الأقباط متحدون - إلى متى سوف نظل نعيش في هذه المنظومة الفاسدة
  • ٠٤:١٧
  • الأحد , ٣٠ ابريل ٢٠١٧
English version

إلى متى سوف نظل نعيش في هذه المنظومة الفاسدة

١١: ١٢ م +02:00 EET

الأحد ٣٠ ابريل ٢٠١٧

علاء  العجماوي
علاء العجماوي

علاء  العجماوي
احتجت خلال الأيام الماضية أن أقوم ببعض الفحوصات الطبية من خلال جهاز الرنين المغناطيسي MRI على منطقة الرأس والرقبة… وأشار علي الطبيب المعالج بمركز أشعة معين… عندما ذهبت إليه بمنتهى حسن النية وجدت نفسي ببساطة أمر بتجربة غير أدمية بالمرة… الجهاز نفسه عبارة عن أسطوانة قطرها 45 سم… ولمن في حجمي هذا يعني أنني سوف أدخل بالحشر (شحط بتعبير الصنايعية)... يزيد من ذلك أنهم يضعون على رأسي قناع يذكرني بفيلم القناع الحديدي The iron Mask والمطلوب مني أن أظل في هذا التابوت مرتديا للقناع الخانق لمدة تتراوح بين 20 إلى 50 دقيقة… ويحيط بي صوت ضوضاء جهنمي غير محتمل... بمجرد بدء هذه التجربة رفضت الاستمرار وخرجت… واندهشت من التعامل الودود من العاملين بالمركز الذين تقبلوا الموضوع ببساطة بل ولم يتقاضوا أي تكاليف لوقتهم الضائع… بل وكان ردهم أن ذلك الموضوع طبيعي وحله هو أن أعيد التجربة تحت التخدير… وأن هذا الجهاز هو أدق وأحدث جهاز متاح.

عدت إلى المنزل في حالة نفسية سيئة جدا لم أشعر بها من قبل… مشاعر مختلطة من الضعف وقلة الحيلة ورفض الاستسلام… فتحت الإنترنت صديق الانسان وبدأت أبحث عن الموضوع… اكتشفت أن هذا الجهاز هو أول جيل لأجهزة الرنين المغناطيسي… وعمره حوالي 30 سنة… وأن الجيل الذي تلاه كان بنفس الشكل ولكن ازداد قطره ل70 سم بما يتيح مساحة أكبر للمريض الذي بداخله… وأن الأجيال التي تلته أصبحت مفتوحة وليست إسطوانية… بل أن الأجهزة الحديثة أصبحت مخصصة لأجزاء الجسم المختلفة بمعنى أن هناك أجهزة للرأس والرقبة لا تتطلب سوى الجلوس على كرسي وبجانبك من الناحيتين الجهاز… وأخرى للقدم وهكذا… ولكن طبعا حجم السوق في مصر لا يتحمل وجود هذه الأجهزة التخصصية… واكتفت مراكز الأشعة بالأجهزة العامة General purpose والتي تنفع لجميع أجزاء الجسم.

المهم… بدأت البحث عن أماكن تواجد الأجهزة المفتوحة ووفقني الله لمركز وخضت تجربة مختلفة تماما من جميع النواحي من أول مكان الانتظار في المركز ووجود طبيب محترم وبكل تأكيد جهاز مفتوح وطوق صغير على الرقبة بما يجعل التجربة محتملة.
قبل أن أتطرق إلى ما أراه من عناصر فساد في المنظومة… أحب أن أضيف بعض الحقائق…

1( أسعار الأجهزة عالميا تتراوح بين 100 ألف وخمسمائة ألف دولار حسب إمكانيات الجهاز والتكنولوجيا المستخدمة فيه.
2( هناك سوق للأجهزة المستعملة وهي الأجهزة التي ترغب المراكز في بلاد العالم المتقدم في التخلص منها وشراء الأحدث… وهذه الأجهزة يتم عرضها بحوالي ثلث سعر الجديد أو أقل Refurbished.

3( أسعار الخدمة في مصر في جميع المراكز تقريبا واحدة بغض النظر عن نوع الجهاز المستخدم تزيد أو تقل ليس أكثر من 10-20% حتى وإن كان الجهاز بأضعاف الثمن.

4( تتطلب المعايير العالمية وجود اشراف طبي لصيق أثناء إجراء الأشعة لتحديد الأماكن التي يجب التركيز عليها وبالأخص لو كان هناك استخدام لصبغة… في المركز الأول كانت هناك طبيبة حديثة التخرج لم تبالي حتى بقراءة التقرير الخاص بي والذي من المفترض أنه يشرح الحالة للطبيب وانصرفت بعد أقل من دقيقتين وكان هناك مجرد فني وممرضة… في المركز الثاني قام الطبيب بنفسه وفي وجود الفني بعمل جميع الإجراءات.
5( أخيرا وليس آخرا… المركز الأول أسوء بكثير من جميع النواحي الشكلية… قاعة صغيرة مكدسة ومقاعد متهالكة… وخدمات أسوء من حيث النظافة والاستقبال… المركز الثاني أفضل في جميع النواحي… والخدمة في المركز الثاني أرخص بحدود 20%.
الأسئلة التي في ذهني هي…

1( إلى متى سوف نعتمد في خدماتنا على جهل الزبون.

2( لماذا يغيب الضمير؟ بعض المراكز اعتذرت عن أن الجهاز الذي لديها ليس الأنسب للكشف على الرأس والرقبة… ولكن معظم المراكز التي ليس لديها جهاز مفتوح لم تمانع.

3( أين دور نقابة الأطباء في فرض قواعد تحمي المهنة وتحمي المريض في نفس الوقت؟ لماذا لا تفرض على المراكز وضع لافتات ارشادية
توضح الفروق بين الأجهزة ومدى ملائمة كل منها لكل حالة؟
4( ما هي قواعد تسعير الخدمات الطبية إذا كانت هناك قواعد من الأساس؟
أسئلة كثيرة أخرى… ولعل ما رويته يؤكد أن هناك خلل جسيم في المنظومة الصحية… وما هو في المنظومة الصحية متكرر في جميع المنظومات الأخرى.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع