«تيران وصنافير» في انتظار توصية «مفوضي الدستورية»
أخبار مصرية | الشروق
الأحد ١٢ مارس ٢٠١٧
- الهيئة تحجز منازعتى الحكومة للتقرير.. ومحامى الدولة: حكم القضاء الإدارى يهدد علاقات الدولة الخارجية
- الدفاع: لا حجية لحيثيات أحكام الدستورية السابقة فيما ليس له صلة بالمنطوق.. واللجوء للدستورية التفاف على اختصاص مجلس الدولة
قررت هيئة مفوضى المحكمة الدستورية برئاسة المستشار د.طارق شبل، حجز منازعتى التنفيذ اللتين أقامتهما الحكومة لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية واستمرار تبعية جزيرتى تيران وصنافير لمصر، لكتابة تقرير بالرأى القانونى فيهما، تمهيدا لإحالتهما للمحكمة الدستورية.
وشهدت الجلسة مرافعات ختامية لجميع الخصوم؛ الذين طالبوا بحجز القضية لكتابة التقرير، حيث تمسك ممثلو الحكومة بما أبدوه من تعارض حكم القضاء الإدارى مع حيثيات أحكام سابقة للمحكمة الدستورية، بينما دفع المحامون الحاصلون على حكم تيران وصنافير بعدم اختصاص المحكمة الدستورية وبعدم قبول الدعوى.
وقال المستشار إسماعيل عبدالدايم عضو هيئة قضايا الدولة (محامى الحكومة) إن البرلمان يجب أن يبت فى الاتفاقيات الدولية قبل عرضها على القضاء، وأن المنازعة لا تتعلق بقضية تيران وصنافير فقط، بل تتعلق فى مضمونها بمدى رقابة القضاء والبرلمان على الاتفاقيات الدولية وكيفية تطبيق المادة 151 من الدستور.
وأضاف أن المادة 151 تخاطب البرلمان باعتباره ممثل الشعب والسلطة التشريعية؛ فنظمت 3 حالات لكيفية دراسته للاتفاقيات التى يبرمها ممثل السلطة التنفيذية؛ الأولى أن تكون الاتفاقية عادية فيدرسها البرلمان مباشرة ويصوت عليها، والثانية أن تكون الاتفاقية خاصة بالصلح أو السيادة فيستفتى عليها الشعب وتعود للبرلمان، والثالثة أن تتعلق الاتفاقية بالتنازل عن جزء من الأرض وهنا يقول البرلمان إنها مخالفة للدستور فلا يوافق على إبرامها.
وأوضح عبدالدايم أن الاختصاص فى المادة 151 معقود للبرلمان وليس للقضاء، لأن المحاكم لا تملك الآليات التى تمكنه من الفصل فى اتفاقية دولية، وأنه إذا بسط رقابته على هذه الاتفاقيات فسوف يؤدى ذلك لمشكلات خارجية ودبلوماسية.
وأكد عبدالدايم أن نظرية أعمال السيادة تطبق على القضاء العادى ومجلس الدولة على حد سواء، وأن المحكمة الدستورية رسمت لها أبعادا فى أحكامها السابقة التى خالفها حكم القضاء الإدارى ببطلان توقيع اتفاقية الحدود البحرية.
وفى المقابل؛ قال المحامى طارق نجيدة إن المنازعة التى أقامتها الدولة تؤسس لأمر خطير هو أن كل من لا يجد له مجالا للطعن أمام جهة قضائية مختصة بكل درجاتها يمكنه أن يقيم منازعة أمام الدستورية لعرقلة تنفيذ الأحكام الصادرة ضده، مشيرا إلى عدم اختصاص المحكمة الدستورية بهذه المنازعة لأنها فى حقيقتها طعن موضوعى على حكمى القضاء الإدارى والإدارية العليا ومجادلة فيما ذهب إليه الحكمان بشأن تعريف أعمال السيادة.
وأضاف نجيدة أن هذه المنازعة التفاف من الحكومة على الاختصاص الحصرى لمجلس الدولة على القرارات الإدارية والالتحاف بأعمال السيادة، مؤكدا أن جميع أحكام الدستورية التى استندت لها الحكومة لكل منطوق يتعلق بمشاكل ونصوص قانونية مختلفة تماما عن القضية المعروضة.
وأوضح نجيدة أن الاستناد فى منازعة التنفيذ لعبارات قالتها المحكمة الدستورية فى حيثيات بعض أحكامها أمر غير سليم، لأن الحيثيات ليس لها حجية إلا فيما ارتبط بالمنطوق فقط، ولا يجوز أن تكون الحيثيات سندا لمنازعات تنفيذ، بل يجب أن تقتصر على المواد التى قضى بعدم دستوريتها.
وأكد نجيدة أن أعمال السيادة تتحدد من قبل المحاكم، وهو ما ذهبت إليه الدستورية ذاتها فى أحكامها، وبالتالى فليس لها حدود معينة يرسمها القانون أو أحكام الدستورية.
وفى السياق ذاته؛ دفع المحامى مالك عدلى بانتفاء شرط الارتباط المنطقى بين حكم القضاء الإدارى والأحكام التى تستند لها منازعة التنفيذ، مؤكدا أنه لم يعق تنفيذ أى من هذه الأحكام.
كما دفع عدلى برفض منازعة التنفيذ على سند من أنه إذا افترضنا جدلا ارتباط الأحكام المذكورة فى المنازعة بموضوع القضية ذاتها، فإنها جميعا قد صدرت فى ظل دستور 1971 الملغى وما تبعه من وثائق دستورية ملغاة قبل دستور 2014، وبالتالى فلم يتعرض أى منها للواقع الدستورى الجديد فى المادة 151 الذى يبسط رقابة القضاء على أعمال التخلى عن جزء من إقليم الدولة أيا كان مسمى هذه الأعمال.
كما تحدث المحامى عثمان الحفناوى قائلا إن المادة 151 من الدستور أنتجت واقعا دستوريا جديدا يلغى أعمال السيادة، ويحظر على أى سلطة كانت التنازل عن جزء من أرض الوطن باعتبار هذا الأمر «خطا أحمر» ولذلك فإن القضية تخرج عن نطاق الجدل حول أعمال السيادة.
ووصف المحامى محمد قدرى فريد المنازعة بأنها قائمة على أحكام سابقة للمحكمة الدستورية ليس لها صلة بالقضية الأصلية، وذكر أنه بصدد إقامة دعوى إساءة استخدام حق التقاضى ضد هيئة قضايا الدولة ممثلة الحكومة.
وتستند هيئة قضايا الدولة إلى عدد من المبادئ السابقة للمحكمة الدستورية وتقول إن حكم «تيران وصنافير» يتصادم معها، أبرزها الحكم فى الدعوى 3 لسنة 1 قضائية بعدم دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 الخاص بأيلولة أراضى الإصلاح الزراعى إلى الدولة دون مقابل؛ حيث قالت المحكمة فى هذا الحكم إن «أعمال السيادة التى تخرج عن مجال الرقابة القضائية ــ وإن كانت لا تقبل الحصر والتحديد وكان المرد فى تحديدها إلى القضاء ليقرر ما يعتبر من أعمال السيادة وما لا يعتبر منها بحسب ظروف كل حالة على حدة، إلاّ أن هذه الأعمال يجمعها إطار عام هى أن تصدر عن الدولة بما لها من سلطة عليا وسيادة داخلية وخارجية مستهدفة تحقيق المصالح العليا للجماعة، والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقتها بالدول الأخرى، وتأمين سلامتها وأمنها فى الداخل والخارج».
وكذلك الحكم فى الدعوى 38 لسنة 4 قضائية بعدم الاختصاص بالرقابة على اتفاقية تنظيم إقامة الجيوش العربية فى البلد الذى تقضى الضرورات العسكرية بانتقالها إليه؛ حيث اعتبرت المحكمة أن «هذه الاتفاقية قد أبرمت استنادا إلى قرار مجلس ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية فى دورته الأولى 1964 تنظيما لأوضاع الدفاع المشترك بينها.. وأن مصر وافقت عليها حفاظا على كيان الدولة واستجابة لمقتضيات سلامتها وأمنها الخارجى، فهى تعد من المسائل المتصلة بعلاقاتها الدولية وتقتضيها السياسة العامة للبلاد وتندرج ضمن أعمال السيادة التى تنحسر عنها الرقابة القضائية الدستورية».
كما تستند إلى الحكم فى الدعوى 20 لسنة 34 بحل مجلس الشعب المنتخب عام 2012؛ وفيه قالت المحكمة ردا على الدفع بعدم اختصاصها إن «العبرة فى تحديد التكييف القانونى لهذه الأعمال هى بطبيعة العمل ذاته، لا بالأوصاف التى قد يخلعها عليه المشرع متى كانت طبيعته تتنافى مع هذه الأوصاف.. وأن استبعاد تلك الأعمال من ولاية القضاء الدستورى يأتى تحقيقا للاعتبارات السياسية التى تقتضى ــ بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالا وثيقا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج ــ النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة والذود عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال ــ سواء كانت السلطة التشريعية أو التنفيذية ــ سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقا تحقيقا لصالح الوطن وسلامته، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد، ولأن النظر فيها والتعقيب عليها يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين تقدير لا تتاح للقضاء، فضلا عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنا فى ساحته».
وترى هيئة قضايا الدولة أن هذه المبادئ تحول دون تنفيذ حكم «تيران وصنافير» نظرا لارتباط الأخير باتفاقية فى شكل معاهدة دولية تنظم علاقة مصر بدولة أخرى مما يدخل ضمن عناصر سيادة الدولة الخارجية.