الأقباط متحدون - توت عنخ آمون والعصر الذهبي
  • ٠٠:٠٧
  • الاثنين , ٢٠ فبراير ٢٠١٧
English version

توت عنخ آمون والعصر الذهبي

مقالات مختارة | زاهي حواس

٤٥: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٠ فبراير ٢٠١٧

زاهي حواس
زاهي حواس

كنوز توت عنخ آمون من أجمل آثار علي وجه الأرض وبالطبع لا يزال التابوت الداخلي الذي يزن ١١١ كيلو جراما من الذهب الخالص واحدا من عجائب المقبرة.

يطلق العلماء والمؤرخون علي عصر الدولة الحديثة اسم العصر الذهبي لمصر، وكذلك عصر الإمبراطورية المصرية؛ عندما حكم الفراعنة العالم القديم؛ واستطاعوا أن يصلوا بحدود ملكهم إلي الشلال السادس جنوبا وإلي الشمال الشرقي حتي سوريا وبلاد النهرين. لم يكن إخضاع الشرق الأدني القديم لمصر يعتمد فقط علي القوة العسكرية الضاربة والتي كان لها الفضل الأول في إنقاذ الشرق الأدني القديم من الفوضي العارمة بسبب الصراعات بين الممالك الضعيفة؛ ولكن كان للدبلوماسية المصرية دور عظيم في تمكين الدور المصري ببلاد الشرق القديم؛ بل إن الفراعنة العظام اتخذوا من بنات ملوك الشرق زوجات لكي تقوي علاقات المصاهرة الدور المصري في قيادة العالم القديم. وخلال العصر الذهبي شيد الفراعنة المعابد والقصور ووادي الملوك ومقابره الفخمة الفخيمة التي دفن بها أجدادنا العظام؛ وبالقرب منه يقع وادي الملكات الذي بدأ استغلاله في عصر الأسرة التاسعة عشرة، بالإضافة إلي مقابر النبلاء والموظفين والكهنة والمعابد الجنائزية بالبر الغربي؛ ويعد معبد الكرنك ومعبد الأقصر بالبر الشرقي تحفتين معماريتين لا مثيل لهما؛ والكرنك في الحقيقة عبارة عن مجموعة من المعابد المرتبطة بعضها ببعض إما عن طريق بوابات أو طرق تعرف بطريق الكباش.

كذلك سمي عصر الدولة الحديثة بالعصر الذهبي نظرا للتوسع الكبير في استخراج وتشغيل الذهب علي نطاق غير مسبوق؛ وصارت التوابيت تصنع بالكامل من الذهب النقي كذلك الحلي وكل العتاد الجنائزي صار الذهب هو المعدن المفضل والسهل تشغيله. ومن أطرف ما عثر عليه خطاب من ضمن الأرشيف الدبلوماسي الذي يتضمن المراسلات والمخاطبات المتبادلة بين الملوك؛ وقد عثر علي هذا الأرشيف في مدينة تل العمارنة، وجاء في رسالة من ملك الحيثيين إلي الملك أمنحتب الثالث طلب بإرسال كميات من الذهب علي سبيل الهدية ولكي يبرر ملك الحيثيين طلبه قال: »فأنا اعلم أن الذهب في أرض سيدي مثل التراب»‬. والي جانب الذهب كانت مصر منجما عظيما لكل ما أراده الفراعنة من معادن وأحجار لازمة للبناء والتشييد. لم يكن الفراعنة يستوردون سوي التركواز من أفغانستان والفضة من سوريا. ولكن كنوز مقبرة توت عنخ آمون التي خرجت للنور في ٤ نوفمبر ١٩٢٢؛ لا تدع مجالا للشك في أن الفراعنة أبدعوا في كل مجالات الفن والعمارة. أنقذ القدر مقبرة توت عنخ آمون من السرقة وحفظها لنا سليمة لكي نعجب ونسأل أنفسنا هذا السؤال: إذا كانت مقبرة أصغر ملك في الأسرة الثامنة عشرة والذي لم يجلس علي العرش سوي سبع أو ثماني سنوات بهذا الشكل والثراء؛ فما بال باقي مقابر فراعنة عظام حكموا العالم القديم لعشرات السنين؟ كيف كانت مقابرهم مليئة بالكنوز؟ خدم الحظ توت عنخ آمون عندما فاجأ حراس الوادي اللصوص أثناء محاولاتهم سرقة المقبرة؛ ثم كانت الخدمة الأكبر عندما بدأ العمال في الأسرة العشرين حفر مقبرة رمسيس السادس فوق مقبرة توت عنخ آمون وبالتالي اختفي مدخل مقبرة توت وللأبد إلي أن باح الوادي الساكن بأعظم سر من أسراره؛ وليري العالم كله جمال وروعة الفن المصري القديم الذي وصل إلي مرحلة الإبداع. عندما عرضت توابيت توت عنخ آمون لأول مرة بالمتحف المصري كانت الناس تصطف بالمئات كل يوم ليروا أجمل آثار علي وجه الأرض وبالطبع لا يزال التابوت الداخلي الذي يزن ١١١ كيلو جراما من الذهب الخالص واحدا من عجائب مقبرة توت عنخ آمون.
نقلا عن الأخبار

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع