الأقباط متحدون - «دين أبوكم اسمه إيه؟»
  • ١٦:٥٠
  • الاثنين , ١٣ مارس ٢٠١٧
English version

«دين أبوكم اسمه إيه؟»

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٠٨: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ١٣ مارس ٢٠١٧

سحر الجعارة
سحر الجعارة

«المشهد الأول»: مجموعة علماء بالزى الرسمى (الجبة والقفطان والذقن)، بعضهم يهمس والآخر يصرخ، إنهم غيورون على دين الإسلام، ورمضان على الأبواب شهر الصيام والتقوى.. وفتوى «ابن باز» ترفض نفسها: يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).. ويستكمل «ابن باز» حجته التى ملأت أرض المسلمين بـ«التمويل السخى»، وببعض آيات يستشهد بها لتكفير من يعارضه: (لقد قدم الله الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على إقام الصلاة، مع أن الصلاة عمود الإسلام، وهى أعظم الأركان بعد الشهادتين، (لا يارااجل).. ثم يقدم دليله من القرآن الكريم: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

بسملت العمائم وحوقلت الذقون وصلوا ركعتين على روح «مفتى الإرهاب»، وخرجت فتوى تحريضية من «دار الإفتاء» ضد من يفطر فى نهار الصيام، رغم أننا فى دولة متعددة الأديان.. ثم تم حذفها من الموقع الإلكترونى لدار الإفتاء (!!).

«المشهد الثانى»: بعنترية شديدة، وثقة وصلف، وقف نائب رئيس حى العجوزة، «ياسر فرج»، يعلن أمام كاميرات الفضائيات عن تشكيله حملة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وضبط أكثر من 100 شخص مفطرين فى نهار رمضان!

واستعرض جهوده فى منافسة السعودية وإيران وأفغانستان فى تحويل الدين من علاقة بين العبد وربه إلى أداة للقمع والضبط والحشد والمكافأة والعقاب.. ولم يحاسبه أحد على حماقته وتطرفه وتغوله على سلطات الدولة.. إنها البروفة الأولى لدولة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»!

«المشهد الثالث»: السعودية تراجع نشاط «الهيئة» بعد أن كادت تلتهم الدولة، أما مصر فتتشكل فيها هيئات من «المحتسبين الجدد» تلاحق المبدعين والمفكرين بدواعى الحسبة، «إسلام بحيرى» يخرج من السجن بعفو رئاسى، ومؤسسة الأزهر تغلق برنامج الكاتب «إبراهيم عيسى»، وتلاحق رئيس تحرير جريدة «الوطن» الكاتب «محمود مسلم» والزميل الكاتب «أحمد الخطيب» بدعاوى قضائية.. دولة الإرهاب باسم «الأمر بالمعروف» أو المساس بكهنة المؤسسة الدينية دخلت حيز التنفيذ.

«فلاش باك»: حوار فى عام 2003 بجريدة «الوطن» مع مؤسس هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى مصر، «هشام العشرى»، وهو أمريكى الهوى، إخوانى النشأة، سلفى التطبيق.. يقول فيه: «إن الهيئة ستعمل على نشر منشورات وبيانات أمام الكنائس فى كل مصر فى الفترة المقبلة لدعوة المسيحين إلى الإسلام»، ويضيف «نحن نحبهم ولا نريدهم أن يعتنقوا ديناً يدخلون به النار لا الجنة، وإذا لم ترضَ القبطية بالإسلام، فيجب أن ترتدى الحجاب حتى لو كانت غير مقتنعة.. أما تطبيق الشريعة الإسلامية فسيكون من خلال وزارة الداخلية والأزهر الشريف، بعد أن يكون مِلكاً لهم»، حسب قوله.

ويزيدنا «العشرى» من القهر أبياتاً قائلاً: «الشريعة الإسلامية ليس فيها قناعة، فيها طاعة، ويجب تطبيقها رغماً عنهم. وستطبق الشريعة على الزى فى الشارع، وسنُغير الزى للرجال والنساء أيضاً، نحن من سنحدد ما الزى الشرعى للرجل أيضاً، فالرجال أيضاً من الممكن أن يثيروا الفتن.. سنمنع البنطلونات الضيقة والقمصان المفتوحة وارتداء السلاسل والغوايش، كل هذا تشبُّه بالنساء وسيتم منعه».. إلخ تلك الخزعبلات.. و(صوّتى يا اللى انت سامعانا)!!

المشهد الصادم: خارجى نهار، «العشرى» يتجسد ومعه «فرج».. فى صورة رجال ملثمون ومسلحون، يعترضون أوتوبيس لطالبات ومدرسات، بوزارة التربية والتعليم المصرية من العاملات بـ«رفح»، محاضرة مطولة من الترويع والتهديد المباشر من جماعة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، التابعة لجماعة «أنصار بيت المقدس» المعروفة إعلامياً بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

من خلف اللثام يحتمى الرجال بالسلاح، يستقوى «حليقو الشوارب» على النساء، ليعلنوا ما يعتقدون أنه «ولاية سيناء»، هؤلاء لم يأمرهم دينهم بسنة النبى: «رفقاً بالقوارير»، هجموا عليهم بشراسة «المأزوم جنسياً» يطالبونهن بارتداء النقاب وعدم السفر دون «محرم» وإلا سيقام عليهن الحد وهو الجلد وتشويههن بمياه النار.. رغم أن الشرع لا يعرف حد «مياه النار»!

جهلة مأجورون، لا يعرفون شيئاً عن النخوة والشهامة، هم أنفسهم من أحرقوا بيوت الأقباط ورمّلوا النساء ويتّموا الأطفال.. كلاب شرسة تود التهام لحم النساء.. والتخفى خلف النقاب لارتكاب جرائمهم!

أين شيخ الأزهر «رمز الإسلام»، وسيفه الذى لا يطال إلا أعناق المفكرين؟

أين «الدولة» وهيبتها المزعومة من (خيبتنا الثقيلة)؟

أين السيادة الوطنية على أراضينا؟

تحركوا قبل أن يرتدى الرجال «الطرح» وترفع النساء السلاح للدفاع عنكم!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع