الأقباط متحدون - سوق السمك
  • ٢١:٥٠
  • الاربعاء , ٥ ابريل ٢٠١٧
English version

سوق السمك

مقالات مختارة | د. محمود خليل

٤٣: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ٥ ابريل ٢٠١٧

د. محمود خليل
د. محمود خليل

فيما سبق، وحتى أيام قريبة كان السمك وجبة الفقراء، تقوم الأسرة بشراء 2 أو 3 كيلو «بلطى» -حسب عدد أفرادها- قيمتها (50 جنيهاً تقريباً) ويأكل أفرادها بالهناء والشفاء ويحمدون المولى عز وجل. الزمان اختلف، «البلطى» أصبح سعره 35 جنيهاً، وغدا بعيداً عن شنب الأسر الفقيرة، لتدخل الأسماك فى قائمة اللحوم المحرمة عليهم، بفعل الغلاء، وليس بحكم شرعى!. يحدث هذا فى وقت يفترض فيه أن البلد يتوسع فى المزارع السمكية، بعد أن افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى مزارع الاستزراع السمكى بالإسماعيلية (ديسمبر 2016). من اللافت أن الرئيس علق -فى افتتاح هذا المشروع- على تحمل الشعب للإجراءات الاقتصادية الصعبة التى اتخذتها الحكومة، وقال نصاً: «بسجل فى كل فرصة تقدير واحترام لنجاح الشعب بجدارة فى هذا الاختبار، وماحدش كان متخيل أبداً إن حد ممكن يستحمل ظروفنا الصعبة، لأن الإجراءات اللى اتعملت صعبة قوى وتأثيرها صعب قوى»!. ها هى الآثار تصل إلى «مشنات السمك».

أسباب عديدة سيقت فى مدار تفسير الغلاء اللافت فى أسعار الأسماك، بعضها يتعلق بتصدير السمك البلطى والبورى إلى الدول العربية، بسبب ارتفاع أسعار الدولار، وإحجام المستوردين عن الاستيراد، للسبب نفسه، أضف إلى ذلك ما يشير إليه البعض من وجود نقص فى المعروض بسبب انخفاض إنتاج أسماك البحار. أياً كانت الأسباب نحن أمام نتيجة واضحة تتمثل فى ارتفاع أسعار السمك إلى درجة أعجزت من يعتمدون عليه كوجبة تعويضية بعد ارتفاع أسعار الدواجن واللحوم عن شرائه. هناك اتهامات موجهة إلى التجار بالمبالغة فى السعر، دفعت بعض المستهلكين إلى مقاطعة الأسماك رافعين شعار «خليها تعفن»، ربما كان هذا الاتهام صحيحاً، لكن المقاطعة للأسف لم تؤدِّ إلى خفض الأسعار، بسبب قلة المعروض.

أذكر أن الرئيس وجه حديثاً إلى رجال الأعمال فى افتتاح مشروع الاستزراع السمكى قال لهم فيه: «اقفوا جنب بلدكم مصر 6 شهور بس وهتجدوا الأمور أفضل من كده بكثير». وأذكر أيضاً أنه وعد بلجم الارتفاع غير المسبوق فى الأسعار خلال 6 أشهر فى نفس التوقيت. نصف المدة انقضت، ولا يستطيع أحد أن يقول إن رجال الأعمال والمستثمرين تحركوا بشكل جدى للوقوف إلى جوار بلدهم فى أزمتها الاقتصادية، أو ينكر أن الأسعار ترتفع. قد يطرأ جديد خلال أشهر أبريل ومايو ويونيو، لكن المشكلة أن المؤشرات التى تجتاح الأسواق لا تعد بذلك. لقد أصبح حلم ثبات الأسعار بعيداً، فما بالك بتراجعها بعض الشىء، بل إن بعض السلع التى احتفظت بارتفاعات محدودة فى أسعارها -مثل السمك- أصابها وباء الغلاء. كل هذه الأمور أصبحت تتطلب وقفة جادة من جانب الحكومة، لأن استمرار الأوضاع على هذا النحو سيؤدى إلى مزيد من الاحتقان لدى المواطن، خصوصاً أن هناك قرارات متوقعة بزيادة أسعار بعض الخدمات الحكومية، من بينها مثلاً فواتير الكهرباء، وهو أمر سيزيد من المحنة التى يعانى منها الفقراء، وكذا أفراد الطبقة المتوسطة التى أفقرتها الإجراءات الاقتصادية الأخيرة. وتقديرى أن تفاقم أمر الغلاء أكثر من ذلك لن يكون محمود العواقب.. كل شىء وله حدود!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع