الأقباط متحدون - هل الموت ولا المذلة معركة لتصفية تواجد النصرة في درعا أم مسعى من النصرة للانضمام لجنيف 4
  • ٠٦:٥٨
  • الثلاثاء , ١٤ فبراير ٢٠١٧
English version

هل "الموت ولا المذلة" معركة لتصفية تواجد النصرة في درعا أم مسعى من النصرة للانضمام لجنيف 4

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٠٨: ١١ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ميشيل حنا الحاج
المعارك التي جرت امس واليوم في جنوب سوريا، في حي المنشية في منطقة درعا، أثارت الاهتمام بسبب توقيتها  والأسباب الكامنة وراءها.  فمن أشعلها، ومن بدأها، وما هي أسباب توقيت هذا الاشتعال في منطقة كانت هادئة صامتة لفترة طويلة من الزمان.

وكان العنوان الذي اطلقته على هذه المعركة،  المعارضة المسلحة المتواجدة في منطقة درعا ومنطقة الجولان، هو ما لفت الانتباه. فتسميتها ب"الموت ولا المذلة" ربما يرجح احتمال أن جبهة النصرة ، أو فتح الشام، أو هيئة تحرير الشام (اسماء مختلفة لجهة واحدة)  هي التي بدأتها كصرخة  استغاثة أو تذكير لكل من  دي مستورا  وروسيا وتركيا.. بوجودهم، خصوصا وأنهم مستثنون من المشاركة  سواء في آستانة 2  أو  جنيف  4  الذي سيعقد في الثالث والعشرين من شباط  الجاري.

فجبهة النصرة او فتح الشام، وتحت اسمها الثالث هيئة تحرير الشام، تحاول أن تضم الى صفوفها كتائب غير راديكالية ولا تنتمي لفصائل الاسلام السياسي الراديكالي المتشدد، كي  تعلن بأنها أخذت تميل الى الاعتدال وترغب بالتالي في  أن تتاح لها فرصة المشاركة في المفاوضات الجارية أوالتي ستتجري خلال هذا الشهر.  ومن هنا قد يبدو من المقبول التفسير القائل أن الموت ولا المذلة هي معركة تذكيرية تحريكية كما يراها البعض، خوفا من أن تتفرغ لها القوات السورية تفرغا تاما بعد مؤتمري آستانة وجنيف.

ولا يعلم احد  على وجه يقيني من الذي بدأ هذه الاشتباكات الدامية  التي وقعت على بعد كيلومترات قليلة من الحدود الاردنية وحصدت حتى الآن 21 قتيلا 15 منهم من جماعة فتح الشام وحلفائها. ولكن ارتفاع عدد الخسائر في صفوف جبهة النصرة ، قد لا يوحي كما يرى البعض، بأن جبهة النصرة هي المهاجمة أو البادئة في المعركة. فهل نحن اذن بصدد معركة تطهيرية أخرى كتلك التي جرت في الأسابيع الأخيرة في عين الفيجة، والتي كان الهدف منها تأمين تدفق المياه النقية الى مدينة دمشق. والآن بتنا بصدد بداية معركة تنهي تواجد النصرة في درعا وفي جنوب سوريا تمهيدا لفتح معابر الحدود بين البلدين، واستئناف عمليات التبادل التجاري بينهما،  خصوصا وأن تواجد جبهة النصرة - فتح الشام  في تلك المنطقة، لا يجعل المعابر الحدودية آمنة ويحول دون الانتقال المطمئن، السكاني والتجاري بين البلدين؟

انا لا استبعد الاحتمال الأخير،  فهذا هو النهج الذي باتت تسلكه الحكومة السورية  بتصفية مواقع التهديد  والنزاع موقعا بعد آخر.   فبعد الانتهاء من حلب، انطلقت القوات الى عين الفيجة  ومن ثم الى مدينة الباب.  ومع انتهاء مسالة عين الفيجة  واقتراب قضية الباب من الحل سواء بالتعاون والتنسيق مع تركيا ام لا، يترك الاحتمال قائما  بوجود رغبة سورية حكومية  بضرورة اقتلاع مسمار،  بل خابور آخر في الجسم السوري،  وهو معضلة تواجد النصرة في الجنوب السوري، وبالذات في درعا وقرب الحدود الاردنية، خصوصا أنه بعد اغلاق الحدود التركية في وجه المعارضة، لا ترغب الحكومة السورية بأن تترك باب احتمالات التسلل عبر الحدود الأردنية (ليس بمباركة الحكومة الأردنية) أو عبر الجولان مفتوحا ومفسدا لما تم انجازه.

ولكن على ضوء احتمال  أن سوريا هي البادئة بالمعركة ومحركتها، يطرح البعض التساؤل ان كنا الآن بصدد درع فرات آخر لكن في جنوب سوريا،  وقد تشارك فيه القوات الأردنية. ولكن ذلك امر يبدو مستبعدا تماما، لكون الاردن ومنذ بداية النزاع في سوريا، رفض أن يكون طرفا فيه، لا مؤيدا للحكومة ولا للمعارضة، ملتزما  الحياد الا بالنسبة لمقاتلة الارهاب والدولة الاسلامية التي تبنى مقاتلتها بحرارة، وشارك في كل تحالف دولي اقيم لمكافحتها.

والاردن قد عانى كثيرا من هذه الحرب المشؤومة، حيث يقدر وجود مليون ونصف مليون لاجىء سوري على أراضيه.  كما يوجد آلاف أخرى متجمعة في الداخل السوري لكن في مناطق قريبة من الحدود الأردنية.  وهؤلاء  ينتظرون منذ فترة، السماح لهم بالدخول الى الأردن.  وأكثرهم موجودون في مخيم الركبان الذي يبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود الاردنية.  وآخرون في مخيم الحدلات القريب جدا من الحدود والذي انطلق منه هجوم في فجر أحد الايام قبل بضعة شهور  استهدف حرس الحدود الأردنيين، وتسبب بمقتل عدد منهم،   مما زاد من حذر السلطات الأردنية  من اللاجئين السوريين المتواجدين في مخيمي الركبان أو حدرات رغم وقوعهما داخل الأراضي السورية.  فهناك اعتقاد بتواجد بعض الارهابيين في صفوفهم تحت صفة طالبي لجوء انساني.

وفي البادية  السورية بين الجولان والمناطق الممتدة نحو الأردن، يذكر المحلل العسكري الدكتور فايز الدويري بوجود كتيبة خالد بن الوليد المكونة من 1800 مقاتل وتابعة للدولة الاسلامية.  وهذا بطبيعة الحال يثير مخاوف الاردن. ومع ذلك فانه لا يوجد تفكير لدى الاردنيين على الاطلاق للتدخل عسكريا مهما حدث. فالمعروف أن الأردن لا يرغب في  التعامل مع الحرب الاهلية الدائرة في سوريا  الا من الناحية الانسانية،  ولا يريد ان يكون طرفا فيها،  لا ناصرا للنظام السوري ولا معاديا له. فكل ما يعنيه هو سلامة حدوده ومنع تسلل المسلحين الى الداخل الأردني، والتركيز على محاربة الارهاب الذي يشارك الأردن في كل تحالف دولي قام لمقاتلته كما سبق وذكرت. 

وفي الوقت ذاته تبقى مهمة القوات الأردنية لردع المعتدي قائمة ويقظة بطبيعة الحال.  ومعروف أن الأردن وبالتعاون مع الولايات المتحدة، قد ساهما في تدريب وتسليح بعض العشائر المتواجدة في بادية الشام. وهذه مهمتها التصدي للارهاب والارهابيين،  لكن دون أي مشاركة أردنية  معها في القتال أسوة بما فعلت تركيا في شمال سوريا  تحت اسم درع الفرات.   أما هنا في الأردن، فان المرجح ألا نشهد درع فرات أو درع أردن أو ما شابههما من الأسماء، لأن الأردن التزم الحياد في النزاع   ولا يرغب الا بالحياد.

بقي أن ننتظر لنلاحظ ما سيأتي به الغد  من تطورات ، ليحدد المراقب ما اذا كانت  درعا معركة عابرة، أم بداية معركة طويلة  قد تطال نيرانها الجانب الأردني المسالم، حيث قيل أن أحد المواطنين الأردنيين قد أصيب بقذيفة ما رغم تواجده   في الجانب الأردني.

الكاتب، المفكر والمحلل السياسي
مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب - برلين.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي - واشنطن.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع