افعلها ياريس ولاتترشح لفترة ثانية
مقالات مختارة | بقلم مي عزام
الأحد ٣٠ ابريل ٢٠١٧
(1)
إطلالة الرئيس الأساسية أصبحت من خلال مؤتمرات الشباب، التى يجيب فيها على أسئلة الحاضرين، التى تعبر عن جزء مما يدور فى الشارع المصرى، لى ملاحظة أساسية على كل حوارات الرئيس وخطبه سأبدأ بها، ثم أسرد ملاحظات خاصة بهذا الحوار الأخير. الملاحظة الأساسية أن الرئيس يتحدث عن مصر غير التى نعيشها، مصر التى يتم فيها إنجاز غير مسبوق، مصر التى تنتظر مشاركة أبنائها الغافلين عن دعمها، مصر الغلبانة الفقيرة التى ستقهر عجزها بعزيمة لاتلين تستمدها من عزم السيسى وتفاؤله، أتساءل أحيانا هل العيب فىّ شخصيا كمتلقية أم فى حديث الرئيس، لماذا يبدو السيسى متفائلا ومنجزا ومجتهدا، لكن لا نجد نتائج ملموسة ومحسوسة على أرض الواقع.. أين يذهب كل ذلك؟، وماهى الدوائر التى تستشعر إنجازات الرئيس؟ غير دوائر الحكم والمشاركين فى هذه الأعمال.
(2)
الحوار، أظهر أوجاع مواطنى سيناء ومدن القناة، تحدث شباب هذه المدن عن الصعوبات التى يواجهونها فى حياتهم اليومية، المعاناة ليست مقصورة علي هذه المدن لكن مصر كلها تحسها، وكان الرئيس صريحا حين قال: إن مايتم تخصيصه للإنفاق على الخدمات غير كاف، يعنى بالبلدى العين بصيرة والإيد قصيرة، وأنا أتفهم الأمر، ولكن ما لاأتفهمه رؤية الدولة لسيناء، وهو ما عبرت عنه الشابة السيناوية الشجاعة شيماء مشالى، التى بكت وهى تتحدث عن سيناء وطنها وكيف يتم الحديث عن أبناء سيناء فى الإعلام، ضيوف التوك شو يتحدثون ببساطة عن تهجير السكان من بيوتهم ومحاولة لصق الإرهاب بهم أو على الأقل أنهم يخفون معلومات عن الجهات الرسمية، كانت تبكى وهى تقول: «نروح فين دى أرضنا؟» الأزمة ليست فى الإعلام الخاص كما قالت لكن فى النظرة الرسمية للدولة، الفيلم الوثائقى الذى عرض فى المؤتمر وهو من إنتاج الشؤون المعنوية للقوات المسلحة لم يذكر سوى مدن القناة، أما فيما يخص سيناء فذكر مداهمات الجيش للإرهابيين فى جبل الحلال، وكأن سيناء بأرضها وناسها اختزلت فى تلك العملية، كما نبهت شيماء الرئيس أن الحل الوحيد فى سيناء هو تعميرها وتنميتها وليس تهجير ناسها، فهؤلاء هم الأقدر على الدفاع عن أرضهم وحقوقهم... وهو ما نكتب عنه منذ سنوات فى عيد سيناء.
(3)
تحدث الرئيس عن رؤيته لمكافحة البطالة عن طريق التشغيل فى الإعمار، وهو ما ذكره بالأرقام حين تحدث عن 80 ألف يعملون فى مشروع الجلالة، بالإضافة إلى من يعمل فى مشاريع الأنفاق والموانى والطرق ومشاريع المليون وحده سكنية، مجال العمل المتاح هو البناء، واحتياجات هذا القطاع محدودة فى العامل والمهندس، الشركات المستفيدة: شركات العقارات، توريد معدات، نقل، مصانع مواد بناء وتشطيبات.. إلخ، لكن هذه رؤية محدودة جدا لتشغيل الشباب العاطل الذى لا يتناسب مجال دراسته وخبرته مع هذه المشاريع، فلماذا إذن تركز الدولة والرئيس على هذا القطاع دون غيره، ولايتم التخطيط لقطاعات أخرى تستوعب فئات مختلفة من الشباب العاطل مثل الاستثمار فى الصناعات الإلكترونية، التى دخلتها الهند وأحرزت فيها نجاحا مبهرا...
(4)
بعيدا عن المشاكل الحياتية: مثل صعوبة استخراج شهادة إثبات الجنسية، غلاء المواصلات، تعيينات أوائل الخريجين، عدم توفر السلع الغذائية أو مواد البناء... إلخ، لم أجد استفسارا للشباب الذى حاور الرئيس يستحق التوقف عنده، سوى سؤال قيل إن سائله خاف من مواجهة الرئيس، وهو ماذا سيفعل الرئيس لو فشل فى انتخابات 2018؟ وهنا أقسم السيسى ثلاثا، فى حالة عدم رغبة المصريين فى انتخابه سيترك منصبه فورا، وهو لم يوافق على تولى الرئاسة إلا إذعانا لرغبة الشعب فى عدم التخلى عنه فى يوليو 2013، وأنه يؤمن تماما أن الله عز وجل يهب الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، وهو ليس حريصا على منصبه ويدعو المصريين لأن يقبلوا على الانتخابات ويختاروا بكل حرية من يشاءون، وهو يدعو الله أن يولى الأصلح لأنه محب لمصر وخيرها.
(5)
إذن الرئيس سيترشح لفترة رئاسية ثانية، وشرطه رغبة المصريين، بالتأكيد ستكون هناك عشرات الأصوات المسموعة وآلاف المواطنين الشرفاء سيخرجون لمطالبته ويلحون عليه للترشح، من حق الرئيس الترشح لفترة ثانية، ولو فعلها سيكون النجاح حليفه ولكن هل هذا فى صالح مصر وتجربتها الديمقراطية الوليدة ومحاولة التوافق المجتمعى؟
المشكلة الحقيقية فى ترشح السيسى أن شخصيات كثيرة محترمة لن تغامر بخوض الانتخابات أمامه، لأنها تدرك أنه لا أمل لها فى منافسته وكل مؤسسات الدولة تسانده والإعلام أيضا، إنها فرصة السيسى الذهبية فى أن يكون الرئيس المصرى الأول الذى يرفض ولاية ثانية رغم توافر عوامل نجاحه، هل يمكن أن يختار السيسى بكامل إرادته أن يخرج من دائرة الضوء؟ ليبقى فى ذاكرة الوطن قدوة لملايين اعتبروه فى لحظة تاريخية المخلص والبطل..
نقلا عن المصري اليوم