الأقباط متحدون - نحو ثورة ثقافية لتأكيد مفهوم المواطنة
  • ٢٣:٣٨
  • الأحد , ٢٦ مارس ٢٠١٧
English version

نحو ثورة ثقافية لتأكيد مفهوم المواطنة

مدحت بشاي

بشائيات

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الأحد ٢٦ مارس ٢٠١٧

مدحت بشاي
مدحت بشاي

مدحت بشاي
عندما بادر الرئيس الأمريكي الأسبق ولسون بإعلان مبادئه الأربعة عشرة والتي ضمنها حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار حكامها ونظمها ، أعرب حزب الوفد عن تقديره للمبادرة وحاول سعد زغلول مقابلة ولسن لعرض القضية المصرية ولكن طلبه قوبل بالرفض وأعلن ولسون اعتراف بلاده بالحماية البريطانية على مصر في أبريل عام 1919 وقد غاب عن الحركة الوطنية وقتها أن الاعتماد على دولة استعمارية لحل مسألة وطنية كان وهماً ضاراً بالبلاد والعباد ..

من هنا فإن البحث عن الهوية الوطنية ـ عبر كل العصور ـ مطلباً حتمياً للبحث عن النصر المفقود والتقدم المنشود الذي تصنعه السواعد الوطنية .. أقول الهوية وليس البحث عن الطابع أو الملامح الوطنية أوالقومية التي قد يشارك في تشكيلها بخداع بعض القوى الخارجية لرسم سياسات وأطر ومبادرات لا تهدف إلى تقدم الشعوب بقدر التمهيد لرسم سياستها الخارجية تجاه تلك الشعوب

الهوية الوطنية والبحث عن تأكيدها على الأرض بات يستلزم أمر تحقيقها ثورة ثقافية لتجديد المفاهيم والرؤى و وضع الاستراتيجيات ..

"الثورة الثقافية "كما يؤكد المفكر د. غالي شكري ليست حوارا فوقياً مع البناء الفوقى للمجتمع ، ولا هى حوار تحتى فحسب ، إنها النقطة الحاسمة فى الصراع الاجتماعى حين يتعارض خط التطور مع خط الردة ، بحيث لا تصبح هناك جدوى من الترميم الفكرى او الترقيع الاقتصادى .  والثورة الثقافية ليست شعارا او ابداعا فرديا خالصا ، انما هى فعل ثورى يستهدف تغيير الروح الاجتماعية بتغيير جذورها الاجتماعية .

عندما وقعت محاولة اغتيال نجيب محفوظ، كتب له الدكتور غالي شكرى أنه تعلم منه ومن تجربة محاولة اغتياله شجاعة العقل والتعقل، وشجاعة الإصرار لدرجة الاستبسال، وأنه صامد ومتمسك بالعقلانية وسيظل حاملاً العلم ذو الثلاث نجوم" ا لحرية، المعرفة، والعدالة"

عقد منذ أيام المؤتمر الدولى "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، نظمه  الأزهر الشريف ، وذلك بمشاركة وفود من أكثر من 50 دولة ، ليصدر عن المؤتمر "إعلان الأزهر للعيش الإسلامى المسيحى المشترك، الذى يقتضى تحقيق حلم العيش سويا فى ظل المواطنة والحرية والمشاركة والتنوع وهى الرسالة التى يوجهها الأزهر ، ورؤساء الكنائس الشرقية إلى كافة  الشعوب وصناع القرار فيها.

وكان قد تحدد أن يبحث المؤتمر أربعة محاور يتضمن الأول: المواطنة: الخصائص و الشروط فى عالم اليوم، الأوضاع الحاضرة لعلاقات المواطنة فى النصوص، والنفوس، والوقائع، رابطة المواطنة: أبعادها ومستقبلها، الأزهر وسؤال المواطنة ، كما يتضمن المحور الثانى: الحرية والتنوع ، حرية الأفراد وهوية الجماعات، الحرية فى الممارسة واحترام التنوع، الأديان والحريات، دور الدولة فى صون الحريات وحماية التنو ،. الثالث حول: التجارب والتحديات: مبادرات الأزهر، المبادرات المسيحية ، المبادرات المشتركة.والمحور الرابع: المشاركة والمبادرة، العمل مًعا لدرء مخاطر التفكك والانقسام و مواجهة التعصب والتطرف والإرهاب، وترسيخ شراكة القيم وتفعيلها، العمل مًعا والحيلولة دون توظيف الدين فى النزاعات، و من أجل مشاركة أوسع فى الحياة العامة.

كلام جميل مش ممكن أقول حاجه عنه ، وقد تعمدت إعادة نشر عناوين محاور المؤتمر لبيان مدى أهميتها على الأقل من الناحية النظرية ، فهي رؤوس أقلام لقضايا شائكة كان ينبغي مواجهتها بحق على أرض الواقع ونحن نواجه الحرب الأصعب والأشرس مع خفافيش الظلام الإرهابية ، والتي تأتي مؤسساتنا الدينية في مقدمة كتائب المواجهة لفلولها حتى لا يكون أمر المنظومة المتكاملة في حربنا ضد الإرهاب متوقفاً وقاصراً على المواجهة الأمنية للعناصر الإرهابية في مقابل أو على حساب إهمال التعامل مع فكرهم التخريبي المبني على شعارات يستثمرون فيها المفاهيم المغلوطة للأديان والعقائد ، وعليه  أطرح علامات الاستفهام التالية بكل حسن النية :

•    لماذا كل مرة نطرح فيها عزمنا التوجه لعقد منتديات فكرية لا يتم تدارك أهمية البناء على ماسبق من جهود حتى يبدو الأمر محبطاً لكل أبناء الوطن لتكرار أمر تلك الفعاليات دون حدوث تطوير ملموس ، فقد كنت أتصور أهمية أن تكون وثائق الأزهر الشريف التي سبق الوصول لصياغتها بتوافق فكري سياسي واجتماعي وأيديولوجي عام  بين كل قوى المجتمع بشكل رائع في ظرف تاريخي صعب .. ليه من الأول في كل مرة  ؟

•    هل ننتظر إعلان واضح وصريح من جانب أصحاب الفضيلة والغبطة بفشل رسالة مؤسساتهم الإعلامية والدعوية والتوعوية في إصلاح المفاهيم المغلوطة بدلاً من الدخول في صراعات مضيعة للوقت ومؤسفة لا تعبر عن تاريخية وعظمة تلك المؤسسات مع إعلام المعارضة ؟

•    لماذا لا تتقدم مؤسساتنا الدينية الصفوف للتحرك السريع نحو تفعيل ماجاء في الدستور حول إنشاء مفوضية مناهضة التمييز الديني ، وتصحيح التشريعات المنظمة لتفهم حدوتة ازدراء الدين حتى باتت سبوبة ارتزاق من جانب البعض من المنتفعين  ، ومن جهة أخرى استخدامه كسلاح كيدي من جانب بعض الموتورين الجهلة ؟!!

أخيراً ،لا مواطنة بدون حرية وعدالة ، فهما السبيل لوجود  المواطن الصالح المدافع عن منجزات وطنه ووجوده الوطني ، فالإنسان المقموع والمضطهد في وطنه ، لا ينمو لديه روعة  المواطنية بشكل تصاعدي ، وذلك لأنه ــ للأسف ــ  باسم الوطن يُضطهد ويُقمع ، وتحت علمه وشعاراته الوطنية تُهان كرامته وتُنتهك حقوقه ..
medhatbeshay9@gmail.com