حديث آخر الشهر
د. مينا ملاك عازر
الجمعة ٢٨ ابريل ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
هل تعلمون، لماذا رفض الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن يترشح لولاية ثانية؟ لأن استطلاعات الرأي أظهرت أن شعبيته انخفضت بنسبة 10% (فقط 10% انخفاض) بسبب مشروع قانون العمل الذي تبناه فقرر الرحيل وتسليم البلد لقيادة أخرى بأفكار أخرى, ففي وجهة نظره الأهم الوطن. هل تعلمون، لماذا دعت رئيس وزراء بريطانيا تيريزا ماي إلى انتخابات مبكرة مع إن مدتها تنتهى في 2020؟ لكي تمنع استقلال اسكتلندا عن بريطانيا العظمى. فرئيسة وزراء اسكتلندا "نيكولا ستورجيون" التي تنادي بالاستقلال عن بريطانيا والعودة إلى الاتحاد الأوربي، وصفت تريزا ماي أنها غير منتخبة (لأنها أكملت مدة كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق) فقررت تيريزا أن تكون الانتخابات القادمة بمثابة استفتاء على منع استقلال اسكتلندا، ولا تبالي لو خسرت هي الكرسي ففي وجهة نظرها هي الأخرى أن الأهم الوطن! هل تعلمون، لماذا أصر كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق على الاستقالة مع أن مدته الأولى تنتهي في 2020، لأنه دعا البريطانيين إلى الاستمرار في الاتحاد الأوربي ولكنهم صوتوا للخروج منه بنسبة 51% فقط. فقال أنه يفضل أن يأتي آخر برؤية تناسب أغلبية الشعب (التي هي 51% فقط ومعه 49% بالفعل)! فهو أيضاً يرى أن الأهم الوطن.
هذا وقد أصر أحد الرؤساء في إحدى البلدان المتأخرة بسبب حكامها السابقين واللاحقين، أن يكمل فترته الرئاسية لأن الديمقراطية بتقول كده، وأصر أن ينتظر الجميع نتائج ما يفعله من مشاريع يقوم بها من جهود مع أن كل النتائج غير مبشرة والباقي من فترته غير كافي ليتحول من الفسيخ لشربات لكنه هو أيضاً يرى أن الديمقراطية أهم من الوطن.
ليس لدي مانع أن يستمر أي حاكم لنهاية فترته لكن لدي مانع أن يرى ما يفعله يذهب بالبلد والشعب نحو الهاوية، ويصر عليه ويصر على استمراره، لا لشيء إلا احتراماً للديمقراطية، وكأن الديمقراطية أهم من الوطن ومن الشعب، وينسى أن الشعب هو الديمقراطية، أي أن الديمقراطية هي حكم الشعب، ولو الشعب ضاع فلا بقاء للديمقراطية، فلا مانع أن يستمر لكن نزولاً على رغبات الشعب الذي هو يحكم والذي هو اتى بناء على قراره واختياره وإلا سيكون حينها لا يحترم الديمقراطية ولا يهمه الوطن.
هكذا صديقي القارئ، أكون قد ابتعدت عما يجري بالوطن وببلادنا الحبيبة لأحدثك عن أسوء أنواع الادعاء بديمقراطية الحكم، تلك النوعية المنتشرة بالبلدان المتخلفة للآسف، ربنا يكفينا شرها ويحمي بلادنا وشعبنا ويبقي لنا سيادة الرئيس إلى أن يتمم مشروعاته، ونرى بهجة نجاحها سنين طويلة وأزمنة سالمة.
المختصر المفيد مصر فوق الجميع.