشجيع المشروعات الصغيرة الصناعية والزراعية ، وتنمية الخدمات مثل الصحة والتعليم وغيرها، ودعمها من قبل الدولة لتشجيع الشباب على الإقبال على هذه المجالات الجديدة. أخيرا تشجيع العمل الحر لتغيير الفكر السائد بأن الحكومة هي المسئولة عن تشغيل الخريجين. .
هبوا يا شباب مصر إلي العمل .. لا تترك نفسك للفراغ العمدي .. فالجلوس علي المقاهي غير مجدي لأن الحل في إيديك .. والأرض تناديك .. والمشروعات الصغيرة تدعوك للعمل والإبتكار ..!!