بقلم: هانى سمير
إتصال هاتفي جاء من شقيقي الأكبر يطلبني للحضور بسبب تحرُّش أحد الضباط بزوج شقيقتي يُدعى "مجلع" وشهرته "أبو مينا"؛ فوجئ في الصباح بأحد الأشخاص يركن سيارته أمام متجره.. لم يعجبه الأمر.. اغتاظ كثيرًا.. أتت سيدة في منتصف العقد الثالث من عمرها واعتذرت، لكنه قال لها: "ده مكان
أكل عيش ياريت متركنيش هنا تاني"..
قالها بصوت عال؛ ربما يكون ذلك سبب الأزمة. كيف لمواطن أن يرفع صوته في وجه زوجة ضابط؟!! وهذه كانت المفاجأة.. بعد دقائق حضر الضابط ومعه زوجته، وتوعَّد "أبو مينا" الذي تملَّكه الغضب- رغم حكمته التي يعرفه بها
الجميع: افعل كل ما تستطيع.
بعد ساعات، خرج "أبو مينا" لقضاء أمر ما، وفُوجئ بجار يحذِّره من العودة لمتجره؛ لأن هناك سيارات شرطة تحاصر المتجر وتنتظر قدومه!! وقفت سيارات الشرطة الخاصة بقسم شرطة "بولاق الدكرور" أمام المتجر؛ مجاملة لضابط ضد مواطن فضَّل الوقوف بعيدًا، ثم إتصل بأحد رجال القضاء من جيرانه الذي سارع بالذهاب للمتجر..
عند دخوله سأله أحد الضبَّاط عن هويته.. أعلمهم أنه مستشار بمجلس الدولة كان على خلفية بما حدث. استمع للضباط ثم قال لهم: "مجلع" ابن خالتي إن أخطأ فالخطأ مردود، وإن أردتم أن تُغلبون القوة، فالسلاح أيضًا موجود.. كان صارمًا معهم, وأمر القوات بالبعد عن باب المتجر، والوقوف أول الشارع إن أرادوا. لكنه ظلَّ يتفاوض مع الضباط داخل المتجر، وإتصل بصاحب المتجر ليعود ويصلح الأمر وانتهت المشكلة. والغريب أن الضابط أصبح صديقًا لـ"أبو
مينا"!!
هذه قصة حقيقية ليست من وحي الخيال، ضباط يجاملون زملاءهم على حساب حقوق المواطنين.. واحد من الطغاة الذين تركوا المصريين يتعرضون للأذى..
للسلب.. للنهب.. للبطجة.
مشهد كان من الصعب تخيله أو حتى الحلم به.. ضبَّاط كانوا ينتهكون حقوق المصريين.. فرُّوا فجأة.. كانوا يحموننا من سطوة بلطجية، لكنهم انتهكوا
حقوقنا، وسحقوا إنسانيتنا.. هم أدُّوا دور البلطجية.. خلقوا عداوة مع الشعب الذي كان عليهم أن يحموا أفراده، ويُشعروه بالأمان أكبر من العداوة
للكيان الصهيوني المكروه عربيًا وإسلاميًا وشرق أوسطيًا..
أصبح كل أب يتمنى أن يصبح ابنه ضابطًا حتى يشعر بالأمان! ما الذى كان يحدث؟! تاجر مخدرات يتبرأ من جريمته المضبوط بها بالرشوة.. برئ يصبح مذنبًا يجعلونه يتخيَّر الجريمة التي تناسبه؛ يباغته أمين شرطة بالتعدى عليه من الخلف، بينما يُخرج له أحد الضباط مخدرات وسلاحًا ناريًا، وسلاحًا أبيضًا، ويخيره التهمة التي يريدها. قد يكون ذلك رد فعل من الشرطة حيال مطالبة المواطن تحقيق الشخصية الذي يثبت انتماء من أوقفوه للشرطة. كم من مشاهد تعذيب وقتل تمت داخل أقسام الشرطة؟! "خالد سعيد" لم يكن آخر من قتلته الشرطة لكنه أحدهم.
قرار مفاجئ بسحب قوات الشرطة من الشارع، وكأنها خطة لإشاعة الفوضى في "مصر" لا تصدر سوى عن شخص متعجرف مريض بالكبرياء ضحَّى بأمان المواطنين في سبيل الحفاظ على كبريائه.. فجأة يخرج البلطجية من كل صوب وحدب نحو أماكن بعينها، يشعلون النار في المؤسسات الحكومية تبدأ بأقسام الشرطة ومقار الحزب الوطني، ومكتب "أحمد عز" أمين السياسات بالحزب الوطني, وأعمال نهب وسلب وسرقة وبلطجة من كل نوع.
قرار رغم جثامة جرمه لكنه أبهج الكثيرين الذين لم يعودوا يتحملون رؤية من ينتمون للجهاز المتغوِّل!
على النقيض.. مناطق عشوائية خرج شبابها لحماية ذويهم وأملاكهم.. تصدُّوا للبلطجية.. خرج الجميع- منهم من يحمل عصا وآخر فارغ اليدين- خرجوا طواعية لتنظيم المرور وإرجاع الشعور بالأمان للمواطنين، هم قاموا بدور الشرطة, ظهروا عندما هرب الطغاة.