الأقباط متحدون | الأخوان: فزاعة وهمية أم مفزعة حقيقية؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:١١ | الاربعاء ٢٣ فبراير ٢٠١١ | ١٦ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣١٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الأخوان: فزاعة وهمية أم مفزعة حقيقية؟

الاربعاء ٢٣ فبراير ٢٠١١ - ٣٤: ١٠ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقام منير بشاى
مثل معظم المصريين تلقيت أخبار ثورة 25 يناير بالفرح والتفاؤل. ولكن مثل قلة من المراقبين كان تفاؤلى ممزوجا بالحذر. وكان سبب حذرى ادراكى أن هناك ذئاب متربصة لابد ستحاول سرقة الثورة لتحقيق مآربها الخاصة.  وكنت أقصد بالذات جماعة الأخوان المسلمين.  وقلت من البداية فيما كتبت من مقالات وما أدليت به من أحاديث للصحافة وعلى الفضائيات أن من لا يعتقد أن الأخوان سيحاولوا القفز على الثورة فهو واهم.  وكان هذا الرأى لا يحظى بشعبية كبيرة. وكان موقفى ان ثبت خطأه من الممكن أن يؤثر على مصداقيتى ومدى قدرتى على استقراء الحوادث.  كانت هذه مخاطرة منى على رهان كنت أتمنى أن أخسره، فلن يسعدنى على الإطلاق أن يثبت صدق ظنى نظير قفز الأخوان على الثورة كما هم جارى الآن. بل ولا أحس برغبة فى أن (آخذ بثأرى) من كل من استخفوا برأيى فأقول لهم " جالكم كلامى؟".

كان رأى غالبية الكتاب والمعلقين، حتى من بين الذين أقدرهم وأحترمهم، يميل الى التهوين من خطر الأخوان. بل ان بعضهم تمادى الى السخرية من المتخوفين واصفين اياهم أنهم وقعوا فريسة لفوبيا الخوف. واستعملوا تعبير "فزاعة" (بعبع) لوصف الأخوان بمعنى أن الاخوان كانوا فى رأيهم مجرد فزاعة مصطنعة استخدمها النظام السابق ليخيف بها الأقباط ويجعلهم بتمسكون به على اعتبار انه هو الوحيد القادر على أن بحمى الأقباط منه.
   
فى محاولة تتبعنا لمسيرة الثورة نلاحظ أنه قد بدأ الشباب احتجاجاته يوم الثلاثاء 25 يناير وكان واضحا أنهم جماعات من الشباب الراقى المتفتح الذى لا يميل الى التعصب الدينى. وكانت هتافاتهم تعبر عن توجهاتهم الدينية مثل "إيد واحدة..مسلم.. قبطى..مش مهم" ولكن لم تمض أيام حتى بدأنا نرى التحول فى منظر المتظاهرين الى أن وصلنا الى يوم "جمعة الغضب" حيث كان واضحا طغيان منظر المتظاهرين من المحجبات  والملتحين.
   
وبدأ ظهور الأخوان على الساحة وحققوا مكاسب تلقائية اذ تمكنوا من اعتراف  الدولة بهم بعد أن كانت جماعة محظورة. واضطر النظام الذى بدأ يهتز أن يسعى لرضاءهم ويطلب التفاوض معهم على مطالبهم بينما كانوا هم الرافضين فى البداية وأخيرا قبلوا ان يجلسوا مع نائب الرئيس ليعلنوا عن مطالبهم كقوة معارضة شرعية..
   
ومع ظهورهم على الساحة استعمل الاخوان دهائهم السياسى ليهدئوا من روع معارضيهم. فقالوا من البداية انهم لا ينووا ترشيح أخوانى لمنصب الرئاسة. وبدا هذا وكانه دليل فى يد من ينادون بعدم التخوف من الاخوان.  ولكن حتى اذا لم يكن الرئيس القادم منهم فهذا لا يعنى أنهم سوف لا يسعون الى محاولة السيطرة على المجالس النيابية ليصبح من يجلس على كرسى الرئاسة كالدمية فى يدهم يحركونه كما يشاؤن. وهناك سابقة تثبت مقدرتهم على تحقيق هذا عندما استطاعوا أن يحصلوا على 88 مقعد فى مجلس الشعب الآسبق وكان فى امكانهم أن يحصلوا على المزيد لولا تصدى الدولة لهم. كما أن نجاحهم فى السيطرة على النقابات المهنية هو دليل آخر على مقدرتهم على التنظيم والاستحواذ على السلطة حتى فى النقابات التى تشتمل على غالبية قبطية.
   
من الأسباب التى يقدمها من يحاولون التهوين من قوة الأخوان القول أن تعدادهم غير كبير وهو لا يزيد عن تعداد الأقباط بمعنى أن الأقباط اذا نظموا صفوفهم يمكنهم الغاء صوت الأخوان. هذا الرأى لا يأخذ فى الإعتبار عدد المواطنين المتعاطفين مع الاخوان وهم أضعاف عدد الاخوان. وقد استطاع الأخوان أن يضموهم الى صفوفهم عن طريق تقديم خدمات خيرية واجتماعية لفقراء المسلمين. هؤلاء المواطنون مستعدون للتصويت لصالح المرشح الذى يرفع شعار الأسلام هو الحل بعد أن جربوا الاشتراكية والرأسمالية فزادت حالتهم سوءا وهم الآن مقتنعون أن الوقت قد جاء ليجربوا الإسلام عسى أن تتحسن أحوالهم.
   
