الأقباط متحدون | كلنا هذا الديكتاتور
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١١:٣٠ | السبت ١٢ فبراير ٢٠١١ | ٥ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٠٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

كلنا هذا الديكتاتور

السبت ١٢ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: مينا ملاك
أرجوكم دعونا نعترف، دعونا نواجه أنفسنا بالحقيقة، فما دمنا في لحظة صدق مع النفس، إذن علينا أن نواجه أنفسنا، إن كنا قد أخذتنا الشجاعة الآن بعد أن انكسرت حواجز الخوف، وصرنا نقول للرئيس مبارك أنت ديكتاتور، وثروتك تجاوزت السبعين مليار دولار، وأنت خنقتنا، وجسمت على أنفاسنا سنون طويلة، واعتقلت الناس، وعذبتهم، واحتكرت الحياة السياسية، وقتلت وشردت الناس، وأهملت حقوق الإنسان، ولم تعطنا حقوقنا، ولم تكن لتسمع إلا صوتك، وصوت المقربين إليك، ولم تكن تسمع إلا ما يرضيك، فهذا جيد، لكن أرجوكم، لا تغضبوا حين أقول لكم، وأنا معكم وقبلكم، أننا كلنا هذا الديكتاتور.

فمن منا يقبل أن يسمع رأي مخالف لرأيه، وإن أبدى استعداد لسماعه، فهو سرعان ما يضرب به عرض الحائط مهما أبدى من حُسن الانصات والتقبُل، وربما يقمع من قاله بعد قليل، حتى لا يظهر أنه فعل هكذا لاختلافه معه في الرأي، من منا لا يستغل سلطاته لإيذاء من هم أضعف منه، وأقل منه نفوذاً، من منا لا يطيح بمن يخالفونه في الرأي، فمديرك ديكتاتور وأنت ديكتاتور. ودعني أعطيك مثلاً، ففي الجرائد الحكومية لا تستطيع نشر موضوع لا يتفق مع خط الجريدة مع أن رئيس التحرير يخرج وينادي بحق الإنسان في أن يقول رأيه، ويندد بالديكتاتورية ومن يتبعونها ويطبقونها ناسياً أو متناسي أنه يطبقها مع كل من يرسل موضوع للنشر يخالفه ويخالف خط جريدته، لا لشيء إلا لأنه ديكتاتور، ولا ينظر مرة واحدة لنفسه في المرآة، ليكتشف أننا كلنا هذا الديكتاتور الذي لا يتوانا لحظة في أن يحتفظ لنفسه بالمميزات، بشتى أنواعها، ويمنحها لمن يداهنوه ويلاطفونه، ويقولون له كلاماً حسناً، ويمجدونه ويمجدون أعماله، من منا لا يحب من يقول له دائماً أنه على صواب؟ ويكره من يختلف معه، ويظهر أخطائه، لماذا تعيبون على الرئيس فيما فعل، ونحن كلنا نفعل هكذا؟!.

لا أقول أننا لا نحاسب الرئيس، ولا نثور، لكن أتمنى أن نثور على أنفسنا قبلما نثور على غيرنا، أتمنى أن نرى حقيقة أنفسنا، قبلما يُعرفها لنا الآخرين في ثورة كالتي قامت على الرئيس، من منا كان يستطيع أن يقول هكذا، لولا أننا عرفنا أنه سيرحل كما قال، من منا كان لديه الجراءة، بأن يجاهر برأيه، إلا متى عرفنا، بأنه لن يستمر، إذن نحن لسنا فقط كلنا هذا الديكتاتور، بل كلنا ساهمنا في صناعة هذا الديكتاتور، وكلنا ساهمنا في جعل أنفسنا ديكتاتوريين، بعدم تربيتنا على تقبل آراء الآخرين بحق، وليس من وراء قلوبنا.

أعزائي القراء، لا تغضبوا من صراحتي، وتخلوا عن الديكتاتور الذي بداخل كل منا، وقولوا الصراحة، ألسنا نفعل كل ما فعله الرئيس؟ ألا نحطم كل صغير حتى لا يأخذ مكاننا؟ أليس من بيننا من أحيلوا على المعاش وأتى سن تقاعدهم، يعني المفروض أن يستريحوا، كما قلنا للرئيس، ولا زالوا يحتفظون بمراكزهم، بل يعملون في أشغال أخرى، وكأن البلد لن تعمل بدونهم، وكأن أعمالهم لن تجد غيرهم؟ لماذا تعيبون على الرئيس أنه يجدد لنفسه؟ ونحن لو طلنا لجددنا لأنفسنا بعد سن المعاش ألف عام وعام، ولا تقل لي أنه يجدد بالتزوير، ورغم إرادتنا، فمن منا حينما يجدد له، أو يعمل في عمل آخر بعد سن المعاش، يعمل بإرادة من يعملون معه؟ صارحوا أنفسكم، فلن يكون رحيل الرئيس هو الحل، لأنه سيأتي من ورائه الف ديكتاتور، وديكتاتور، لكن علينا أن نقتل بداخلنا كل ديكتاتور، وكل أسلوب مطاطي، ومهاود، من شأنه صنع ديكتاتور، حينها، وحينها فقط، لن يظهر بمصر ديكتاتور، وسنضمن أنه لن تفبرك القوانين، ولن تعدل الدساتير.
نعم  تعدل الدساتير، أفتظن أن تلك التعديلات المقترحة الآن، والتي ستعدل بإذن الله، لن تعدل بواسطة من سيأتي خلفاً للرئيس الحالي؟ هل هناك ضمانات تمنع من أن يعدل فيها .هل هناك ضمانات تمنع أن يُأتي بدستور لا نقبله ويقمعنا ويمنعنا عن التعبير عن رأينا؟ هل هناك ما يمنع خليفة الرئيس أن يكون ديكتاتور كسلفه؟ هل في كل مرة تقترب مدة نهاية رئيس من نهايتها علينا أن ينزل بعض من شبابنا لميدان التحرير أو ميدان الشهداء ليخرجوه من قصره؟ هل يجب أن تكون الثورات طريقنا الوحيد للتغيير والإطاحة بالديكتاتٍوريين؟ هل هذا حلاً؟ أم أن الحل يأتي من تعليم وتربية، وغرس ثقافة تقبل رأي الآخر، ومناقشته، والرضوخ للأغلبية مهما كانت سلطاتك، وأن نتقبل أن هناك من يقول لا، ونغير في أنفسنا قبل أن نغير في حكامنا، نعم نغير في أنفسنا، بحيث نتخلى عن ثقافاتنا التي تصنع من أصغر مدير لنا ديكتاتوراً، وحتى لانكون وكأننا نستبدل ديكتاتوراً بديكتاتور.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :