«الأزهرى» و«كشك».. بين الحقيقة والصياح
مقالات مختارة | حسين القاضى
الاربعاء ٥ ابريل ٢٠١٧
التعليقات التى جاءت على كلام الدكتور أسامة الأزهرى، عقب كلامه عن الشيخ كشك، رحمه الله، تدل على تعطيل نعمة النظر والتفكير عند الإخوان، كان «الأزهرى» -فى لقاء مع محمد الدسوقى رشدى- يتحدث عن سمات المدارس القائمة على الفهم والتذوق، والمدارس القائمة على التهييج والحماس، فضرب نموذجاً بـ«الشعراوى» و«كشك»، قائلاً: «كامل الاحترام والتقدير لشخص الشيخ كشك، الذى كان الخطيب الأول فى العالم العربى والإسلامى، لكن مدرسته الفكرية ظاهرة من الهياج والتعليق المبتذل على أمور المجتمع، بخلاف الشعراوى الذى تذوق الناس على يديه جمال القرآن، وكوّن جامعة شعبية بالملايين».
وهنا ملاحظات:
- الدكتور «الأزهرى» ليس فوق مستوى النقد، لكنه لم يطعن فى «كشك»، بل بدأ باحترام وتقدير لشخصه، وانتقاد المنهج لا يقلل من الجوانب الأخرى، ولا خلاف أن «كشك» بارع فى الخطابة، شيق فى العرض، ذو فكاهة مميزة، وحازت خطبه على قبول شعبى لا نظير له، لكن المدرسة العلمية شىء مختلف، وكم من علماء صنعوا مدارس علمية، ومع ذلك لم يتصفوا بأى من الصفات السابقة، وفى المقابل هناك العشرات ممن اتسموا بهذه الصفات ومع ذلك كانوا محاضن للتحريض، ولو كانت المدارس العلمية تقاس بالبراعة فى الخطابة لكانت الأولوية للتكفيريين، بل إن «وجدى غنيم» (التكفيرى) بارع فى الخطابة أكثر من شيخ الأزهر، وإننا لنجد علماء أسسوا مدارس منضبطة ومع ذلك جهلهم كثيرون، والنموذج واضح فى «دراز» و«جاد الحق» و«البوطى»، بل العلامة «بن بيّه» ليس خطيباً بارعاً، ولم ينل ولو قليلاً من شهرة «القرضاوى»، وما زال على قيد الحياة، ولو كتبت اسمه دون ضبط لأخطأنا فى نطقه، ومع ذلك ترى إجماعاً على أنه من مجددى العصر، فشهرة الشخص أو حب الجماهير له لا يدل على صحة منهجه، فللمنهج مقاييس أخرى.
- كان «كشك» يرى «عبدالناصر» كافراً مرتداً، ومع ذلك فالجماهير أحبت «كشك» وأيضاً أحبت «عبدالناصر» (الكافر المرتد) من وجهة نظر «كشك»!! وقارن بين مدرسة الدكتور «دراز» الذى رفض تجاوزات «عبدالناصر» بقوله: «على الحاكم ألا يقسو قسوة العدو المحارب، يشفى بها غريزة الانتقام من عدوه، ولكن قسوة الوالد المؤدب يستصلح بها ولده، مقدار عقوبة بمقدارها»، وبين «كشك» حين قال: «كان عبدالناصر يحارب كل من يقول محمد رسول الله»، كلاهما انتقاد للحاكم، ولكن الأول انتقاد فيه علم وسكينة، والثانى فيه تهييج وتحريض، وأزعم أن خطب «كشك» لو أعيدت اليوم لكانت صالحة لمنصة «رابعة».
- محل النزاع: هل كان «كشك» يمثل مدرسة علمية منهجية؟ لم يجب أحد، والردود التى دافعت عنه أساءت إليه، فالمدعوة «آيات عرابى» ردت بأن مدرسة «كشك» العلمية هى انتشار أشرطته وعدم جلوسه مع عملاء الموساد؟
- لم يختلف أحد مع «كشك» فى تناوله لقضايا مثل: الاستغفار والبر والصدقات والتوبة، وكلها جوانب أفاد فيها إفادة عظيمة لا ينكرها أحد، لكن ليس هذا موضع الخلاف، ودعونا نقول إن هذه الموضوعات لو كانت هى موضع التقييم لما كان هناك اختلاف على قيادات «داعش»؛ لأنهم فى قضايا الاستغفار والبر والصدقات يقولون بما يقول به شيخ الأزهر وزيادة.
- تتفق مع قاله «الأزهرى» أو تختلف، وتتفق مع صياح الإخوان أو تختلف، لكن «الأزهرى» والإخوان قالوا رأيهم، إنما يوقفك حالة الغياب الدائم من «المشيخة والأوقاف»، الكل ينتفض فى خدمة ما يراه صواباً وهم فى سبات عميق، ولذا لست مبالغاً إذا قلت إن العالم الإسلامى اليوم انتهى إلى مدرستين تمثلان المرجعية الدينية عند الكثيرين، مدرسة الشيخ «على جمعة» والشيخ «أسامة الأزهرى» والحبيب «الجفرى»، وهم الصوت الناطق باسم الأزهر منهجاً واعتقاداً لا مبنى وقيادة، ومدرسة الشيخ «القرضاوى» وتابعيه مثل «وجدى غنيم» و«عصام تليمة»، وهم الصوت الناطق باسم الإخوان.
نقلا عن الوطن