بقلم الدكتور رؤوف هندي
حينما نطرق أبواب الكون البديع نراه يُعبّر بكل جمال وإبداع وتناغم عن التعدد والتنوع باللون والنغـم والظلال والورود والزهور وبأنهاره وبحاره ومحيطاته فالتنوع والتعدد رسالة الكوّن للبشرية تقول لهم إنكم بإمكانكم العيش في تناغم وسلام إذا اتخذتم من ثقافة الحواروالتعايش وقبول الآخرالمختلف نبراسا لكم في حياتكم تقول لهم أن التعدد والتنوع ثراء للإنسانية وثراء لكل دوائرالتنوع تقول لهم أيضا تخلّوا عن تقاليد بالية متخلفة عفا عليها الزمن هي رسالة سلام وحُب من الكون للبشر وشوف الكون ياإنسان واتعلمْ !
فلم يعُد مقبولا الآن في ظل قيم عالمية جديدة باتَ فيها العالم وطنا واحدا بفعل ثورة الإتصالات العلمية لم يعُد مقبولا الإستعلاءعلى الآخر أوإقصائه أو إستئصاله كما يحدث في بعض دول ومجتمعات الشرق لذا فعلى مسئولي تلك البلدان أن يعوا متغيرات العالم سواء أكانت سياسيةواقتصادية أواجتماعية وأن يدركوا ماطرأ من تطورات في نمط التفكير والذي على أساسه يتم التعامل بين الشعوب والثقافات والحضارات عليهم أن يدركوا وقبل فوات الآوان أن الحوار مع الآخر وقبول التعايش معه أمرلامفرّمنه ولابدأن يتحقق فهو أحد أهم المقومات الرئيسية الذي يضمن لك البقاء قي ظل منظومة العالم الإنساني ولاسيما أنَّ الحواروقبول التعايش مع الثقافات المتنوعة والعقائد المتعددة لشعوب العالم أجمع باتَ الآن في متناول كل الأمم وباتَ بإمكان كل إنسان أن يتطلع بمنظار واحد لهذا الكوكب الأرضيّ بكل مايحتوي من شعوب متعددة مختلفة الألوان والاجناس والثقافات والحضارات لذا فعلى شعوب الشرق والتي تخلّفت كثيرا عن الركب الحضاري والإنساني أن تفيق وتعي وتدرك وتتعلم معاييرالحوارالثري المثمر وأولها ألا يكون هناك تدنيّا واستعلاءً في لغة الحوارمنبعه فكرمسبق بأنه الأعلى شأنا ومقاما مثلا وثانيهما أن يكون لدي تلك الشعوب ومسئوليها ومثقفيها قناعة كاملة بثقافة احترام الفكر والمعتقد للآخر بل والتعايش معه كشريك في بناء الحضارة الإنسانية ليس بالكلمات الرنانة بل عليه أن يكافح ويثبت ذلك على أرض الواقع وأما ثالث تلك المعايير هي أن يؤمن كل طرف في الحوار بأنه لايملك الحقيقة المطلقة وأنَّ رأيي لاأفرضه عليك ولا أستقطبك إليه وإنما أدعوك للتفكيرفيه وفي الاخيرعليهم أن يدركوا أنَّ الآخرالحُر شرطٌ لوجوده هو أيضا حُر وأنَّ حريته تقف حينما تبدأ حرية الآخر وبكل تاكيد هذا كله يتطلب أن تتخلى وبقناعة كاملة عقول ومؤسسات عديدة عن اوهامها وتستوعب متطلبات عصرها وسمات زمنها حيث باتَ الإنسان هو أعظم الأرقام في معادلة الوجود وباتتْ حرية الفكر والمعتقد من الأسس الراسخة لكل المواثيق والعهود الدولية وباتَ إحترام المجتمع الدولي لأي دولة يُقاس بمدى أحترام تلك الدولة للحريات الشخصية والتي يأتي في طليعتها حرية الفكر والمعتقد لذا فعلى تلك الشعوب التخلي فوراعن التشبث بأنماط من السلوك عفاعليها الزمن وأعلم تماما أن القبول بتلك المتغيرات التي فرضها التطورالطبيعى للجنس البشريّ ليس بالأمر الهيّن لمن ترّبى ونشأ على أنه الأعظم بين الشعوب والأمم بل ويملك مفاتيح الجنة والنار لتسكين البشر فيها وفقا لرغبته وهنا سيكون المحكّ والمصير !
إنَّ القبول بثقافة الحواروالتعايش المشترك مع الآخرلم يعُد رفاهية بل ضرورةهامة وملّحة لبقائك ضمن منظومة العالم الإنساني بكل تنوعه وتعدده وإلا ستكون وبدون ان تدري معرضا للزوال والتلاشي لذا أطالب وفورا ومن اجل مستقبل أفضل لتلك الشعوب ولتلك المنطقة التي شهدتْ يوما مهد حضارات التاريخ أطالب بجعل ثقافة الحواروالتعايش مع الآخرمادة دراسية في مختلف مراحل التعليم وهذايضمن خلّق اجيال جديدة مدركة ومستوعبةلأهمية وضرورةالعيش في ظل التنوع والتعدد الإنساني ويضمن أن تعي تلك الأجيال كيفية أستيعاب الإختلاف بل ووضعه جانبا والتمسك بالقواسم المشتركة التي تجمع البشرويأتي في طليعتها القيم الإنسانية العليا واحترام فكرومعتقد كل إنسان فالتعايش والتكامل مع الثقافات والمعتقدات المتنوعة والمتعددة ضمن منظومة قانونية تـمنع التمييز وتجرّم التمييز على اساس المعتقد والفكر يضمن نهضة المجتمع وتقدمه ويضمن الإستفادة من كافة القدرات والكفاءات بدون إقصاء واستئصال للآخر بسبب معتقده وفكره مما سيكون له عظيم الأثر على التنمية والأزدهار والبناء والعدالة وفي رأيي أن البشرجميعا خُلِقوا لكي يحملواحضارة دائمةالتقدم من اجل ازدهارالجنس البشري وبأنه ليس من شيم الإنسان أن يسلك مسلك وحوش الغابةوبأن الفضائل التي تليق بكرامةورفعةوعزة الإنسان هي المحبةوالتسامح والرحمةوالأمانةوالألفة وخدمةالإنسان وكل هذه السمات تعدُّ بمثابة القوة الخلاقة والغرض الأسمى لوجود عالم الوجود.