الأقباط متحدون - الوطنطنيون.. والإخوان.. والكورة
  • ١٣:٥٦
  • الاربعاء , ٨ فبراير ٢٠١٧
English version

الوطنطنيون.. والإخوان.. والكورة

مقالات مختارة | د. محمود خليل

٣١: ٠٩ م +02:00 EET

الاربعاء ٨ فبراير ٢٠١٧

د. محمود خليل
د. محمود خليل

يستغرب الإنسان وهو يتابع ردود الأفعال المتباينة على أداء ونتائج المنتخب المصرى فى الماراثون الأفريقى الذى انتهى يوم الأحد الماضى بفوز الكاميرون بكأس القارة السمراء، فقد تحولت البطولة إلى ساحة للاستقطاب بين «الوطنطنيين» -مشتقة من وطنطن- والإخوان. «الوطنطنيون» الذين دأبوا على الطنطنة بكلمات «وطن ووطنية»، أخذوا يمجدون فى فوز المنتخب على غانا والمغرب ثم بوركينا فاسو، بقدر من المبالغة الممجوجة، وصلت ببعضهم إلى حد القول إن «مصر تعود»، ناهيك عن الاستدعاءات المقززة من زمن «مبارك»، والزج بالأغانى الوطنية من طراز «والله وعملوها الرجالة» و«المصريون أهمه»، وخلافه مما تعودنا على الاستماع إليه عقب كل فوز للمنتخب حينذاك. عندما تتوقف الوطنية على مجرد «شوطة» من قدم شاب يرتدى «شورت وفانلة»، فلابد أن يكون «فيه حاجة غلط» فى تفكير من يذهب فى الحياة هذا المذهب، ولحظة أن يصبح الوطن مجرد أغنية يتم استدعاؤها من الأرشيف فى مباراة «كورة»، فلابد أن نفهم أننا بلغنا دركاً متدنياً من السفه فى النظر إلى قيمة دولة بحجم مصر.

جميل أن يفوز المنتخب القومى فى مباريات كرة، ومن حق الناس أن تفرح، وأن تجد سعادتها فى ذلك، بشرط ألا تخرج الأمور عن الحدود الطبيعية. بلدنا يعيش أزمة اقتصادية طاحنة، ويعانى من حالة ارتباك سياسى بيّن، وجملة المشاكل التى نواجهها لن تحل لأن المنتخب القومى هزم هذا الفريق أو ذاك. عناصر القوة فى أية دولة ليس من بينها كرة القدم. ولك أن تتأمل نموذج دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ليس لها إنجازات كروية محسوسة، لكنها الأقوى والأكثر سيطرة على العالم، ودولة مثل البرازيل، تقدم أرفع مستوى للأداء الكروى، ورغم ذلك تعانى من مشكلات اقتصادية عميقة وصلت بها إلى حد الإفلاس!.

على الجهة الأخرى أستغرب كل الاستغراب، من ردود الأفعال الشامتة من جانب الإخوان، وقنوات الإخوان، والمتعاطفين معهم، بعد هزيمة المنتخب أمام الكاميرون، وكأن الهزيمة تمت بأقدام الإخوان!، ماذا يضير مصر أن يخسر فريقها مباراة أو بطولة، وماذا يمكن أن تضيف هذه الشماتة إلى السجل الشعبى للإخوان؟. يقينى أن المصريين شعروا بقدر كبير من الاشمئزاز وهم يسمعون كلمات الشماتة، ويشاهدون الإحساس بها فى نظرات الإخوان والمتأخونين. هذا الأداء أضاف إلى سجل الكراهية الشعبية للإخوان المزيد. ليت مصر تُهزم كل يوم من الكاميرون، وتحل مشكلاتها الاقتصادية، ليتنا لا نحقق شيئاً مذكوراً فى مثل هذه البطولات، ونحقق إنجازات فى العلم والتعليم والتكنولوجيا. وليفرح الإخوان بعد ذلك بهزائم المنتخب كما يحلو لهم.

للناس أن تحب الكرة كما تشاء وتهوى، وللإعلام أن يتابعها كما يريد، لكن بشرط أن توضع الأمور فى حجمها الطبيعى، دون إفراط أو تفريط. لعلك تذكر تلك المقولة التى كان يتندر بها أعداؤنا علينا، حين وصفونا بأننا «شعب يفطر فول.. ويتغدى كورة.. ويتعشى أم كلثوم». إنها المقولة التى دفعت واحداً من أبرز كتابنا وهو الأستاذ أحمد بهاء الدين -رحمه الله- إلى تفسير نكسة 1967، بأنها كانت هزيمة دولة متخلفة أمام دولة تأخذ بأسباب العصر الذى تحياه.. فوقوا ربنا يكرمكم!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع