الأقباط متحدون - نادية عبده.. ورشيد السياحية والأغنام الساكنة لطابية قايتباي
  • ١٣:٣٠
  • الاربعاء , ٢٢ فبراير ٢٠١٧
English version

نادية عبده.. ورشيد السياحية والأغنام الساكنة لطابية قايتباي

٥٦: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٧

نادية عبده
نادية عبده

سعيد السني
بعيداً عن الرفض السلفي لتعيين المهندسة نادية عبده محافظاً للبحيرة، وتجاوزاً لما يُثار عن عضويتها السابقة بالحزب الوطني الديمقراطي المنحل، الذي لم يكن تنظيماً سرياً، رغم المآخذ عليه.. فإن تعيين سيدة أيا كان اسمها، بهذا المنصب المُهم، ولمحافظة كبيرة بحجم البحيرة، هو مكسب لـ«المرأة» عموماً، في مجتمع ذكوري بطبعه، ولا يخلو من تطرف ديني، كاره لتمكين المرأة.. تمتلك «نادية عبده» سجلاً غنياً بالنشاط والإنجاز في الوظائف والمهام التي تولتها خلال رحلتها العملية، وهو ما يدفعنا إلى مناداتها بتنفيذ وعدها الذي صرحت به منذ أيام، بتطوير «رشيد» التابعة للبحيرة، وتحويلها إلى مدينة سياحية عالمية، تعيد إليها أمجادها الزائلة وقت أن كانت مقصداً سياحياً عالمياً ومحلياً، قبل أن تصير شهرتها العالمية الآن، منحسرة في كونها مجرد محطة انطلاق لمراكب الموت، الحاملة للمهاجرين من الفقر إلى الساحل الأوروبي المُقابل، أو «الموت غرقاً»، وهو الأرجح مثلما حدث قبل أشهر قليلة للعشرات من شبابنا وعوائلهم غارقين قبالة سواحلها الرشيدية.

تبعُد «رشيد» عن الأسكندرية 60 كيلو متراً، وتحتضن أحد فرعي النيل (فرع رشيد) شرقاً، وخليج أبوقير غرباً.. كانت أهم المدن والموانئ المصرية على مدار حضارات وعصور زاهية سابقة، ومطمعاً للحملات الاستعمارية، وتُعد متحفاً مفتوحاً للعمارة الإسلامية التي ترجع في فنونها ونقوشها وطرزها إلى العصور المملوكية والعثمانية.. تضم 58 موقعاً وشاهداً أثرياً إسلامياً، وبها حمامات وطواحين مملوكية، وأضرحة وبوابات، و«قلعة قايتباي»، أهم طوابي رشيد، والتي بناها السلطان المملوكي الجركسي الأشرف أبوالنصر قايتباي، على شاطئ رشيد عام 886 ه – 1482 م، لصد الغارات الصليبية، وعُثر بداخلها على «حجر رشيد» (1799م)، وعليه نقوش بثلاث لغات منها الهيروغليفية المصرية، وهي عبارة عن محضر لحفل مبايعة على الطاعة للملك بطليموس الخامس في حضور كهنة المعابد (قبل الميلاد ب 196).. لك أن تتخيل هذه «الطابية» تسكنها الماعز والأغنام حالياً(!!)، كما أن بعض المساجد الأثرية غارقة بمياه الصرف الصحي، وهناك مآذن تتآكل وتنهار شاكية الإهمال، فيما اختفت أو تراجعت صناعة «المشغولات اليدوية الفلكلورية» المميزة لهذه المدينة التاريخية، والتي طالما أقبل عليها «السياح»، الذين بدورهم خاصموا المدينة.

عودة للمهندسة نادية عبده.. الآن هي صاحبة القرار في البحيرة، ويمكنها إعادة رشيد إلى مقصد سياحي عالمي، «قولاً وفعلاً»، لو استعانت بأهل الخبرة والاختصاص، وتشاورت مع المحبين منهم والعاشقين لرشيد.. سيما أنه لا ينقصها، كما المرأة المصرية، الإرادة الصلبة والعزيمة الحديدية.. سبق أن أفادني الصديق محمد تهامي مدير عام آثار رشيد، بأن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، المهتمة بإظهار معالم الثقافة والتربية الإسلامية بمختلف أنحاء العالم، أوفدت مبعوثين لزيارة «رشيد»، والتباحث حول طلب إدراجها على قائمة تراث العالم الإسلامي، باعتبارها ثاني أكبر مدينة مصرية بعد القاهرة التاريخية، وهو مجهود بدأ منذ فترة، ويحتاج إلى مواصلته، فمن شأن هذا العمل عند تمامه، إفادة لمصر والمدينة وتطويرها، وصيانة آثارها، والترويج لها.

في حوار جمعني بالدكتور محمود درويش أستاذ الآثار بجامعة المنيا، والمدير العام الأسبق لآثار رشيد، أوضح أهمية إنشاء مجلس أعلى لـ «رشيد»، يتبنى مخططاً علمياً للحفاظ على طابعها العمراني والأثري، وهذا المخطط يقوم عليه الخبراء اللازمين من مختلف المجالات، وتتشارك في تنفيذ هذا المشروع، وزارات الآثار والسياحة والأوقاف مع محافظة البحيرة، بحيث تتوزع الأعباء وتفصيلات المخطط على هذه الجهات كلٍ في حدود اختصاصاته وصلاحياته، فالمحافظة تقوم بدورها في توفير للبنية التحتية والمرافق وماشابه، وتتحمل الأوقاف تمويل ترميم وصيانة المساجد، فيما تتولى «الآثار» نفس الشىء لباقي المواقع الأثرية، بينما تهتم السياحة بتطوير المقومات السياحية الاخرى، والتسويق، وهكذا.

أتمنى على المهندسة نادية عبده أن تهتم بهذا الملف، وهي إن فعلت سوف تعيد للبحيرة مجداً عظيماً، وتفتح كنزاً سياحياً مغلقاً، بما يعنيه هذا من رفاهة لأهالي المدينة، وعوائد لمصر، وتحجز لنفسها مكاناً متميزاً في دفاتر التأريخ للمحافظة وآثارها، فضلاً عما يمكن أن تضيفه إلى سجلات نضال المرأة، والتأكيد على أنها ليست أقل من الرجل، بما يسهم في انتزاع المزيد من الوظائف العليا، لبنات جنسها.

نسأل الله السلامة لمصر.

Saidalsonny2@gmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد