المركز الثاني بخمس أهداف
د. مينا ملاك عازر
الاربعاء ٨ فبراير ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
كانوا زمان بيقولوا أن خير وسيلة للدفاع الهجوم، وبعدها قالوا أن الانتصار يجب أن يقوم على دفاع صلب فلا ينال منك خصمك، ثم نل منه أنت، والمبدأ الثاني هو ما نفذه المدير الفني الأرجنتيني كوبر في خطته في كل مباراة من مباريات الكان بيد أن الكاميرون أثبتوا أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، خاصةً في الشوط الثاني، وحققوا هدفهم بهدفين، عدلوا بهما النتيجة ليربحوا المباراة النهائية، وليأخذوا الكأس، فمبروك لهم، وعرض سيئ من منتخبنا للأسف.
أفهم أن رجال منتخبنا حققوا انتصارات، وكان أدائهم رجولي، لكن كل هذا أداء دفاعي بحت، والسؤال هل لأن كوبر اختار التأمين الدفاعي أم لأن قدراتهم لا تسمح لهم بالهجوم والدفاع المتوازنين لقلة اللياقة لعدم قدراتهم على مجاراة الفروق البدنية الواضحة بينهم وبين خصومهم الأفارقة السود بالأحرى.
دعونا نكون أكثر وضوحاً، انتصاراتنا كانت قائمة على خبرة أكثر من الفرق التي انتصرنا عليها، ودفاع حديدي وحارس مرمى موفق ومجتهد لكن قدرات هجومية لم نتمتع بها، ولم تكن موجودة بالتشكيل، دعونا نكون أكثر صراحة مصر بأكملها لا يوجد بها صاحب قدرات هجومية فذة كباقي المنتخبات، فلا عبد الله السعيد ولا صلاح لديهم القدرات الفردية الفائقة للهجوم، أما من هم خارج المنتخب فلم يكونوا أفضل كثيراً ممن كانوا بالمنتخب، فلا وليد سليمان يمتلك قدرات بدنية تدعم قدراته الفنية ولا أيمن حفني ولا غيره، للأسف في مصر قلما تجد اللاعب الذي يجتمع فيه القدرات البدنية والفنية،فإما هذا أو ذاك.
ما تقدم لا يمكنني إلا وصفه تحليل كروي على الأد، لكن المهم القادم حيث تكريم الرئيس لفريق يستحق التكريم، فقد قدم أقصى ما كان يمكنه تقديمه، تكريم الرئيس كان واقعي مدرك لأبعاد ما بذله رجال المنتخب المصري فكرمهم، وهذا الفكر مقبول في حالة الرياضة لكنني أنتظر من الرئيس أن يجلس مع علماء التغذية والخبراء الكرويين،وكل المختصين ليدرسوا لماذا مصر تفشل في إفراز قدرات رياضية عامة فذة قادرة على المنافسة في المحافل الدولية بشكل أقوى، ودون أن يضغطوا على أنفسهم، ودون استنفار آخر قدراتهم النفسية والقتالية حتى أنهم يصابوابهذا الكم الكبير من الإصابات العضلية بالذات.
كما أن على الرئيس أن يلفظ هذا الفكر تماماً من فكر تشكيله لحكوماته، فالقدرات القتالية والتحمل للضغوط العملية لا يليق بعمل حكومي لحكومة تحمي بلد يحتاج للإبداع وكل من فيها يحترف النقد، فإن لم تكن الحكومة قادرة على تحمل الانتقادات والتجاوب والتعاطي معها بعقلانية ومهنية وحرفية، وبفهم واستيعاب لآراء الآخرين بل أن يكونوا هم أنفسهم أصحاب رأي ينتقلوا من مرحلة الدفاع العقيم الذي لا يسفر عن حسم أهداف لمرحلة الهجوم الإبداعي الذي ينول الفرق مرادها فما يجري في الحكومات يجري في مستوى الفرق الرياضية، الحكومة محتاجة لمواهب فكرها من دماغها، وليسوا أبطال في الدفاع حتى ولو بالكذب واختلاق الأكاذيب، وكبت الحريات لأنهم لا يستطيعوا أن يجاروا خصومهم في الإبداع.
المختصر المفيد حال الكرة من حال الحكومة، بل المنتخب أفضل، لأنه كافح وقدم ما هو أكثر من قدراته فاستحق المركز الثاني والتكريم، أما الحكومة فتستحق العزل لأنها لا تقدم أي شيء سوى الفشل.