الأقباط متحدون | ثورة 25 يناير وتطلعات المواطن المصري
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٣٥ | الخميس ١٧ فبراير ٢٠١١ | ١٠ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٠٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

ثورة 25 يناير وتطلعات المواطن المصري

الخميس ١٧ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: للأب القمص. أفرايم الأورشليمي
ثورة 25 يناير الأسباب والتعاطي معها..
عندما دعا بعض الشباب على "الفيس بوك" للتظاهر في يوم عيد الشرطة في 25 من يناير، كان سقف الطموحات أن يتم الإصلاح الديمقراطي، واحترام المواطن المصري أمام الشرطة، ولكن ما أن ابتدأت المظاهرات، حتى رأينا مختلف فئات الشعب تلتحق بها، وتعبر عن سعيها في تغيير النظام، لتلبية مطالبهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية، ووجدنا الملايين من مختلف الأعمار والفئات، تخرج في مظاهرات عارمة، في المدن المصرية، من شمال البلاد في الإسكندرية، مرورًا بمدن دلتا النيل، للقاهرة، ومحافظات القناة، حتى أقصى الجنوب في أسوان، مرورًا بأسيوط وسوهاج.
وأمام هذه الثورة الشعبية، وتدخل القوات المسلحة لتأمين الأمن اللازم، في غياب الشرطة، التي وصلت العلاقة بينها وبين الشعب إلى أدنى مستوى لها في التاريخ، في ظل أسوأ وزير داخلية عرفته مصر، وهذا أمر يجب تداركه وعلاجه، فالشرطة يجب أن تكون في خدمة الشعب، ليس كشعار، ولكن حقيقة وواقع من أعلى هرم السلطة حتى رجل الأمن في الشارع، فلقد عانى المواطنون في أقسام الشرطة من الظلم والتعذيب، والتهم الكاذبة والبيروقراطية والرشوة والفساد.
احتاجت الثورة لجيش قوي يحميها، ونزول الجيش كان يظنه الرئيس السابق لقمع المظاهرات، لكنه أظهر الوعي والحرص، ولم يستخدم ضد الشعب، بل احترم إرادة الشعب وفرضها على الرئيس، مما جعله محل احترام الشعب. الذي يغذيه بالسواعد الشابة. الجيش هو الدرع الأساسي لحماية الوطن من الأخطار الخارجية، وهذا واجبه، ولقد كانت القوات المسلحة مؤمنة بدورها، وحتى بعد تدخلها لحماية وتأييد الثورة، أعلنت أنها ليست بديلاً عن نظام مدني ديمقراطي، وحكومة تحقق تطلعات الشعب، في ظل دستور ديمقراطي، ومساواة في الحقوق والواجبات بين مواطنيها، دون تمييز لأسباب سياسية، أو دينية، أو عرقية، أو طبقية، أو سياسية.
 لم يشعر المواطن العادي بأي إنجازات اقتصادية، بل عاش وعود كاذبة لا يمكن أن ينخدع بها كل الشعب كل الوقت، وفي ظل فساد وبيروقراطية السلطة، وترزية القوانين فقد النظام هيبته، واستمرت أعداد العاطلين عن العمل في تزايد، وصل الغلاء إلى مستويات حولت الملايين إلى مستوى تحت خط الفقر، الذي وصل في بعض محافظات الصعيد -حسب الجهاز المركزي للمحاسبات- إلى 60 فى المئة. في ظل فساد إداري واقتصادي، وأصبح حلم المواطن العادي لا أن يأكل اللحم والخضر، بل حتى الفول والعدس والخبز، الوجبات الأساسية للمواطن المصري. وهذا ما يجب على النظام معالجته وبالسرعة الواجبة.
أزمة الثقة بين النظام والمواطنين، وضعف قنوات الاتصال، ووسائل الإعلام الرسمية، وأبواق الدعاية الكاذبة، مما جعل الناس تنصرف إلى قنوات الجزيرة والبي بي سي، والعربية، وغيرها من قنوات لها توجهات خاصة، في توجيه الرأي العام نحو التغيير، وهذا أيضًا يجب دراسته في عصر السماوات المفتوحة. كما أن التزوير ليس في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فقط، كجرائم يعقاب عليها القانون، بل وفي الانتخابات المحلية، وانتشار الرشوة والفساد، الذي أفقد المواطن ثقته في النظام، لم تنجح الحكومات المتعاقبة في ظل نظام بعيد عن هموم شعبه وتطلعاته، من تحقيق تطوير في التعليم العام أو الفني أو الجامعي، وتراجعت الرعاية الصحية وتفشت الأمراض، وعانت المستشفيات العامة من النقص الشديد في المعدات والأدوية، وهذا ما يحتاج للعناية به من النظام، في سعي جاد للتلاحم مع حاجات الشعب الأساسية.
لقد عانى الأقباط في مصر الكثير طوال الثلاثين سنة الماضية، في ظل عزلة فُرضت عليهم وليست باختيارهم، عانوا من التهميش السياسي والديني والوظيفى والاجتماعي، وذلك إضافة إلى غياب قانون موحد لبناء دور العبادة، وقانون ينظم الأحوال الشخصية لهم، ظل حبيس أدراج مجلس الشعب لما يزيد عن ربع قرن. ولم يجد القبطي ملجأ إلا الكنيسة يحتمي فيها ويلجأ إليها، ولجأ النظام للوعود الكاذبة مع الكنيسة الشهيدة، وتخويف الكنيسة من المد الديني المتطرف، رغم إن الإخوان المسلمين عانوا أيضًا الكثير من حكم ديكتاتوري يحكم بسياسة "فرق تسد"، والمطلوب الآن هو مشاركة فاعلة من الجميع، وكسر حاجز العزلة والسلبية لدى المواطنين مسلمين ومسيحيين، وأن يشارك الجميع بفاعلية وإيجابية واستمرارية، وكفاح في بناء مجتمعهم والدفاع عن حرياتهم وتقرير مستقبلهم في كل المجالات.
 دروس من الثورة..
لقد أظهرت ثورة 25 يناير معدن الشعب المصري الأصيل، في العديد من المجالات، وينبغي علينا الحفاظ على روح ثورة 25 يناير في كل مجالات الحياة..
لقد شهد لثورة الشباب وقوتها وحضاريتها مختلف زعماء العالم، فقد قال "باراك أوباما": "يجب أن نربي أبنائنا ليصبحوا كشباب مصر"، وقال عنها رئيس الوزرء البريطاني: "يجب أن ندرس الثورة المصرية في المدارس"، وقالت "السي إن إن" في تقرير لها عن الثورة: "لأول مرة في التاريخ نرى شعبًا يقوم بثورة، ثم يقوم بتنظيف الميادين بعدها". تلك هي روح ثورة الشباب المثقف الواعي، خفيف الروح حتى فيما حمله من شعارات مناهضة للفساد والظلم.
في المجالات السياسية أظهر المصريون الحس الوطني والقومي والإنساني، وأظهر الشباب إدراكهم لروح العصر، والسعي إلى ديمقراطية حقيقية، تُبنى على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وعدم القبول بالحكم الديكتاتوري والتوريث، وحق المواطنين في تقرير حاضرهم ومستقبلهم، وسيبقى هذا الوعي أكبر عامل لعدم إجهاض الثورة في يد قلة غير ديمقراطية. وهنا ننبه إلى أن اللجنة المشكلة لتعديل الدستور، لا تلبي تطلعات الشباب وفئات الشعب المختلفة، بشهادة الكثيرين، في ظل قصرها على قلة شاخت عن روح العصر، وذات توجهات أيديولوجية سلفية، ونحن نتطلع إلى دستور ديمقراطي يقودنا إلى مستقبل حكم مدني ديمقراطي.
تكاتف المواطنين جميعًا مسلمين ومسيحيين، في كل المدن والأحياء والقرى، في حماية الممتلكات العامة والخاصة، وأظهرت اللجان الشعبية وعي عالٍ في مواجهة أعمال البلطجة، نتيجة هروب المسجونين وغياب الأمن، بل قدمت الأسر نموذج عالٍ للتعاون، وتقاسم اللقمة في السراء والضراء، بدون تفرقة بين المواطنين، بسبب انتمائتهم.
أظهر المتظاهرون بمختلف أعمارهم الحس الوطني والقومي، والالتزام الخلقي، وقوة وقدرة على التواصل، حتى في ظل انقطاع النت أو الاتصال بشبكات الموبايل لعدة أيام، ظهر وعي الشباب وحمله لهموم شعبه في وقت تجاهل فيه الكثيرون، حتى داخل الأسرة تطلعاتهم، وظنوا أنهم يقضون وقتهم على النت لتقضية الوقت فيما لا يفيد، فتحية تقدير وإجلال لشباب مصر الواعي المثقف، الذي يجب أن يشارك بقوة في صنع دولة مدنية ديمقراطية، تنهض بمقدرات الوطن وتتبنى تطلعاته.
يجب التعلم والاستفادة من روح الثورة، والبناء عليها، ومشاركة الشباب في تقرير الحاضر والمستقبل لمصرنا العزيزة، فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، وقد أظهروا من الوعي الوطني والقومي والسياسي، مثالاً ينبغي التعلُم والاستفادة منه، ويجب على كل منا ألا يقصر في الحفاظ على مكتسبات الثورة، وأن نبني ونشارك في مستقبل بلدنا، يجب علينا أن نتبنى ونجتمع حول تطلعات الحرية والعدل والمساواة والإخاء والحق، والمشاركة تحت شعار الدين لله والوطن للجميع، ليجد كل مواطن منا مكانًا له، ومكانة في مصر الحاضر وأمل المستقبل.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :