بائع الطيب !!
أندرو اشعياء
الخميس ٢٧ ابريل ٢٠١٧
اندرو اشعياء
دُعي يسوع إلى وليمة ليأكل خبزًا، وإذ سمعت امرأة خاطئة أنه دُعي في وليمة فرحت. جمعت أفكارها مع بعضهما البعض مثل البحر، وكان حُبها يعج في داخلها كالأمواج. تطلعت فرأت أن (يسوع) نهر النعمة العظيم قد جمع نفسه في مكان واحد، فعزمت أن تدخل إليه، وتُلقي بكل شرورها في أمواجه.
وسريعًا أخذت الذهب في كفها، وحملت الصندوق المرمري في يديها، وبسرعة ذهبت نحو بيت سمعان الفريسي حيث مكانه، وفيما هي سائره أتت الى متجري وطلبت مني طيبًا... رآيتها مرتديه ثوب عفيف فتعجبت !!.. ولكن تعجبي لم يكُفني عن انتهارها بشده هذه المره فقلت لها: "أما يكفيكِ أيتها الزانية أنكِ قد أفسدتِ كل مدينتنا؟ ماذا يكشف مظهرك هذا الذي تخدعين به أحبائك، إذ خلعتي عنك فجوركِ (وتظاهرتِ) باللباس المحتشم؟ لقد كنت تأتين إليَّ قبلا بمظهر يختلف تمامًا عما أنت عليه اليوم. إذ كنت تكتسين بثوب فاخر وتحضرين معك ذهبًا قليلًا، وتطلبين طيبًا ثمينًا حتى تجعلي به فجورك مُبهجًا. وأما اليوم فإنني أرى ثوبك معتدلًا وأتيت بذهب كثير. لست أدري كيف أُعلل هذا التغيُّر الذي حدث... فإما أن تلبسي ثوبًا يتناسب مع قدرتك، أو تشتري طيبًا يتناسب مع ثوبك المعتدل. لأن الطيب الذي تطلبينه لا يتناسب مع قيمة ثوبكِ. ألعله تاجر وسوف تغتني منه الكثير، وأنت تعلمين عنه إنه لا يحب مظهر الفجور، لهذا نزعتي عنك مظهر فجورك حتى تأسرين بطرق متعددة غنى كثيرًا؟ لكن لو كان هذا الرجل يحب مظهر الاحتشام بسبب طهارته حقًا، فالويل له! في أي شيء ها هو يسقط؟ إنه سيُبتلع في دوامة تجرف بضائعه.
وعلى غير العادة إنتهرتني وقالت لي: "لا تعوقني يا إنسان، ولا توقفني بتساؤلاتك. فإنني لم أسألك الطيب مجانًا، إنما سأدفع لك قيمته برضى. خُذ ذهبًا ما شئت وأعطني الطيب الثمين. خذ ما لا يدوم، وهب لي ما يدوم، فإنني سأذهب (به) إلى ذاك الذي يدوم، واشتري له ما يدوم. وكما قلت لي فإنه تاجر غني جدًا سيقابلني، إنه يسلبني، وأنا أيضًا أسلبه. هو يسلبني خطاياي ومعاصي، وأنا أيضًا أسلب غناه.
فعدت لأسألها ولكن في شغف شديد جدًا: "أستحلفك بحياتك أن تُخبريني أيتها المرأة إلى أين أنتِ تتوجهين؟ لأنكِ على غير عادتك تُسرعين. اخبريني ماذا تُعني وداعتك هذه، لأن نفسكِ منكسرة؟ هوذا بدلًا من ثياب الكتان الفاخرة، تكتسين بثوبٍ حقير. وبدلًا من أساور الذهب والفضة لا يوجد حتى خاتم واحد في إصبعك. لا تلبسين حتى حذاءًا عاديًا بدلًا من الصنادل الفاخرة. اكشفي لي عن نيتكِ، فإنني لا أفهم معنى تغيرك. هل مات لكِ أحد أحبابكِ، وأنت ذاهبة لكي تُكفِّنينَه؟ فإنني أذهب معكِ إلى القبر وأُشارككِ حزنكِ".
فأجابتني وايضًا على غير العاده في وداعة: "حسنًا قُلت إنني أذهب لكي أدفن الميت. فإنه قد مات لي واحد، هو خطية أفكاري. وها أنا أذهب لأدفنه .. نعم سأدفن أفكاري عند قدمي انسان سمعت عنه أن الضعفاء شفاهم بغير مكافأة، والمرضى بغير أجر. في البرية رأى الجياع يخورون جوعًا، فأجلسهم على العشب وأشبعهم برحمته. الأرملة التي ليس لها أحد، تبعت ابنها [الوحيد] لتدفنه في القبر، فعزَّاها، وردَّه إليها. وأبهج قلبها. وهب البُكم والعُمي بصوته شفاء. البُرص شفاهم بكلمته. الأعمى الحزين المتضايق فتح عينيه ليُعاين النور... أنا أثق أن حنانه لن يغلق الباب في وجهي. سيفتح لي باب رحمته، وأجد لي فيه ملجأ من ذاك الشرير [الشيطان] وجنوده. لقد كنت كعُصفور والصقر يلاحقني. لقد هربت وسألتجأ إلى عُشه .. أرجوك اعطني الطيب ودعني الأن ولنا حديث آخر "
وفيما تركتني ومضت، استولت علئ الحيرة وأمتلكتني، بل وفكرت سرًا أن هذه المرأة سيكون لها ما تشاء .. وتسائلت ماذا سيحدث هناك الآن ؟! هل عيناها ستصير ينابيع دموع، لا تكف عن أن تُروي الحقول، أم ستغسل قدمي ذاك الذي يبحث عن الخطاة ؟! هل ستنحني أمامه خجلًا أم ستواجه عيناها عيناه المترفقتان بالكل ؟! وماذا عن الطيب ؟! هل ستدهن به قدماه .. حتما لن يسمح لها فكيف للفم الذي قبَّل الفُجار، أن يُقبِّل الجسد الذي يغفر المعاصي والفُجور ؟!
دعني الان لأنتظر عودتها لتروي لي ماذا حدث ولنا حديث آخر