الأقباط متحدون - مرصد أيام الرئيس ترامب فى الحكم (22)
  • ٠٣:٥٩
  • السبت , ٢٩ ابريل ٢٠١٧
English version

مرصد أيام الرئيس ترامب فى الحكم (22)

مقالات مختارة | جهاد عودة

١٧: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ٢٩ ابريل ٢٠١٧

جهاد عودة
جهاد عودة

أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى 4-4-2017 أحد كبار مستشاريه وهو ستيف بانون من مجلس الأمن القومي، بحسب ما أعلن مسؤول بالبيت الأبيض.

يذكر أن تعيين «بانون» في المجلس كان قد أثار انتقادات واسعة في الأوساط الأمريكية. أعلن مسؤول أمريكي طلب عدم كشف اسمه الأربعاء أن ستيف بانون المستشار المقرب من الرئيس ترامب، لم يعد عضوا في مجلس دونالد ترامب للأمن القومي.

ستيف بانون

ولم يعد اسم بانون مدرجا على آخر لائحة بأعضاء مجلس الأمن القومي صدرت في الرابع من أبريل 2017. وكانت تسمية بانون، صاحب موقع «بريتبارت نيوز» اليميني والذي يوجه انتقادات لاذعة للطبقة السياسية الحاكمة قد أثارت جدلا كبيرا واحتجاجات على ما أعتبر «تسييسا» للمجلس

ويترأس مجلس الأمن القومي منذ العشرين من شباط/فبراير اتش. آر. ماكاستر وهو جنرال متقاعد سبق أن قاتل في العراق وأفغانستان. وقد خلف مايكل فلين الذي أجبر على الاستقالة بعدما تبين أنه أخفى إجراءه اتصالات متكررة بالسفير الروسي في واشنطن. ووجد ترامب صعوبة في تعيين خلف لفلين، وتحدثت الصحافة الأمريكية عن توتر في البيت الأبيض حول هذا الأمر وخصوصا بسبب نفوذ ستيف بانون. يذكر أن مجلس الأمن القومي هيئة استراتيجية في البيت الأبيض مكلفة بجمع المعلومات المتصلة بالأمن القومي وتقديم مشورة إلى الرئيس حول قضايا الأمن والسياسة الخارجية.

عندما كان تشارلز كوشنر في طريقه إلى السجن الفيدرالي عام 2005 بتهم المساهمات غير القانونية في الحملات الانتخابية، والتهرب الضريبي، والتلاعب بالشهود، حصل ابنه جاريد على النُصح من هاورد روبينشتاين، خبير التحكم بالأضرار، عن كيفية رد اعتبار اسم آل كوشنر أمام الرأي العام، وذلك بحسب تصريحات تشارلز لمقربين منه.

الخطوة الأولى كانت شراء صحيفةٍ في نيويورك. وأخبر روبينشتاين جاريد أنَّ الصحيفة لا يجب أن تكون مقتصرةً على فئةٍ بعينها أو مجالٍ واحد، وأي صحيفةٍ ستفي بالغرض، وفقاً لرواية صديق العائلة من محادثاته مع تشارلز، والخطوة الثانية: شراء مبنى ضخم في مانهاتن، وأي مبنى سيفي بالغرض، والخطوة الثالثة: الزواج من ابنة أي عائلةٍ نيويوركية ثرية، وأي واحدةٍ ستفي بالغرض، وفق ما ذكرت النسخة الأميركية من هاف بوست. وهذا هو ما فعله كوشنر الصغير بالضبط. إذ قام بشراء صحيفة نيويورك أوبزيرفر عام 2006، وأنهى صفقةً مُثقلةً بالديون بقيمة 1.8 مليار دولار أميركي لشراء العقار رقم 666 في شارع فيفث أفينيو عام 2007، وتزوج إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، عام 2009. (ونفى مُتحدثٌ باسم شركات كوشنر تصريحات صديق العائلة. وقال روبينشتاين: “هذا كلامٌ غير معقول. لم أقُل هذا أو أي شيءٍ يشبه هذا”). وسواءٌ كان كوشنر يتحرك وفقاً لقائمة مُحددة مسبقاً أو لا، فإنَّ أفعاله خلال هذه السنوات خدمت مصالحه بشكلٍ جيد.

إيفانكا ترامب

 كما وضعت حجر الأساس لسياسة العلاقات العامة الدقيقة التي جعلت وضع كوشنر المتناقض أمام وسائل الإعلام في الوقت الحالي أمراً ممكناً، بوصفه عضواً بريئاً من الشبهات وبالغ النفوذ في الوقت نفسه داخل حكومة ترامب. وقبل أن يكون بإمكان كوشنر تحمل تكاليف استشارة شخص مثل روبينشتاين بوقتٍ طويل، كان والده يعرف كيفية تطويع الإدراك العام لخدمة مصالحه. ففي التسعينيات، اشترى تشارلز كوشنر حجرةً خاصةً في ملعب جيانتس بنيوجيرسي تُطل على خط الـ50 ياردة، بجوار الحجرة المخصصة لمُلاك الفريق، عائلة تيش، وفقاً لأحد أصدقاء آل كوشنر. وكانت تجارة العقارات الخاصة بآل كوشنر صغيرةً وقتها، وتَحَمَّل تشارلز تكاليف الحجرة بشق الأنفس. (وأكَّد مُتحدثٌ باسم شركات كوشنر امتلاك العائلة للحجرة، لكنَّه أنكر هذا التوصيف). لكنَّه أصرّ على إيجاد طريقةٍ لتحمُّل التكاليف، لأنَّه أدرك أنَّه في حال تمكَّنتَ من الاقتراب من ذوي السُلطة والنفوذ بما فيه الكفاية، سيفترضون أنَّك واحدٌ منهم. وهذا هو نوع المناورات الذي سيحترمه شخصٌ مثل هاورد روبينشتاين.

وكشف الصحفي النيويوركي كين أوليتا قائمةً بأبرز عملاء روبينشتاين في تقريرٍ نُشر عام 2007: “جورج شتاينبرينر (رجل أعمال)، وروبرت مردوخ (رئيس مجلس إدارة شركة نيوز كوربوريشن وقناة فوكس نيوز) ودونالد ترامب، وليونا هلمسلي (سيدة أعمال). بالإضافة إلى متاحفٍ مثل متحف الفن الحديث، ومتحف سولومون غاغينهايم، ودار أوبرا متروبوليتان، ومتحف ويتني للفن الأميركي، والأوركسترا الفيلهارمونية النيويوركية. علاوةً على مؤسساتٍ مثل بي إم دبليو في أميركا الشمالية، ومستشفى ماونت سيناي، وشركة تايم، وشبكة بلومبيرغ. وتضُّم القائمة أيضاً ليزي غروبمان سيئة السمعة. وقدم روبينشتاين استشاراته أيضاً لآخر ست عُمَدٍ وآخر أربعة محافظين”. وهذه قائمةٌ جديرةٌ بالاهتمام حقاً، تَضُم نخبة النخبة من ذوي الثراء والنفوذ والجرائم الشنيعة، وحتى بعض سكان نيويورك الذين اشتهروا على فتراتٍ متقطعة. وقال مارتين دون، رئيس تحرير صحيفة نيويورك ديلي نيوز الأسبق، لأوليتا إنَّ “روبينشتاين أشبه بمقاول نفوذ أكثر من كونه رجل علاقات عامة”.

لطالما امتلك آل كوشنر أسطولاً من رجال العلاقات العامة الذين يعملون خلف الكواليس لتنميق صورتهم العامة. عمل روبينشتاين مع ابنه وخليفته ستيفن، الذي يُدير أعمال العائلة الآن، لصالح آل كوشنر حتى نهاية عام 2011. ونقل آل كوشنر مسؤولية العلاقات العامة بعدها إلى ماثيو هيلتزيك، أحد مساعدي هيلاري كلينتون خلال حملتها الأولى في انتخابات مجلس الشيوخ، والذي عمل أيضاً لصالح بوب وهارفي وينشتاين في شركة ميراماكس، بالإضافة إلى النجوم غلين بيك وجاستن بيبر وأليك بالدوين. وخلال الوقت الذي قضاه كعميلٍ لدى هيلتزيك، التقى جاريد كوشنر بجوش رافيل، الذي كان يعمل موظفاً لدى هيلتزيك، وقام جاريد مؤخراً بتعيينه لإدارة الاتصالات في مشروع الابتكار الحكومي واسع النطاق. ورفض البيت الأبيض التعليق على هذه المسألة.  في أواخر عام 2014، ألغى كوشنر تعاقده مع هيلتزيك، وبدأ العمل مع روكسان دونوفان، وهي خبيرة العلاقات العامة التي وصفتها صحيفة أوبزيرفر بأنَّها “نسخةٌ أكثر شباباً وجاذبية من هاورد روبينشتاين”.

كما حصل كوشنر أيضاً على خدمات هارييت وينتراوب، التي تمتلك شركة علاقات عامة متخصصة في العلامات التجارية للعقارات والرفاهية، قبل أن يتعاقد في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 مع ريزا هيلير، التي عملت كمساعدةٍ إعلامية لتشاك شومر، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي الشهير في وسائل الإعلام.  وظلَّت ريزا تُمثِّل كوشنر شخصياً حتى يناير/كانون الثاني من العام الجاري، عندما تولى منصباً رسمياً في البيت الأبيض. ومازالت ريزا تُمثِّل شركات العائلة حتى الآن بعد أن استقال جاريد من منصبه في شركة العائلة، وتجرَّد من ملكيته لبعض أعمال الشركة. ورفض كلٌ من روكسان وهيلتزيك وهارييت التعليق على هذا الشأن، بينما رفضت ريزا منح أي معلوماتٍ تزيد عن التصريحات التي تُقدِّمها كمتحدثةٍ رسميةٍ باسم شركات كوشنر. ويُواجه كوشنر الآن أصعب تحدٍ واجهه في مجال العلاقات العامة على الإطلاق، بوصفه صهراً ومستشاراً رفيع المستوى لرئيسٍ مكروه بشكلٍ غير مسبوق تتضمن قضاياه الرئيسية حتى الآن: محاولة تجريد ملايين الأميركيين من الرعاية الصحية، وفرض حظر على الهجرة مشكوك في صحته الدستورية.

جاريد كوشنر مع زوجته ووالدها الرئيس الأمريكي

منح دونالد ترامب صهره كوشنر قائمة مسؤولياتٍ ضخمة بشكلٍ كوميدي، بدايةً من وضع السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط وإنهاء وباء المسكنات الأفيونية، وصولاً إلى إحداث ثورةٍ في عمليات إدارة الولايات المتحدة بالكامل. وبينما يصرح ترامب بسياساته على تويتر، ويقضي معظم وقته في تقديم وعودٍ مستحيلة، نادراً ما يُقدِّم كوشنر أي تصريحاتٍ علنية. وتتكوَّن تصريحاته من بعض التصريحات العامة الخفيفة والدعم اللامحدود لترامب. ونادراً ما يتحدث كوشنر أمام الكاميرات، وهو الأمر الذي سخر منه برنامج ساترداي نايت لايف، إذ لعب مقدم البرنامج جيمي فالون دور كوشنر لفقرةٍ كاملة دون أن ينطق كلمةً واحدة. وقال مصدرٌ مقرب من كوشنر إنَّ هذا جزءٌ من شخصيته، فهو يُفضِّل أن يترك أفعاله تتحدث عنه.

وربما تمنحنا مقاطع الفيديو القليلة المتوفرة لكوشنر وهو يتحدث أمام الكاميرات سبباً منطقياً لعدم ظهوره باستمرار: فهو ليس بارعاً في الحديث أمام الكاميرا. ويظهر كوشنر في مقطعي فيديو من عام 2014 مُرتدياً الزي الرسمي للعائلة، بذلةً رمادية وربطة عنقٍ سوداء، ويتحدث بسطحيةٍ ودون إقناعٍ حقيقي. المقطع الأول مأخوذٌ من مؤتمرٍ عقاري، ويتحدث في المقطع الثاني لطائفة “شهود يهوه” عن شرائه لمقر المجموعة السابق في بروكلين بقيمة 700 مليون دولار.

ويُشبه كوشنر نسيبه إريك ترامب بشكلٍ كبير، بصوته الناعم ولكنته النيويوركية التي تضُّم لهجات ثلاث ولايات.  وصرَّح كوشنر لمجلة فوربس في ديسمبر/كانون الأول قائلاً: “لا أحب الحديث لوسائل الإعلام”. لكن من الواضح أنَّ هناك شخصاً يعمل على رسمه في وسائل الإعلام بصورة منارة الاعتدال، ووصفه بالرجل الذي يدفع ترامب لانتهاج سياساتٍ تجتمع عليها الآراء واتباع سياسةٍ ليبرالية اجتماعية. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز في فبراير/شباط نقلاً عن مصادر مطلعة على المسألة أنَّ كوشنر وإيفانكا ساعدا في إيقاف أمرٍ تنفيذيٍ كان سيلغي حقوق المثليين والمتحولين جنسياً، والتي وُضعت في عهد أوباما. كما أضافت صحيفة وول ستريت جورنال بعدها بأسابيع أنَّهما: “تدخلا لتعديل صيغة جزء من خطاب يتعلق بصفقة المناخ في مسودةٍ أولية للأمر التنفيذي”، وفقاً لمصادر مطلعةٍ على الأمر. وكانت إيفانكا من المؤيدين لقصف سوريا وفقاً لتصريحات إريك ترامب، كما دعم كوشنر القصف أيضاً وفقاً لمصادرٍ رفضت الإفصاح عن هويتها.

وهذه هي نوعية الأخبار التي تبدو مُصمَّمةً لكسب تعاطف الرأي العام مع كوشنر وزوجته بكل وضوح، وهي أيضاً سبب سخرية العاملين داخل البيت الأبيض منهما بوصفهما بـ”مؤيدي العولمة” الديمقراطيين في كل الأمور ما عدا الاسم. (ويرتبط هذا الوصف أيضاً بغاري كون، الذي كان رئيس شركة غولدمان ساكس، ويعمل حالياً كرئيسٍ لمجلس ترامب الاقتصادي الوطني، ودينا باول التي كانت تُدير أنشطة غولدمان ساكس الخيرية، وتعمل الآن كمستشارةٍ في مجلس الأمن القومي. و”مؤيدو العولمة” هو وصفٌ متعارفٌ على دلالاته المعادية للسامية، على الرغم من أن كوشنر وإيفانكا وكون يهود). وبيت القصيد هنا هو أنَّ ما تنقله وسائل الإعلام عن مصادر مجهولة، بما فيها الصحف المذكورة في هذا المقال، لا يُوضِّح حقيقة معتقدات جاريد السياسية. فهو يُبقى مُعتقداته طي الكتمان لدرجةٍ لا يبدو واضحاً معها إذا ما كان يمتلك معتقداتٍ سياسية من الأساس. ولا تُوفِّر التصريحات الرسمية من البيت الأبيض الكثير من المعلومات عما يُفكِّر فيه كوشنر. فعلى سبيل المثال، عندما أوردت وكالة أسوشيتد برس تقريراً في الـ29 من مارس/آذار ذكرت فيه أنَّ أوان قدرة جاريد على التهرب من التدقيق في أفعاله قد شارف على نهايته، علَّقت هوب هيكس، مديرة الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، قائلةً: “جاريد هو شخصيةٌ ذات رؤيةٍ وشهيةٍ مفتوحة للحلول الاستراتيجية المبتكرة، التي ستحسن جودة حياة الأميركيين جميعاً”.

رأت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية فى 4-4-2017 ، أن هناك عدداً من الدلائل تشير إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ترى في العراق المكان الأنسب للرد على قوة إيران ونفوذها المتنامي بالمنطقة، مبينة أن زيارة صهر ترامب، غاريد كوشنر، إلى بغداد الاثنين، تعد دليلاً آخر على ذلك. وتابعت الصحيفة أن زيارة غاريد كوشنر صهر الرئيس الاميركي، دونالد ترامب، إلى العراق تدشن لنهج جديد من سياسة ترامب في التعامل مع الشؤون الخارجية؛ وهي الاعتماد على الموالين حتى إن كان لديهم خبرة قليلة في المجالات الدبلوماسية والعسكرية. وكان كوشنر قد وصل إلى بغداد الاثنين في زيارة غير معلنة، والتقى فور وصوله رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وناقش معه الحرب ضد تنظيم “داعش”، وإن كانت القوات الأميركية ستغادر العراق بعد ذلك، وفقاً لما نقله المتحدث باسم رئاسة الوزراء العراقية.

كوشنر من المتوقع أن يلتقي مع مسؤولين في التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وأيضاً مع وزير الدفاع العراقي، عرفان الحيالي. ورافق كوشنر في زيارته غير المعلنة إلى بغداد، الجنرال دونفورد جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ووفقاً لمصادر مطلعة فإن الزيارة ستنصب على مناقشة سير المعركة ضد تنظيم “داعش”.

البيت الأبيض أبقى أمر الزيارة سرياً خشية من استهداف كوشنر، ولم يتم إبلاغ الصحفيين إلا بعد وصول طائرة كوشنر إلى بغداد. الزيارة وفقاً للصحيفة تمثل أول خطوة عقب الاجتماع الذي جمع العبادي مع ترامب في البيت الأبيض، والذي أكد خلاله الرئيس الاميركي دعم العراق في حربه على الإرهاب، معتبراً أن العراق حليف موثوق. مسؤولون عراقيون أكدوا أن إدارة ترامب تعتزم زيادة دعمها للعراق في حربه على تنظيم “داعش”، وأيضاً ضرورة اتخاذ العراق موقفاً أكثر صرامة حيال إيران، وهو أمر يرى بعض المراقبين العراقيين أنه قد يؤدي إلى تحول بلادهم إلى ساحة أخرى للصراع بين أميركا وإيران. وقد استقبلت بغداد قبل أسابيع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في أول زيارة من نوعها منذ عقود، وهي الزيارة التي شجعتها كثيراً واشنطن لإبعاد العراق عن التأثير الإيراني، كما أنها فسرت على أنها رغبة أميركية لدفع السعودية إلى القيام بدور أكبر في العراق، بحسب الصحيفة. زيارة كوشنر إلى بغداد جاءت عقب  اعتراف وزارة الدفاع البنتاغون بمسؤوليتها عن ضربات جوية في الموصل أوقعت عشرات القتلى والجرحى، حيث تشير الإحصائيات إلى مقتل قرابة 200 عراقي من جراء تلك الغارات.

وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير

ورغم أن معركة الموصل لم تنته بعد إلا أن إدارة ترامب على ما يبدو عازمة على وضع جهدها وتركيزها على المرحلة التي تلي تحرير الموصل، حيث سيتعين على الولايات المتحدة أن تحدد مصير آلاف من جنودها الذين عادوا إلى العراق عقب سيطرة التنظيم على الموصل في 2014.  الرئيس ترامب إلى الآن أعطى إشارات متضاربة حيال جنوده في العراق؛ فهو كان قد تعهد في وقت سابق بإنهاء عمل كل البعثات العسكرية الاميركية في الخارج، إلا أنه في الوقت ذاته انتقد سلفه باراك أوباما على قراراه سحب القوات الاميركية من العراق عام 2011؛ الأمر الذي أدى إلى نمو تنظيم داعش الذي استولى بعد ذلك على ثلث البلاد، وحول العراق إلى قاعدة لشن هجمات إرهابية على الغرب.

شرت صحيفة “ناشونال بوست” تقريرًا موسعًا عن روسيا التي إستطاعت أن تحكم العالم اليوم، بالرغم من أنّ قدراتها أقلّ من دول أخرى. بالمقارنة مع كندا، تنتج روسيا أموالاً أقل منها سنويًا، فعام 2016، بلغ الناتج المحلّي في روسيا 1.3 تريليون دولار، بالتساوي مع أستراليا. كذلك من حيث الكثافة السكانية، فعدد المواطنين الروس أقل من نيجيريا، ومع ذلك تحكم موسكو العالم وتهيمن على الشؤون الخارجية، والتي برزت مؤخرًا من خلال قرصنة الإنتخابات الأميركية والتدخل العسكري في سوريا. ناشونال بوست” 5 فى -4-2017  سـألت سياسيين، ديبلوماسيين ومؤرخين عن السبب وراء هيمنة روسيا، خصوصًا وأنّ إنفاقها العسكري ليس سوى عشر ما تنفقه الولايات المتحدة على جيشها، والعناصر العسكرية الروسية أقلّ من تلك المتواجدة في الهند، كما تمّت السيطرة على جزيرة القرم من دون اطلاق رصاصة واحدة. وخلال التدخل في سوريا احتاج الروس فقط لـ50 طائرة و500 مليون دولار، أي ما يعادل نفس الكلفة التي أنفقتها الولايات المتحدة لتدريب المعارضة السورية. وقد أظهرت روسيا، بحسب الصحيفة، أنّها بلد قادر على القيادة العالميّة بالرغم من تفوّق غيره عليه في بعض المجالات. ولفتت الصحيفة الى أنّ روسيا أرسلت قواتها المسلّحة إلى أكثر من بلد منذ العام 2000 وهي: الشيشان، حدود القوقاز، جورجيا، دونباس في أوكرانيا وبعد ذلك في سوريا. وشبّهت الصحيفة روسيا بإسرائيل إذ أنّها دولة لا تثق بأحد ولا يعرف من يمكن أن تثق به كحليف. ومن نقاط القوّة الروسية، إمتلاكها لحق “الفيتو” في مجلس الأمن، الذي ورثته من الإتحاد السوفياتي، وقد استخدمته 13 مرّة منذ العام 2000، ومعظمها تختص بالشرق الأوسط، على عكس فرنسا وبريطانيا اللتين لم تستخدماه منذ 1989. كذلك فهذا الحق يجعل من الصعب طرح أي أزمة عالميّة على طاولة المفاوضات من دون التطرّق الى روسيا. توازيًا فروسيا ليست سهلة، إذ يمكن أن تنظّم “هجمات جنسية” في أوروبا، كما قالت الصحف البريطانية، وذلك بهدف إلحاق الهزيمة بالمستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل في الإنتخابات الألمانيّة.

وبالرغم من سخافة هذه القصّة إلا أنّ القرّاء البريطانيين باتوا يعتقدون أنّ الكرملين قادر على إنزال جيوش إعتداءات جنسيّة بالمظلات في غرب أوروبا. من أبرز النقاط لدى روسيا أيضًا، هي قوّتها في الديبلوماسية، فعندما أبعدت الولايات المتحدة مؤخرًا 35 ديبلوماسيًا روسيًا على علاقة بالتدخل الروسي في الإنتخابات الأميركية، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اليوم الثاني أبناء ديبلوماسيين أميركيين إلى الكرملين لرؤية شجرة الميلاد، وكانت تلك خطوة ذكيّة. ومنذ الحقبة السوفياتية، يعرب الديبلوماسيون حول العالم عن حنكة الديبلوماسيين الروس الذين يخضعون لتدريب جيّد وهم مهنيون جدًا. حتى أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما قال في مقابلة مع مجلّة “ذا أتلانتيك” عام 2013 “إنّ بوتين كان مهذبًا ودقيقًا في كل لقاءاتنا”. ولا يزال الروس يحققون مكاسب على الساحة الخارجيّة بالرغم من إمكاناتهم مثل: التوسّط في اتفاق لنزع الأسلحة الكيماوية السورية، التقارب مع الصين وغير ذلك. كما يعرف الروس، بحسب الصحيفة بالقسوة وعدم الرحمة، وكشفت أنّ عام 1985، أقدم “حزب الله” على خطف 4 ديبلوماسيين روس في بيروت، فجاء الردّ الروسي بقيام وكالة الاستخبارات الروسية KGB بقتل أحد أفراد عائلة مسؤول في “حزب الله” وإرسال قطعة من الجثة الى الخاطفين، فما كان من الحزب إلا أن أفرج عن المخطوفين بعد فترة وجيزة. لذلك فمن الصعب تحديد صرامة الروس وحدّتهم وقسوتهم.  وختمت الصحيفة بالإشارة الى أنّ روسيا تمتلك قوّة نووية رهيبة وتمتلك مخزونًا هائلاً من هذه الأسلحة.

كشفت صحيفة روسية فى 5-4-2017 عن أعنف هجوم روسي ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ قالت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”، إن أردوغان فقد مصداقيته أمام الكرملين، موضحة أن موسكو باتت تشعر بصعوبة في الوثوق بأنقرة شريكا في مسار التسوية السورية، أو في مجال التعاون الثنائي. وأرجعت الصحيفة بوادر الأزمة الجديدة باستدعاء الخارجية التركية القائم بالأعمال الروسي في أنقرة نهاية آذار الماضي، إلى خلفية مقتل جندي تركي في أثناء مناوبته في محيط نقطة ريحانلي على الحدود التركية–السورية. وحينها، طلبت تركيا من روسيا إغلاق ممثلية “حزب الاتحاد الديمقراطي” (الكردي) في موسكو، حيث إن الجندي التركي قتل في أراضي الحزب الكردي. الصحيفة الروسية قالت إنه لا يحق لأي دولة أجنبية المطالبة بإغلاق ممثلية حزب الاتحاد الديمقراطي في موسكو. وتابعت الصحيفة أن “أردوغان، الذي يلعب أخيرا بنشاط دور ضحية الولايات المتحدة والغرب، اعتقد أن مقتل الجندي التركي هو فرصة مناسبة للضغط على موسكو، بهدف الحصول على امتيازات ومكاسب إضافية، سواء في المسار السوري أو في مجال العلاقات الثنائية، لا سيما أن الحكومة الروسية تسامحت كثيرًا مع هذا الصديق حديث العهد، الذي بالغ كثيرا في تقمصه سمات نابليون أحيانا، وسلطان السلاطين في أحيان أخرى”.


واعتبرت الصحيفة الروسية عملية درع الفرات بـ”الغزو للأراضي السورية من دون موافقة دمشق”، متابعة: “لم تكبد الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة أضرارًا وخسائر بقدر ما ألحقت وأكثر بكثير أضرارًا وخسائر بالقوى المناهضة للإرهابيين، والمعنيون هنا – الكرد السوريون”. وزعمت الصحيفة الروسية أن أردوغان غير راض؛ بسبب عدم موافقة روسيا على “بيعه” الأكراد. وتابعت: “لهذا لجأ أردوغان إلى ابتزاز موسكو، تماما كما ابتز سابقا كلا من بروكسل، وبرلين، وباريس، وواشنطن، وعواصم أخرى”. وتطرقت الصحيفة الروسية إلى إلغاء تركيا خدمة العبَّارات إلى شبه جزيرة القرم، وحظرت على جميع السفن الروسية، التي تنطلق من سيفاستوبل، وكيرتش، وزيالطا، وفيودوسيا ويفباتوريا، الدخول إلى الموانئ التركية. إضافة إلى ما أسمته “إجهاض أردوغان واقعيا جولة جديدة من محادثات السلام حول سوريا في أستانة.

كما أغلق أبواب أسواق بلاده أمام استيراد القمح الروسي؛ عبر فرضه رسما إضافيا خاصا عليه”. وأردفت الصحيفة: “كما كان متوقعا، تبين أن تركيا شريك لا يمكن الوثوق به، أو الاعتماد عليه. وليس فقط في مسألة تسوية الوضع في سوريا، بل في القضايا الأخرى من التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، ومن الصعب القول إلى أي مدى سوف يذهب الزعيم التركي في ابتزازه السلطات الروسية. بيد أن كل شيء يعتمد على موقف موسكو، التي لا تسمح لأحد بالحديث معها بلغة الوعيد والابتزاز”. وختمت قائلة: “إذا أخذنا بالحسبان ذلك الفاصل الزمني–الدبلوماسي الذي طال، فمن الممكن التكهن بأن الكرملين نسي تماما مصداقية أردوغان، وأن هذا يعني أن أردوغان فقد مصداقيته في أعين موسكو إلى زمن طويل هذه المرة”.

اعلن السفير السوري في موسكو، رياض حداد، اليوم 4-4-2017، أن تركيا تحاول تشكيل جماعتين إرهابيتين جديدتين في سوريا، وفقًا لوكالة “سوتنيك” الروسية. وأوضح حداد، بحسب الوكالة، أن أنقرة تحاول تشكيل جماعتين إرهابيتين تشمل مسلحين من تنظيم “داعش” الإرهابي، و”جبهة فتح الشام” الإرهابية. وقال حداد لـ سبوتنيك: “أخطر ما يفعلونه على ترابنا هو خلق منظمتين إرهابيتين جديدتين”. وأضاف: “على الرغم من أنهما قد يكونا بأسماء جديدة، إلا أن هذا لا يعني أنهما مختلفين بطريقة ما عن المنظمات الإرهابية الأخرى”.

وقال السفير السوري، إن تلك المجموعات تشمل نفس أعضاء تنظيم “داعش” أو “جبهة فتح الشام”، ومبادؤها لا تزال كما هي. ومضى حداد، قائلًا “تركيا وعدت بمنح راتب 400 دولار شهريا والجنسية التركية لكافة المجندين الجدد في تلك المجموعات.”

نشرت صحيفة “لوبوان” الفرنسية تقريرا فى 5-4-2017، سلطت من خلاله الضوء على تحركات بوتين العسكرية الذي أضحى منذ تدخله في المعمعة السورية سيد اللعبة بلا منازع، مثبتا بذلك أن مستقبل سوريا قد أصبح بيد الروس وحدهم. وقالت الصحيفة إن مئات من الجنود الروس اقتحموا مقاطعة عفرين الكردية الواقعة شمال سوريا واضعين بذلك حدا لتقدم الجيش التركي وحليفه الجيش السوري الحر. والجدير بالذكر أن هذا التدخل العسكري الروسي قد شلّ العملية العسكرية، التي تعرف “بدرع الفرات”، والتي تخوضها تركيا وحلفاؤها ضد كل من تنظيم الدولة والوحدات الكردية في سوريا. وذكرت الصحيفة أن القوات الكردية صرحت، لأول مرة، أن وحداتها ستتلقى تدريبا على يد خبراء روس في معسكر عفرين، في حين أنكر وزير الدفاع الروسي هذه الادعاءات. من جهة أخرى، أكدت موسكو، يوم الاثنين الماضي، استقبالها للسفير الإسرائيلي في روسيا بعد الضربات الإسرائيلية التي طالت، في اليوم نفسه، رتلا من الأسلحة التابع لحزب الله الشيعي على مقربة من مدينة تدمر الأثرية. وأشارت الصحيفة إلى أن بوتين استغل تدخل بلاده العسكري في سوريا ليستعرض عضلاته في الشرق الأوسط، إلا أن ذلك كلف العديد من الجنود الروس حياتهم. فقد قتل أرتيوم غوربونوف، المكلف بضمان أمن المستشارين العسكريين الروس، يوم 2 آذار الجاري خلال إحدى العمليات لاسترجاع مدينة تدمر. ومع نهاية شهر شباط، فقد أربعة جنود روس حياتهم جراء انفجار قنبلة مزروعة على الطريق خلال مرور موكبهم العسكري نحو مدينة حمص.

فلاديمير بوتين

تجدر الإشارة إلى أنه، وبصفة عامة، لقي قرابة 27 جنديا روسيا مصرعهم منذ تدخل موسكو في سوريا، وذلك استجابة لدعوة بشار الأسد، خلال شهر أيلول من سنة 2015. وأكدت الصحيفة أن بوتين أعلن، خلال شهر كانون الأول ، عن قرار تخفيض عدد الجنود الروس الموجودين في سوريا. ويعزى ذلك لمخاوف موسكو من أن يتكرر السيناريو الأفغاني في سوريا، حيث علق الجيش السوفيتي في مستنقع الحرب في أفغانستان بين سنتي 1979 و1989. وبينت الصحيفة أن الحضور العسكري الروسي بارز وبقوة في سوريا، حيث تتركز طائرات مقاتلة من الجيل الأخير لسوخوي سو-35، إضافة إلى قاذفات قنابل من نوع “توبوليف تي يو-22 إم”، ومنظومة الدفاع الجوي “أس – 400 ترايمف”. بالإضافة إلى ذلك، انتشرت عدة سفن بحرية على السواحل السورية أين تتمركز حاملة الطائرات “الأميرال كوزنستوف”، دون أن ننسى الغواصات الحربية. وأشارت الصحيفة إلى أنه، وبعد مضي شهر على تصريح بوتين، انسحبت حاملة الطائرات، “الأميرال كوزنستوف”، صحبة طاقمها من القاعدة العسكرية البحرية في ميناء طرطوس. وفي الوقت نفسه، أعلن الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف، الموالي لموسكو، عن إرسال قوات من بلاده بغية حفظ الأمن في مدينة حلب، مع العلم أن الشيشان تعد إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية. ونقلت الصحيفة تصريحات الأخصائي والباحث في علم الجغرافيا، فابريس بالانش، حيث أورد: “ليست هذه المرة الأولى التي يعد فيها بوتين بتقليص الحضور العسكري لبلاده في سوريا”.

كما أشار بالانش إلى أن “بوتين تعهد بمثل هذا الأمر ثلاث مرات خلال ستة أشهر. الإجراء الذي اتخذه بوتين، هو في الحقيقة مجرد “عملية تناوب لتجديد المعدات العسكرية”. وفي هذا الصدد، أوضح بالانش أمرا مهما: “على أرض الواقع، لم تنسحب سوى حاملة الطائرات “الأميرال كوزنستوف”، في حين أن القوات البحرية والجوية لم يطبق عليها قرار التخفيض العسكري بعد”. وأوردت الصحيفة على لسان الخبير الروسي في العلوم السياسية والمختص في قضايا الشرق، اليكساي مالاتشنكو، أن “أغلب الروس الموجودين في سوريا مختصين في الدعم اللوجستي وليسوا عسكريين”. وأضاف مالاتشنكو، أن “مهامهم تتمثل أساسا في صيانة الطائرات الحربية وسلاح المدفعية”. من جهته، ذكر الأخصائي العسكري، أنتون لافروف، أنه “لا يشارك في المواجهات المسلحة على أرض الواقع سوى بضع مئات من الجيش الروسي، حيث ينتمي أغلبهم لكل من قوات النخبة وقوات التدخل الخاصة. في المقابل، يشغل البقية مناصب مستشارين وجنود تابعين لسلاح المدفعية”. وأعادت الصحيفة للأذهان أهداف التدخل العسكري الروسي في سوريا، حيث نقلت ما صرح به سابقا وزير الدفاع، سيرغي لافروف، الذي أكد أن “الهدف الرئيسي من تدخلنا في سوريا يتمثل في القضاء على الإرهاب”.

وفي الأثناء، يرى الكرملين أنه وبغية تحرير البلاد من “الجهاديين” لا بد أن يحافظ بشار الأسد على مكانته في الدولة ويستمر في تولي مسؤوليات الحكم في سوريا.  وأفادت الصحيفة أن الكرملين قد استفادت من تدخلها في سوريا، حتى تتمكن من تأكيد وجودها في المنطقة والتقدم على حساب الأراضي السورية. ويظهر ذلك جليا من خلال تركيز موسكو لقاعدة عسكرية بحرية في مرفأ طرطوس المطل على البحر الأبيض المتوسط. وعلى بعد 30 كلم فقط، أعادت موسكو إحياء قاعدة لإيواء الغواصات في جنوب اللاذقية يعود تاريخها لأيام السوفييت. أما في الجنوب الغربي للمدينة، فقد أنشأ الروس قاعدة حميميم الجوية. وفي الختام، أقرت الصحيفة على لسان فابريس بالانش، أنه “بالنسبة للروس، لا تتعلق مخططاتهم فقط ببعث قاعدة أو اثنتين في المنطقة للظفر بموقع مطل على البحر الأبيض المتوسط، بل إن مبتغاهم الرئيسي يتمحور حول تركيز الثقل الروسي على الخارطة الجيوسيا سية الدولية”.

الطريقة الأفضل لاستقراء ما بين سطور الانتخابات الرئاسية الفرنسية بعد اختتام جولتها الأولى ، هو متابعة حركة الاسهم والسندات في البورصات الأوروبية، والفرنسية خاصة، هبوطا وصعودا، لان المجتمعات الغربية تحتكم دائما الى الاقتصاد والأموال التي يمكن ان تدخل جيوبها او تخرج منها.  أسواق المال الأوروبية ارتفعت بشكل ملموس امس (بورصة باريس 40 بالمئة)، ومدريد 3 بالمئة، وفرانكفورت 2 بالمئة)، مما يعني ان المستثمرين يشعرون بالارتياح لفوز ايمانويل مكرون مرشح  الوسط ، ووزير الاقتصاد السابق في الجولة الأولى، وخوضه الجولة الثانية منافسا للسيدة مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية المتطرفة.


المفاجأة لم تكن في فوز مكرون فقط، وانما في الهزيمة المهينة المتمثلة في خروج الحزبين الفرنسيين الكبيرين الذين تبادلا الحكم لعشرات السنين، أي الحزب اليميني (الجمهوريون)، واليساري (الحزب الاشتراكي)، وخروج مرشحيهما في الدور الأول.  فرانسوا فيون مرشح اليمين الفرنسي، ورئيس الوزراء الأسبق كان الأفضل حظا في الفوز بإعتباره رجل يملك خبرة إدارية واقتصادية عالية، ولكن تورطه في قضايا الفساد والمحسوبية، وتوظيفه لزوجته واثنين من أبنائه، أدى الى خروجه من السباق الانتخابي في الدور الأول وللمرة الأولى منذ عام 1958.  أبواب قصر الاليزيه باتت تنتظر الرئيس الجديد مكرون على احر من الجمر، بعد اجراء الدول الثاني من الانتخابات في السابع من أيار (مايو) المقبل، لان اليمين واليسار سيشكل جبهة واحدة لدعمه، ليس حبا فيه، انما كراهية للسيدة مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية العنصرية المتطرفة التي تعادي المهاجرين وتطالب بطردهم.  مكرون (39 عاما) في حالة فوزه في الدور الثاني سيكون اصغر رئيس جمهورية سنا في تاريخ الجمهورية الفرنسية بما في ذلك نابليون بونابرت نفسه.

ربما من السابق الاوانه التعرف على مواقف الرئيس القادم مكرون تجاه منطقة الشرق الأوسط وازماتها، لكن بالعودة الى تصريحاته اثناء الحملة الانتخابية قبل شهر يمكن القول انه قد لا يكون صديقا لكل من قطر والمملكة العربية السعودية، فقد تعهد “بإلغاء كل الاتفاقات التي تخدم مصلحة قطر في فرنسا”، واكد انه سيطالب بأن تكون هناك “شفافية جديدة فيما يتعلق بالدور الذي تؤديانه في التمويل، او في الاعمال التي يمكنها القيام بها تجاه المجموعات الإرهابية التي هي عدوتنا”.   مكرون الرئيس البلدين بدعم الإرهاب بطريقة غير مباشرة، الامر الذي ربما سيحدث انقلابا في سياسة فرنسا الإيجابية جدا تجاه الدولتين، وهي السياسة التي بلغت ذروتها في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي حظي باستقبال حار، وكان ضيفا على قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، ولا نعرف ما اذا كانت انتقاداته لهاتين الدولتين الخليجيتين، وانهاء شهر العسل القطري الفرنسي، ستعني تغييرا في الموقف الفرنسي في سورية، وبصورة اقل عدوانية للحكومة السورية والرئيس بشار الأسد.. لننتظر ونرى.

نشرت إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تغريدة على حسابها الرسمي في موقع تويتر، تعبّر فيها عن حزنها الشديد إزاء الهجوم الكيماوي الذي تعرضت له مدينة خان شيخون السورية الثلاثاء 4 أبريل 2017. وكتبت إيفانكا الأربعاء 5 أبريل 2017: “صور الهجوم الكيماوي الفظيع في سوريا أمس، تحطّم القلب، أشعر بالغضب”.  وأوقع هجوم الثلاثاء 72 شخصاً على الأقل، بينهم 20 طفلاً وعشرات الجرحى في خان شيخون بسوريا.فيما يعقد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، اجتماعاً طارئاً في نيويورك، بعدما قدَّمت واشنطن وباريس ولندن مشروع قرار إلى المجلس يدين الهجوم، ويدعو إلى إجراء تحقيق كامل وفوري لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

أكد مندوبو دول غربية خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي حول قصف مدينة خان شيخون السورية بأسلحة كيميائية؛ أنه يحمل بصمات “النظام السوري”، في حين طلبت روسيا تأجيل التصويت لبعض الوقت على مشروع قرار أميركي بريطاني فرنسي يدعو إلى تحقيق دولي، ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم الذي أوقع أكثر من مئة قتيل وأربعمئة جريح.

البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة طلبت إرجاء التصويت على مشروع القرار الغربي. وهي تعترض خصوصا على المادة الخامسة التي تطالب النظام السوري بتقديم بيانات بعمليات قواته الجوية في المنطقة التي شهدت الهجوم الكيميائي4-4-2017. وقدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع القرار ليتم عليه التصويت عليه في جلسة ثانية تعقد بعد الجلسة المفتوحة التي تحدث فيها مندوبو الدول الـ15 الأعضاء. بيد أن روسيا سارعت إلى الاعتراض على المشروع، ووصفته المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأنه غير مقبول. وأضافت أن مشروع القرار يحمل طابعا عدائيا، ويمكن أن يقوض العملية التفاوضية، في إشارة إلى مفاوضات جنيف وأستانا. وفي وقت سابق، قالت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة إن المشروع وُضع تحت ما يعرف بالإجراء الصامت الذي بموجبه تُعد صياغة المشروع نهائية ومعتمدة بحلول الوقت المحدد، ما لم يعترض أيٌ من أعضاء المجلس عليها.

ويشير مشروع القرار إلى إدانة الهجوم الكيميائي على خان شيخون بأشد العبارات، والمطالبة بمحاسبة مرتكبيه، ويدعم تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويطالب بالشروع في تحقيقات فورية مع فريق مشترك للأمم المتحدة. كما يدعو الحكومة السورية وجميع الأطراف إلى التعاون بشكل كامل مع الفريق بتقديم كشوف بالطلعات والعمليات الجوية يوم الهجوم، وبأسماء القادة العسكريين المسؤولين، وتيسير الوصول إلى القواعد الجوية.  ويذكّر المشروع بما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 2118 بشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال انتهاك مواد القرار. وقال المندوب الفرنسي إن هجوما كيميائيا وقع في خان شيخون بواسطة مادة كيميائية أقوى من مادة الكلور التي استخدمتها قوات النظام السوري في مرات سابقة. وأضاف أن مواد سُمّية ألقيت من الجو على المدينة الواقعة في ريف إدلب الجنوبي، معتبراً أن عدم معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على المجزرة التي وقعت في خان شيخون يقدم له رسالة بالإفلات من العقاب مستقبلا. وردا على تصريحات روسيا باستهداف مصنع للأسلحة الكيميائية للمعارضة السورية في خان شيخون مما تسبب في تسرب مادة سامة، فنّد المندوب الفرنسي هذا الادعاء، وقال إنه لو تم استهداف مصنع كيميائي لوقع انفجار، ولكانت الأضرار كبيرة. وانتقد المندوب حلفاء دمشق، وقال إنه يجب تقديم المسؤولين عن الفظاعات في خان شيخون وغيرها إلى العدالة، وشدد على ضرورة وقف ما سماها جرائم النظام السوري. من جهته قال المندوب البريطاني إن الهجوم على خان شيخون وقع من الجو، ودام عدة ساعات. وأضاف أنه لا دليل يدعم ادعاء روسيا بأن الطيران الحربي السوري استهدف مصنعا كميائيا للمعارضة، مرجحا استخدام غاز أعصاب في الهجوم. كما قال إن القصف الكيميائي على خان شيخون يحمل بصمات “نظام الأسد”، مؤكدا أن استخدام روسيا والصين حق النقض فيتو مرارا ضد مشاريع قرارات سابقة تندد بممارسات النظام السوري؛ شجعه على ارتكاب مزيد من الانتهاكات، داعيا الدول الأعضاء إلى دعم مشروع القرار الأميركي البريطاني الفرنسي. أما المندوب الصيني فقال إن بلاده تعارض استخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان، وأعلن تأييده بلاده تحقيقا عادلا تقوم به منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. كما دعا إلى مساءلة كل الأطراف الضالعة في استخدام هذه الأسلحة بسوريا، مشددا على أن التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية.

في نفس الإطار دعا المندوب الياباني إلى مساءلة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سوريا، وأعلن أن بلاده تدعم إجراء تحقيق، وحث دمشق على التعاون مع البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. أما المندوب المصري فدعا جميع الأطراف إلى العمل مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قائلا إن بلاده ستدعم أي تحرك في مجلس الأمن للتعاطي مع ما حدث في خان شيخون، ومحاسبة المسؤولين عنه. وتحدث المندوب عن ضرورة التصدي لخطر امتلاك غير الدول لأسلحة كيميائية، دون أن يتضح هل يؤيد بذلك ادعاء روسيا باستهداف مصنع كيميائي للمعارضة السورية في خان شيخون أم لا. وفي بداية الجلسة المفتوحة طالب الممثل السامي لشؤون نزع السلاح في الأمم المتحدة كيم وون سو كل الأطراف السورية بتقديم الحقائق إلى بعثة التفتيش المشتركة.

من جديد، يشاهد العالم صوراً مروِّعة تخرج من الموقع الذي يُشتَبَه بأنَّه شهد هجوماً بالأسلحة الكيميائية في سوريا. أثارت هذه المشاهد المؤلمة غضبَ العالم، فانهالت التنديدات من مختلف الدول، بعضها تطالب بتحقيق، وأخرى تتهم النظام وتدعو لمعاقبته، على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تُستخدم فيها مثل هذه الأسلحة في سوريا. الجرأة على تكرار استخدام أسلحة محرمة ضد مدنيين في سوريا تطرح تساؤلات حول ضعف موقف القوة الأكبر في العالم، تجاه تصرفات كهذه، ما دفع صحيفة واشنطن بوست الأميركية لتسليط الضوء على صعوبة الموقف داخل المكتب البيضاوي، بغضِّ النظر عن الاخص الرئيس.  الصحيفة ترى أن مثل هذه الغارات تكتيكاً من النظام لإضعاف الروح المعنوية للمعارضة الواهنة بصورةٍ أكبر. وقال إميل الحكيم، مُحلِّل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لصحيفة واشنطن بوست: “يعتقد الأسد، وهو اعتقادٌ معقول، أنَّ السلوكيات العسكرية تصب في صالحه. وباستخدامه للأسلحة الكيماوية وغيرها من الأسلحة، فإنَّه يُظهِر عجز الفاعلين الدوليين”.

لكن في واشنطن، اختارت إدارة ترامب في البداية أن تُلقي باللائمة على سابقتها، إدارة أوباما، في إشارةٍ أخرى إلى أنَّ البيت الأبيض يتعامل براحةٍ كبيرة للغاية، كما لو كان لا يزال يُدير حملةً انتخابية، وليس القوة العُظمى الوحيدة في العالم.  وقال المُتحدِّث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر: “إنَّ الهجوم الكيماوي اليوم في سوريا ضد الأبرياء، بما في ذلك النساء والأطفال، أمرٌ يستحق الشجب، ولا يمكن للعالم المُتحضِّر أن يتجاهله. إنَّ هذه الأعمال الشنيعة التي يقوم بها نظام بشار الأسد هي نتاج ضعف الإدارة السابقة وتردُّدها”. وأضاف سبايسر، مُتحدِّثاً في مؤتمرٍ صحفي: “قال الرئيس أوباما في 2012 إنَّه سيضع خطاً أحمر ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، ولم يفعل شيئاً بعد ذلك. إنَّ الولايات المتحدة تقف مع حلفائنا في جميع أنحاء العالم لإدانة هذا العمل غير المُحتمل”. ويُعَد ذلك موضوعاً غريباً كي تختار إدارة ترامب توجيه الانتقاد لإدارة أوباما فيه. ففي 2013، فكَّرت إدارة أوباما في ردٍّ عسكري، بعدما قتل هجومٌ كيماوي مزعوم للنظام على أحياء خاضعة للمعارضة في ضواحي دمشق أكثرَ من ألف شخص. ودفعت الضغوط الدولية المتزايدة في ذلك الوقت الأسد إلى الموافقة على التخلُّص من برنامجه للأسلحة الكيماوية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

وستطارد حقيقة أنَّ أوباما اختار التراجع عن مواجهة نظام الأسد، الذي يُزعَم أنَّه استخدم أسلحةً كيماوية عدة مرَّات في السنوات التالية، إرث الرئيس السابق إلى الأبد. وقد انتقده الجزء الأكبر من مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن بسبب ذلك. لكنَّ ترامب في 2013، وكان آنذاك مواطناً عادياً لديه نفس الأصابع التوَّاقة إلى التغريد على تويتر، كان معارِضاً للتدخُّل الأميركي في سوريا.

وغرَّد ترامب آنذاك قائلاً: “علام سنحصل من قصف سوريا، بخلاف المزيد من الدَّين والصراع الذي ربما يطول؟ أوباما يحتاج إلى موافقة الكونغرس”. وقال في تغريدةٍ أخرى: “من جديد، إلى رئيسنا الأحمق للغاية، لا تهاجم سوريا، وإذا فعلت، ستحدث الكثير من الأمور السيئة للغاية، ولن تحصل الولايات المتحدة على شيءٍ من هذه المعركة!”. وفي تغريدةٍ ثالثة: “الرئيس أوباما، لا تهاجم سوريا. ليس ثمة جانب إيجابي في ذلك، بل جوانب سلبية هائلة. احتفظ بـ”ذخيرتك” ليومٍ آخر (أكثر أهمية)”. والمفارقة هي أنَّ موقف ترامب من الصراع السوري ليس بعيداً كثيراً عن أوباما، على الرغم من أنَّه أكثر وضوحاً في عدم اكتراثه بمحنة اللاجئين السوريين. فقد طالبت الإدارة السابقة برحيل الأسد، لكنَّها لم تقم بشيءٍ يُذكَر من أجل الدفع فعلياً لتغيير النظام، خوفاً من أن يؤدي أي انخراطٍ أعمق في الصراع السوري إلى حدوث نفس الانتكاسة والفوضى التي ضربت العراق بعد الغزو الأميركي في 2003. وفي الوقت نفسه، أكَّد ترامب في عدّة مناسباتٍ على أنَّه ليس مهتماً بعمليات بناء الأمة، أو فرض تغيير النظام في الشرق الأوسط. وأشار مساعدوه الأسبوع الماضي فقط، إلى أنَّ البيت الأبيض لا يعطي الأولوية لإزاحة الأسد عن السلطة.

وكتب أندرو إكسوم، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) خلال حكم أوباما، في مجلة ذا أتلانتيك الأميركية، أنَّه “لا أحد -ولا حتى الرئيس أوباما بقدر ما يمكنني أن أقول- كان راضياً عن نهج إدارة أوباما إزاء الصراع في سوريا. لكنَّكم إذا جمعتم كافة منتقدي أوباما في غرفةٍ واحدة، لن يتَّفقوا على بديلٍ واضح. إنَّ المشكلة هائلة بما فيه الكفاية لتخلط الحلول السهلة، وكل سياسة بديلة كانت لها نقاط خللٍ استراتيجية وأخلاقية”.  وبدلاً من أن يتحمَّل ترامب الصداع الاستراتيجي لسوريا، وهو ما يصفه سبايسر بـ”الضعف والتردُّد” على جانب إدارة ترامب، يصلك الانطباع بأنَّه قد قرَّر أن يضعه جانباً لصالح موقفٍ عدائي، وتصعيدٍ مُطرَد للحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وهذا نوعٌ من الحماقة التي قد تكون لها تكاليف عميقة، كما يتَّضح من عشرات المدنيين العراقيين الذين قُتِلوا بغارةٍ أميركية حديثة في مدينة الموصل. وكتب إكسوم: “سيكون هذا الرئيس حكيماً ليتذكَّر ما كان سلفه يعرفه: الحرب هي أداةٌ سياسية معيبة للغاية”. وفي وقتٍ لاحق من يوم الثلاثاء، 4 أبريل/نيسان، أصدر وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، بياناً أكثر اتّزاناً أبرَزَ “الوحشية والبربرية السافرة” لنظام الأسد. ووبَّخ داعمي الأسد، روسيا وإيران، لعدم ضمان “امتثال” النظام بوقف إطلاق النار الذي كان من المفترض أن تضمناه، وقال إنَّهما “تتحمَّلان مسؤوليةً أخلاقية عظيمة” عن القتلى المدنيين السوريين. هذا، وكما لاحظ مُحلِّلون، كان عدم تسجيل أي نقاطٍ سياسية في الداخل (أي عدم توجيه أي انتقادات داخلية والتركيز على الجوانب الخارجية) رسالةً أكثر ذكاءً من تيلرسون في مواجهة التحدّي المُعقَّد. لكن إلى الآن، يبدو رئيسه راغباً في تجاهل هذا التعقيد تماماً.

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء 5 أبريل  2017، أن الهجوم الذي يُعتقد أنه كيميائي والذي وقع الثلاثاء في سوريا “تجاوز خطوطاً كثيرة”، في إشارة إلى “الخط الأحمر” الذي كان حدده سلفه باراك أوباما لنفسه ضد النظام السوري في حال استخدم أسلحة كيماوية. وخلال مؤتمر صحفي مع العاهل الأردني عبد الله الثاني، أكد ترامب أيضاً أن “موقفه من الأسد تغير”. ومع بداية المؤتمر الصحافي ندد ترامب ب”هجوم كيميائي وحشي” ضد “أناس أبرياء، نساء وأطفال وحتى رضع”.

وتابع أن “موتهم كان إهانة للإنسانية. إن هذه الأفعال الشائنة التي يرتكبها نظام الأسد لا يمكن القبول بها”. وكان أوباما تعهد التحرك عسكريا ضد النظام السوري في حال استخدم أسلحة كيميائية، وهو “خط أحمر” تم تجاوزه في صيف 2013 لكن واشنطن تراجعت في اللحظة الاخيرة عن شن عمل عسكري ضد دمشق. وقال ترامب ايضا “حين يقتل المرء اطفالا ابرياء، رضعا ابرياء، بغاز كيميائي قاتل إلى هذا الحد، لقد صدم الناس بمعرفة الغاز الذي استخدم، فإن ذلك يتجاوز خطوطا كثيرة”. لكن الرئيس الأميركي لم يشرح طبيعة الخطوات التي يعتزم القيام بها حين سأله صحافي ماذا ينوي أن يفعل.

وقال “لقد لاحظتم بالنسبة لي القضايا العسكرية لا أحب أن أقول ما أقوم به وإلى أين سأمضي”. وكان أوباما تعهد بالتحرك عسكرياً ضد النظام السوري في حال استخدم أسلحة كيماوية، وهو “خط أحمر” تم تجاوزه في صيف 2013، لكن واشنطن تراجعت في اللحظة الأخيرة عن شن عمل عسكري ضد دمشق. قالت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي، الأربعاء 5 أبريل  2017، إن “الإخفاق المتواصل لمجلس الأمن الدولي إزاء سوريا سيُجبرنا على التحرك بشكل منفرد”، دون توضيح طبيعة التحرك الذي تقصده. جاء ذلك في إفادة السفيرة الأميركية خلال جلسة مجلس الأمن الدولي الطارئة لمناقشة الهجوم الكيماوي الذي وقع في بلدة خان شيخون بريف إدلب الثلاثاء، وأسفر عن أكثر من 100 قتيل.

ورغم أن واشنطن لم تشرح كيفية التحرك في سوريا، فإن مسودة القرار الأممي المعروضة للتصويت مساء الأربعاء كشفت عن إمكانية تصعيد أميركي كبير ضد الأسد في حال استمراره في قصف المدنيين. وتضمنت مسودة القرار إدانة استخدام السلاح الكيمياوي بأشد العبارات، مشددة على ضرورة محاسبة المتورطين. كما عبرت المسودة عن الدعم الكامل لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وطالبت بنشر نتائج تقريرها في أسرع وقت ممكن. كما شدد مشروع القرار على أن يزود نظام الأسد لجنة التحقيق بسجل الطلعات الجوية يوم 4 أبريل 2017، والذي شهد المجزرة ومن ضمن ذلك أسماء الطيارين، إضافةً إلى ترتيب لقاءات مع الضباط بناءً على طلب المحققين ضمن مهلة لا تتعدى 5 أيام من تاريخ طلب المقابلة، وكذلك فتح القواعد العسكرية المشبوهة.  وخلص مشروع القرار إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير شهري عن تعاون النظام والتلويح بفرض عقوبات تحت الفصل السابع.

خان شيخون

وأشارت هايلي إلى أن “عدم تحمّل روسيا مسؤولياتها” تجاه ما يحدث في سوريا، أدى إلى استمرار استحواذ رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على أسلحة كيماوية “واستخدامها ضد المدنيين” في بلاده. وأضافت السفيرة الأميركية: “لو أن روسيا تحملت مسؤوليتها بشكل كامل لما كانت هناك أسلحة كيماوية في سوريا الآن .. وتقول روسيا إن لديها تأثيراً على سوريا ونحن نودّ أن نرى هذا التأثير الآن”. وأكدت السفيرة الأميركية التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن الدولي للشهر الجاري، أن حديث المسؤولين الروس عن “صور مفبركة وتقارير مزيفة بشأن مجزرة خان شيخون الثلاثاء، هو تكرار للروايات المغلوطة نفسها التي تستخدمها روسيا لإبعاد الأنظار عن نظام بشار الأسد”. وتابعت: “كم عدد الأطفال الذين يجب أن يموتوا حتى تتحرك روسيا؟!.. إن الأسد وروسيا وإيران ليس لديهم أي اهتمام بتحقيق السلام في سوريا.. وها هو الأسد يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه.. والإنسانية بالنسبة له لا تعني أي شيء على الإطلاق”. وقُتل أكثر من 100 مدني، وأُصيب أكثر من 500، غالبيتهم من الأطفال، باختناق، في هجوم بالأسلحة الكيماوية شنته طائرات النظام، الثلاثاء، على بلدة خان شيخون بريف إدلب، وسط إدانة دولية واسعة. ويعتبر هذا الهجوم الأكثر دموية من نوعه، منذ أن أدى هجوم لقوات النظام بغاز السارين إلى مقتل أكثر من 1300 مدني بالغوطة الشرقية في أغسطس 2013.

وسبق أن اتهم تحقيق مشترك بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، النظام السوري بشن هجمات بغازات سامة. وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الأربعاء إن تلوثا بغاز سام في بلدة خان شيخون السورية كان نتيجة تسرب غاز من مستودع للأسلحة الكيماوية تملكه المعارضة بعد أن أصابته ضربات جوية نفذتها قوات الحكومة السورية.

من ناحيه أخرى، أعلن وزير الأمن الداخلي الأميركي جون كيلي، الأربعاء 5 أبريل  2017، أن بلاده قد توسع الحظر المتعلق بحمل المسافرين الحواسيب على متن الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة. وقال خلال جلسة استماع حول أمن الحدود في مجلس الشيوخ، إن التهديد بمحاولة مجموعة إرهابية تفجير طائرة في الجو ثابت، مشيراً إلى أن المنع الحالي قد لا يكون كافياً. وأكد أن التهديدات حقيقية وأنها باعتقاده باتت “أكثر واقعية”. وتابع: “قد نتخذ إجراءات في المستقبل غير البعيد لزيادة عدد المطارات”. ومنعت واشنطن قى مارس 2017، المسافرين على متن الرحلات المباشرة إلى الولايات المتحدة من 10 مطارات في 8 بلدان من حمل الحواسيب المحمولة واللوحية والأجهرة الإلكترونية التي يفوق حجمها الهواتف الذكية.

وزير الأمن الداخلي الأميركي جون كيلي

وتأثرت مطارات في تركيا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط بهذا المنع. وأعلنت بريطانيا لاحقاً قرار منع مشابهاً يسري على الرحلات الآتية من 6 بلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتزامن الإجراء الذي يجبر المسافرين على وضع حواسيبهم في الحقائب التي تشحن، مع تنامي قلق مسؤولي مكافحة الإرهاب من صنع الجهاديين قنابل تحمل شكل بطاريات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية.  وأدى انفجار قنبلة إلى إحداث ثقب في جسم طائرة تابعة للخطوط الجوية الصومالية في فبراير  2016، ويعتقد المحققون أن القنبلة صُنعت على شكل بطارية حاسوب تم حمله إلى مقصورة الركاب. وقال كيلي إن عشرات من هواتف الإرهابيين قد تُستخدم لمناقشة شن هجمات كهذه. وتابع: “عليك أن تراقبهم طوال الوقت وتعرف ما إذا كانوا سينتقلون من مجرد الكلام إلى تنفيذ شيء فعلاً”.  وأكد أن “هناك تهديداً حقيقياً طوال الوقت”. وأضاف حول القيود على حمل الحواسيب: “إذا لم نتمكن من احتواء التهديد الحالي، يمكنكم أن تتوقعوا تعديلات إضافية على الإجراءات في المستقبل القريب”.

بعد أيام فقط على تهديد كوريا الشمالية للأسرة الدولية، بالرد في حال تشديد العقوبات عليها، أطلقت بيونغ يانغ الأربعاء صاروخا بالستيا في بحر اليابان، قبيل قمة تجمع الرئيسين الأمريكي والصيني تعقد الخميس 6 أبريل في فلوريدا. أطلقت كوريا الشمالية 4-4-2017صاروخا بالستيا في بحر اليابان عشية قمة صينية أمريكية مرتقبة، سيتم خلالها بحث التهديد الذي يشكله برنامج بيونغ يانغ النووي، فيما نفت الصين أن يكون هناك صلة بين التجربة الصاروخية واجتماع الرئيسين الصيني شي جينبينغ والأمريكي دونالد ترامب المقبل. من جانبها، أوضحت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن الصاروخ حلق نحو ستين كيلومترا، وقد أطلق بعد أيام فقط على تهديد بيونغ يانغ الأسرة الدولية بالرد في حال تشديد العقوبات عليها. ونددت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية بشدة بعملية الإطلاق وقالت إنها “تهدد السلام والاستقرار في العالم”.

كما أكد الجيش الأمريكي أن الأمر يتعلق بصاروخ بالستي متوسط المدى من طراز “كي أن 15″، وهو لا يشكل أي تهديد لأمريكا الشمالية. وأضاف، “القيادة الأمريكية في المحيط الهادئ مصممة تماما على التنسيق الوثيق مع حلفائنا اليابانيين وجمهورية كوريا لضمان الأمن”. وفي بيان منفصل، قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إن الولايات المتحدة “تحدثت بما فيه الكفاية عن كوريا الشمالية (…) لن ندلي بتعليق آخر”.

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن إطلاق الصاروخ “استفزاز خطير… ينتهك بوضوح قرارات مجلس الأمن الدولي”. وأضاف “من الممكن أن يقوم (الشمال) باستفزازات أخرى”. أما الصين، فقالت إنها لا ترى صلة بين التجربة الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية واجتماع الرئيسين الصيني شي جينبينغ  والأمريكي دونالد ترامب 6-4-2017. وأدلت هوا تشون ينغ المتحدثة باسم الخارجية بهذه التصريحات ، بعد أن أطلقت كوريا الشمالية صاروخا بالستيا سقط في البحر قبالة ساحلها الشرقي قبل يوم من لقاء شي وترامب. وتسعى كوريا الشمالية لحيازة صواريخ عابرة للقارات يمكن تزويدها برؤوس نووية وتبلغ الأراضي الأمريكية. وقد نفذت حتى الآن خمس تجارب نووية، منها اثنتان في العام 2016.

وكانت بيونغ يانغ حذرت الاثنين بالرد، في حال قررت الأسرة الدولية تشديد العقوبات المفروضة عليها حول برنامجيها النووي والبالستي. وجاء تهديد بيونغ يانغ غداة نشر صحيفة “فايننشال تايمز” تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعرب فيها عن استعداده لـ”حل” مشكلة كوريا الشمالية بمفرده بدون مساعدة الصين. كما يأتي على خلفية بدء مناورات عسكرية الاثنين بين سيول وطوكيو وواشنطن، لمواجهة تهديد صواريخ بحر-أرض يمكن أن تطلقها غواصات كورية شمالية.  وفي هذا الصدد، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية  3-4-2017إن هذه “الأفعال غير المسؤولة”، تدفع شبه الجزيرة التي تشهد توترا كبيرا إلى “شفير الحرب”، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية.

لانتداب الذي تلقاه جيسون غرينبلت من الرئيس ترامب هو التواصل الى صيغة تسوية في الشرق الاوسط في غضون سنة. وقد وصل غرينبلت الى اسرائيل في الشهر الماضي بزعم أنه مثابة تلميذ، ولكن يتبين أن الرجل لا يتعلم بسرعة فقط بل بدأ منذ الان يربط الخيوط. والشرق الاوسط – بدء بالملك السعودي وانتهاء برئيس وزراء اسرائيل، يسير حوله على أطراف الاصابع. خلف غرينبلت لا يقف رئيس مع ايديولوجيا ترى في انهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني رؤيا وأمنية تمهيدا للحصول على جائزة نوبل للسلام. فقد تبنى ترامب فكرة الاشخاص المركزيين الثلاثة في مجال الامن الذين يحيطونه: وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتس، رئيس مجلس الامن القومي الجنرال جون كيري ورئيس وزارة الامن الوطني الجنرال ه. ر. ماكماستر.

وكان الجنرالات الثلاثة هؤلاء قادوا القوات في العراق وفي افغانستان واطلعوا على مدى السنين على تقارير استخبارية أشارت الى النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني كعامل يجعل صعبا على القوات المسلحة الامريكية الوصول الى الانجازات اللازمة في هذه النزاعات. وعلى حد فكرهم، فان النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو عائق يجب ازالته عن الطريق من أجل التقدم في المصالح الامنية، الاقتصادية والسياسية للادارة الامريكية في العالم العربي. ان إنهاء النزاع، حسب هذا الفكر، سيساعد الادارة ايضا في انهاء قضية داعش كتهديد اقليمي وعالمي. هكذا بحيث أن موقف ترامب من المستوطنات، من المناطق ج، من نقل السفارة الى القدس وما شابه ليس مصابا بالرومانسية بل تحركه مصلحة استراتيجية امريكية صرفة. وتصميم غرينبلت، بتكليف من رئيس من شأنه أن يرد بشكل غير متوقع اذا ما فشلت الصفقة الشرق أوسطية التي يعدها – يدفع الى أن ترتعد الفرائص في القدس. وبالفعل، فان المداولات في الكابنت يوم الخميس الماضي والتي عنيت بتجميد متدرج للمستوطنات وبادرات طيبة واسعة في المناطق ج – حسب الطلب الامريكي – جرت في صمت اعلامي غير تقليدي. في القدس بدأوا يشتاقون لاوباما في وقت مبكر اكثر مما كان متوقعا. في الاسبوع الماضي، في احتفال الوداع للقائم باعمال رئيس مجلس الامن القومي، يعقوب ناغل، أثنى رئيس الوزراء عليه وقال انه حقق اتفاق المساعدات الامنية الاكبر الذي حصلت عليه اسرائيل في أي وقت من الاوقات. ولوحظ الوزير شتاينتس وهو يقول بهدوء: “من حظنا أننا عقدنا الصفقة مع الادارة السابقة”. لقد بدأوا عندنا بالادراك بانه مع كل العداء للسياسة الاسرائيلية في المناطق، فقد ساهم اوباما في أمن اسرائيل أكثر من أي رئيس امريكي آخر. ففي فترة ولايته تلقت اسرائيل، اضافة الى المساعدات الامنية السنوية الدائمة بمبلغ 3 مليار دولار، علاوة 200 مليون دولار بمتوسط سنوي لمشاريع خاصة. واذا لم يكن هذا بكاف، فقد رتب اوباما لجهاز الامن ميزانية ثابتة للعقد القادم، سيسمح له بان يتحرك دون قلق مالي.  من شأن ترامب أن يكون أقل لطفا بكثير اذا ما خرب سموتريتش وارئيل على صفقته. وعندما يعلن أبو مازن انه يسافر للقاء مع ترامب وهو متفائل جدا يجب أن يشتعل ضوء أحمر في مكتب رئيس الوزراء. لقد كان اوباما “إمعة”: فقد حدد لاسرائيل “خطوط حمراء” في المستوطنات، ولكنه لم يجبي منها ثمنا حين اجتازتها.

فقد سيتصرف ترامب اذا ما افشلته في المفاوضات الاقليمية؟ لا يمكن أن نعرف. ولكن عندما لا يحصل على ما يريده – فانه يعاقب. ترامب لم يتردد في مطالبة حلفائه الاقرب – اليابان، كوريا الجنوبية والمانيا – بأن يزيدوا جدا حجم ميزانياتهم الامنية، لانه غير مستعد بعد اليوم لان يتحمل اساس عبء الدفاع عن أمنهم. وهذه دول غنية. فأي سبب لديه كي لا يطلب ذلك من إسرائيل ايضا، اذا لم تبدي المرونة السياسية المطلوبة منها.  لم يتبقَ لرؤساء جهاز الامن الا أن يأملوا وهم على طاولة عشاء الفصح بانه اذا لم يضف ترامب أغورة لميزانية الدفاع – فهذا يكفينا. اذا ما تركنا لحالنا ولم يلمس ميزانية المساعدات الامنية التي اعطانا اياها اوباما – فهذا يكفينا.

يتهيكل الامن العام الاردني خلال  3-4- ابريل 2017 فتبدأ الاحالات على التقاعد بالتزامن مع سلسلة تنقلات ودمج مناصب، الامر الذي يتم بعد اقالة مدير المخابرات السابق الجنرال فيصل الشوبكي ومطالبة عاهل الاردن لخلف الشوبكي بالمزيد من التنسيق الامني . جهاز الامن العام والبحث الجنائي هما الاكثر احتكاكا في المواطن الاردني عمليا وهما الاكثر تعاملا مع الاجهزة الاخرى، وهو الجهاز الذي استشهد منه عدد من رجاله في احداث الكرك الدامية الاخيرة، الامر الذي يرجح محاولات لترتيب اوراق الجهاز الاخير قبل الانتقال لما بعده من اجهزة، وفق التوقعات. خلال ثلاثة ايام توالت الاخبار في الاردن عن التعديلات، من هنا بدا ان التزامن بين التنقلات والاحالات على التقاعد ودمج مناصب مساعدي مدير الامن العام والبحث الجنائي ودمج مناصب مساعديهما، مقصودا ويمنح الاردنيين الاشارة بالاستجابة المبكرة لتوجيهات الملك لهيكلة الدوائر والمؤسسات خصوصا الامنية منها.  عمليا، وفي المؤسسات الامنية المختلفة بات الحديث عن الاحالات على التقاعد مع ذوي الخبرة “غير مرحب به” فقراءته ببساطة تتم على اساس تفريغ بعض المؤسسات من الخبرات فيها وتسريبها، الامر الذي رآه البعض اساسا سببا في التخبط وضعف التنسيق في بعض المناسبات بين المؤسسات الامنية.  في المقابل، تتجه اراء مختلفة لاعتبار ذلك ضروريا لاعادة احياء المؤسسات عبر ضخ الدماء الجديدة فيها، ما يرافقه الكثير من الحماس والاندفاع في الغالب لدى اولئك الصغار الذين يدخلون للسلك الامني حديثا. طبعا الحديث عن فكرة الاحالات على التقاعد والتنقلات من حيث صلاحية ذلك للجهاز ذاته فقط يبقى عقيبا ان لم يدخل ضمن اطار تنسيق واسع مع الاجهزة الاخرى وهيكلة تنعكس على جهازي الجيش والدرك وحتى جهاز المخابرات العامة الذين بات لزاما عليهم بدء عمليات مشابهة خصوصا بعد التعليمات الواضحة بذلك عبر الرسائل الملكية.

طبعا الاجهزة جميعا كانت تنتظر انتهاء القمة العربية والتي شكلت اصلا تحديا كبيرا امام الاجهزة المختلفة، وهنا الحديث لم يكن فقط على تأمين منطقة البحر الميت فحسب وانما عن كل المملكة، اذ كان لدى كل الاجهزة تعليمات صارمة بحفظ امنها بدرجة الاستعداد القصوى حتى لا يعكّر صفو المجتمعين اي شيء. ونجحت عمليا وفعليا الاجهزة الامنية في تأمين الاردن خلال الفترة المذكورة ما دعى لترفيعات ثم احالات على التقاعد، الامر الذي حاول فيه الجهاز ان يكرم ابناءه. بكل الاحوال، ليست الاجهزة الامنية وحدها التي تحتاج الى اعادة هيكلة، وبالضوابط المختلفة تبدو عمليا الاقل حاجة، رغم اولويتها على مقياس الخطورة، فضمن مؤسسات الدولة يتطيع ان يميز الاردني ان اغلبها به حاجة ماسة للهيكلة واعادتها والاحالة على التقاعد كما للتعيينات الجديدة. رغم ان عمان اليوم تنتهج حكومتها نهج الاحالات دون تعيينات، ما يزيد الاستثناءات بكل الاحوال، ويبدأ مشكلة مختلفة على الصعيد الهيكلي للمؤسسات.

انحصرت بنود التحالف المصري الأمريكي المعلن حديثا في رغبة أمريكية بانضمام عربي لـ”ناتو”شرق أوسطي تقوده واشنطن، لمواجهة الإرهاب وإيران، والوساطة المصرية في القضية الفلسطينية، مقابل دعمها لمصر عسكريا واقتصاديا وانزواء انتقاد الولايات المتحدة للملف الحقوقي المصري، وفق محللين بارزين معنيين.  وجاء الإعلان عن هذا التحالف خلال جلسة جمعت الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي،  3-4-2017، في البيت الأبيض، مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في أول زيارة لرئيس مصري للبيت الأبيض منذ 2010 بعد فتور في العلاقات وانتقادات أمريكية للملف الحقوقي المصري منذ 2013، قوبل برفض من القاهرة.

جاء لقاء “السيسي- ترامب”، وفق اللواء الأردني المتقاعد، قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق هو “إعادة للعلاقات المصرية الأمريكية التي دخلت في فترة عدم اليقين والوضوح من الجانب الأمريكي بعد ثورة يناير (كانون ثان2011)، بسبب أولويات أمريكية بعيدة عن مصر، ومحاولتها البعد لاستشكاف مآلات الوضع في مصر لاسيما بعد 2013″.  وأكد قاصد، وهو محلل استراتيجي عسكري ضمن فريق الأزمات العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط (غير حكومي أردني) أن “العودة المصرية الأمريكية في إطار عملية منافع متبادلة”. هذه العملية التبادلية، وفق حديث الأكاديمي المصري، طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة للأناضول، تتمثل في “التزامات مصرية تجاه واشنطن والعكس وإجراءات متعلقة بشكل التحالف المصري الأمريكي الذي شهد تدشينه حفاوة وكيمياء متبادلة”. في المقابل، يرى الكاتب الصحفي المصري المتخصص في الشؤون الأمريكية والمقيم في واشنطن، محمد المنشاوي، في حديث للأناضول حديث السيسي- ترامب “كان تقليديا ومجاملات بدون الغوص في أي تفاصيل مع تأكيدهما لدعم بعضهما البعض”. وكان ترامب، قال في تصريحات للصحفيين الإثنين، إن بلاده ستكون “حليفا رائعا” لمصر”، مخاطبا السيسي: “سنحارب معًا الإرهاب والتهديدات الأخرى، سنعمل على بناء وتجديد جيشينا على أعلى مستوى بتوفير الطائرات والسفن”. فيما استجاب السيسي، لـ”ترامب” خلال تصريحات مماثلة، قائلا: “بكل قوة ووضوح ستجدني أنا ومصر بجانبك في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه”. وأضاف: “ستجدني وبقوة أيضا داعما وبشدة كل الجهود التي ستبذل لقضية القرن (في إشارة إلى القضية الفلسطينية) صفقة القرن”.


وخرج بيان للرئاسة المصرية وتصريحات لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، يؤكدان أن مصر أعلنت استعدادها لوساطة في الملف الفلسطيني، واعتزام واشنطن تفعيل الشراكة الاستراتيجية في المجال العسكري ومكافحة الارهاب والدعم الاقتصادي والعسكري. ومنذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، تقدم الولايات المتحدة إلى مصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية.  في مقابل قبول إقامة تحالف عربي أمريكي في الشرق الأوسط على غرار حلف الناتو، ووساطة مصرية في القضية الفلسطينية، ستكون هناك لمصر زيادة الدعم العسكري والاقتصادي وانزواء الانتقادات الأمريكية للملف الحقوقي المصري، وفق الخبراء المعنيين. يرى طارق فهمي ، أن هناك “دورا مصريا محوريا في ترتيبات أمنية كاملة في الإقليم فيما يمكن أن تسميه حلف ناتو عربي أو ترتييات شرق أوسطية، وسيترتب لمشاركة مصر التزامات مباشرة (لم يحددها)”. ويتفق معه، المحلل الاستراتيجي والعسكري الأردني قاصد محمود، قائلا ” نحن بصدد تحالف عربي أمريكي، الجديد فيه انضمام إسرائيل علنا، لإظهارها كقوة عظمى بالمنطقة، وفي الظاهر مكافحة إيران والإرهاب، والفاعلون في الأمر دول واضحة هي مصر والأردن والسعودية والإمارات”.

وأكد قاصد أن “إدارة ترامب تريد عقد صفقة تاريخية استراتيجية في الإقليم وهذه الدول معها، ويصب في هذا الاتجاه التحالف العربي الاسلامي الذي دشنته السعودية خلال أزمة اليمن، والأرجح أن معظم الدول المشاركة فيه ستكون في هذا التحالف الجديد بشكل أو بآخر ، سواء منضمين أو مؤيدين”.  وفي 29 ديسمبر  2016، انضمت سلطنة عمان تنضم للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتكون الدولة 41 للتحالف الذي تم الإعلان عنه، في 15 ديسمبر 2015، بقيادة السعودية.  وحول رد الفعل الإيراني المتوقع، تابع قاصد، “المشروع الإيراني إما يسلم نفسه دون أذى أو يذهب للمواجهة”، متوقعا أن إيران ستذهب لتفاهمات لتكون جزءا من التحالف والوقوف مرحليا في مربع أقل من طموحاتها.

فيما يصف أستاذ النظم السياسية المصري المقيم خارج البلاد، سيف عبد الفتاح، هذا الدور المصري، بأنه سيكون كـ”تكليفات ضمن استراتيجة أمريكية تلاقت مصر معها، وإن كانت تلك التكليفات تسمي في دبلوماسية الدول الكبرى تحالفات”.  وحول توجيه ضربة لإيران عبر ذلك التحالف المحتمل، أضاف :”أشك أن تقوم واشنطن بفتح جبهات بضرب إيران ولكن مؤشرات الخطاب الأمريكي، مع سياسة التحجيم، لا تكوين عدواة”. وعلى مسافة متقاربة، يذكر محمد المنشاوي وهو مدير أيضا لمكتب قناة العربي (خاصة) بواشنطن، أن “كل ما يذكر حتى اليوم عن تحالفات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط هي خطوط عريضة لرغبات أمريكية لمواجهة خطري الإرهاب وامتداد النفوذ الإيراني بالمنطقة”.  ومؤخرا، تواتر حديث إعلامي وصحفي، ورسمي عن تحالف عربي أمريكي، لاسيما في فبراير 2017 ، وماذكرته منتصف ذلك الشهر صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، بالقول إن تحالفا عربيا تسعى واشنطن لتأسيسه عبر سؤالها لبعثات دبلوماسية عربية لديها سيكون على غرار حلف شمال الأطلنطي “ناتو”، ويضم مبدئيا مصر، والسعودية والإمارات والأردن، وبعضوية لإسرائيل قد تقتصر على الدعم بمعلومات استخباراتية.  وفي 28 فبراير2017 ، قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان “لقد حان الوقت لتشكيل تحالف رسمي بشكل علني” لمواجهة إيران على نحو حلف الناتو، مشيرا إلى إمكانية تقديم تل أبيب للخليج وسائل لمكافحة الإرهاب عبر “القدرات الاستخباراتية، والإمكانيات العسكرية”، وفق ما نقله موقع التلفزيون الألماني “دويتشه فيله”.

وفي 30 مارس 2017 ، طالب الدبلوماسي الأمريكي السابق، مارتن أنديك خلال شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي حول إيران بتفعيل “استراتيجية أمنية إقليمية مع العرب”. وقال :”حان الوقت لاختبار استعداد الحلفاء للانضمام معاً في اطار ترتيب أمني إقليمي سيسمح لنا جميعاً بتنسيق جهودنا ضد إيران بفاعلية أكبر”، وفق ما تناقلته وسائل إعلام عربية.  في هذا الصدد، قال طارق فهمي إن “الرئيس السيسي وصف القضية الفلسطينية بأنها صفقة القرن وهذا يعني أنها تتم في إطار توزيع الأدوار، بصرف النظر عما سيدفعه كل طرف (لم يحدده)”. وأضاف “مصر ستكون حاضرة حضورا مباشرا في هذه الصفقة لاعتبارات كثيرة هي أنها أول من عقد اتفاق سلام مع إسرائيل. وأن عندها مصداقية في التحرك ومعها الأردن وغيرها، وهذا أول ملف ستتم ترجمته من كلام إلي واقع وسيطرح معه تساؤلات عما ستدفعه مصر في هذه الصفقة بجانب الأطراف سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية”. يلتقط الخيط المحلل الاستراتيجي، قاصد محمود، فيقول عن تلك الوساطة إنها “صفقة متكاملة بالتوازي مع إقامة التحالف العربي أو الناتو، وستكون صفقة سياسية عامة” يطرحها ترامب على الطاولة ويوافق عليها العرب والإسرائيليون، كما تحدث عنها نتنياهو في واشنطن. وفي منتصف فبراير2017 ، قال نتنياهو، في مؤتمر صحفي مع ترامب: “أعتقد أن الفرصة الكبيرة من أجل التوصل للسلام تنبع من نهجٍ إقليمي يقوم على إشراك شركائنا العرب الجدد (دون تسمية)”، وعلى إثره، سار ترامب قائلا: “إنه شيء مختلف للغاية، لم يناقش من قبل، وهو في الواقع اتفاق أكثر أهمية (..) سيشمل الكثير من الدول، وسيغطي منطقة شاسعة”.  وأكد سيف عبد الفتاح، أن “مصر جاهزة للقيام بدور وساطة بين  اسرائيل التي تجمعه علاقات جيدة مع القاهرة، وفلسطين”. ومصر لها دور يعود لنحو 21 عاما قام به الرئيس الأسبق حسني مبارك عبر مبادرات لتحريك السلام الإسرائيلي الفلسطيني، وعاد السيسي ذو العلاقة الجيدة مع إسرائيل بطرح مماثل في مايو2016 ، قبل أن أن يقوم في يوليو/تموز 2016، وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة غير مسبوقة لإسرائيل منذ بداية العقد الجاري. يعتبر طارق فهمي، أن المحور الثالث الذي ينظر له بعد لقاء السيسي- ترامب هو “ملف الشراكة المصرية الأمريكية وهذا سيتطلب الأخذ بعين الاعتبار فيه ليس فقط استئناف مناورات النجم الساطع (مناورات عسكرية بين مصر وواشنطن توقفت من 2013) ولا المطالبة بمعونات عسكرية واقتصادية أكبر فحسب”.  واستكمل: “يجب المطالبة بحوار استراتيجي أيضا يشمل كل القضايا لاسيما الجديدة فيها المتعلقة بدور مصر الجديد في الأقليم ليس فقط في القضية الفلسطيينة أو إطفاء الحرائق في الشرق الأوسط، أو في إطار فك وترتيب التحالفات في المنطقة مع دور مصري مباشر”.

وتابع “لابد أن تدفع أمريكا ثمن التحالف مع مصر، ولابد أن تلتزم بحدود الشراكة و زيادة المساعدة الأمريكية ولانتحدث عن معونة اقتصادية فقط ولكن نتكلم عن فرص استثمار مباشرة واتفاقيات اقتصادية، والالتزام بتسليح كامل يقدم في مصر في إطار التزامات مباشرة”.  وأضاف: “لا يمكن أن تتدخل مصر في أي ترتيبات سياسية أمنية تؤثر علي علاقاتها بدول الأقليم، بمعني أنه لا يجب أن يكون هناك أي تداعيات سلبية لالتزامات مصر العربية لاسيما التسوية الفلسطينية أو القبول بتنازلات” . في زواية أخرى تمس الشراكة والمستقبل، قال الأكاديمي المصري، سيف عبد الفتاح: ” ملف حقوق الانسان سيخفت صوته وسيكون حديثه في الكواليس لا العلن، بجانب الدعم العسكري والاقتصادي من واشنطن للقاهرة، وهو ما يجعل سلطة السيسي اكثر تجاوبا مع واشنطن واكثر اطمئنانا لها”.  وأكد أن ترامب لا يرغب ولا يهتم بهذا الملف الحقوقي وما يهمه هو استكمال أدوات خطته في المنطقة عبر مصر. أما الكاتب محمد المنشاوي، قال: “نعم اختفى الحديث عن قضايا الحريات وحقوق الإنسان، فترامب شخصيا لا يكترث بها”. وعن المساعدات، أضاف: “لم يشر ترامب أمس إلى ما يطمئن الجانب المصري، فلا هو قال أن المساعدات ستستمر، أو أنها ستزيد وينطبق ذلك على المساعدات العسكرية والاقتصادية”.  وكان الكاتب الأمريكي إيشان ثارور أكد في تحليل صحفي نشرته صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان “سلطوي الشرق الأوسط المفضل لدى ترامب يأتي إلى واشنطن”، أن موقف واشنطن في ظل السياسة الجديدة أصبح يصاغ بشكل معاملات (مالية) وقليل من الخدمات الشفاهية (أي مجرد كلام) عن حقوق الإنسان وفرض القانون”.  وكان أحد مسؤولي البيت الأبيض قال إن طرح ترامب بخصوص حقوق الإنسان مع السيسي لن يكون علنياً” وإنما في الغرف المغلقة.

 ضجت العاصمة الأميركية يوم السبت  24-4-2017 بقرار الديوان الملكي السعودي تعيين الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز سفيراً للمملكة في واشنطن ليكون أول شخصية (إبن الملك) في هذا المنصب والأصغر سنا (28 عاماً) فيه. وبعيداً عن السيرة الشخصية للأمير خالد وتخرجه من جامعات أميركية وقيادته طائرة “أف-15” فوق مواقع تنظيم “داعش”، فهناك مؤشرات سياسية واستراتيجية بتوقيت التعيين ومبرراته تفسر القرار السعودي وأفق العلاقة مع ادارة دونالد ترامب الجديدة.

وأبرز هذه الأسباب والمؤشرات هي اليوم:
قرار التعيين ليس بمفاجئ أو جديد لمتابع العلاقة السعودية – الأميركية. فمنذ انتخاب ترامب وهناك حراك ديبلوماسي سعودي – أميركي كثيف بين الرياض وواشنطن، وكان من أبرز زوار العاصمة الأميركية الأمير خالد بن سلمان. 2- زيارات الأمير خالد بن سلمان الى واشنطن ازدادت منذ أول العام، وهو بحسب مصادر موثوقة أمضى وقتاً طويلاً في العاصمة الأميركية والتقى فيها بالشخصيات الأهم في إدارة ترامب وبمجموعات نفوذ ورجال أعمال لهم استثمارات وعقود مع السعودية. 3- هذه الزيارات جاءت في وقت كان يقول السفير الحالي للسعودية في واشنطن الأمير تركي بن عبدالله لمن يلتقيه بأنه يستعد “للتقاعد”. علماً أن تعيين الأمير تركي في تشرين الأول 2015، وهو شخصية تكنوقراطية مهتمة بالشأن الاقتصادي، كان رسالة لإدارة باراك أوباما حول نوع الأهمية التي توليها الرياض لواشنطن يومها، كما هو تعيين ابن الملك رسالة لترامب يرفع من أهمية العلاقة بين الجانبين. 4- رسالة التعيين لادارة ترامب هي فتح قناة فاعلة وقوية ومباشرة بين ترامب والملك سلمان وولي ولي العهد محمد بن سلمان. هذه القناة فيها انتصار لولي ولي العهد في واشنطن، وتهميش لولي العهد محمد بن نايف الذي كان قبل عامين الوجه الأقرب للأميركيين، ولم يزر واشنطن منذ قمة كامب ديفيد في أيار 2015، فيما زارها الأمير محمد بن سلمان ثلاث مرات. 5- شخصية الأمير خالد وخلفيته العسكرية وعمره اليافع يتطابق مع الشخصيات الأقرب للرئيس ترامب. فسواء كان الحديث عن ابنته ومستشارته الأقرب إيفانكا (35 عاما) أو زوجها كوشنر (36 عاما) وهما مفاتيح الوصول للرئيس، فهناك عنصر الشباب والعائلة والمرونة في السياسة والاقتصاد لمخاطبة الادارة الجديدة. 6 – تعيين الأمير خالد يأتي في ضوء اندفاعة سعودية في واشنطن في الاقتصاد والعقود الدفاعية، ووجود شخصية بهذا القرب من الملك وولي ولي العهد وحيوية في التعاطي مع الأميركيين يفيد الرياض في هذه المرحلة.  هذه العوامل يترجمها اليوم نبرة متفائلة بين واشنطن والرياض، وتطلع لتحسن كبير في العلاقة مع ترامب على عكس أيام باراك أوباما وانفتاحه المحدود على طهران. وسيساعد المناخ السعودي-الأميركي المتفائل وجه جديد للرياض على ضفة “البوتوماك” يعرف لغة الصفقات والعائلات والنخب التي يتحدثها “أبو إيفانكا”.

بعد وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، إلى الحكم وتربعه على سلم الرئاسة الأميركية، يراهن الكثير من المراقبين والسياسيين على إمكانية إعادة العلاقة بين واشنطن والرياض وفق قواعد وأسس جديدة ومختلفة تتمثل في إعادة الاعتبارات والتوازنات بين الطرفين، خاصة وأنّ هناك معادلات طرأت على الساحة السياسية. فملفات النفط والأمن والموقع الاستراتيجي للسعودية، إضافة إلى الملف النووي الإيراني تعتبر من أكثر القضايا الشائكة التي ترسم محددات العلاقة بين الطرفين. تأتي هذه التكهنات بعد اختتام ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، زيارته إلى لواشنطن، والتي شهدت توافقاً ورغبة مُلحّة في التعاون بين الجانبين على كافة الأصعدة، خاصة في الملفين الإيراني والإرهاب في المنطقة، وذلك لأجل الوصول لعدة تفاهمات لمواجهة كافة التحديات التي تواجه الجانبين. كما يراهن البعض على امكانية تغيير قانون جاستا في عهد ترامب أو تعديله، ليكون في صالح السعودية، لكن، ماهي الأوراق التي من الممكن أن تستغلها السعودية لتحقيق مثل هذا الأمر، والتي من شأنها أن تضمن علاقات مستمرة بين الرياض وواشنطن؟. فمنذ نشأة السعودية بدأت العلاقات بين الطرفين لهدف اقتصادي بالدرجة الأولى، يتمثل في البحث عن النفط والطاقة، قبل أن تتحول لعلاقة “استراتيجية” متكاملة.

وبالتالي فإنّ السبب الرئيسي الذي خلق العلاقات الحميمة بين الطرفين طوال هذه الفترة هي أسباب اقتصادية، وتوجت هذه العلاقة في أوجها عبر لقاء جمع بين الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي روزفلت وذلك على متن حاملة الطائرات الأميركية كوينسي في فبراير عام 1945، وكان اللقاء على أعلى مستوى في ذلك الوقت، وكان بداية العلاقة الحقيقية ويمثل اللبنة الأولى في العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين. وبالنّظر إلى الطاقة، فوضع الولايات المتّحدة اليوم لا يجعلها في حاجة للاعتماد على النفط السعودي كما كان في الماضي، ويبقى لزاماً على الطرفين تحديد الملفات التي ترسم محددات هذه العلاقة، وضمان استمراريتها بما يتوافق مع المصالح المشتركة لضمان علاقة استراتيجية.

في هذا السياق يؤكدّ المحلل والخبير السياسي السعودي الدكتور وحيد هاشم على وجود شراكة استراتيجية بين السعودية وأميركا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى وجود مصالح متبادلة في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية بل وحتى الثقافية. وينوه إلى أنّ هذه الشراكة وعلاقاتها “تخضع للكثير من عوامل التغيرات الفرعية وليس الأساسية أو الجذرية تحديداً بتغير الأجواء الإقليمية والدولية”. كما يرى هاشم بأنّ هذه العلاقات بين الجانبين “لا تتأثر بتغير القيادات السياسية في واشنطن ما بين الجمهوريين والديمقراطيين، لذا جاءت زيارة بن سلمان لواشنطن، لتثبيت الشراكة وبحث مستجداتها ومتطلباتها القادمة بما يخدم المصالح الاستراتيجية والحيوية لكلى الطرفين”. يعتبر الملف الإيراني بين الجانب الأميركي السعودي، أحد أهم القضايا الشائكة والجدلية بين الطرفين، خاصة بعد التوافق الأميركي الإيراني حول الملف النووي في فترة الرئيس السابق باراك أوباما، الأمر الذي أثار حفيظة الرياض في هذا الأمر؛ نظراً للخطر الذي تمثله طهران على الأمن السعودي، خاصة في مثل هذه الظروف السياسية التي تعيشها العديد من الدول العربية وعلى رأسها العراق وسوريا واليمن من جراء التدخلات الإيرانية المتزايدة.  لكنّ اللقاء الأخير الذي جمع الأمير بن سلمان والرئيس ترامب، شكّل تطوراً جديداً في مسار العلاقات التاريخية بين الطرفين، حيث اتفق الجانبين في اجتماعهما على أنّ النظام الإيراني “يمثل تهديداً أمنياً على المنطقة”. كما أكدّ الجانبان على تطابق وجهات نظرهما بشكل تام حول خطورة التحركات الإيرانية التوسعية في المنطقة، مشددين على أنّ النظام الإيراني يحاول كسب شرعيته في العالم الإسلامي عبر دعم المنظمات والعناصر “الإرهابية”.

وعن مدى جدية واشنطن لاتخاذ إجراءات حقيقية ضد طهران، يؤكدّ هاشم بأنّ ترامب “رجل أعمال في بداية الأمر، ثمّ أنّه رجل سياسة بالدرجة الثانية، ويهمه استقرار المنطقة خاصة الاستقرار الأمني، ولكون إيران تمثل تهديداً أمنياً خطيراً لحركة التجارة والاقتصاد؛ فمن الطبيعي أن تتفق وتتوافق وجهات النظر السعودية الأميركية حيال حقيقة المخاطر الإيرانية خاصة سياسة الهيمنة والتغلغل والتوسع في المنطقة”.

يشكل قانون “جاستا” الذي أقر من قبل الكونغرس الأميركي، في ظل مساعي سابقة لتعطيل “الفيتو” من قبل الرئيس الأميركي السابق ضد هذا القانون، نقطة خلاف رئيسية، حيث سيكون من المقدور بموجبه مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من أيلول. ومن هنا فأنّ هذا الملف يعدّ أحد العوائق الكبيرة في تحديد طبيعة العلاقات بين الجانبين السعودي الأميركي، ومدى إمكانية قيام القيادة الأميركية الجديدة وتحركها لإحداث ضغوطات تجاه هذا الملف للتنازل عنه أو تعديله جوهرياً على الأقل لأجل تحقيق المصلحة السياسية مع الجانب السعودي بما يتوافق مع المصالح المشتركة بين الطرفين. لكنّ المفكر والخبير الاستراتيجي القطري الدكتور جاسم سلطان، يؤكدّ بأنّ قانون جاستا هو “مجرد فزاعة تهديد من قبل واشنطن تجاه السعودية، وغالباً لن ينفذ ولن يزال في نفس مكانه”، مشدداً على أنّ التوازن في العلاقات بين الطرفين “يعتبر أقرب للخيال بمعطيات الواقع، فهو يحتاج لإرادة واستعداد لترتيب الداخل الأميركي المرير ومن ثمّ تحمل تكاليف الفطام، لكن ما من شيء من ذلك يلوح في الأفق في الفترة الحالية”.


ويرى سلطان بأنّ “واشنطن تتغير بتوجهات الرئيس؛ لكنّ الرئيس الجديد ترامب حتى هذه اللحظة غير معروف إلى الآن على مستوى المصداقية ولا حتى على مستوى توجهاته، بسبب طبيعة شخصيته واختلاف تصريحاته ومواقفه المتخبطة بين الفينة والأخرى”.  وحول محددات العلاقة بين الطرفين وهل ستتغير بناء على المعطيات الجديدة والمعاصرة، يعتقد سلطان بأنّ واشنطن “حتى لو وفرت الطاقة البديلة عن النفط فإنّها لن تستغني في الاعتماد على النفط السعودي، وذلك حتى لا يتم تسليم مثل هذه الثروة في يد أطراف أخرى دولية أو إقليمية”، مشدداً على أنّ طبيعة العلاقة في عهد ترامب “ستتغير”.
نقلا عن البلاغ

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع