السكوت عن الشيوخ ... أصابت مصر بالشروخ ..!!
نبيل المقدس
٢٧:
٠٩
ص +02:00 EET
الاثنين ٣ ابريل ٢٠١٧
نبيل المقدس
نعم .. تذوقت البراءة الحقيقية , فعندما كنت صبيا صغيرا في بلدتي أسيوط لعبت مع بنات وأولاد جيران الحتة , وكنا في بعض الأحيان نقوم بلعبة موروثة لنا مِنْ زمن , ولا أعرف كيف نقلناها , فقد كانت تنتقل من جيل إلي جيل , بطريقة عفوانية ربما نتيجة طبيعة الإنسان وقوانينها ومحبة الإله للإنسان . كان إسم هذه اللعبة " عريس وعروسة " .. كنا نقسم أنفسنا عائلتين , عائلة تسكن " طُرقة" الدور الأول وتختار من بينها عريسا , وابا وأما له . أما العائلة الثانية تسكن في " طرقة " الدور الثاني وتنتخب عروسة من بينها وأبا وأما لها.. وكنا جميعنا نختار من بيننا أكبر صديقة عمرا لكي تقوم بدور الخاطبة .. فتذهب الخاطبة إلي الطابق الثاني لكي تخبر أم العروسة أن عادل إبن أم عادل يريد الزواج من إبنتكم نوال . وفجاة تنطلق الزغاريد من الدور الأول والثاني , وطبعا كانت الزغاريد أكثر منها سرسعة أصوات لأننا كنا صغار لانعرف نزغرد .. ونكمل اللعبة بعد ما يجري العريس إلي بيته ويأتينا بطربوش والده , وتجري نوال أيضا لكي تأتينا بترحة الحاجة جدتها البيضاء , ويتم عمل الزفة بالتسقيف وصوت البنات المسرسع و يمشين هن وباقي الصبيان وراء العريس والعروسة .. وكثيرا ما نجد عم حنا والد عادل ,و والد نوال واقفين علي أول مدخل البيت يستقبلوننا بالإحضان والقبلات , وأتذكر مرة من المرات فاجأنا عم متولي والد نوال بزجاجات شربات وقلب اللعبة فرح حقيقي , وقال لنا بفرحة , " ولدي حسين نجح في التوجيهية فقلت فرصة والعيال مهيصين نفرح احنا معاهم كمان " , ورفع إيديه إلي السما وناجي ربه " يارب فرحنا كمان وكمان ".. كان فكر عائلات مصر في زماني الجميل لا يظن سوءا ولا يخطر علي بالها حتي ولو لمحة أن ما نفعله رجسا من الشيطان .
نعم .. تذوقت البراءة الحقيقية , فعندما كنت صبيا صغيرا في بلدتي أسيوط لعبت مع بنات وأولاد جيران الحتة , وكنا في بعض الأحيان نقوم بلعبة موروثة لنا مِنْ زمن , ولا أعرف كيف نقلناها , فقد كانت تنتقل من جيل إلي جيل , بطريقة عفوانية ربما نتيجة طبيعة الإنسان وقوانينها ومحبة الإله للإنسان . كان إسم هذه اللعبة " عريس وعروسة " .. كنا نقسم أنفسنا عائلتين , عائلة تسكن " طُرقة" الدور الأول وتختار من بينها عريسا , وابا وأما له . أما العائلة الثانية تسكن في " طرقة " الدور الثاني وتنتخب عروسة من بينها وأبا وأما لها.. وكنا جميعنا نختار من بيننا أكبر صديقة عمرا لكي تقوم بدور الخاطبة .. فتذهب الخاطبة إلي الطابق الثاني لكي تخبر أم العروسة أن عادل إبن أم عادل يريد الزواج من إبنتكم نوال . وفجاة تنطلق الزغاريد من الدور الأول والثاني , وطبعا كانت الزغاريد أكثر منها سرسعة أصوات لأننا كنا صغار لانعرف نزغرد .. ونكمل اللعبة بعد ما يجري العريس إلي بيته ويأتينا بطربوش والده , وتجري نوال أيضا لكي تأتينا بترحة الحاجة جدتها البيضاء , ويتم عمل الزفة بالتسقيف وصوت البنات المسرسع و يمشين هن وباقي الصبيان وراء العريس والعروسة .. وكثيرا ما نجد عم حنا والد عادل ,و والد نوال واقفين علي أول مدخل البيت يستقبلوننا بالإحضان والقبلات , وأتذكر مرة من المرات فاجأنا عم متولي والد نوال بزجاجات شربات وقلب اللعبة فرح حقيقي , وقال لنا بفرحة , " ولدي حسين نجح في التوجيهية فقلت فرصة والعيال مهيصين نفرح احنا معاهم كمان " , ورفع إيديه إلي السما وناجي ربه " يارب فرحنا كمان وكمان ".. كان فكر عائلات مصر في زماني الجميل لا يظن سوءا ولا يخطر علي بالها حتي ولو لمحة أن ما نفعله رجسا من الشيطان .
عندما أمُر في السنوات الأخيرة علي أبواب البيوت متوسطة الحال , من الطبيعي الشخص يتلفت إليه , مافيش مرة يابلد إلا وأري صبي صغير ماسك شعر أخته او بنت الجيران ويشدها علي الأرض , ووالديهما نازلين ضحك وفي الأخر تنقلب خناقة بين العائلتين , وسرسعة الستات مملوءة بأوسخ الشتائم وأحطها , وتتجرد السيدات من حيائه ويسقط الحجاب من رؤوسهن , وتتطاير الشعور وتفوح رائحة العفن علي أصوله .. أما الرجال يأخذون بعضهم وعلي اقرب غرزة ليحلوا المشكلة حول موائد الشيشة . هكذا حالنا من بعد ظهور أول مجموعة سلفية جهادية في النصف الأخير من السبعينات , مجموعات تكره نفسها وتكره كل شيء جميل .. مجموعة اطلقت ذقونها تتسربل علي صدورهم , ولبسوا المناطيل القصيرة , ألبسن زوجاتهن وبناتهن اللباس الأسود , فإنطفأت مصر وخيّم عليها الوشاح الأسود , وحَزَنَتْ مصر علي مستقبلها القصري.
لأول مرة بدأنا نسمع عن فتاوي , وعن الحلال والحرام , بعد ما كنا نتصرف كالأطفال بروح المحبة والطهارة .. فقد جعلت شيوخهم كل أمر ما حرام في حرام , فما جدوى الحياة إذا كان كل ما نفعله حرام؟! .. لماذا يقسون على الناس بفتاوى لا يتقبلها عقل ولا تحترمها في نفس الوقت المؤسسات الدينية الرسمية؟! .. ولماذا يريدون إغراق الوطن فى التفاهات؟!.. فإن كنا جادين فى تجديد الخطاب الدينى فلماذا لا يُحاسبون أمراء الظلام , ومنعهم من التنطيط بين قناة وأخري , ناشرين آفكارهم المسمومة في شتي نواحي الحياة دون رادع أو مساءلة.. وكأن الأصل فى الشىء هو الحرام لا الحلال، إلي أن يصير مجتمعا إستاتيكيا " محلك سر " وليس ديناميكيا ليتحرك إلي الأمام .
لماذا السكوت علي طيور الظلام , فهم يتحركون شمال وجنوب وشرق وغرب مصر في منتهي البجاحة منغصين حياة المصريين بفتاوى وآراء "شاذة"، خرجت من أفواهم كالحجارة. فنجد أبو إسحاق الحوينى "المتخلف عن العصر": حرم الاختلاط ومنع حلق اللحية ورفض عمل النساء وطالب بتطبيق الحدود .. وهناك شيخ أخر يُدعي عبد المنعم الشحات ويُطلق عليه "شيخ التمييز" اصدر فتوي بتحريم تحية العلم ووصف أدب نجيب محفوظ بالدعارة .. أما الشيخ برهامى "صاحب فتاوى المرأة" كما أنه يحمل الكراهية لمسيحيي مصر حتي أنه يرفض وصف ضحايا البطرسية بالشهداء , وكأنه عين نفسه إلها يتحكم في مَنْ يكون شهيدا ومَنْ لا يكون .. وهنك أخرون أفتوا بزواج الطفلة ... وتحجيبها ولبسوها ملابس الحشمة .
لا شك السكوت عن الشيوخ تُزيد الكثير من الشروخ في جسد مصر .. منها شروخ في وحدة الصف بين طوائف الشعب .. وشروخ يُعشش فيها الفساد في هيئات المؤسسات الحكومية .. شروخ لها صلة في تدني الأخلاقيات العامة .. شروخ وتصدع في بنيان الشباب وحرمانه من الحياة الطبيعية التي تقيدها شريعتهم وفتواهم ,فهم أكثر الشيوخ يثيرون الشباب ضد تراثهم القديم .. هناك فتاوي أفتوها شيوخ الظلام تسببت شروخا في الفهم الحقيقي لمتع الحياة للمرأة مثل ممارسة هواياتهن , فركوب الدراجة للمرأة حرام والخروج لها منفردة حرام , وصوتها عور , ولا ترأس رجالا في الوظائف .. و فتاوي أخري للمرأة جعلتها مسخرة الدول الأخري , فهم يعملون جاهدين علي قهر المرأة , فلا تُشرق عليكي يامصر شمس وإلاّ يُفاجيء شعبك بفتوي جديدة خصيصا للمراة , حتي أصبح أحدهم متخصص في إصدار فتاوي لها , منها التي لا يصح النطق بها علنا أو غير علن , وهي الخاصة بالعلاقات الحميمة بين الزوج والزوجة .. كما يحاولون جذب بناتنا القاصرات وغير القاصرات أن ينضمن إليهم لأسلامهن بطرق قذرة لا يتجرأ عابدو الأوثان فعلها ...!!
هؤلاء الشيوخ يحاولون أن ينسلخ الشباب والمصريين من هويتهم المصرية صاحبة أعرق الحضارات ثقافة , وعلما , وفلكا , وفنا , وطبا وبما ان أقباط مصر المسيحية ومعهم بعض من الإخوة المسلمين المستنيرين يستنكرون هذه الأعمال الجاهلية وهذه الفتاوي التي تبدأ من صحة شرب بول البعير حتي زواج القاصرات فعليهم أن يرفعوا سلاح الجهاد الروحي , لأنه واضح تماما أن المؤسسة الإسلامية والأمن والرئاسة في غيبوبة كاملة وغير قادرة أن تُوقف هذا الزحف السلفي المتطرف .. وهنا نستطيع أن نقول " خسارة يا مصر العتيقة " .