الأقباط متحدون | الأقباط والديموكتاتورية في عهد مبارك
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٥٥ | الاثنين ٢١ فبراير ٢٠١١ | ١٤ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣١١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الأقباط والديموكتاتورية في عهد مبارك

الاثنين ٢١ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. عايدة نصيف
إن كاهل "مصر" قد ثُِقل بمورايث وأحمال بداية من عصر "السادات" وحتى نهاية عصر "مبارك"، فقد كانت الفرصة سانحة للرئيس السابق "مبارك" أن يصحح بعضًا مما ورثه من عصر "السادات"، ولكنه اهتم بجوانب في "مصر" وأهمل جوانب أخرى كان يدركها ويدرك أن ديون "مصر" التي ورثتها ليست ديون مادية فقط، وإنما مشاكل طائفية تقتسم الوطن ويعاني منها الأقباط من قِبَل انكسار القضية القومية، والتعصب الوظيفى، والإعلام الرسمى الموجَّه، والخلل الدستوري، والخط الهمايوني، وسعي البعض إلى إقامة دولة دينية إسلامية واستجابة الرأي العام جزئيَّا إلى هذا السعي، وفرض مفاهيم إسلامية متشدِّدة على المسلمين قبل المسيحيين دون تدخل رئيس الدولة "حسنى مبارك"، وإن كان هناك تدخل من جانبه من جهة الشكل وليس المضمون لحفظ شكل الرئيس، فقد أبعد كل المثقفين الأقباط عن العمل السياسى والعمل العام، وظهرت قبضتا الجهل السياسي والإعلامى الساطعتين في سماء الديكتاتورية؛ ومن ثم نمو بعض المفردات والجمل مثل "النسيج الواحد" و"الوحدة الوطنية " و"الوطنية" و"عنصري الأمة"؛ لتغطية نار الفتن الطائفية التي زرعها النظام في عهد الرئيس "مبارك"، لتغطية الفساد التي قامت به بطانة الرئيس "مبارك" من رجال الحكومة ورجال الحزب الوطني المنتشرين في إدارة كل مؤسسة من مؤسسسات الدولة لتكون هناك قبضة أمنية، مثل الجامعات من قبل رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام لتسد كل رأى حر، وتقتل العمل السياسى لدى الشباب، وأيضًا تقليص دور المسيحيين من وظائف عليا في الدولة كالقضاء والجامعة والإعلام وغيرها..

وكأن حكومة مبارك أرادت أن تحسر الدولة فى إطار  القبضة الأمنية كى تُكبل الحرية فى ظل دولة ديكتاتورية شكلها الديموقراطية يمكن أن نسميها دولة "ديموكتاتورية"، وكى تدوم امبرواطورية لهم لا تنتهى، ولم يدركوا أن  الروح مازالت تنبض فى جسد مصر ولم تمت، وأن لازال هناك وجود لشباب مصر الأصيل الذى أراد بعث الروح إلى الجسد، وبالفعل قاموا بإحياء هذه الروح وبدأ يسرى الدم بتدفق فى الشريان فى جسد مصر بثورة "الورد الذي فتح في الجناين" ثورة  "العود الأخضر" ثورة 25 يناير  للقضاء على الفساد، وكانت بداية الشرارة فى مقتل خالد سعيد على يد الأمن، وحادث كنيسة القديسيَّن بالإسكندرية عندما أخفق الأمن وتآمر مع المجرمين فى قتل أولاد المسيح الشهداء دون ذنب، ومن هنا هبت الروح  الوطنية  بين المسلمين والمسيحيين؛ لتبعث تراكمًا من الهمة فى نفوس الشباب لضرورة تخليص مصر من هذا  العدوان الآثم، وتخليص مصر من الروح الغريبة التي ورثتها منذ عهد السادات ونمت وكبرت في عهد "مبارك" وأثمرت التكتل الطائفي الذي أصبح مرضًا اجتماعيًا يهدد سلام النفس والمجتمع،  يقابله مجموعة من المتقابلات بما يبدو جميلًا، ولكن في الواقع هي خلافات قبيحة وضعها نظام "حسني مبارك".

فقد أصبح القبطي في هذا العهد مهموم بأن يكون له وجود وحضور حقيقي، وطريق في كل مجالات العمل المصري، ومهموم بأن يسود مفهوم المواطنة. فمفهوم المواطنة في "مصر" لم يتبلور ولم يستقر ولم يتحقق كأفكار الثورة الفرنسية أو الدستورية في الخارج، وأصبحت المواطنة شعارات تنطلق في المؤتمرات والندوات العامة دون تحقيق لها، بل على العكس أصبح هناك  اتجاه لتعميق الخلاف العنصري والديني والحضاري، وكل قبطي يدرك ما أقوله الآن، وأنا أول من عانى من هذه المفاهيم السلبية في جامعتي جامعة القاهرة، ورأيت كيف شكَّل رواد الحزب الوطني هذه الجامعة من تقليص وجود أساتذة أقباط في جميع الكليات من قبل رئيس الجامعة الذى يخضع لنظام "مبارك" وللحزب الوطني، وبدلًا من أن يعمل في محراب العلم يعمل هو وغيره مراسل لتقارير أمنية عن أستاذ الجامعة؛ لقتل الحرية والتفكير والعلم، والذي بدوره انسحب على المجتمع.

وما سبق بعضًا من الجانب السلبي لعهد "مبارك"، والذي كانت أثاره على أقباط "مصر"، وربما أجانب الصواب عندما أرى أن هناك بعض الإيجابيات التي إذا ما قورنت بالسلبيات لـ"مبارك" لا تُذكر؛ كأعطاء تصاريح لبناء الكنائس، وفي مقابل ذلك يدفع الأقباط الثمن من أحداث طائفية منذ سنوات طويلة، مرورًا بأحداث "الكُشح" ودير "أبو فانا"، وانتهاءًا بأحداث "العمرانية" وأحداث كنيسة القديسين.. ومن الإيجابيات سياسة "مبارك" الخارجية لحفظ الأمن الخارجى؛ فقد إهتم بالخارج وأهمل الداخل من سوس ينخر في عظام "مصر" وطننا الحبيب من فساد ونهب أموال الفقراء، وتفتيت روح الوطنية لبناء إمبراطورية "مبارك" والحزب الوطني.

ولكن  شباب مصر الذين ردوا الروح إلى الجسد وجعلوا مصر عروسة من خلال ثورة التغيير فى يوم تنحى مبارك فى الساعة السادسة يوم 11-2-2011، أقول لهم لنجعل مصر دائمًا عروسة بهذا الحب والعمل والتعبير دائمًا بالرأى والحرية المسئولة المؤسسة على الديمقراطية فى عهد ما بعد مبارك، ولنستفيد من الدروس السابقة فى بناء حاضر ومستقبل قوامه الحرية والعدالة الاجتماعية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :