وآدى شعرك اللى انتى فرحانة بيه!!
مقالات مختارة | خالد منتصر
السبت ٢٩ ابريل ٢٠١٧
بهذه الجملة المليئة بالغل والكبت والحقد والحرمان، أنهت السيدة المحجبة مهمتها الإيمانية الجهادية بقص شعر البنت غير المحجبة بـ«الكتر» فى عربة السيدات فى مترو الأنفاق، تلك العربة التى لا توجد إلا لدينا نحن الشعب المصرى المتدين بطبعه وصاحب أعلى نسبة تحرش فى العالم!، وآدى شعرك اللى إنتى فرحانة بيه، وضعت النقط على الحروف وأكملت المشهد وأسدلت الستار على سبب سيكولوجى دفين من أسباب الصراع فى قضية الحجاب، هذا الصراع الذى يتخذ غطاء دينياً يستر أسباباً اجتماعية دفينة تفسر شراسة الدفاع عنه، ذلك الدفاع الذى يخرج فى هذا الشكل العدوانى أحياناً، ولكنه غالباً يتخذ شكل الكراهية والاستعلاء من المحجبة تجاه غير المحجبة، فالأولى ضمنت الجنة والثانية سافرة مكانها فى قاع جهنم عقاباً على خصلة الشعر التى فتنت الذكر السائل لعابه الهشة إرادته الهائجة غريزته بشكل مزمن مدمن مستمر!!،
بدأت سيدات وبنات كثيرات فى مراجعة مسألة الحجاب بعد أن ارتدينه لسنوات طويلة نتيجة إما العادة وإما قهر الأهل وإما الخوف من صور العذاب المرعبة التى تنتظر البنت السافرة والمكتوبة فى الكتب التى توزع مجاناً فى المدارس والجامعات، هذه الظاهرة أزعجت التيار الإسلامى الذى اعتمد، كما اعترف عصام العريان نفسه بأن خطوة تحجيب بنات الجامعة كانت أهم خطوة اعتمد عليها الإخوان فى السيطرة على مفاصل المجتمع، فصار رمزاً سهل التمييز وراية إعلان قوة فى الشارع، وصارت بعض السيدات اللاتى لا يستطعن إعلان أنهن خدعن كل تلك الفترة يعشن فى صراع، وبدلاً من أن يظل الصراع فكرياً أسير المناقشة والتحليل الهادئ، تحول إلى طاقة غضب وشحنة عنف، ولأن المرأة، بل الإنسان عموماً، لديها غريزة الاستحسان الاجتماعى، وهى تعرف جيداً أن الشعر يكمل جمالها ويتمم حسنها،
وأنه ليس مصدر فتنة أو إغواء، وأنها لا تحمل بيت دعارة فوق رأسها، وأن الرجل الذى يثار من خصلات شعر امرأة، فمكانه عيادة الأمراض النفسية، لأنها مقتنعة بكل هذا أو على الأقل فى شك من أن الحجاب بكل هذه القداسة التى جعلت المجتمع يتحدث عنه على أنه فريضة سادسة!، ولأنها رافضة أن تعلن أنها قد انضحك عليها وظلت نصف عمرها مقتنعة بأن تلك الطرحة هى صك الغفران وكارنيه الفردوس، ولأنها لا تستطيع اعتبار أمها أو جدتها التى عاشت 90% من حياتها دون حجاب كافرة، ولأنها أيضاً قد ملت من سماع صديقاتها وهن يجاملنها «ده إنتى بالحجاب أجمل» أو «ده حياكل منك حته» أو «ده وشك نور وبقيتى ملاك».... الى آخر تلك الكلمات التى هى متأكدة أنها للاستهلاك المحلى ولتحلية البضاعة ولاستكمال صمودها فى تلك المهمة الجهادية التى لا يستسيغ عقلها أن الله جل جلاله وعظمت قدرته وتقدس اسمه يأمر عباده من الرجال فى كل زمان ومكان أن يفرضوه على النساء كفريضة سادسة، بل وفى بعض البلاد يلاحقهن بالعصى لضربهن لو كشفن خصلة منه!!، لم نصل إلى موقعة «مترو الأنفاق» وسلاح الكتر إلا بعد مشوار طويل من تغول واستئساد السلفيين وجبن وطناش الدولة، السلفى تديه صباعك ياكل دراعك، تمنحه متر مربع سيطرة يطلب فداناً بوضع اليد أو بالأصح بوضع الدقن!، هكذا بدأت تلك اللعبة الجهنمية التى تتحمل مسئولية تحولها إلى جريمة فى المترو الدولة نفسها، البداية جدار مكتوب عليه الحجاب قبل الحساب، والنهاية عملية جز شعر بكتر فى وسيلة مواصلات!، مروراً بفرض حجاب على بنات المدارس بالعافية، ثم ضرب طالبة وصفعها بالقلم، ثم قص شعرها فى الفصل، ثم كوافير محجبات وكافيهات محجبات ومانيكير محجبات وبيوت أزياء ومحلات ملابس محجبات.. إلخ، المحجبة حرة فى ارتداء ما تريد على شعرها، ولك مطلق الحرية فى ذلك كطريقة زى تفضلينها،
وليست كطريقة عبادة تفرضينها!، لكنها ليست حرة فى أن تكون تلك القطعة من القماش أداة استعلاء دينى وكارنيه فرقة ناجية وأسلوب تمييز عنصرى، وراية تيار سياسى يدعى أنه صاحب التوكيل الإلهى والاحتكار الحصرى للسماء.
نقلا عن الوطن