قصيدة طقت من جنابها
ماجدة سيدهم
الأحد ١٩ مارس ٢٠١٧
ماجدة سيدهم
سمعتوا قبل كدا عن قصيدة طقت من جنابها ..
لما نقف على النواصي ونطلع على لبلاب الروح .. نصرخ ع السطوح بعلو الصوت « أنا فين ..أنا مين ..أنا اتسرقت »، يبقى أكيد القصيدة فاض بيها الكيل ..
ولما نمشي الشوراع ومانلاقيش ظل شجرة أو طرحة مزيكا تحمينا من سخونة العفن الكثيف ..وكمان يروحوا بفجر يغتالوا من الشوارع الجمال والحب والضحك والورد والأناقة ونلاقي الشعر والمعرفة والجمال مداس في رجلين الحافين ..لا لا .يبقى أكيد اتعوجنا أوي.. ومشينا شمال ويمين واتخلبطنا من فوق لتحت ..ومش فاهمين ولا عارفين منين نبدأ مسكة الخيط .
.
ولما يقولوا الشارع طماع وفلتان وسافل ومجرم وعنيف ومتحرش وبلطجي وحرامي وشحات ومريض وكسيح وجاهل وجبان ومنافق وما بيحترم كبير وأكتر من كدا ..أيوه ...و....م الآخر كدا شارع منحط ...يبقى أكيد المشهد كله منحط.. وهنا دي تعتبر مواصفات مش اتهامات ..
طول عمر البلد دي من ايام الفراعنة وهي تتعرض لأزمات ..حروب..كوارث..احتلال ..فقر جوع اوبئة ..لكن عمرنا ما مارينا بفترة انحطاط بالشكل دا .. .لأنها فعلا كارثة اخلاقية مرعبة ..وبيقنا فرجة ومسخرة برة وجوة ..ولما يكون الهدف الأخبث هو تدمير الهوية الإنسانية وتدوير الشارع إلى ابتذال متناسل يبقى لازم نقف هنا كتير أوي ..
لازم نعترف إن اللي ودي البلد للحالة المؤسفة دي هم من يطلق عليهم بالمثقفين أو النخب. لأن الثقافة المفروض هي اللي تقود الوطن من الموت للحياة..من الكسر للاستقامة ..من الحضيض للارتفاع.. والحق لا عندنا مثقفين ولا عندنا نخب.. الطافح في المشهد هم الانصاف
..السفهاء.. المتطفلين دعاة القلم والرؤية الأشباه..لصوص النص والمنصب ..البلد كلها بقت مثقفين وأدباء،وشعراء وكلهم العظيم والكبير والفخم والقدير وأفضل من فيهم يادوب يتشعبط في صورة أو برنامج أو لقاء، و ندوة هنا أو هناك .. دول اللي ورطوا الثقافة و بقصد غرزوا البلد في الوحل وتحول كل ماهو جميل إلى كل قبيح ورخيص وتافه ..دول اللي سلموا البلد تسليم مفتاح لمخابيل التخلف والتردي والجهل ولمهابيل الحلال والحرام ..وتحولت البلد لهواه الفتي فدبحوا كل الفنون .وخربوا كل العقول ..وف الاخر يطلق عليهم مثقفين وهم بلا ضمير أو موهبة حقيقية
بقى معقول دا حال بلد فيها فكر ولا ادنى ثقافة وبعدين نقول نخب ..!
..
المثقفون الحقيقيون أصجاب الفكر والورؤى المستقبلية الإبداعية والفلسفية اللي عندهم فعلا المقدرة لطرح الكثير عن كيفية الخروج بالوطن لحياة انسانية أرقى لتنطلق اقتصاديا وعلميا وشتى المجالات تباعا ..دول للأسف غير مرغوب فيهم بيتحاربوا كتير ومقصوف صوتهم دايما ..علشان كدا مش موجودين كتير ..وتأثيرهم غير فعال لأنه مقصود عدم تفعيلهم.. دول مالهمش ف النفاق والصراع والنزاع فأغلبهم أو كلهم فضلوا أن يستمروا بصمت وفي عزلة ومراقبة المشهد من بعيد و بحزن شديد
بيقولوا البداية من التعليم ..بس أوعوا تفتكروا إن التعليم بس هو البداية ..لأن البنية الإنسانية كلها خربانة ..
يعني الحل يبتدي من الدماغ ..يعني الفكر ..يعني الثقافة. تانى وتالث وعاشر ..يعني تكون الثقافة هي المشروع القومي للبلاد في المقام الأول .. يجند لها الاقتصاد كله والدعاية المهولة والهادفة ..تبقى حملة قومية جبارة في كل نجع وحارة ..يكرس لها الاعلام كل وقته وجهده للتوعية واليقظة لنهضة البلاد ..
*تكثف الدراما كل أعمالها لتوجيه العقل المصري للإيمان بآدميته .. بوطنه.. بالشارع اللي ساكن فيه بالرصيف اللي بيمشي عليه .. باحترام كل آخر ..بحقه في حياة أجمل وأرقى ..حياة مبهجة .. دراما تعزز قيم الجمال والفرح والحرية والصحة والعمل والانضباط والابتكار والسفر العلم والمعرفة والامانة والانتماء للطبيعة والفنون جميعها دونما خوف أو ترهيب أو تشكيك ..
دراما تعلم ان اذراء الجمال والإنسان والفنون اخطر جدا وأهم من ازدراء الدين ..
**تعليم رفيع المستوى أخلاقيا وقيما إنسانية وجمالية وابداعية لبناء الإنسان المنتمي داخل كل طفل ..في كل سطر وكل نشيد وكل معادلة وكل فسحة .. يتعلم ازاي يكون طموحه لقيادة البلاد فيما بعد ..يكون مسؤولا بلا أحقاد أو مشكلات نفسية أو أية ميول للعداء والتخريب ..كل هذا وأكثر يكون بمعزل تام عن أية توجهات دينية ..
ايوه النص طق .. شاط ..صرخ ..المشهد صعب ..بينزف حريق ..ببنزف بحرقة بينزف عياط من جوه وريد القصيدة ..لكن لسه بنحلم ببكره شبهنا ..شبه الناس ..له طعم الرغيف ولون الفهم والمعرفة والحلم الحقيقة ..