البابا فى غاية السعادة..
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاثنين ١ مايو ٢٠١٧
لم تطق صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، المتبنية لجماعة الإخوان، دعاء بابا الفاتيكان لمصر وللمصريين وللرئيس عبد الفتاح السيسى، افتكست بغلٍ مفضوح تعبيراً سقيماً نقلته عنها النسخة القطرية من Huffpost المعروفة بـ«هاف بوست عربى»، تحت عنوان قذر مثل محرره: «هل وبَّخ بابا الفاتيكان الرئيس المصرى؟».
زيارة شهد بنجاحها العالم، وقداس سمع صوته فى أرجاء العالم، وخطابات تاريخية، وحوارات ملهمة، وغبطة لونت وجه البابا فرنسيس، اعتبرها المراقبون أنجح زيارات البابا تاريخياً، تجاوزت فى ألقها زياراته الخارجية جميعا، زيارة إلى بلد الأنبياء التى تطعم العالم قمح السلام.
البابا الذى صلى للرئيس المصرى ليس مجاملاً ولا مضطراً وليس عليه جناح، يكفيه الصلاة للسلام، يفتئت مَن فى نفوسهم مرض حديثاً لم يحدث، ويتمنون أن يكون قد حدث فى الزيارة ما يعكر صفوها، وإذا كانت السموات هكذا صافية ورق النسيم، وتملى البابا صفحة النيل فى ليل القاهرة الساحر، لماذا لا يلقون على وجه اللبن بعضاً من تراب أنفسهم.
وكأنه أول لقاء، وكأن البابا جاء يسعى لا للسلام، ولكن للبغضاء، يتناسون أن البابا استقبل الرئيس فى نوفمبر 2014 وكانت الصحافة الغربية الملموسة إخوانياً تتحدث عن مذابح ولا مذابح الأرمن، وهولوكوست ولا هولوكوست هتلر، استقبله وأحسن وفادته ولمس منه حرصاً على السلام، ورغبة فى أن يعم السلام أرجاء المعمورة.
البابا جاء تلبية لدعوة طيبة من السيسى، وما كان أغناه عن الحضور إذا كان فى نفسه بعض من ألم كالذى يروج له المؤتفكة قلوبهم، وقبل الحضور ضرب الإرهاب ضربته ليحول دون الزيارة ويحوّل عيد قيامة السيد المسيح عليه السلام مأتماً مصرياً، كم ذرف المصريون جميعاً من دموع على الشهداء، وشيّر الإخوان والتابعون حملة تخويف وترهيب للبابا، لو كان هناك فى خلفية البابا ما يستبطنه تجاه الرئيس لوجدها فرصة سنحت، ولكنه أصر على الزيارة على وقتها، ولم يمنح هؤلاء ما يتمنونه نكاية فى مصر والمصريين.
البابا فى مصر نحر قلب الإخوان والتابعين، فى مأتمهم يقيمون، ويشقون الجيوب، ويلطمون الخدود، ويوعوزون لعملائهم فى صحافة الغرب لبخس الزيارة، فلما كذبتهم الصورة والبث المباشر، استداروا على أعقابهم يكذبون، لقد وبخ البابا السيسى، وهناك وجه آخر وجانب آخر وحكاية أخرى، أضغاث أحلام ومحض أوهام شريرة، البابا عاد إلى روما فى «غاية السعادة»، بحسب الصحافة الإيطالية.
البابا وإن خرج عن النص موجهاً خطابه إلى الرئيس، بجملة «أخبرتنى قبل دقائق أنَّ الإله هو إله الحرية، وتلك هى الحقيقة»، والحقيقة أن البابا يحاور الرئيس على أرضية طيبة، خلقنا الله أحرارا، أليست هذه حقيقة؟.
وعندما يقول: «التاريخ لا يغفر لأولئك الذين يُبشِّرون بالعدالة ثم بعد ذلك يمارسون الظُلم، وأنَّ التاريخ لا يغفر لأولئك الذين يتحدَّثون عن العدالة ثم بعد ذلك ينبذون أولئك الذين يختلفون عنهم»، أليست هذه حقيقة مجردة؟.. وعظة بابوية من رجل دين يذكّر بالعدالة ويبشّر بالسلام ويبغض العداوة، من أين لهم هذه القدرة العجيبة على لى عنق الكلمات، حتى خطبة البابا لم تنج من براثنهم المخضبة بدماء المصريين؟!.
عودة البابا بأمان، ومرور الزيارة فى أمان، وفى استاد مكشوف، وتحركه ما بين الاتحادية والمشيخة والبطرسية والبطريركية، ما بين المعادى والعباسية، وهى من أصعب مناطق القاهرة ازدحاماً، وتألقه كما لم يتألق قبلا، وتألق مصر وهى تستقبله بقداس نادر أمّه 25 ألفاً من المدعوين، وثلة من المطارنة المقدرين.. كل هذا البهاء لا تقوى على احتماله جماعة تروم خرابها وصحافة مأجورة تكتب بحبر مسموم، طوبى للساعين للسلام.
نقلا عن المصري اليوم