3إم-54 ضد بي جي إم109
د. مينا ملاك عازر
الجمعة ٢١ ابريل ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
عنوان المقال ليس خلاصة القول، ولكنه مختصره، وعنوان لما قد يحدث في عالم على صفيح سوري داعشي، ولم أقل ساخن لأن السخونة أقل بكثير من درجات الحرارة المنبعثة من ذلك الصراع السوري، والمنبعثة من ذلك الوجود الداعشي على أرض المنطقة.
الجميع انشغل في الربط بين الضربة الأمريكية لأفغانستان ثم العراق والضربة الأمريكية للقاعدة الجوية بسوريا، وهو ربط جيد من حيث أن الثلاث ضربات استخدم فيها الصاروخ الأمريكي الصنع توم هوك بي جي إم 109، وربما لا تكون هذه الضربات الثلاثة هي الوحيدة المستخدم فيها الصاروخ لكن من ربطوا بهذه الطريقة واكتفوا، وهناك من انجر وراء الوقوف في أحد الطابورين اللاطم والمولول على الجيش العربي السوري، والآخر المهنئ لترامب على ما فعله، وفي كل الأحوال وفي كلا الطابورين لم يقف أحد ليفكر ويحلل الأمر كما ينبغي أن يكون.
لعل الفقرة السابقة، أوردت بين سطورها واحد من الضادين اللذان اقتسما صدر المقال، وها هنا سأورد لك الضد الثاني، وهو الصاروخ الروسي كاليبير 3إم-54 والذي استخدمته روسيا في الثامن من أكتوبر لعام 2015، لضرب أحد عشر نقطة مؤثرة في البنية التحتية لداعش سوريا، وقد أصيبت النقاط بدقة وبدون اصابة مدنيين كالحال في الصواريخ الأمريكية التي لم تصب مدنيين، ولكن الصاروخ الروسي يختلف عن نظيره الأمريكي في أمور كثيرة مثل البلدان التي تمتلك الصاروخان والحجم والعمر، إذ أن الصاروخ الأمريكي أقدم من نظيره الروسي نعم هما يتفقان في مسألة التوجيه ومنصات إطلاقهما، لكن ثمة اختلاف تقنية في السرعة والقدرة وطرق المناورة والهروب من الرادارات، وأطول مسافة يمكن الوصول لها من قبل الصاروخين، فالصاروخ الروسي أطول في مداه من الصاروخ الأمريكي.
لكن أهم اختلاف لم يكن في الصاروخين في حد ذاتهما، لكن ما كشف عنهما الصاروخين، ففي الوقت الذي نفذت فيه روسيا ضربتها ضد تنظيم إرهابي لم يهنئها أحد على ضربتها تلك بعكس الضربة الأمريكية التي نالت تصفيق الكثير من المواطنين العرب، والأدهى من الحكومات العربية التي بالمناسبة لا تمتلك أياً منها أياً من الصاروخين، اللهم إلا واحدة فقط تمتلك واحد من الصاروخين، الاختلاف الثاني الذي ظهر بناءً على الضربتين، أن الروس حينما نفذوا ضربتهم منذ عامين لم يستأذنوا أحد في حين أن الأمريكيين حين فعلوها استأذنوا الروس باعتراف البنتاجون نفسه الذي قال أنهم أخطروا الروس بضربتهم قبل تنفيذها، وربما هذا ما أدى لتقليص حجم الخسائر السورية في العتاد والعدة والبشر، والحمد لله.
عزيزي القارئ، لا تسألني إن كنت مؤيد أم معارض للضربة الأمريكية، فليس هذا أبداً هو المهم في العالم الذي نحن فيه، لكن المهم هو نتائج هذه الضربة التي أدت لتجميد روسيا العمل بمذكرة التفاهم المبرمة بينها وبين أمريكا بشأن سلامة الطيران فوق سوريا، وأمور أخرى قد تؤدي لا قدر الله لمواجهة نرى
فيها 3إم-54 ضد بي جي إم109
المختصر المفيد صدام القوى العظمى والذي بدى غير محتمل بالتقارب بين ترامب وبوتين على المحك الآن، فهل يحسن الطرفين صنيعاً ويجنبا العالم مواجهة تسعى لها مخابرات البلدين وجيشيهما؟ ويبقيا الأمر في إطار استعراض القوة وترقيص العضلات أم يتواجها فوق برميل البارود في الشرق الأوسط