ولكن المتخوفين من الأخوان يعرفون جيدا تاريخهم القديم ويدركوا انه المؤشر الصادق لإدائهم المستقبلى. فالجماعات التى تبنى على أيديولوجيات دينية لا تغير مواقفها حتى وان ادعت بذلك كوسيلة تكتيكية لكسب تعاطف الناس. فمن المؤكد أن لون جلدهم سيظهر من جديد بعد أن بضيع التلون الزائف بمرور الزمن.
   
فموقف الأخوان من الأقباط لا يتغير لأنه يبنى على عقيدة ثابتة حتى وان أنكروها. وهو باختصار أن الأقباط أهل ذمة يجب أن يدفعوا الجزية. قالها منذ سنوات مرشدهم الشيخ مشهور وكرروها منذ أيام. والآخوان هم أصحاب المقولة الشهيرة أن المسلم الماليزى أقرب لهم من القبطى المصرى بل ان مصر كوطن لا قيمة له بالنسبة للأخوان وما زلنا نتذكر قول مرشدهم "طظ فى مصر" فمصر بالنسبة لهم هى مجرد اقليم فى نطاق الولاية الاسلامية الكبرى التى بحلمون لتحقيقها. ومع انتشار الثورات فى العالم العربى يدرك الاخوان أن حلمهم أصبح الآن قريبا من التحقيق.
   
موقف الأخوان من بناء الكنائس معروف ومسجل عليهم وهو أنه لا يجوز بناء كنيسة فى ديار الآسلام. فلا يجوز بنائها فى مدينة العاشر من رمضان لانها بلد أنشأها المسلمون كما لا يجوز بنائها فى مدينة الاسكندرية لآنها بلد فتحها المسلمون بالقوة. هذا يناء على رأى مفتى الأخوان محمد عبد الله الخطيب.
   
أما ميول الأخوان للعنف فهى جزءا من أيديولوجيتهم فهم الذين يقسمون على القرآن والمسدس قبل قبولهم فى عضوية الأخوان. وتاريخهم ملطخ بالدماء ومنها قتل القاضى الخازندار ونسف محكمة الآستئناف واغتيال على ماهر والنقراشى.
   
وقد ظهرت سطوتهم ومحاولتهم القفز على الثورة فى الأسابيع التالية لثورة الشباب. ففى يوم الجمعه 18 يناير احتكروا المنصة ومنعوا من ان يعتليها مسلم معتدل وأحد قواد ثورة الشباب وهو وائل غنيم وأيضا منعوا الناشط القبطى د. وليم ويصا.
   
ان تطورات ما بعد المظاهرات تدعو للقلق. فحرص السلطة الحالية على مراضاة الأخوان بتعيين طارق البشرى  رئيسا للجنة التعديلات الدستورية وتعيين أحد أعضاء الاخوان عضوا فيها لهو مؤشر لما سيكون عليه توجهات الحكم الذى كنا نرجو أن يكون علمانيا طبقا لمطالب شباب الثورة. كما أن قرار السلطة الحاكمة السماح لبارجتين حربيتين تابعة لايران عبور قناة السويس هو مؤشر أخر لما ستكون عليه علاقات النظام الجديد بالدول الاسلامية المصدرة للارهاب.  أضف لهذا التصريح بحزب جديد أنشأه الأخوان تحتى اسم "حزب الحرية والعدالة". ثم السماح للشيخ القرضاوى وهو أخوانى قديم بالعودة الى مصر وأن يأم المصليين فى ميدان التحرير مع أنه كان ممنوعا من دخول مصر. وكان رجوعه واستقبال الإخوان له استقبال الفاتحين رمزا له دلالته يعيد للذاكرة رجوع الخمينى الى ايران بعد سقوط الشاه وقيام الثورة، كل هذه مؤشرات تشير الى أى اتجاه تسير عليه الأمور فى مصر الآن.
   
لقد عانى الأقباط  الكثير فى ظل نظام الرئيس مبارك. وكان واضحا أن موقف الرئيس مبارك من الأقباط يحكمه ليس كراهيته الشخصية لهم بل تخوفه من التيار الأسلامى العنيف وعلى رأسه الأخوان. ومن سخريات القدر أن يتم استبدل نظام كان يظلمنا خوفا من الآخوان بنظام يتربع فوقه الأخوانّ أنفسهم. والغريب أن نرى بعض الأقباط يهللون لهذا ويفرحون.
   
المستقبل ينبىء بمفاجئات كثيرة قد تكون مؤلمة لللاقباط ولمصر. ولا أملك سوى أن أقول: ربنا يستر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :