الأقباط متحدون - الإدارة الكنسية وحلم التطوير ( 1 )
  • ١٧:٥٥
  • الأحد , ١٩ فبراير ٢٠١٧
English version

الإدارة الكنسية وحلم التطوير ( 1 )

مدحت بشاي

بشائيات

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٧

مدحت بشاي
مدحت بشاي
بقلم : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
لقد كتبوا ونبهوا ما تكاسلوا .. قالوا في المنتديات ونظموا المؤتمرات وواجهوا ما خشوا .. لبوا كل دعوات المشاركة في تطوير الخطاب الديني ومحاربة التمييز وما غابوا لأنهم آمنوا بدور الكنيسة المصرية الروحي والوطني ، وانعكاس ذلك الدور في دعم مفاهيم السماحة والانتماء والمواطنة ونبذ التعصب وتشكيل وجدان شباب .. هؤلاء تعرف عليهم المجتمع الكنسي بشكل خاص ، والمجتمع المصري بشكل عام تحت مسمى التيار العلماني ، وكان قد جمعهم ما طرحوه من فكر مشترك عبر العديد من المناسبات والمشاركات الفكرية ، ومنذ اليوم الأول لفكرة وتحديد إطار عمل التيار وحتى انضم إليهم آخرون منهم كاتب هذه السطور كان واضحاً اتساق الرؤى العامة فيما بينهم وإن اختلفوا في تفاصيل ما في مجال خطوات وآليات العمل واختيار الأولويات وسبل التشابك الإيجابي المفيد والفاعل مع مواقع الضعف في الأداء الكنسي لتقديم أطروحات للتصويب وتجاوز المشاكل التي سواتر صادة مانعة توقف أي تيار يتدفق نحو الإصلاح ..
وإذا كان من المعلوم أن الكنيسة إكليروس ( رعاة بكوادر مختلفة ) وشعب ( علمانيون ) في وحدة واحدة لابد أن تكون متماسكة روحياً وإنسانياً في علاقة دائمة يسودها المحبة والترابط ويحكمها تعاليم وثوابت المسيحية البسيطة ، والسماحة التي هي عنوانها الرئيسي ، والغفران الذي علمنا إياه السيد المسيح وطالبنا أن تسود بيننا ثقافة الغفران عبر نص الصلاة الربانية التي طالبنا أن نرددها في كل حين ، وهو الذي وعدنا بقبول طلب المغفرة مهما تعاظمت الخطايا ومهما تأخر الطلب .. وقالها لنا السيد المسيح واضحة جلية " من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر " فما يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى " .
 لا شك أننا نعيش زمناً وظروفاً ومتغيرات تتطلب منا جميعاً ( إكليروس وعلمانيين ) أن نعود فننصت لآيات الكتاب المقدس في قراءة متأنية لتحريك القلوب والعقول البليدة التي تكلس ما فوقها وما تحتها فتجمدت القراءة عند دلالات لفظية تم تلقينها من جيل إلى جيل دون تأمل الرسالة الأسمى والأعظم لتوصيات وتعاليم السيد المسيح المدعمة بالأمثلة التي لا تسمح بالتوهان والضياع وتفتيت المؤمنين والزعم بأن هؤلاء من أبناء الكنيسة وآخرون يأملون تصويب مسارات وسلوكيات من يديرون العمل الكنسي وصولاً إلى إعمال آية " اجعلوا الشجرة جيدة وثمرها جيداً ، أو اجعلوا الشجرة ردية وثمرها ردياً ، لأن من الثمرة تُعرف الشجرة " .. وأرى عبر هذا التفهم ضرورة الانتباه بعين الاعتبار لإعادة صياغة منظومة الإدارة الكنسية ومعايير النجاح في مدى تحقيق التواصل بين الكنيسة وشعبها ..
ولا شك أن جهود التيار العلماني هي في النهاية امتداد لجهود رموز إصلاحية وفكرية ، حاولوا تفعيل ما طالب به هؤلاء ، والإضافة بما يتماهى مع متطلبات العصر ومعطياته ..
يمثل  الدكتور سليمان نسيم مرحلة  هامة من مراحل العطاء الرائع في تاريخ الفكر التربوي ومدارس الاحد في الكنيسة القبطية الارثوذكسية ؛فهو يعتبر بحق واحدا من أهم رواد الرعيل الأول في تاريخ مدارس الأحد . ولقد ولد سليمان نسيم في 19 ديسمبر 1923 بحي القللي بالقاهرة . وبعد إتمام دراسته الثانوية ألتحق بكلية الآداب – قسم التاريخ- بجامعة الملك فؤاد الأول وحصل علي ليسانس الآداب قسم التاريخ عام 1945 ؛ثم حصل علي دبلوم معهد التربية العالي للمعلمين عام 1947 ؛وفي عام 1950 حصل علي دبلوم الدراسات العليا في المواد الاجتماعية ؛وفي عام 1952 حصل علي دبلومة خاصة في التربية من كلية التربية بجامعة عين شمس ؛ثم حصل علي ماجستير في التربية من كلية التربية قسم أصول تربية عام 19633 ؛ وكان موضوعها هو “تاريخ التربية في العصر القبطي ” ثم حصل علي درجة الدكتوراة من نفس القسم عام 19788 . وكان موضوعها “موقف أجهزة التشريع والرأي من قضايا التعليم في مصر في الفترة من 1923 حتي 1952 دراسة وثائقية ...
