الأقباط متحدون - وهم الإعجاز.. البذرة مصرية والثمرة مغربية
  • ٠٢:٤١
  • الثلاثاء , ٢ مايو ٢٠١٧
English version

وهم الإعجاز.. البذرة مصرية والثمرة مغربية

مقالات مختارة | بقلم:خالد منتصر

٣٢: ١٠ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢ مايو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

 منذ نحو خمسة عشر عاماً كنت قد كتبت سلسلة مقالات بعنوان «وهم الإعجاز العلمى»، صدرت بعدها فى كتاب بنفس العنوان، تحدثت فيها عن ظاهرة ما أطلق عليه الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة وخطرها على الدين والعلم على السواء، وكان د. زغلول النجار وقتها قد أفسح له المجال وفتحت أمامه أبواب الصحف والفضائيات المصرية ليعرض بضاعته الإعجازية على الناس، لدرجة أنه كان يكتب مقالاً أسبوعياً وبشكل منتظم على صفحة كاملة فى أكبر جريدة مصرية وهى «الأهرام»، ويقابل بكل السرور والحبور من الدولة التى كانت بالطبع تعرف إخوانيته، ولكنها فى إطار صفقة «لكم الشارع والناس ولنا الكرسى والسلطة»، تركت ولمعت كل الزغاليل الذين زيفوا الوعى ودمروا العقل والوجدان المصرى، بالطبع عندما صدر الكتاب انهال السباب وتطايرت الشتائم على العبد الفقير إلى الله، تم تكفيرى ولعنى على المنابر وفى الفضائيات نتيجة حماقتى وتجرئى على نقد د. زغلول ودخولى إلى حقل الألغام، حيث تزدهر بازارات الإعجاز وبوتيكات الوهم!، وبلغت الحرب ضد الكتاب ذروتها حين حاول د. فوزى فهمى وقتها طباعته فى مكتبة الأسرة لأنه اقتنع بفكرة الكتاب وكان يلمس مثلى خطورة تلك الظاهرة على تغييب العقل المصرى وتخديره بالأوهام، وافقت لجنة مكتبة الأسرة بالكامل على الكتاب ولكن د. على جمعة، الذى كان قد قرأ الكتاب أرسل للجنة فرماناً بمصادرة الكتاب وعدم نشره على الجمهور المصرى لأنه سيثير الفتنة، ولأن فيه إنكاراً لما هو معلوم من الدين بالضرورة!!، وحتى هذه اللحظة لم أعثر على آية واحدة فى القرآن تقول إن هذا الكتاب الجليل المقدس هو كتاب فيزياء وكيمياء وبيولوجى، ولم أجد حديثاً أو حتى نبوءة بأن د. زغلول يعتبر من المقدسات أو من ضمن الصحابة ويجب ألا يمس أو ينتقد!!، وأيضاً لم أعثر على دليل يقول إن من ينكر أن القرآن قد تحدث عن نظرية النسبية هو منكر لما هو معلوم من الدين بالضرورة!!، بالطبع لم يطبع الكتاب مرة أخرى وظل مطارداً منفياً حتى هذه اللحظة، ولكنه انتشر على النت انتشاراً رهيباً، تمضى الأيام وإذا بشباب من المغرب يرسل لى رسائل على الإيميل وإنبوكس الفيس بوك يخبروننى بأنهم قد قرأوا كتابى المتواضع وأنهم مقتنعون بكل كلمة فيه، وأن منهم من ناقش زغلول النجار نفسه فى ندوة عقدت أخيراً هناك وأحرجه ولم يجد منه رداً مقنعاً، لدرجة أنه غضب واتهمهم بأنهم عصابة أشرار!!، ويشكروننى على هذا الكتاب، أخيراً بعد خمسة عشر عاماً وبعد كل هذا الهجوم الشرس والسباب السافل والتهديد الصارخ والتربص الخانق، يظهر لى بريق أمل، ولكنه شعاع ضوء من نافذة الغرب من فاس، حيث عقدت ندوة زغلول النجار، تهاوت الأسطورة الكرتونية وانقشع غبار الوهم على أرض المغرب، أحرجه الشباب المغربى بأسئلة منطقية، حاصروه بمعارف القرن الحادى والعشرين التى من خلالها وبضغطة على الكى بورد عرفوا وتيقنوا أن كل ما يردده زغلول النجار فبركات وتلفيقات وبضاعة أتلفها الهوى الفاسد للإسلام السياسى الذى لم يترك ثغرة اجتماعية ولا إعلامية إلا ونفذ منها ليخرب العقل ويسمم الروح، كنت أتمنى أن يكون هذا على أرض مصر المحروسة، ولكن العالم صار قرية صغيرة وما حدث فى «فاس» لا بد أن نجد صداه قريباً فى القاهرة، تعلمت من شباب المغرب الذى أنقذنى من إحباطى أن دورى هو أن أبذر البذرة ولا أنتظر الحصاد، وأيضاً ألا أخاف من غربان الحقل وخفافيش الكهوف، فحتماً ستثمر البذرة ويبزغ النور، ولا بد من دفع فاتورة التنوير الذى للأسف نقاومه ونخشاه برغم أنه الحل والأمل.

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع