بقلم : نادية كاظم
للمرة المليون ارددها مع كل احرار العالم : هنيئا لشعبي تونس ومصر انتصارهما الساحق على الدكتاتورية البغيضه ، فلقد اصبحا رمزا لوحدة الكلمة وتقرير المصير المشترك، فقرررا بكل عزم وتصميم واراده وتضحيه ، طرد خونة الشعب ، ليزدهر عهدا ديمقراطيا جديدا تكون فيه كلمة الشعب هي الاولى وما على الحاكم الجديد الا ان يلبي مطالبه المشروعه في بناء وطن تشرق عليه شمس الحرية والديمقراطيه والعداله الاجتماعيه ، ويكون القانون العادل هو السيد المطاع ، وليذهب عهد الفوضى والرشاوى والطمع الى مزبلة التاريخ .
علينا ان نتعلم منهم ان حب الوطن هو صيانة لكرامة الانسان ، فانسان بلا وطن هو انسان بلا كرامه ، ففي الوطن يشعر الانسان بالانتماء ، كما طفل في حضن والديه ،صحيح ان اوطاننا ينقصها الكثير ولكن لو اخلص كل منا من موقعه لبنينا وطنا عملاقا لا تهده الاعاصير والرياح العاتيه .

طاقات الشباب العراقي تصرّفها الدولة حسب مشيئتها ولخدمة مصالحها ، والا لو سار الشعب حافيا الى كربلاء طيلة حياته لما نصروا الامام الحسين ، الامام ينتصر حين تنتصر ارادة الشعوب وحين تصان كرامة الانسان ، وحين ينتصر العدل ويزهق الباطل ، حين يشبع اليتيم وتصان المرأه ، حين يرتفع السيف بوجه الطغاة ،حين تكون القيادة مخلصة لبناء جيل واع يعرف ماله وما عليه ، لا جيل جاهل تنسيه الحبوب المسمومة واقعا مؤلما يعيشه ، ليكون فريسة الادمان الذي يقتل فيه الانسان ليولد فيه حطاما يكون عالة على نفسه ومجتمعه ، ولذا نرى الدول المبتلاة بالطغاة تباع فيها هذه السموم علانية لتقتل في ابنائها الارادة والعزم والتصميم لبناء وطن تسوده العدالة .

عراقنا الجريح بحاجة ماسة الى العلم والعلماء والمثقفين ، ولا اقصد بالعلماء رجال الدين لا سمح الله فهم شر مافي الارض عدا قلة قليله منهم ، وواقع رجل الدين في العراق يؤكد صحة كلامي ، فلقد اثروا ثراءا فاحشا بينما يعيش الشعب ادنى مستويات الفقر ، فترى رجل الدين في موقعه السياسي وفي حلله الانيقه التي يستبدلها يوما بيوم ان لم نقل مرات في كل يوم ، حتى ان بعضهم بالغ في ابراز وسامته فيخاله المرء خنثى وليته كان كذلك اذن لكفى المؤمنين شر تقليده.
الامية في رجال الدولة مستشريه وحملة الشهادات المزورة لا يحتاجون الى دليل ، يمكن للمرء كشفهم ما ان يستمع اليهم ، يتداولون الكلمات ( الجلفيه ) بصورة نحوية تثير السخريه ، وليتهم استرسلو في الكلام دون تزويق لفظي ، فالكتاب واضح من العنوان ، ان قالو نحن ابناء الشهداء ويحق لنا تولي المناصب الكبيره فالرد يكون ان العراق من شماله الى جنوبه يعج بمئات الالاف من ابناء الشهداء ، وان قالوا نحن ابناء رسول الله فالرد يكون : وهل جاء رسول الله ليميز عترته عن سائر الشعب (حاشى ان يكون ذلك ) .

وان قالو نحن مسلمون واحق بادارة شؤون البلاد فالرد يكون : المسلم من سلم الناس من لسانه ويده . وخير الناس من نفع الناس وحملة الاختصاص لا يقتصرون على شريحة معينة من ابناء العراق الحبيب ، نعم فالصابئي واليزيدي واليهودي والسني والشيعي والمسيحي وكل فرد عراقي مهما كانت اصوله الدينيه والعرقيه هو عراقي اصيل يحق له ماللمسلم تماما، هكذا تقول الانسانية والعدالة الاجتماعيه ، وهذه هي الخطوات الاولى لبناء وطن مستقر ، فحيث تكون العدالة يكون الامن والاستقرار ، وهما اللبنه الاولى لتقدم البلاد اقتصاديا وثقافيا .
الدولة العراقية الحالية هي دولة فقيرة يعوزها الكثير جدا لقيادة البلد الى بر الامان، دولة يستولى على منتسبيها الطمع والجشع وحب الذات ، ولو بحث الفرد عن الوزراء العراقيين واعضاء البرلمان وموظفي الدرجة الاولى ، لوجدها تضم القريب والنسيب والصديق المخلص ، واما باقي الشعب الذي يضم اليتامى والارامل والبسطاء ، فهم خلقوا لخدمة الساده ،ولله في خلقه شؤون .

تحرص الدول المتخلفه على نشر الاميه والتخلف في بلدانها ، خدمة للرجعية المتمثلة برجال الدين ورؤساء العشائر ، فهم يقتاتون على تخلف الشعوب ، من مصلحة رجل الدين ان يعم التخلف ابناء الشعب والا كيف يكون باستطاعته قيادته وانتزاع الخمس والزكاة والنذور منه عن طيب خاطر ؟ ويهم الدولة ان تنال رضا شيوخ العشائر ، اذ انها الجزار الذي يسهل عليه اقتياد الضحية وتقديمها الى الدولة ، فالنخوة العربية ولى زمانها عندما قلب الطاغية صدام موازين الامور ، فلم يحفظ الجار سر جاره ، ولم يعد الابن يثق حتى بابيه ،ورأينا وسمعنا العديد من المواقف المؤلمة التي كان النظام السابق يتشدق بها وكأنها مكارم الاخلاق .
يحتاج الفرد العراقي الى اعادة بناء نفسه كما كان عليه قبل استلام الطاغية سدة الحكم ، شعباغيورا كريما متواضعا ، متسامحا ، محبا للخير ساعيا اليه ، يقول الحق ولا يخشى فيه لومة لائم .


العراق العظيم يستصرخ ضمائر ابناءه الغيارى لينقذوه من الهاوية التي تفغر فاها لتبتلعهم كما ابتلعت الالاف قبلهم ، فلكل طاغيه اسلوبه الخاص بابادة شعبه وطاغية اليوم يتبع اسلوب التفجيرات والمفخخات والتفرقه العنصريه واشاعة الفساد في اجهزة الدوله ، ونشر الجهل والاميه بين ابناء الشعب، فكم من حملة شهادات ترى اطفالهم يبيعون العلكة في الشوارع ، كون الاباء عاطلون عن العمل ، لان المناصب التي تناسبهم الات الى الجهله والانتهازيين .
العراق لا تقوم له قائمه الا بثورة شعبية عارمه ، وانتخاب حكومة وطنية من كبار المثقفين والاكاديميين التي يشهد تاريخهم بنزاهتهم ووطنيتهم ، وما اكثرهم في ارض الرافدين المعطاء ، ارض التاريخ والحضارة التي علمت البشرية كيفية بناء الانسان قبل الاوطان.