يذكر د. مينا بديع عبد الملك أن رحيله كان فى يوم الأحد الذى هو يوم الرب، وايضاً فى عيد الرسل، وحلت ذكرى الأربعين فى تذكار الأرشيذياكون حبيب جرجس وفى عشية صعود جسد السيدة العذراء مريم. هذه التذكارات الأربعة يربط بينها عامل مشترك واحد هو عنصر “العطاء”. ففى يوم الأحد الذى هو تذكار القيامة المقدسة فى هذا اليوم اُعطى للبشرية رجاء فى القيامة وحياة الدهر الآتى. وعيد الرسل هو عيد العطاء والبذل والتضحية من أجل الكرازة بالكلمة. وحياة الأرشيذياكون حبيب جرجس كانت كلها عطاء ويقول عنه د. سليمان نسيم أنه كان صديقاً للأنجيل، وأباً للخدام، وكاروزاً للأسرة، ومُعلماً للأطفال، وخادماً وعميداً للأكليريكية والأكليريكيين. والسيدة العذراء مريم حياتها كلها عطاء ومن خلالها وُهب للعالم أن يتجسد الأبن الكلمة ويأخذ كل ضعفات الإنسان ويمنح الإنسان فداءً أبدياً.
وفي هذا الإطار ، ليسمح لي قارئ موقعنا الاليكتروني الرائع " الا قباط متحدون " استعراض جوانب من فكره وفكر غيره لكي يقترب شبابنا من فكر هؤلاء الرواد ..
حول " الأسس العلمية للإدارة الكنسية " كتب  د. سليمان نسيم ..
   ماذا تعني كلمة إدارة الكنيسة ؟ وماذا يُقصد بعبارة التدبير الكنسي ؟ .. 
الإدارة هنا معناها توفر مجموعة من المفاهيم والنظم والأساليب الكفيلة بتنظيم عمل ما والتنسيق بين عناصره بحيث تتحقق الغايات المقصودة منه بأقل تكلفة ، وفي أقصر وقت ممكن ، وبأيسر جهد وبحيث تبقى آثاره لأطول وقت حتى تتحقق ثماره وغاياته .. لذلك فإن جيلنا في النصف الثاني من القرن العشرين شهد تطويراً فعالاً ومستمراً في طرق الإدارة والتنظيم ، وفي أساليب العمل تكنولوجيا وكذا في منهجية وفلسفة طرق إعداد الأكفاء والكوادر سواء لتخطيط سياسة العمل أو لمتابعته على أسس علمية متطورة ..
هنا يثور سؤال هام ، أين كنيستنا من هذه المبادئ والمتغيرات جميعاً ؟
إن المدخل الناجح للإدارة العلمية هو ـ  كما يقول علماء الإدارة ـ  النظر إلى المؤسسة المطلوب إداراتها على أنها نظام له مدخلاته ومخرجاته ..
وأنه يجب أن يتكون من مجموعة عناصر لكل منها هدف جزئي وعندما يتم تجميع هذه العناصر في ترتيب معين يتكون النظام ويكون هدفه الأشمل هو محصلة الأهداف الجزئية ..
والإدارة الناجحة عادة تسير على قدمين : الأولى : الكشف عن الإمكانيات المتاحة ، الثانية : أسلوب التخطيط لاستخدام هذه الإمكانيات ..
أما الإطار الذي يحوي هذه المدخلات فهو التفكير العلمي القائم على دراسة الظروف المحيطة بالمؤسسة والإحصائيات الضابطة لها مع الوعي بالسلبيات التي يمكن أن تعطل الإنتاج ومن ثم وجب البحث عن أمثل الطرق للقضاء عليها والتخلص منها ..
هذا عن الإطار الإداري لكن يبقى الإطار النفسي ، فما لم تتوفر الثقة في القيادات التابعة للقيادة الأعلى ما أمكن نجاح العمل ، يعني هذا أن تسود روح الديمقراطية على سائر أنشطة المؤسسة ويكون هناك حوار موضوعي وصريح بين المسئولين ورئاستهم العليا للكشف أولاً بأول عن مواطن الضعف والبحث فوراً عن طرق العلاج والإفادة من خبرات الغير دون حساسية ، على أن يتحقق ذلك في جو آمن بعيد عن الخوف ..
وأيضاً في جو يشعر فيه العامل مهما صغر شأنه أنه ينتمي إلى رئاسة تحترمه وتقدره وتحميه وتدافع عنه عند اللزوم .. ولو أنك أخذت السيد المسيح كنموذج وجدته ينشر المحبة بين تلاميذه ويرفع كل خوف عنهم وإن كانوا يشعرون بهيبته واحترامه ، وفي ثقة واقتدار يدفعهم إلى مناط المسئولية ليدربهم ويعلمهم مقدماً نفسه نموذجاً ومثلاً أعلى .. وهو في ذلك كله يقوم بتصحيح أخطائهم في رفق ليفيدوا من فشلهم ويصلوا إلى الخبرة الأفضل ..
وللحديث بقية ..