بقلم : عزيز جودة
لقد استنفذ شباب الثوره كل قواه الفكريه والنفسيه والجسديه خلال ثمانية عشر يوما وبعد أن أسقطوا الرئيس حسنى مبارك عن سدة الحكم ودفعوا دماء ذكيه ثمنا لصمودهم , سقطوا هم أيضا فى فراغ وكأنه فراغ كونى بلا جاذبيه تتصارعه أيادى خفيه .
ولكن المتابع لمشهد الأحتفاليه الاخيره والمسماة بجمعة (الأحتفال بالثوره )هو وجود أحد الملهمين الروحيون لجماعة الأخوان المسلمون وأحد أقطابها فى أمامة صلاة الجمعه وأداء الخطبة فى ذلك اليوم .
ربما توصف عودة الشيخ القرضاوى على أنه مكافئة من أتباعه وتلامذته على الحشد الاعلامى الذى قام به عبر قناة دوله قطر الفضائيه وقناة الجزيرة الاخبارية ضد نظام مبارك بل وضد مبارك شخصيا حيث أن الشيخ مبعد عن الأرض المصريه منذ عام الف وتسعمائه وواحد وستون من القرن الماضى .
ربما تكون عودته الخاطفة بعد الأطاحه بالرئيس مبارك كرمز لتقوية وأعلاء شأن جماعة الاخوان المسلمون كتيار وفصيل سياسى يحاول التأثير بل يحاول الظهور على أنه المحرك الديناميكى والقاطرة لثورة الشباب بالخامس والعشرون من يناير .
والمتابع أيضا للأحداث قد رأى بالعين المجردة أن الجماعة قد أستخدمت قناتى الجزيرة القطرية وقناة العالم الايرانيه فى محاولة زج هذه الثوره فى نفس المنعطف الدينى الذى سارت عليه الثوره الأسلامية الايرانية .
فهل أتت الجماعه بالشيخ القرضاوى على أن يكون على رأس منصة الثوره كما فعلت الثورة الايرانية فى أن يكون الأمام الخومينى على رأس ثورتها ثم تحول من أمام دينى الى زعيم سياسى وأب روحى .
الغريب أيضا أن المنصه التى أقيمت وكأنها قد أقيمت فقط ليعتليها الشيخ دون غيره وكأن الجموع المحتشده قد جائت من أجله فقط وليس من أجل الاحتفاليه بجمعه الثورة أو كما أسماها البعض (بجمعة التطهير ) , مما أعطى بعدا مغايرا للواقع الفعلى على أرض ميدان التحرير .
لقد طلب فضيله الشيخ من فوق المنصة بفتح معابر رفح وقد لبى طلبه من قبل المجلس العسكرى فى اليوم التالى .
فأمام أى معادله نحن واقفون !!!
اللغز الاخر هو تكوين اللجنه الخاصة بتعديل بعض مواد الدستور من قبل المجلس العسكرى وأختياره أحد رموز هذه الجماعة المحظوره سابقا فهل كان للشيخ تأثيره على المجلس العسكرى أم أنها مغازله لم تتكشف أطرافها ولا أبعادها بعد ؟
يعتبر تشكيل هذه اللجنه بهذه الصورة وبها فصيل متشدد لتيار أسلامى أو أخوانى كأنه رسالة مشوشه وخاطئة الى أجهزة الأعلام المصرية ووكالات الانباء العالمية فى تصويرالثورة المصرية على أنها ثوره كربونيه .للثورةالأيرانيه ودخولها فى المنعطف الدينى
لقد أستخدم المجلس العسكرى بعض الرموز من الأخوان والتيار الاسلامى ليكونوا الفزاعه الجديده ضد اللبراليين , كما كان الحزب الوطنى هو فزاعة الاخوان سابقا .
أما الشيئ الأخر المضحك الباكى وبعد ظهور الاخوان على السطح ومن خلال قنواتهم الاعلاميه التى لا تحصى هو أستخدامهم لفزاعة أخرى أسمها "جماعة السلفيون" أو كما يسمونها أيضا جماعة الحياة أو المو ت .
الخوف كل الخوف أن تقع مصر بين مطرقة التشدد الناعم الواهم من الأسلام السياسى للأخوان وسندان التشدد المتطرف السلفى .
لقد تطرق الشيخ الى أمور سياسة واضحة بعد طلبه بفتح معبر رفح الى دعوته الى أن تكون صلاته القادمه مع جموع المصليين فى حرم القدس الشريف وربما تكون هذه الأشاره سببا لأستنفار جيش الدفاع الأسرائيلى ضد الدولة المصرية أو مما قد ينقض أتفاقيه السلام المنعقدة سابقا فى كامب ديفيد .
ربما أيضا قد تؤدى تصريحاته الى قطع ألعلاقات بين مصر وأسرائيل , أسرائيل التى لها مصالح سياسيه وأقتصادية معلنة وغير معلنة مع دولة قطر التى أتى منها الشيخ القرضاوى وحامل جنسيتها !!!!
لقد بارك الشيخ سابقا فى أحاديث صحفية حرق اليهود فى محرقة الهوليكوست وأفتى بحق المراة الفلسطينية بتفجير نفسها فى أتوبيسات الدولة العبرية , ودعا الدول الاسلاميه لأمتلاك الاسلحة النووية لترويع واخافة أعدائهم من غير المسلمون .
للأسف أن التناقض الواضح فى شخصية الشيخ القرضاوى بين الدعوة الى ديموقراطية مصر فى خطبتة أمام جماهير ميدان التحرير , وتطرفه السابق فى تصريحاته المتشددة يشكك الكثيرون فى صفاء نواياه وخصوصا انه من نفس الجماعة .
أن ظهور الشيخ القرضاوى فى خلال احتفالية الثوره قد أعطى الأنطباع الخاطئ للكثيرين فهو " شبه خومينى " قد صدرته لنا دولة قطر وقناتها الجزيرة فى طرد عاجل أستورده الاخوان على منصة سريعة وسابقة التجهيز .