الأقباط متحدون - طب النكد!
  • ٢٠:٢٩
  • السبت , ١٨ فبراير ٢٠١٧
English version

طب النكد!

مقالات مختارة | وسيم السيسي

٥٦: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ١٨ فبراير ٢٠١٧

وسيم السيسي
وسيم السيسي

اكتب لى أقوى مضاد حيوى يا دكتور.. الصديد فى البول فوق المائة!

أرد عليها قائلاً: هذه تسمية خاطئة لكرات الدم البيضاء، ويجب على المعامل تغيير هذه التسمية المزعجة «صديد»، كما يجب تنوير المريض بأن الملليمتر المكعب من الدم يحتوى على ثمانية آلاف كرة دموية بيضاء، إن هذه الكرات البيضاء ظهرت فى البول لأن لديك حصوة فى الكلى، وليست بسبب بكتيريا، وعلى هذا أنت لا تحتاجين لمضاد حيوى بل لإذابة أو إزالة هذه الحصوة.. إنه طب النكد.. النكد على المريض.. صديد!!

مريضة أخرى تشكو: أعانى من هبو وصهد وعرق فى عز الشتاء، وضيق خلق، أصل طبيب أمراض النساء قال لى: إنها أعراض سن اليأس! أقول لها إنها أعراض توقف الدورة الشهرية نتيجة نقص بعض الهرمونات التى يسهل تعويضها بقرص واحد يومياً، ثم إن الاسم العلمى هو MENOPAUSE أى توقف الدورة، لماذا نطلق عليها سن اليأس، والمرأة فى منتصف العمر «حول الخمسين»؟! إنه طب النكد، والملافظ سعادة!

اكتب لى مخفضا للحرارة يا دكتور، حرارتى دائماً 38 درجة مئوية، والمخفضات التى أتناولها ضعيفة! أرد عليه قائلاً: المخفضات لا تعطى إلا فوق درجة حرارة 39، لأنك حين تأخذ المخفض عند 38 وتنزل الحرارة إلى 37.5، يتوقف جهاز المناعة عن إنتاج الأسلحة الدفاعية لأنه اعتقد «جهاز المناعة» أنك قد شفيت بينما البكتيريا تتكاثر فى جسمك سعيدة بهذا المخفض الذى أوقف عنها دفاع الجسم عن نفسه بواسطة: CELLULAR AND HUMORAL ANTIBODIES إنه طب الضرر والنكد على المريض.

عدد الحيوانات المنوية عندى يا دكتور عشرة مليون فى السنتيمتر المكعب، وعاوزين يعملوا لى عملية دوالى على الخصيتين! وعند فحص المريض أكتشف إن عنده التهاب شديد فى البروستاتا وهى المسؤولة عن ضعف الحركة، وقلة عدد الحيوانات المنوية، ثم إن الدوالى مرحلة أولى «خفيفة» وليس بها ارتجاع REFLUX، ولا داعى لإجراء عملية، وكل ما يحتاجه هذا المريض مضاد حيوى لمدة أسبوعين، والطبيب الذى أشار عليه بعملية دوالى لم يكلف خاطره بفحص شرجى حتى يكتشف التهاب البروستاتا «مرض الشباب»، أتذكر جون سونى حين قال لى فى إنجلترا: إذا الطبيب لم يقم بهذا الفحص، أحد أمرين: إما أن الطبيب إصبعه مقطوع، أو المريض ليس عنده فتحة شرجية، والأمر الثانى لبرنارد شو فى كتابه «حيرة الطبيب»: لن تتقدم مهنة الطب إلا إذا وضعنا حائلاً بين يد الطبيب وجيب المريض أى التأمين الصحى.

هذا هو طب النكد، النكد على المريض بعملية لا لزوم لها، عملت مع بروفيسور جرانت فى كمبريدج، كنا قبل أى عملية أسمعه يقول: يا رب دعنا نفيد هذا المريض أكثر مما نضره!

جاءنى منزعجاً حزيناً: عاوزين ياخدوا ستة عينات من البروستاتا عشان الـP.S.A «إحدى دلالات الأورام للبروستاتا» عشرين! «المفروض حوالى أربعة»، سألته: هل تشكو حرقاناً فى البول؟ قال: شديد. فحصته، وجدت التهاباً شديداً فى البروستاتا! قلت له: سأعطيك مضاداً حيوياً للبروستاتا، فإذا نزل P.S.A، لا داعى لعينات البروستاتا، ولكن إذا ارتفع أو ظل كما هو، لابد من أخذ العينات.

وبعد عشرة أيام جاءنى المريض متهللاً قائلاً: الـP.S.A بقى سبعة!

قلت: لا داعى لأخذ عينات إذن!

الـP.S.A، ليس دلالة على السرطان فقط، ولكنه دلالة على التهابات أو تضخم، لهذا نقول عنه: SCREENIG TEST وليس DIAGNOSTIC TEST.

هذا هو طب النكد على المريض دون الالتفات لآلامه وعذابه، وقس على ذلك القيصرية دون داع، وعمليات السمنة دون داع، ونسينا أن الطبيعة أكثر حكمة من أبنائها، والذى يدخن امنع عنه السيجارة، ولا تقطع يده بالسيجارة!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع