بقلم: نبيل أديب عبدالله
 
الدرس الأول :- " يمكنك أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، بل ويمكن لك أن تخدع بعض الناس كل الوقت، ولكن يستحيل أن تخدع كل الناس كل الوقت " هذه المقولة والتى تنسب لعدد من الناس أشهرهم أبراهام لينكولن، كثيراً ما غابت عن أذهان الأنظمة التى ظنت أنها يكنها خداع الشعب، بحجب المعلومات الصحيحة ومنع النقد الحر فى وسائل الإعلام. لم يكن ذلك ممكناً فى أى زمن، فقد كانت الحقيقة دائما تجد طريقها للشعب، ولكن ذلك كان يستغرق زمنا أطول قبل ثورة الإتصالات منه بعد أن دخلت الفضائيات إلى بيوت الطبقة الوسطى . ولكنه الآن وبعد التويتر والفيس بوك والموبايل لم يعد خداع الناس ممكناً لأى فترة من الزمن .
الدرس الثاني :- أن ما يُمكِن للأنظمة أن تعلمه من صمت الشعب، أهم بكثير مما يمكن لها أن تعلمه مما يصدر عنه من أصوات . لم يترك النظام المصرى بحسه الأمني همسة فى شارع إلا وقام بتدوينها و فحصها وتحليلها، ولكن ما لم يصل لفهمه هو ذلك الصمت الرهيب الذى قابل به الشارع المصرى تزوير الإنتخابات الأخيرة . لم يكن تزوير الإنتخابات بالحدث الغريب فقد تكرر فى كل ما أجرى من إنتخابات فى المنطقة فى العامين الأخرين، ولكنه قوبل بمقاومة عنيفة وضجة إعلامية كبرى فى أغلب تلك البلاد . ورغم أن الإحتجاجات على تزوير الإنتخابات فى مصر كانت واسعة الإنتشار، إلا أنها لم تعبر عن نفسها فى شكل جماهيري فى الشارع المصري على عكس ما تم فى إيران مثلا .  لم يقرأ أمن النظام صمت الشعب على الوجه الصحيح، لذلك فقد كان ميدان التحرير مفاجأة غير سارة له .
الدرس الثالث :- ليس بالفيسبوك وحده تحيا الثورات . لم يكن ميدان التحرير هو أول محاولات الشباب لتحريك الجماهير عن طريق الفيسبوك فقد تم ذلك فى عام 2008 دون نجاح يذكر، صحيح أن مواقع التواصل الإجتماعي بدأت تأخذ دوراً هاماً فى إنهاء سيطرة الأنظمة القمعية على وسائط الإعلام كما وأنها بدأت تلعب دوراً هاما فى الحشد التنظيمي والتحريضى المعارض لتلك الأنظمة، إلا أن نضوج الأزمة الثورية ما زال هو الذى يحدد التوقيت السليم لإسقاط النظام. ما زال وصول النظام إلى درجة يعجز فيها عن الحكم، مع وصول رفض القوى المؤثرة فى الشعب للنظام لدرجة لا يمكن معها للنظام قمعها، هو الزمن المناسب لإشعال الثورة . لذلك فإن الرئيس مبارك لم يكن ضحية الفيس بوك كما جاء فى الطرفه المتداولة، بل هو ضحية عجز نظامه عن تلبية مطامع القوى الرئيسية فى المجتمع المصري، وركونه بدلاً عن ذلك للجوء إلى التزييف الإعلامي والقمع الأمني بديلاً عن ذلك . الفيس بوك ليس السبب فى سقوط النظام وإن كان قد سهل ذلك .
الدرس الرابع لا جدوى من الفساد: يبدو أن جمع الثروات الذى يُمارَس فى الأنظمة الإستبدادية بغير جدوى على الإطلاق، فجامعو تلك الثروات لا يحتاجونها طالما أنهم باقون على سدة الحكم، فهم لا يدفعون ثمن ما يحصلون عليه، فىحين أن الإلتزام الدولى بمحاربة الفساد يمنعهم من الإستفادة من تلك الثروات متى ما غادروا مواقعهم. فها هو النائب العام السويسرى يصدر أمراً بتجميد أموال أسرة الرئيس مبارك المحتملة، بينما أمر مدير إدارة مكافحة الفساد فى إنجلترا بذلك، ودعا وزير التجارة هناك باقي الدول الأروبية لأن تحذو حذو بلاده.