القضية ليست فى قدرات داعش ولكن
مقالات مختارة | بقلم :سليمان شفيق
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الثلاثاء ٢٥ ابريل ٢٠١٧
استضافتنى قناة الحرة فى برنامج «ساعة حرة»، الأسبوع الماضى، وللأمانة لمست مدى رقى الإعداد من الزميلة دينا موسى، ومهارات التقديم من الإعلامى حسين جرادى، وحول رؤيتى لما حدث فى كنيسة مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية قلت: ما حدث تطور نوعى فى العمليات، وداعش مجرد أداة مستخدمة، لأن المطلوب كان اغتيال شيخ المطارنة الأنبا بولا، والبابا تواضروس الثانى جنبًا إلى جنب مع انفجار عبوة فى مسجد بطنطا أبطل مفعولها، وما أسهل وضع جسد أحد المارة من الضحايا المسيحيين، واتهام المسيحيين بتفجير المسجد، وإثارة حرب أهلية فى البلاد، ولكن الله أنقذ مصر من كارثة.
أشرت إلى أن هناك غيابًا للمعلومات المسبقة لدى الأمن الوطنى بدليل أن هذه الكنيسة أبطلت فيها عبوة ناسفة من أسبوع قبل الأحداث، كما أن هناك من أسبوع مضى انفجار عبوة فى معسكر للأمن المركزى بطنطا أودت بحياة وإصابة ضحايا من الشرطة، الأمر الذى يعنى وجود خلية نشطة فى بلد مولد السيد البدوى الذى يحضره الملايين ؟!!
رأيت أيضًا أن تلك العملية النوعية كانت تهدف إلى «فك الارتباط الوثيق» بين مكونات الأمة من مسلمين ومسيحيين، وبالفعل أحدثت هذه العملية شرخًا واضحًا فى الاشتباكات المحدودة والتى فضها الأمن بين الطرفين فى طنطا.
خشيت من تحول الأمر إلى توتر غير مسبوق بين المسلمين والمسيحيين ودون دواعى الحذر كان المسيحيون يعتبرون أن مشكلتهم مع التنظيمات الإسلامية وتطور الأمر إلى تبلور المشكلة مع الإسلاميين، وبعد تلك التفجيرات ارتفعت بعض الأصوات التى ترى أن المشكلة فى رؤية الأغلبية المسلمة فى المسيحية من منظور إسلامى، خاصة وأن مثلًا دكتور ياسر برهامى ازدرى المسيحية فى أكثر من عشرة فتاوى مسجلة، وموثقة ولم يتعرض لأى «تجريم» فى حين أن أطفال مسيحيين لمجرد فيديو لم يسيئ للإسلام تعرضوا للسجن والهرب خارج مصر. انتهى كلامى مع الحرة، ولكن «زاد الطينة بلة»، ما حدث ويحدث فى قرية اللوفى بسمالوط بالمنيا ففى الوقت الذى نكافح فية الإرهاب يقوم مجموعة من المتشددين بالقرية بمنع المواطنين المسيحيين من صلاة العيد رغم تواجد الشرطة بالقرية، ووصل الأمر إلى حرق زراعات المسيحيين، وتهديدهم، وللأسف يعود ذلك إلى أن الأجهزة الأمنية والتنفيذية بالمنيا تفاوض هؤلاء المتطرفين منذ شهور، وتحاول إقناعهم بحقوق المواطنين المسيحيين فى الصلاة ؟!! وهكذا صار المتشددون ندًا للدولة فى المنيا، ورغم أن الشرطة قبضت على البعض، وتوجد الآن بالقرية إلا أن اليد الطولى للمتشددين والمعروفين بالاسم للأجهزة..؟ ترى لماذا هذا التناقض بين حكومة القاهرة وطنطا والإسكندرية «وممثلى الحكم فى المنيا وقنا ؟!!
فجأة اكتشفت أجهزة الأمن أن الخلية التى أحدثت كل تلك التفجيرات من قنا وأقرب إلى قبيلة الأشراف المعروفة بخلافها الشديد مع السلفيين والإخوان والأفكار التكفيرية، الأمر الذى دعا الزميل دندراوى الهوارى لأن يكتب فى «اليوم السابع» 17 أبريل الجارى: «وقدرة اختراق داعش والتنظيمات التكفيرية لقبائل الأشراف أو الهوارة والعرب والجعافرة على سبيل المثال، وليس الحصر، إنما يمثل خطرًا داهمًا يصل إلى حد الكارثة، فمجرد اختراق هذة التنظيمات للقبائل الكبرى، تستمد قوتها ونفوذها من نفوذ القبيلة التى تنتمى إليها العناصر التكفيرية، فلا يستطيع عمدة أو شيخ بلد الاقتراب منهم أو الإبلاغ عنهم، كما أن الأمن سيغض الطرف عنهم تحت شعار المواءمة وعدم الاصطدام بالقبيلة».
إننا أمام «خلل» فى الرؤية الأمنية لمواجهة التطرف بالصعيد، بدأ فى 17 أبريل 2012، حينما تجمع أهالى من قنا بقيادة جماعة الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية، على طريق مصر أسوان السريع وقاموا بقطعه وإغلاقه أمام حركة سير السيارات القادمة، وقطع مزلقان السكة الحديد احتجاجًا على تولى أمور المحافظة لمحافظ قبطى، وللأسف استجابت الدولة لهم والأهم هو أن تلك التيارات التكفيرية قبل ظهور داعش قد وجدت بيئة خصبة فى تلك الأوساط منذ أكثر من خمس سنوات، هكذا يبدو جليًا مكمن الخطر الذى يتهدد الدولة والمجتمع.
نقلا عن الصباح