الأقباط متحدون - زيارة ميركل لمصر..... رؤية تاريخية!!
  • ٢٢:١٤
  • الثلاثاء , ٢٨ فبراير ٢٠١٧
English version

زيارة ميركل لمصر..... رؤية تاريخية!!

د. ماجد عزت اسرائيل

مساحة رأي

٢٧: ٠٦ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠١٧

السيسي و  ميركل
السيسي و ميركل

د.ماجد عزت إسرائيل
   يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا إلى نحو أكثر من نصف قرن مضت، وتتسم العلاقات بين الدولتين بالتفاهم المتبادل لأن لكل دولة منهما لها مكانتها التاريخية والحضارية فمصر هى قلب العالم القديم ومن أكبر الدول فى الشرق الأوسط وأفريقيا سكاناً، وألمانيا أيضًا هى قلب الإتحاد الأوروبى وأكبر قوة اقتصادية فى أوروبا،وهى كذلك ضمن أقوى خمسة دول فى العالم،وتاريخيا بينهما علاقات دبلوماسية يرجع تاريخها إلى عام 1957م، فدائما تنظر ألمانيا إلى مصر على أنها من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، لحل النزاع العربي الإسرائيلي على أساس إقامة الدولتين “الفلسطينية والإسرائيلية"،أما فى المجال الاقتصادى فوصل حجم التبادل الاقتصادى بينهما نحو ما يقرب من 4 مليار يورو، ووصل حجم الاستثمارات الألمانية في مصر نحو 2,2 مليار يورو خلال عامي(2014-2015م)، وفى مجال التعليم ساهمت ألمانيا فى تطوير التعليم الفنى منذ عام 1991م من خلال مشروع (مبارك ..كول) والذى خلاصته: أن يشارك قطاع الأعمال الخاص وهم أصحاب المصلحة الحقيقية مع الحكومة متمثلة في وزارة التعليم في تعليم وتدريب هذا المنتج الجديد من الخريجين على ممارسة الحرف والصناعات.

     وفى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، وبالتحديد عقب زيارته لبرلين فى 3 يونيو 2015م زاد حجم الاستمارات وبدأت الشركات الألمانية فى توسيع نطاق عملها بمصر مثل شركة سمينز،وأيضًا استقبال الرئيس المصرى للسيد "هيرينكنشت" مؤسس ورئيس مجلس إدارة أكبر شركة ألمانية متخصصة في تصميم وتصنيع ماكينات حفر وبناء الأنفاق العملاقة التي تنفذها مصر، ويصل عدد الشركات الألمانية بمصر الآن نحو 78 شركة تعمل فى عدة مجالات متنوعة،كما ساهمت ألمانيا فى بناء بعض المدارس بصعيد مصر. وفى المجال الثقافى والإعلامى، فمنذ عام 1959م  وبالتحديد إبان عهد الرئيس "جمال عبد الناصر(1956-1970م) توجد بروتوكلات تعاون ثقافية تتمثل فى مصر فى  وجود معهد جوته فى القاهرة والإسكندرية لتعليم اللغة الألمانية للراغبين من المصريين وأيضًا المعهد الألمانى للآثار بالقاهرة ولاننكر دوره المتميز فى البحث والتنقيب على آثار مصر، كما توجد علاقات تبادل ما بين البلدين في مجالات متعددة فى البحث العلمى عند طريق ما يعرف بالمنح الدراسية لحاملى درجة الماجستير والدكتوراه، وفى مجال الإعلام هناك تعاون ما بين إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري وهيئة الإذاعة الألمانية الموجهة (D.w دويتشة فيلا) وأيضا مع مؤسسة “فريدريش الألمانية".

   على أية حال،تستعد أنجيلا ميركل رئيسة وزراء ألمانيا لزيارة مصر يوم الخميس الموافق 2مارس2017م،بدعوة كريمة من مؤسسة الرئاسة المصرية، والتى يأتى على رأسها السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسى" للتأكيد على مدى التعاون المشترك بين البلدان،وتذهب ميركل لمصر وهى تحمل العديد من الملفات لمناقشتها مع الرئيس المصرى ،ويصاحبها فى زيارتها بعض المستشارين المتخصصين فى العديد من المجالات السياسية والاقتصادية ومن المتوقع أن تتناول القضايا التالية:

أولاً:الموقف من الإرهاب الذى أصبح ظاهرة تسود معظم مدن العالم،وخاصة بعد ما تعرضت له العاصمة الألمانية برلين فى ديسمبر 2016م،وكذلك مدينة هايدبرج قبل أيام قليلة ، وأيضًا دور مصر فى مواجهة الإرهاب بعدما تعرضت أحدى كنائس العاصمة المصرية لأكبر التفجيرات ،وما يحدث الآن فى شبة جزيرة سيناء،وكثرة الأعتداءات على الشرطة والجيش والأقباط،فمن المتوقع أن تقدم الحكومة الألمانية الدعم المناسب لمكافحة هذه الظاهرة.

ثانيا: الموقف من الهجرة غير الشرعية،وخاصة بعد موقف مصر من تأمين سواحلها الشمالية وضبط العديد من المراكب المحملة بالمهاجرين بغرض التسلل إلى الدول الأوروبية،واعتقد أن هذا ما تسعى إليه الحكومة الألمانية الآن بالحد من هذه الهجرات التى تؤثر على أوروبا بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة.

ثالثا: مناقشة قضية اللائجين من دول الشرق الأوسط،وخاصة من سوريا والعراق،وقد طرحت هذه الفكرة من بعض السياسين والمحللين الألمان وهى توطين هؤلاء اللائجين بالدول العربية فى تونس أو مصر كبيئة مشابهة لبيئة اللائجين ، مع تقديم الحكومة الألمانية دعم مادى من أجل مساعدة اللائجين،وجاء هذا الاقتراح بعدما ذكر الرئيس السيسى أمام الامم المتحدة أن بمصر نحو 5 ملايين لاجىء،ويعيشون فى سلام وأمان ويتمتعون بشتىء الحقوق التى يتمتع بها المواطن المصرى.  

رابعاً: مناقشة قضية الإخوان المسلون أو الجماعة الأرهابية ،ومن المعروف تاريخياً أن ألمانيا من أكبر دول الإتحاد الأوروبى التي يعيش بها الإخوان المسلمين والسلفيين،وظهر هذا العداء فى عدم الأعتراف بثورة 30 يونيو 2013م،بقيام العديد من المظاهرات والمؤتمرات والندوات للاعتراض على ذلك،وأيضًا أثناء زيارة الرئيس السيسى لألمانيا فى 3 يونيو 2015م،وكذلك موقف الحكومة الألمانية ذاتها من الاحكام القضائية على بعض أفراد هذه الجماعة بما فيهم الرئيس السابق لمصر "محمد مرسى" و "محمد بديع" المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون.

خامسا:مناقشة المشروعات الاقتصادية بين البلدين فتبحث ميركل عن البنية الاستثمارية فى مصر، والفرص المتاحة أمام الشركات الألمانية، وقانون الاستثمار الجديد، وما سيحققه من فرص اقتصادية أمام المستثمرين الألمان، ونذكر على سبيل ما فعلته شركة "سيمنز" بمصر بتبنيها مشروعات الطاقة الكهربائية،حيث اسند لها،إنشاء أكبر ثلاث محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية فى العالم. واعتقد أن الملف الاقتصادى يعتبر من أهم الملفات الذى يدعم بقاء ميركل فى كرسى رئاسة الوزراء الألمانية،وخاصة بعدما وجه لها اللوم بفتح حدود بلادها للائجين،زاد بعد تعرض بعض المدن لحالات أرهابية على يد اللائجين أو المهاجرين لألمانيا.

سادسا:مناقشة ملف الجمعيات الأهلية ما بين البرلمان المصرى والألمانى من حيث مدى مطابقته للمواصفات العالمية من حيث القوانين واللوائح والتنظيمات، التى تحكم تنظيم هذه الجمعيات،التى تعد من أهم الوسائل المعاونة للحكومات فى إدارة ودعم الخدمات للمجتمع المدنى.
  والخلاصة .. إن زيارة أنجيلا ميركل تعد زيارة تاريخية،فمن الناحية السياسية تأكيد على مكانة مصر السياسية، ودورها فى الشرق الأوسط،واعتراف رسمى بثورة 30 يونيو 2013م، وبالرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، خاصة وأن ألمانيا تعترف أنه بدون استقرار مصر،لا يوجد استقرار فى الشرق، فضلا عن إيمان الألمان بالاستقرار الأمني في بلدان أوروبا ودور مصر في مكافحة الإرهاب اعطى لمصر مكانة بين الدول. أما فى المجال الاقتصادى فالالمان لهم باع طويل فى هذا المجال فسيكون هناك العديد من المشروعات الاقتصادية بين البلدين فى شتى المجالات،لأن ألمانيا الآن تسعى لزيادة حجم استثمارتها في دول العالم،وربما نتوقع فى الأيام القادمة زيادة عدد السائحين الألمان خاصة لمدينتى الغردقة وشرم الشيخ،ويصاحب ذلك أنتعاش للسوق المصرية وما يعود بالطبع على تحسن فى الدخل القومى وهذا ما نتمناه لمصرنا الحبيبة.