الأقباط متحدون - إن مقدرتش تضحك!!
  • ٢١:١١
  • الأحد , ٢٣ ابريل ٢٠١٧
English version

إن مقدرتش تضحك!!

مقالات مختارة | بقلم : دينا عبدالكريم

١٥: ٠٩ م +02:00 EET

الأحد ٢٣ ابريل ٢٠١٧

دينا عبدالكريم
دينا عبدالكريم

 هناك أيام ثقيلة وطويلة أخبارها مخيفة، وأحداثها مؤسفة وغير مفهومة..

 
أحيانا تكون تلك الأيام حالة خاصة يمر بها الإنسان بسبب ظروف أو مواقف أو ضيقات.. وأحيانا تكون الأيام الطويلة المملة التى بلا معنى وبلا روح.. حالة عامة تحدث لمؤسسات أو لبلاد وشعوب!!.
 
حالة من عدم الفهم.. (ما حدش فاهم حاجة وما حدش متأكد من حاجة.. والكل خايف.. من حاجة!!). الحقيقة أنه لو كان ثمة أمر مخيف فهو تلك الحالة من انعدام اليقين والتعامل مع الحياة على أنها أمر ثقيل وكئيب وممل !!.
 
هل تساءلتم يوما من هؤلاء الأشباح الذين نقابلهم أحيانا فى الشوارع وفى العمل؟! من هم هؤلاء الكائنات التى تصرخ وتغضب وتكذب وتخون؟!، إنهم بشر بلا شغف بلا حياة!!.. إنهم بشر سرقت منهم البهجة فيما يعملون (سرق شغفهم) وسرق منهم الأمل فى إثبات ذواتهم (التحقق).
 
أتدرك معى خطورة طبيب بلا اهتمام حقيقى بشفاء مرضاه.. ومدرس بلا رؤية لمستقبل طلابه ومحام بلا شرف وقاض بلا نزاهه، وصحفى بلا موهبة وإعلامى بلا رسالة!!، مجتمع كامل يهتز فيه كل شىء.. بسبب غياب الشغف!!.
 
الشغف هو تلك الرغبة القوية لإحداث فارق، دفعة من المشاعر الصادقة وراء عمل ما. حين تكون شغوفًا بشىء، فإنك تبذل كل ما بوسعك لتحقيقه؛ لأنه يهمك. وبتعريف آخر.. هو شعور قوى ومحرك.. أجمل ما فى الشغف أنه يأخذك لما هو أبعد من المشاعر وحدها.. إنه يدفعك للإنجاز والحركة فى اتجاه ما.
 
هذا السحر الغامض الذى يعطى للحياة معنى وقيمة وقوة.. هل يتصور أحد أن الله خلق (كائنا) بهذه الإمكانات العقلية والنفسية والجسدية الهائلة حتى يعيش حياة بائسة يأكل ويشرب ويصارع ويموت!!. إيمانى ويقينى أن لكل منا رسالته ودعوته التى إن اكتشفها تغيرت حياته هو شخصيا وتغير مجتمعه والعالم بطبيعة الحال!!. البعض يرى أنها مبالغة ويرى نفسه أقل شأنا كثيرا ويردد دائما هذه المقولة التواكلية المليئة بالضعف (يعنى أنا اللى هأغير الكون!!)، (هى جت عليا أنا اللى هاصلح البلد!)..
 
يرددها كثيرا من فقدوا شغفهم وفقدوا قدرتهم على تكرار المحاولة.. إن استعادة الشغف تشبه استعادة الحياة من جديد.. غير أن استعادة الشغف ليست أمرا صعبا أبدا.. تحتاج أحيانا إلى مجرد إعطاء بعض الاهتمام لما تحب وبعض الإتقان لما تفعل.
 
انظر حولك ستجد نماذج ملهمة لهؤلاء الذين يعيشون بشغف، ويستمدون من شغفهم طاقة هائلة. فهذا جندى لديه شغف وإيمان بوطن يحميه فيقدم بطولات لا تصدق لولا أننا نقدر أن لديه دافعا أكبر يحركه.. وهذه مدرّسة تغنى الدروس لتلاميذها الصغار وتجلس معهم على الأرض وتناديهم بأسماء أبطالهم الخارقين وتسلم عليهم بحب.. إنه شغف لا يكلف مالا ولكنه ينقذ أجيالا!!، وهذا عامل يغنى أثناء بناء سور بسيط ويعيد ترتيب الحجارة بمهارة وإتقان حتى يخرج هذا السور تحفة فنية وليس حائطا أصم!!، وهذا صحفى يجتهد ويدقق ويبحث ويسأل فيجد حقيقة جديدة قادرة على التغيير.. وغيرهم من النماذج الملهمة فى الحياة.. الذين لولاهم لما وجدنا سببا للأمل ولا قدوة لنتعلم منها ونتمنى أن نعيش مثلها..
 
أختم حديثى بمقطع من هذه الأغنية العبقرية لوجيه عزيز (إن ما قدرتش تضحك.. ما تدمعش وما تبكيش)، أحيانا لا يكون هناك أسباب خارجية للسعادة.. ولكن يبقى الشغف بما نحب دافعا كافيا للاستمرار.. وتكرار المحاولة.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع