الأقباط متحدون - قيام اسرائيل بقضم الضفة الغربية قطعة قطعة قد يفرض الحاجة لمنظمة فلسطينية بديلة
  • ٠٥:٢٢
  • الخميس , ٩ فبراير ٢٠١٧
English version

قيام اسرائيل بقضم الضفة الغربية قطعة قطعة قد يفرض الحاجة لمنظمة فلسطينية بديلة

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٠٦: ٠٤ م +02:00 EET

الخميس ٩ فبراير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 ميشيل حنا الحاج

  أقر الكنيست اخيرا  مشروع القرار بالسماح ببناء اربعة الاف وحدة سكنية جديدة على اراضي الضفة الغربية، تضاف الى مستوطنات سابقة في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية، يقيم فيها حاليا اكتر من نصف مليون اسرائيلي.
 
فما الذي يرمي اليه بينيامين نتانياهو بسعيه لبناء مزيد من المستوطنات. هل يسعى الى قضم الضفة الغربية قطعة قطعة وعلى مراحل، بحيث لا يبقى منها الا اسمها؟  وتقول نوال أسعد مراسلة بي بي سي في فلسطين المحتلة، أنه اذا استمرت اسرائيل على هذا المنوال ، فقد لا يبقى من الضفة الغربية الا نسبة ضيئلة من فلسطين التاريخية. 
 
وقد تم اقرار مشروع القانون المسمى بقانون "تسوية الأراضي" في الضفة الغربية، وسط  جدالات عنيفة بين التيارات السياسية المختلفة، فكان  نواب اليمين المتطرف يذكرون بأن هذه أرض اسرائيل ومن حقهم البناء عليها اينما شاءوا ومتى شاءوا.  وكان عضو الكنيست "عوفير اوكينوس" يتحدث بحرارة عن (حق الاسرائيلي في البناء على أرضه)...  والضفة الغرية هي أرضه، فهي بالنسبة اليهم يهودا والسامرة. 
 
ويلاقي هذا القانون الذي ما زال بحاجة لاقراره من المحكمة الدستورية العليا، انتقادات من عدة مصادر دولية رافقها صمت اميركي.  فاذا لم يكن الرئيس السابق اوباما، وهو الذي لم يكن الود لنتنياهو، قادرا  على منع عملية البناء  رغم استصداره قرار في هذا الشأن  من مجلس الأمن الدولي هو القرار 2334 الذي يحظر بناء مستوطنات في اراضي الضفة الغربية المحتلة... هل من المتوقع أن حول دون بنائها الرئيس الجديد  ترامب غير الواضح يقينيا في توجهاته، والذي لا يعرف بعد يمينه من يساره، مع تصريحات سابقة له في مرحلة الحملة الانتخابية، مؤيدة لبعض المتطلبات الاسرائيلية  ومنها نقل العاصمة الاسرائيلية الى القدس، اضافة الى تعيين سفير اميركي في اسرائيل متعاطف مع قضية بناء المستوطنات، دون تناسي كون ابنة ترامب متزوجة من يهودي عين مستشارا للرئيس ترامب وموضوع اختصاصه قضية الشرق الاوسط.
 
ويرى بعض المراقبين أن نتنياهو يسعى عمليا لا لمجرد ابتلاع الأرض، بل لاغتيال مشروع الدولتين، لأنه لن يبقى بعد فترة من الزمان، واذا استمر الحال على هذا المنوال، الا قطعة صغيرة من الأرض قد لا تكون كافية لاقامة دولة عليها.  ولكن ليس ترحيبا مني بقضم الاراضي الفلسطينية  بحيث لا يبقى منها  الا حجم قد لا يعتد به، فان هذا الاحتمال يذكرني بما كنت أسمعه من القائد الراحل ابو عمار خلال تواجدي في مجالسه في نهاية ستينات القرن الماضي، وكذلك ما سمعته من الرفيق الراحل جورج حبش، الذي كثيرا ما ردد في تلك المرحلة أمام بعض الحضور وكنت في اكثر من مرة  من بينهم، انه لا يريد الا "قطعة أرض صغيرة نحولها الى قاعدة آمنة ننطلق منها في عملياتنا التحريرية.  
 
وفي ثمانينات القرن الماضي،  وجدت للفلسطينيين أرض فتح في منطقة العرقوب في جنوب لبنان حيث ضيعة  كفر حمام  وكفر شوبا  وضيعا جبلية أخرى، تواجد فيها الفلسطينيون  استنادا لاتفاقية القاهرة الموقعة بين الرئيس فؤاد شهاب والقائد ياسر عرفات.  وقد نفذ الفلسطينيون  انطلاقا من أرض فتح، عدة عمليات جهادية آلمت أسرائيل واضطرتها لغزو الجنوب اللبناني أكثر من مرة، الى ان جاء الغزو الكبير في عام 1982 والذي اكتمل بوصولهم الى بيروت، وفرض عملية رحيل الفسلطينيين الى تونس، بعد مفاوضات طويلة قادها الوسيط الاميركي فيليب حبيب. 
 
لكن قضم الضفة الغربية وانكماش مساحتها، ليس هو الحل الذي يحقق المصلحة الاسرائيلية  كما يريدها غلاة المتعصبين من اليهود، لأنهم يتناسون وجود قطعة أرض فلسطينية محررة من هيمنتهم هي قطاع غزة،  وهي أكبر من مساحة العرقوب الجغراقية، واكبر من مساحة قطعة الأرض الصغيرة من بضع دونمات التي حلم بها ياسر عرفات وجورج حبش...وهي قطعة أرض قد تؤدي ظروف التعنت الاسرائيلي، الى فرض الوحدة على الفصائل الفلسطينية المتخاصمة، بل وقد  يضطر الجناح الفلسطيني  شبه المسالم حتى الان، الى الانتقال تدريبجيا  الى قطاع غزة  حيث توجد أرض محررة....انها ليست أرض فتح كما في العرقوب اللبناني، بل هي ارض فلسطينية وعلى امتداد الشاطىء الفلسطيني، وتتمتع فيها حماس بالحرية المطلقة في الحركة، وهي حرية ستزداد اتساعا خصوصا اذا ما تمت المصالحة بين الاطراف الفلسطينية المتنازعة، مما قد يعجل بفتح الممرات المصرية نحو العريش المصرية،  وربما قد يساهم بتدفق السلاح على القطاع سرا أو بوسائل مكشوفة، او عبر انفاق قد تصبح الآن مرغوبا بها تكتيكيا لابعاد الانظار عن حجمها ونوعها وكمها. كما سيتيح الوضع الجديد اذا تحقق، نعمة الحرية والحركة والتخطيط  وحمل السلاح لكل من فتح والمنظمات الاخرى انطلاقا من غزة المحررة.
 
فعندما يبلغ الظلم الزبى، لا بد للحديد ان ينكسر مهما بلغ ذكاء نتانياهو ومجموعته من المتشددين المتوقعين النجاح التام والدائم لسياستهم العقيمة في المماطلة وتلويع السلطة الفلسطينيةعبر مزالق تجميد المفاوضات لتنفيذ اتفاقية اوسلو المشؤومة، التي سرعان ما تبين لاحقا مع عدم التنفيذ الكامل لبنودها، الى كونها في حقيقة الأ مر، لا تقود الا  لمعسكر اعتقال كبير  للفلسطينيين، لا يختلف كثيرا (مع الفارق) عن معسكرا ت التصفية النازية  في اوشويتز وداخاو، مع فوارق في النهج والتنفيذ، مصورة اياه للفلسطينيين وللعالم، وكأنه مرتع للحرية وخطوة نحو الطريق الى الحل السلمي، بل والى حل الدولتين، في وقت هو فيه ليس الا معسكر اعتقال لهم. 
 
  لكن مع مواصلة المماطلة في تحديد مواعيد الانتقال لمرحلة أعلى درجة في التنفيذ، أو محددة لانجاز بعض المراحل بشكل نهائي، ومع عدم ابداء نوايا جدية لبلوغ الحل العادل الذي تفرضه القوانين الدولية ومقرارات الأمم المتحدة واتفاقية أوسلو، يضطر الفلسطينيون للتعبير عن خيبة أملهم في الاخفاق في التنفيذ، عبر انتفاضات شعبية كان منها انتفاضات الحجارة وانتفاضة السكاكين وعمليات الدهس، التي كلها منفردة أو مجتمعة لا تؤدي الى ايذاء العدو ايذاء حقيقيا. بل على العكس، توفر لجنوده الفرصة الملائمة لتصفية مزيد من شباب وصبايا فلسطين تحت شعار الدفاع عن النفس.
 
أين انتفاضة جنين التي أقلقت الاسرائيليين في الماضي ولأيام طويلة.  وأين انتفاضة الخليل؟  ولماذا توقفت الانتفاضات المسلحة في أراضي الضفة الغربية. لست من دعاة القتل واراقة الدماء حتى ولو كانت دماء عدو غاصب. لكن للضرورة أحكام. فللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق. وقد آن الأوان للسلطة الوطنية التي خدعت باتفاقية أوسلو،  وتأ كد لها عدم جدية الاسرائيليين في تنفيذها كاملة باعتبارها اتفاقية تسعى لانهاء الاحتلال الاسرائيلي... بات على هذه السلطة أن تسعى للخروج من معسكر الاعتقال الذي وضعت فيه، والذي ليس لها عليه الحد الادنى من السيادة الوطنية، خصوصا وانها عاجزة  عن التسلح أو تطوير نفسها عسكريا ولو لغايات الدفاع عن النفس. فلا يمكنها الا اقتناء بعض المسدسات تسلم لرجال الشرطة لغايات حفظ الأمن ضد الجرائم العادية، والاحتفاظ ببعض الرشاشات الصغيرة لغاية استخدامها في حماية وأمن الشخصيات السياسية التي ترضى عنها اسرائيل. أما جيش التحرير الفلسطيني، ما تواجد منه على أرض فلسطين، فهو يكاد يكون جيشا مجردا من السلاح رعم سذاجة ما تواجد بين يديه من سلاح والذي قامت اسرائيل بتسجيل رقم كل بندقية حملها الجندي معه لدى عودته الى أرض فلسطين العتيدة.  
 
ان على السلطة الفلسطينية - الطرف الآخر في اتفاق اوسلو، أن تسلك مضطرة النهج الدامي الذي سلكته حركة حماس حتى حصلت على حق الهيمنة على قطاع غزة بعد انسحاب شارون انسحابا انفراديا منها (وقيل مقابل وعد من حماس بالتوقف عن تنفيذ العمليات الانتحارية والاستشهادية ضد اسرائيل). ولكن مهما كان مضمون الاتفاق، أو  كانت أسباب الانسحاب الاسرائيلي التي قد يكون بينها الكيد للفلسطينيين أنفسهم بغية توسيع رقعة الخلاف بين الطرفين الفلسطينيين وتكريس الانقسام بينهما، فقد أثبت التاريخ العملي بأن العمليات الحمراء الدامية هي التي تخيف اسرائيل فعلا،  وتضطرها لتقديم التنازلات، الأمر الذي لم يتحقق ابدا في الضفة الغربية، لكون اتفاقية اوسلو قد كممت الأفواه عن الدعوة بحرية للجهاد ضد اسرائيل، وشلت الايادي عن استخدام السلاح مقابل وعود لم ينفذ الكثير منها.  
 
ومن هنا باتت السلطة الوطنية الفلسطينية  بحاجة بشكل جدي الى عمل عسكري ما، عمل كبير يحرك المياه الآسنة، والا ظل الوقت يمضي بانتظار مزيد من المفاوضات العقيمة التي سرعان ما تبدأ وسرعان ما تنتهي بظهور مسببات فشلها المعدة سلفا،  وهي كشف اسرائيل في اللحظة الحرجة أو المناسبة، عن توجهها لبناء مزيد من المستوطنات ثم مزيد ومزيد من المستوطنات. 
 
        فاذا كانت غزة حماس تذيق اسرائيل الأمرين في كل حرب تقع بين غزة والطرف الاسرائيلي، فان اجتماع كل الأطراف في قطاع  غزة،  سيجعل الأمر أكثر صعوبة ومعاناة على الاسرائيليين، وسيذيقهم الأمرين كما فعلت العرقوب في الماضي، بل سيجعل اسرائيل تواجه حالة مزدوجة تضم عرقوبيين  وحماسيين في آن واحد.   ومن هنا فاني باجتهادي الخاص، أحث السلطة الوطنية الفلسطينية التي باتت مشلولة وعاجزة عن القيام بشيء ما تجاه اسرائيل الا تقديم الشكاوى واقامة الدعاوى أمام المحاكم الدولية....أحثها  بل وأتمنى عليها أن تسلك أحد المسالك التالية:
 
1)  أن تحاول جديا اجراء توافقات مع حركة حماس والمتحالفين معها، من أجل انهاء هذا النزاع العقيم الذي أثر سلبا على القضية الفلسطينية، وذلك بغرض تحريك القضية الفلسطينية واثارة بعض القلق لدى غلاة الاسرائيليين.
 
2)   اذا لم ترغب في ذلك لسبب ما،  فان عليها ايقاف عمليات التنسيق الأمني مع اسرائيل، والبدء بالتنسيق مع أولئك الشباب في الدا خل الراغبين حقا في العمل الجدي بغية تحريك القضية الفلسطينية التي باتت  تغط في سبات عميق، وذلك من أجل القيام بسلسلة من الانتفاضات المسلحة الكبرى أسوة بالانتفاضات السابقة في جنين والخليل وفي غيرهما من المواقع الفلسطينية. وبالتالي  يتحول مسؤولو السلطة الوطنية من التنسيق مع الأمن الاسرائيلي حسب  اتفاقية أوسلو، الى التنسيق  مع رجال المقاومة الحقيقيين، بل واستثمار قضية التنسيق الأمني مع اسرائيل لتضليل الاسرائيليين بمعلومات مغلوطة ومضللة.    أما اذا خشيت السلطة انكشاف ذلك للاسرائيليين، فانه لن يكون أمامها اذا كانت لم تزل سلطة وطنية شريفة، أن تأذن وبمعرفتها، بقيام سلطة وطنية فلسطينية جديدة من فلسطينيي الخارج، تأخذ على عا تقها مهمة بعث الحياة بالقضية الفلسطينية المثكلة بالجراح.
 
ففي خارج فلسطين ملايين الفلسطينيين الراغبين في العمل لتحرير البلاد. ولنذكر أن ثورة فتح، قد انطلقت أصلا بعد تدابير اعدتها مجموعات فلسطينية مقيمة في الخارج كان من ابرزهم  ياسر عرفات   وابو اياد وابو الهول وابو جهاد  وغيرهم.  والآن آن الأوان لاعادة التجربة وبنفس الأسلوب،  ولكن باسلوب أنجح نظرا لتطور وسائل الاتصالات  ولوجود  الخبرة المسبقة لدى الفلسطينيين.
 
فالمطلوب الآن تشكيل تنظيم فلسطيني سري جديد  يجند عددا من الشباب الفلسطيني في المهجر،  ويعمل على تدريبهم في دول عربية صديقة كالجزائر مثلا.  وبعد استكمال مرحلة من التدريب قد لا تكون طويلة، يبدأ هؤلاء في التخطيط لتنفيذ عمليات ضد أهداف اسرائيلية، لكن ليس بالضرورة في الداخل الاسرائيلي، في المرحلة الأولى على الأقل، خصوصا مع وجود اجراءات أمنية مشددة على الحدود الاسرائيلية، بل في كل رقعة من رقاع العالم الواسع.
 
فالاسرائيليون المطمئنون لكونهم قد وضعوا السلطة الوطنية الفلسطينية داخل قفص اسمه الضفة الغربية، قضبانه مشكلة من بنود اتفاقية اوسلو، نسوا بأن هناك احتمال لظهور البديل الحر في الخارج.  وكما اعتقدوا بأن أهدافهم الاسرائيلية في الداخل باتت مؤمنة تماما، تناسوا وجود أهداف اسرائيلية في الخارج  ومنها طائراتهم في المطارات الأخرى،  وشركات طيرانهم  وسفاراتهم وقنصلياتم، وشركاتهم ومؤسساتهم الاقتصادية المتواجدة في الخارج ، والاسرائيليين القادمين للسياحة في هذا البلد أو ذاك. فبعد عمليتين او ثلاث من هذا القبيل، سيجد الاسرائيليون  أنفسهم مضطرين  لمراجعة مواقفهم المتعنتة،  وابداء بعض المرونة في التقدم خطوات نحو الحل الذي يتضمن بعض العدل للقضية الفلسطينية.
كفانا هجرة يا اخوة   وكفانا صمتا على ضنك   ونوما على ظلم ما بعده ظلم.

 

حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد