الأقباط متحدون - أسأل ولا أخشى إزدراء الرأى!
  • ١٨:٥٩
  • السبت , ٦ مايو ٢٠١٧
English version

أسأل ولا أخشى إزدراء الرأى!

مقالات مختارة | مفيد فوزي

٢٨: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٦ مايو ٢٠١٧

مفيد فوزي
مفيد فوزي

لا أحد يزايد على حبى وتقديرى للرئيس السيسى ومبعث هذه المشاعر المتنامية حقائق ثلاث:

الأولى: أنه «أعاد» مصر المختطفة ذات يناير!.

الثانية: أنه «أعاد» بناء الدولة الحديثة بإجراءات اقتصادية موجعة ولكنها كانت تؤجل من زمن إلى زمن ولما كبر الورم وصار استئصاله ضرورياً جاءت «عملية» تعويم الجنيه وراهن على تحمل المصريين وصبرهم على الآلام المؤقتة، وكسب الرهان.

الثالثة: أنه «أعاد» كينونة مصر فى العالم الخارجى بعد تشرذم سمعتها فى المحافل الدولية وكان ختامها زيارة بابا الفاتيكان برسالة سلام فى أرض السلام، وهى زيارة غير مسبوقة تبث رسائل مهمة أصغى لها العالم باهتمام.

من هنا أشعر أن لمصر رئيساً مصرياً وطنياً مخلصاً. وقلبه فى مكانه الصحيح وله ضمير. ومن هنا كانت عبارتى المصكوكة بشخصى أنى «أبلع له الظلط»، لأن كل ما يفعله يصب فى خير مصر وأنه ينظر للمستقبل بعين مفتوحة أكثر مما تهمه اللحظة الآنية تحت قدميه. إن مصارحة السيسى ببعض أخطاء الممارسة السياسية ليست من المستحيلات طالما أنى أعيش على نفس الموجة ونفس الذبذبات وننطلق من نبع واحد هو مصر. إننى - دون خوف أو وجل - أستطيع أن أكتب رؤيتى المتواضعة فوق الورق، وأملك - دون خوف أو وجل - أن أقول على هواء الشاشات ما أعتقده ولا يحركنى إلا مصريتى بالتاريخ والجغرافيا. فلست باحثاً عن مكسب أو غنيمة. صحيح أنا إعلامى القروش ولست إعلامى الملايين ولكنها مستورة وأردد كما علمنى الشيخ الشعراوى «الحمد لله» لأصون النعمة. لا يزال السيسى متواضعاً، تواضع العشب ولم نر له وجهاً ديكتاتورياً. فنحن نتكلم علناً وننتقده علناً ونقابله فى مؤتمرات الشباب، نفتح قلوبنا معه وتتقلص المساحة بيننا وبين الرئاسة والحكومة فى تناغم وبلا عصبية.

لن أكتم أنه فى يوم ما، طرق الخوف قلبى وأعلنت ذلك يوم القبض على صلاح دياب، مؤسس «المصرى اليوم»، وأعاد لنا حكاية زوار الفجر فى زمن عبدالناصر. لن أكتم أنى قررت الكتابة فى موضوعات لا تمت للسياسة بصلة، وطرق الخوف قلبى عندما عادت الكاتبة فاطمة ناعوت لتقف أمام قضاتها بتهمة ازدراء الأديان وكنت أستشعر الخوف عليها من القضبان، لن أكتم أن صمت إبراهيم عيسى المفاجئ على الشاشة زرع قلقاً فى صدرى.

■ ■ ■

أريد أن أضع تعريفاً نتفق سوياً عليه وهو من هو «المنافق»؟، إنه من يبحث عن مال أو منصب أو «ستر رئاسى». وأنا لم أنتقل من شقتى منذ 30 عاماً إلى كومباوند. ولا أملك سيارة مرسيدس ولا أملك أرضاً فى ناحية ولست شريكاً فى محل فول وبصارة، ليس لدىَّ سوى قلم وحنجرة أصيبت ذات يوم بحويصلة على الأحبال الصوتية، وعالجنى «الريس مبارك» على نفقة الدولة فى فرنسا. أنا أحفظ الجميل وأعترف بالفضل لصاحبه بلا تردد أو حسابات. أنا أتكلم عن السيسى بلا هدف أو غرض ونصيبى من الحياة منحنى قناعة وكانت تحمينى من صراع المناصب والنفسنة القاتلة، ولدىَّ يقين أن الرئيس السيسى قد «قرأ» المجتمع المدنى جيداً وعرف الصالح والطالح وصارت رؤيته ثاقبة فى النشر ولم يفقد إيمانه قط بالمصرى الأصيل، وعنده ميزان دقيق يزن به المنافق وغير المنافق!، لديه «بصيرة».

حاورت المسؤولين الكبار فى الدولة المصرية مبكراً: رئيس الجمهورية ورؤساء الوزراء والوزراء والشخصيات العامة والفنانين المؤثرين، حتى نجوم الرياضة العظام. الشاهد على كلامى قناة «You Tube» فهى ذاكرة المصريين على الموبايل.

كنت أتمنى الاشتراك فى مهرجان الإسماعيلية للشباب لكنى كنت أحضر حفل تكريمى فى منتدى الإعلام الدولى بالكويت كشخصية مصرية أعطت نصف قرن من الجهد لمصر. كنت سأنتهز هذه الفرصة الذهبية من «حلقات المصارحة» فى لقاء الإسماعيلية لأسأل الرئيس ما استطعت إلى ذلك سبيلاً:

■ كنت أريد أن أسأل عن «خالد حنفى»، وزير التموين الأسبق، هل هو برىء أم طاله الاتهام وقيد المحاكمة، وإذا كانت التحريات لم تصل إلى شاطئ. فـ... بئس العدالة البطيئة. ولا يزال الغموض يحيط باسم خالد حنفى الذى لا أمت بأى صلة له سوى أنى مواطن مصرى يستفسر عن وزير جلس يوماً على مقعد الوزارة!.

■ كنت أريد أن أسأل الرئيس عن وزير التموين الذى جاء من إدارة الإمداد والتموين التابعة للجيش وملابسات خروجه من الوزارة، وقد أصابنى هذا بالانزعاج واقترب الأمر من فقدان الثقة.

■ وتمنيت لو أن الرقابة الإدارية تلجأ لمنطق «التصويب» قبل سقوط المخطئ فى حظيرتها. فالتصويب هو إعادة رؤية إدارية مفيدة فى العمل العام، وجل من لا يخطئ. وتعلمنا أن من يعمل يخطئ ومن لا يعمل لا يخطئ. وعند أدبيات «ماو» فى الصين يقول: «إن النظرية تصاغ فى التطبيق» أى أن المسار العملى للنظرية قادر على تصويب طريقه فى التنفيذ. والناس تتساءل همساً ماذا أخرج اللواء من الحكومة؟! وهل الرقابة الإدارية بعبع هذا الزمان؟!.

■ تمنيت أن أستفسر عن الوزير د. أحمد درويش ومهمته المكلف بها من الرئيس لإقامة حياة شرق القناة. ما هى أخطاء الرجل المشهود له بالكفاءة؟، هل دخل حلبة الصراعات ولا يدرى؟، هل كان مرصوداً كمدنى فى موقع يتطلب خلفية عسكرية؟، ولماذا كان الاختيار منذ البداية؟، هل قصد إفشال الرجل؟ هل تآمرت عليه ظروف أخرى لا نعرفها؟، ولماذا الرحيل بعد تقرير شفاف؟ ولا يزال الغموض يحيط باسم الرجل.

■ ■ ■

الساكت عن الحق شيطان أخرس...

اتصل بى بعض الأصدقاء المحترمين الذين عُرض عليهم فى أوقات متفرقة «مناصب الدولة» وكانت إجاباتهم الاعتذار بأشكال مختلفة. منهم من اعتذر لأسباب صحية ومنهم من اعتذر لأسباب شخصية ورفضوا الإفصاح عنها. قال لى بعض هؤلاء تعليقاً على «إعفاء» د. أحمد درويش من منصبه: كنا على حق. فالمنصب الآن فخ!. وقال آخر: لا أحب فى نهاية حياتى «بهدلة» بهذه الصورة!. وقال ثالث: كان أجدى الاعتذار من البداية فكيف تصور د. درويش أن هذا زمانه؟!. وقال رابع: تصور أن الصحف تقول «درويش: متهم أم ضحية؟»، هل حلم د. درويش أن يجد نفسه متهماً وهو ذاهب ليزرع شجرة لمستقبل الأيام؟. وقال صديق عاقل: لم أتوقع للأخ أحمد درويش البقاء طويلاً فى منصبه بل أدركت أنها مجرد «بروفة» ليأتى من هو صاحب خبرة بحرية بخلفية عسكرية. من البداية كان د. درويش اختياراً خاطئاً!.

أرجو أن أستنبط من هذه التفسيرات والشروحات، الأسباب العميقة لعزوف البعض عن المناصب، وكذلك الاختيار العشوائى لبعض المناصب بل الاختيار الخطأ لبعض الأسماء. ومعنى هذا أن الرجل الكفء ينسحب ويخسر البلد «عقلية» بناءة. أريد أن أشيد بجهد «الرقابة الإدارية» التى تحارب وتضبط وتكافح إرهاب الفساد ولكنى أعيب عليها أو على الصحف النشر، فهناك تحقيقات ومتهمون وأبرياء ثم إن الخطأ وارد. وأظن أن الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران قال مقولة شهيرة «إن دولاب العمل يسمح بنسبة خطأ ما»، ولعل «تصويب» الخطأ الوارد أفضل من التمادى فى الأخطاء واستفحالها بحيث يصعب علاجها. إننى أحاول حسب تجربة طويلة مع العمل العام كصحفى أن أبحث بصدق نية عن ضوابط العمل العام وتحصينه بالضمانات وتصويبه إن أمكن.

■ ■ ■

لابد من الإدراك أن المناصب محاطة بأشواك الصراعات والبعد عنها غنيمة، ولكن فى حالة بلد يبنى بعد «هدر طاقته» لابد من كفاءات عقول مصرية، ويظل السؤال: كيف نضمن احترام الشخصية حتى النهاية؟ كيف نضمن «المناخ» الذى يساعد على «الإبداع الإدارى» بدلاً من الصداع والتنغيص والحصار والتجريس فيما بعد؟!.

إن معادلات السلطة صعبة وتبدو أحياناً غامضة ومغلقة.

إن دخول المنصب «مش زى الخروج منه» فى مصر.

هناك فرق!! نعم، أنا أسأل وأستفسر حتى لا أحيا فى غابة من الأسئلة بلا إجابات. غابة تلفها أشجار كثيفة متشابكة الأغصان وتسكنها القردة والثعابين.

أسأل رئيس مصر الذى اخترته بإرادتى وعقلى وضميرى، ولا أخشى إزراء الرأى.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع