ثمن تطهير جبل الحلال
محمود بسيوني
الاربعاء ١٢ ابريل ٢٠١٧
محمود بسيوني
تصور البعض أن معارك تطهير سيناء، مجرد نزهة عسكرية للجيش المصرى القوى، وكانت القراءات الأولى تقول إن الموجودين فى سيناء، عصابات مسلحة انضم إليها مهربون وعناصر من غزة، واعتنقوا الفكر التكفيرى، وتمركزوا على الشريط الحدودى بين مصر وقطاع غزة.
ثم جاء حكم الإخوان، عقب ثورة 25 يناير، واتضح أن هناك جيشا بمعنى الكلمة تمركز فى سيناء لتنفيذ خطة، هدفها مواجهة الجيش المصرى، إذا تحرك ضد حكم الإخوان، وبدأت عمليات قتل الجنود وخطفهم للضغط على القوات المسلحة بهدف إبعادها عن سيناء، لتتمكن عناصر إرهابية أجنبية من الدخول والتمركز تمهيدا لإعلان السيطرة الكاملة على سيناء، فى نفس توقيت الإعلان عن خلافة داعش فى العراق وسوريا، وكان ذلك يتم بعلم وتحت سمع وبصر الإخوان، والدليل على ذلك بيان الرئاسة الذى أعلن عن حماية أرواح الخاطفين والمخطوفين، ثم إعلان القيادى الإخوانى محمد البلتاجى عن توقف عمليات سيناء فى لحظة عودة مرسى للقصر بعد نجاح ثورة 30 يونيو فى الإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية.
نقطة تمركز العناصر الإرهابية، كانت جبل الحلال، الذى يشكل امتدادًا لكهوف و"مدقات"، أخرى فوق قمم جبل الحسنة، وجبل القسيمة، وصدر الحيطان، والجفجافة، وجبل الجدى، بمغارات وكهوف وشقوق، يصل عمقها أحيانا إلى 300 متر، وعبره كانت تتحرك هذه العناصر، لتنفيذ عملياتها ضد الجيش المصرى، ثم الهروب إليه مرة أخرى.
وبعد معارك عنيفة، تمكنت عناصر قوات الجيش الثالث الميدانى، من فرض سيطرتها التامة على الجبل، فى ضربة قاصمة لتلك العناصر، التى رأينا كيف كانت تعيش فى الكهوف والأنفاق، كالجرذان، من أجل قتال الجيش المصرى، ووقف تقدمه فى سيناء عبر سلسلة من عمليات الاستنزاف، ركزت على استهداف عناصر القوات المسلحة عن بعد، دون اشتباك حقيقى، وهو أمر يهربون منه دائما، ولذلك كان من المتوقع أن يستمروا فى تطبيق استراتيجية "الجبناء"، التى تتحاشى دائما المواجهة المباشرة مع عناصر الجيش المصرى لأنهم يعلمون جيدا أن فيها نهايتهم.
ولأن تطهير جبل الحلال، متغير استراتيجى مهم، يعجل بنهاية تواجد تلك العناصر فى سيناء، شعر الممولون والمخططون لتلك المجموعات بالخطر والغضب، من نجاحات الجيش المصرى، وأن العالم بدأ ينظر إليه باعتباره حامى جنوب المتوسط، والقوة العسكرية التى تسعى القوى العظمى للتحالف معها لحل نزاعات المنطقة وهو دور مخيف لمن يخطط للسيطرة على مقدرات الشرق الأوسط.
أعتقد أن فشل المجموعات المأجورة، فى الاحتفاظ بجبل الحلال، أثار غضب الممولين والداعمين فى إسطنبول والدوحة، بالإضافة إلى شعور تميم، أمير قطر، بخيبة أملٍ نتيجة تجاهل مصر والسعودية لدعوته للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، وتحولت رغبته السريعة فى رد الصفعة إلى تهديد لقيادات جرذان سيناء، بتقليل الدعم المالى لهم أو توقف الرواتب إذا لم يقوموا بعمل كبير يرد له اعتباره، وكما كان يحدث مع الإرهابى "عادل حبارة" قبل القبض عليه، طٌلب منهم فيديو لأى نجاح لهم فى سيناء ضد الجيش المصرى، لصناعة صورة تسوق دوليا عبر قناة "الجزيرة" لوقف الاحتفال بنجاحه فى جبل الحلال، وزيادة الضغط على الدولة المصرية بعد تفجيرات أحد السعف.
ربما لا يعلم أمير قطر أو خليفة إسطنبول المجنون، أن شعب مصر قد يشعر بضغط الأزمة الاقتصادية، وضيق ذات اليد، وينتقد حكومته جهرا، وبحرية غير متوفرة فى إمارة قطر على وسائل التواصل الاجتماعى، لكن حينما تصف جنود الجيش المصرى العظيم "بالجبناء"، فأنت دون أن تدرى تطلق العفريت من القمقم، وتحول المائة مليون مصرى إلى مقاتلين، لو قتلتهم جميعا وبقى منهم فرد واحد سيحفر قبرك.