هل صار هناك دينان وعقيدتان وإسلامان؟، هل أصبح هناك -حاشا لله- وحيان مختلفان، الأول يهبط فى المشيخة والثانى يهبط فى مدينة الإنتاج؟، هل عضو هيئة كبار العلماء فى اجتماعات الأزهر شخص مختلف عن نفس العضو فى استوديوهات الفضائيات؟!، هل هناك فتاوى «فرز أول» تباع فى التوكيل وفتاوى «فرز تانى» تباع فى الفجالة؟!، أسئلة تبادرت إلى ذهنى وحيرتنى حينما شاهدت الشيخ الفاضل المحترم د. أحمد عمر هاشم، وهو واحد من ركائز وعمالقة هيئة كبار العلماء وأكبرهم سناً وأقدمهم انتساباً، يفتى فى أحد البرامج بضرورة التوثيق رافضاً الاكتفاء بالطلاق الشفوى، بل ومدح فى رأى الشيخ خالد الجندى الذى هو نفس رأى د. سعد الهلالى، وهو عدم وقوع الطلاق الشفوى، وهو الرأى الذى وصفته هيئة كبار العلماء التى تضم فى تشكيلها نفس الدكتور عمر هاشم بالرأى الشاذ!!، وهذا هو رابط الفيديو https: //youtu.be/St-Vr3OxV4k
فركت عينَىّ ونظفت أذنَىّ ورجرجت فصى المخ حتى أستعيد وعيى، هل هذا الذى أراه هو نفس الشيخ الفاضل أحمد عمر هاشم الذى وجدته متحمساً فى هيئة كبار العلماء للطلاق الشفوى مهاجماً من يقول بفرضية التوثيق مؤيداً لكلام شيخ الأزهر، الذى قال إن القرار -خد بالك البيان بيقول القرار وليس الرأى- قد صدر بالإجماع!!، عندما كنت أشاهد الفيديو باغتنى بالصدفة إعلان «إنت مش إنت وانت جعان» على إحدى الفضائيات!!، المهم أن الحيرة قد تملكتنى واعتقدت أننى أعانى من هلاوس سمعية وبصرية، وظللت أسأل: أين الفتوى الأوريجينال الأصلى وأين الفتوى التايوانى المضروبة؟!، الشيخ عمر هاشم يتكلم بنفس الثقة واليقين فى الاستوديو وفى الهيئة!!، يدافع عن الرأى وضده وهو يرتدى نفس العباءة المذهبة الشهيرة المطرزة بالقصب!!، هل هو الإجماع إلا خمسة؟!، هل هى عودة الوعى أم أوامر الإمام؟، هل هى مصلحة المجتمع أم مصلحة رجال الدين؟، هل نحن الذين لا بد أن نتقزم وننضغط وتجرى لنا عملية ختان عقلى وبتر أعضاء وتصغير أنسجة ونتشكل و«نتقيف» و«نتصنفر» حتى نصبح مواطنين «ترانزستور» نستطيع المرور من ثقوب الآراء الفقهية التى وضعت من ألف سنة، بدلاً من توسيع هذه الثقوب والممرات حتى تستطيع استيعاب أجسادنا التى تغيرت، وعقولنا التى تطورت، وأزماننا التى تعقدت، ومجتمعاتنا التى تأزمت، وضمائرنا التى ماتت، وذممنا التى خربت؟!، البعض ما زال يصر على التشرنق بلا إفراز لخيوط الحرير، وعلى العيش فى جدار وقشرة الفتاوى المتكلسة المحنطة وتحنيط المجتمع به فى تابوت الأنتكخانة الفكرية بدون حتى التحول إلى مومياوات تدر ربحاً من السائحين!!، عزيزى د. أحمد عمر هاشم، كنا قد قرأنا أن الإمام الشافعى غيَّر فتواه بعد وصوله إلى مصر بفترة لأنها تختلف عن العراق، أى أنه احترم ظروف المكان وتغير الزمان والبشر والمجتمع.. إلخ، أى أن الفتوى من الممكن أن تتغير فى زمن خمس سنوات وفى مساحة خمسة آلاف كيلومتر مربع، فما بالك بمن تصرون فى هيئة كبار العلماء بالتمسك بآرائهم وقد تباعد الزمان بالألف سنة وتبدل المكان حتى صار من الحفريات، لكنى بالرغم من ذلك كله لم أسمع عن تغير فتوى فى نفس اليوم وبمجرد ركوب السيارة وانطلاقها من استوديوهات السادس من أكتوبر ووصولها إلى منطقة الدراسة!!، هل هناك نسخة دينية صالحة لمدينة الإنتاج ونسخة أخرى لنفق الأزهر وحديقة الخالدين؟!، هل هناك فتاوى سريعة التبخر منخفضة مدة الصلاحية إلى هذه الدرجة؟!، أجيبونا وأفتونا يا هيئة العلماء دام فضلكم وعمّر بيتكم وتوسع نفوذكم.. قولوا آمين!.
نفلا عن الوطن