الأقباط متحدون - الأقدمية معيار مجرد
  • ١٥:١٠
  • الاربعاء , ٥ ابريل ٢٠١٧
English version

الأقدمية معيار مجرد

مقالات مختارة | حمدي رزق

٠٧: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٥ ابريل ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

قدم الفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، بحثاً علمياً وفقهياً راقياً لقيادات مجلس الدولة بعنوان «طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية فى الميزان الدستورى والمعايير الدولية» لحل الأزمة المثارة بين مجلس النواب والسلطة القضائية، إيماناً منه بالحوار بين السلطتين، بدلاً من مستنقع الاحتراب بين السلطات.

وهذا البحث المهم الصادر عن قريحة عدلية قانونية بارزة، المتلمس لأسباب الحوار الوطنى المعتبر فى مثل هذه الحالات التى يحترب فيها المتحاربون، كفيلٌ بوأد الفتنة بين السلطتين التشريعية والقضائية، ويبرهن أن الحوار على أرضية خالصة من اللدد فى الخصومة يفكك ويحلحل المشاكل ويوفر الحلول ويخفف الاحتقان. ونعرض لأهم عناصر البحث:

أولاً: إن استقلال السلطة القضائية له مفهوم وثيق الصلة بإحدى الضمانات الأساسية فى المجتمع المتمثلة فى حماية حقوق المواطنين وحرياتهم، ولئن كان الدستور قد نص فى المادة‏ (184)‏ منه على أن يبين القانون صلاحيتها، فإن المقصود بذلك أن يتولى الشارع توزيع ولاية القضاء كاملة على السلطة القضائية على نحو يكفل استقلالها، ومن ثم فلا يجوز- عن طريق التشريع- إهدار ولاية تلك السلطة كلياً أو جزئيا‏ًً‏ً أو المساس باستقلالها أو الانتقاص منه.

ثانياً: يجب على السلطة التشريعية ألا تعزل السلطة القضائية عن نفسها فى اختيار من يمثلها بما تجول بصرها فيها، منقبة من خلال عناصرها عما يراه القضاة عدلاً وحقاً قصدوا إليه الأقدمية معياراً مجرداً، ومن ثم تعكس هذه العناصر تعبيراً مادياً ملموساً عن إرادة واعية، وهى التى تتطلبها الأمم المتحضرة، لتكون أصلاً ثابتاً كامناً فى طبيعتها، وليس أمراً فجاً أو دخيلاً مقحماً عليها أو غريباً عن خصائصها.

ثالثاً: إن مجلس النواب يطبق الدستور بمعيارين: الأول فيما يخصه باختيار رئيسه، والثانى إهداره عشرة نصوص دستورية عن استقلال القضاء فى اختيار رؤسائه، فكيف يشرع مجلس النواب لاستقلاله هو ثم يمس استقلال السلطة القضائية؟! فهل تجدون الفكر الدستورى مما يجيز لكم التشريع خارج حدود الدستور، وقد أهدرتم مبدأ الفصل بين السلطات فى معاناه وأدميتموه فى فحواه بمشروع ينزف دماً فى مغزاه؟!

رابعاً: يقدم طوق النجاة أن التماثل فى المراكز القانونية التى تنتظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية فى المادة (193) من الدستور تستوجب وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنتظم سائر رؤساء الجهات والهيئات القضائية «تختار الجمعية العامة رئيس المحكمة من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة»، ولا يتصور أن يكون مقصود المشرع الدستورى ذاته من تحديد طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية أن يتضمن تمايزاً لها عن جهات القضاء وهيئاته، وإذ جاز القول بذلك التمايز المنهى عنه دستورياً بإجماع دساتير العالم لتناقض المشرع الدستورى مع نفسه وخالف هو ما يسنه للمشرع العادى من إعمال مبدأ المساواة للأقران، وهذا ما يتنزه عنه المشرع الدستورى إذا قيل بذلك التفسير بالتمايز، أتشرعون للناس بالمساواة وتميزون الدستورية دون السلطة القضائية وتخالفون وحدة تنظيم الأقران، أفلا تقارنون؟!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع