الأقباط متحدون - ماذا تريد داعش من مصر؟!
  • ١٠:٥٨
  • الاثنين , ١٣ مارس ٢٠١٧
English version

ماذا تريد داعش من مصر؟!

مقالات مختارة | د. محمد صلاح البدرى

٥٥: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ١٣ مارس ٢٠١٧

د. محمد صلاح البدرى
د. محمد صلاح البدرى

منذ عام مضى أو يزيد قليلاً.. أعلن تنظيم الدولة الإسلامية فى سيناء أنه قد سيطر على مدينة الشيخ زويد.. بل قام برفع ذلك العلم الأسود فى المدينة المنكوبة.. وأعلن قيام إمارة سيناء..!

ربما لم يستغرق الأمر سوى سويعات قليلة.. فقد تمكن الجيش المصرى من السيطرة على الموقف والقضاء على تلك الشرذمة من المرتزقة، الذين قدر عددهم وقتها بثلاثمائة إرهابى.. ولكن بقى السؤال حائراً يتردد فى ذهنى ولم أجد له إجابة وقتها.

ماذا كان يقصد ذلك التنظيم حين فعل ما فعل؟ ماذا كان الهدف الحقيقى من احتلال مدينة ورفع العلم عليها؟

أعتقد أنه من السذاجة أن نتخيل أن تنظيماً بهذه القوة والذكاء -الذى مكنه من السيطرة على مناطق كبيرة فى شمال العراق وسوريا- قد تخيل أنه يمكنه السيطرة على مدينة كاملة فى سيناء وبسط نفوذه من خلالها.. كل هذا بثلاثمائة جندى فقط!!

لم ينتوِ التنظيم أن يسيطر على تلك المناطق بالصورة التى كان يعلن عنها بكل تأكيد.. بل لم يفكر فى ذلك أصلاً.. ولكن للوقوف على أسبابه ومبرراته.. أعتقد أننا نحتاج أن نراجع تاريخ الحروب التى جرت فى منطقتنا خلال المائة عام الماضية.. هناك سنجد الإجابة!

ففى منتصف القرن الماضى قامت حرب تشبه إلى حد كبير ما يحدث الآن.. أطلق عليها المصريون وقتها «حرب الاستنزاف».. فماذا حدث فيها؟!

وقتها كان المصريون يعانون من آثار الهزيمة أمام الجيش الإسرائيلى.. وفقد عدد كبير منهم القدرة على الحلم بأن إسرائيل يمكن أن تهزم.. فما كانت تلك العمليات التى كان يقوم بها الجيش إلا محاولة لهز ثقة الجيش الإسرائيلى المنتشى بالنصر.. ومحاولة لاسترداد ثقة الجنود المصريين فى أنفسهم.

لم تكن عمليات حرب الاستنزاف ستنتقص من قوة الجيش الإسرائيلى شيئاً.. فالكل وأولهم القيادة السياسية فى مصر كان يعرف أن جسراً من المعونات العسكرية كان قائماً بين إسرائيل وأمريكا.. كما لم تكن تلك العمليات ستسفر عن تقدم مادى على أرض المعركة.. فكلها كانت تتم بإسقاط لبعض الجنود خلف خطوط العدو للقيام بمهام محددة والعودة ثانية.. فهل نجحت؟!

الإجابة نجدها فى مذكرات وزير الدفاع الإسرائيلى «موشى ديان».. الذى ذكر أن تلك العمليات قد نجحت إلى حد كبير فى زعزعة الثقة لدى الجندى الإسرائيلى فى قوته.. بل وزرعت خوفاً مبهماً داخل النفوس لديهم.. باختصار، لقد نجحت فى كسر إرادة الانتصار لدى العدو الإسرائيلى.. وزرع الخوف من القتال.. أو الخوف من الموت بصورة أدق داخل النفوس..!

إذا عدنا للمشهد الحالى فى سيناء سنجد الأمر متشابهاً إلى حد كبير.. فالهدف لم يكن السيطرة على مدينة بأكملها بعدد محدود من المقاتلين مهما كانت كفاءتهم!!.. ولكن الهدف هو كسر إرادة المقاتل المصرى داخل سيناء تحديداً..!

عملية نوعية بهذه الصورة كل فترة ستجعل الجنود فى خوف مستمر من الموت.. وستجعل الأهل فى قلق دائم على جنودهم.. ستكسر لديهم إرادة النصر.. بل ستزرع فى القلوب الضعيفة الرغبة فى الهروب من المواجهة..! تلك هى المشكلة!

بالمنطق نفسه سنجد المبرر لعملية تفجير الكنيسة البطرسية منذ عدة أسابيع.. ولكل العمليات المشابهة داخل الدولة بالكامل.

إنه نوع من بث الخوف المستمر فى القلوب.. وكسر إرادة الشعب المصرى نفسه فى حربه ضد الإرهاب.

يعرف الدواعش جيداً أنه لا مستقبل لهم فى مصر.. فهى بلد محورى متماسك.. غير منقسم مذهبياً.. يسيطر جيشه على حدوده بصورة كبيرة.. ويسيطر الأمن الداخلى عليه جيداً.. ولذا فلا أفق لنموهم داخله.. إنه نوع من كسر الإرادة فقط..!

ينبغى أن ندرك ذلك.. بل ونحرص على ألا ينجحوا فى ما يصبون إليه.. ينبغى أن يدركوا أنه لا مجال لهم بيننا.. ولا أمل لنموهم أو زرع الخوف منهم داخل الدولة المصرية.. فتاريخنا يؤكد أننا لا نسمح بمثل هذا النوع من التنظيمات أن ينشر فكره المريض فى نفوس المصريين.. فالوطن محفوظ من الله.. ولو كره الكافرون!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع