الأقباط متحدون - الأنبا أغاثون يكشف تفاصيل خطيرة في أزمة المعمودية
  • ١٩:٣٧
  • السبت , ٦ مايو ٢٠١٧
English version

الأنبا أغاثون يكشف تفاصيل خطيرة في أزمة المعمودية

مريم راجى

بيانات وحملات

٥٨: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٦ مايو ٢٠١٧

الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة
الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة

حوار: مريم راجى
فى إطار متابعتنا للأزمة القائمة منذ عدة أيام عقب ما تردد عن توحيد سر المعمودية بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية. نجرى اليوم حواراً مع نيافة الحبر الجليل الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة ورئيس رابطة خريجى الكليات الاكليريكية عن رأى نيافته فى هذه الأزمة وأسبابها وموقف المجمع المقدس منها ومما تردد عن توقيع اتفاق بين الباباوين... إليكم نص الحوار:

س: ما موقف الكنيسة ونيافتكم من الحوار مع الكاثوليك وهل هو متوقف أم مازال مستمراً؟
ج: نحن مع الحوار. وقد بدأ الحوار بعد توقف استمر لمدة 15 قرن، بدأ فى حبرية قداسة المتنيح البابا شنودة الثالث فى عام 1973 حيث ذهب قداسته فى زيارة لروما، وتقابل مع البابا يوحنا بولس بابا روما. واتفقا على بدء الحوار، وظل الحوار قائماً منذ عام 73 حتى عام 1990 حول المشكلة التى أدت لشق الكنيسة إلى نصفين. بعدها تم قبول الأمر الخاص بطبيعة السيد المسيح؛ لكننا فوجئنا بالإخوة الكاثوليك يعقدوا اتفاقية مع النسطوريين (الذين يؤمنوا بطبيعتين منفصلتين للسيد المسيح) فاستنكرنا اتفاقهم مع مجموعة تؤمن ضد مجمع أفسس وضد البابا كيرلس عمود الدين. وبناء عليه توقف الحوار آنذاك.

أؤكد أننا مع الحوار والوحدة المشروطة، حيث يتم تشكيل لجنتين من الكنيستين، ليدرسوا ما سيتم التحاور بشأنه، ثم يرفعوا تصوراتهم للمجمع المقدس إما يقبله أو يعّدله أو يرفضه، لأن المجمع المقدس هو السلطة الكهنوتية العليا فى الكنيسة برئاسة البابا.. هو بمثابة السلطة القضائية والتشريعية فى الكنيسة. لكن عمل وحدة بدون شروط وحوار فهى مرفوضة شكلاً وموضوعاً. وما تم مؤخراً كان بدون حوار ومن وراء ظهر المجمع المقدس، لأن المجمع لم يأخذ علم بما سيتم بين قداسة البابا تواضروس وبين الكاثوليك. وقداسته يعلم أن كنيستنا كنيسة مجمعية منذ تأسيسها  وبنعمة ربنا ستظل هكذا حتى مجئ الرب الثانى. عكس الكنائس الأخرى. وهذا هو سر قوتها واستمرارية عقيدتها وإيمانها صحيحاً.

فوجئنا بقداسة البابا يريد عمل اتفاق مع الكاثوليك للاعتراف بمعموديتهم وقبولها. علماً بأن هذا الموضوع سبق عرضه على المجمع المقدس فى 2014 مع موضوع عيد القيامة، وكلاً منهما رُفض بالإجماع فى اللجان الفرعية. واعتقدنا أن الموضوع اُغلق على ذلك. حتى فوجئنا باتفاقية تتم من وراء المجمع المقدس. ومع احترامنا وتقدرنا لقداسة البابا (أبونا الكبير) نحن لا نقبل إطلاقاً اتفاقية تتم مع كنيسة خارج المجمع المقدس، وذلك حسب لائحته المُعتمدة.

مؤخراً تم عرض الموضوع مجدداً قبيل زيارة بابا الفاتيكان، عُرض على مقررى اللجان، الذين لا يتجاوز عددهم حوالى 15 أب أسقف، وقد وافق بعضهم فيما رفض البعض الآخر. وحتى لو وافقوا بالإجماع؛ فهذا لا يعطى الصلاحية لهم أو لقداسة البابا أن يقرروا شيئاً دون موافقة أغلبية المجمع المقدس. من حق قداسة البابا أن يقترح ما يخص الإيمان، لكن ليس من حق قداسته أن يقرر أمر مصيرى يخص العقيدة والإيمان بدون المجمع. يجب أن يدرس الأمر ويرفع للمجمع فى لجنة عامة، ويعرف رأى كل عضو بالمجمع ولازم موافقة أكثر من 3/4 الأعضاء أى موافقة 75 % من أعضاء المجمع المقدس.

س: نيافتكم قمت مؤخراً بإعداد ورقة بحثية بعنوان "معموديات قانونية صحيحة وأخرى غير قانونية وباطلة" أرجو نيافتكم توضح لنا ما جاء بهذه الورقة؟
ج: هذا البحث ليس كلامى الشخصى؛ إنما هو كلام المجامع المحلية والمسكونية مثل مجمع قرطاجنة وأخرى ومجمع نيقية المسكونى 325 الذى حضره 318 بطريرك وأسقف من كل كنائس العالم، بما فيهم كرسى روما وكنائس أخرى، كانت ترى أن معمودية الهراطقة صحيحة، فى المادة الثالثة من مجمع نيقية أمر وقرر ببطلان المعمودية التى تمت على يد إناس انشقوا عن الكنيسة الجامعة. هدفى من هذه الورقة هو التذكرة والتوضيح أن هناك ثوابت إيمانية لا يمكن التفريط فيها. لذلك تعيد كنيستنا معمودية من ينضم إلينا من الكنائس التى انشقت عن إيمان الكنيسة الجامعة. من قال أن معمودية الكاثوليك وغيرهم من منشقين باطلة ليس أنا؛ وإنما المجامع المحلية والمسكونية.

س: البعض يرى أن رفض توحيد المعمودية هو عدم محبة منا للكاثوليك، ما تعليق نيافتكم؟
ج: هذا كلام غير صحيح إطلاقاً؛ رفضنا ليس كره وإنما تمسك بالإيمان وعقيدة الكنيسة التى أقرتها الممامع المسكونية. الكاثوليك هم أخوتنا وأبنائنا ونحن نحبهم من قلوبنا، لكن الرب الذى أوصى بالمحبة هو نفسه الرب الذى أوصى بالتمسك بعقيدة وإيمان الكنيسة. لا يمكن الفصل بين وصية المحبة وبين التمسك بالعقيدة الصحيحة. مثال القطار الذى يلزمه أن يسير على قطيبين. وإذا نُزع أحدهما سيضيع القطار بأكمله. بيننا وبين الكاثوليك محبة، لكن لديهم بعض الاختلافات الجوهرية مثل: انبثاق الروح القدس من الأب والابن، المَطهر، خلاص غير المؤمنين والزواج المختلط مع غير المسيحيين... إلخ حتى نتوحد يلزم الحوار أولاً. مبدأ المحبة موجود لكن يجب الحوار أولاً.

س: ما رأى نيافتكم فيما تروجّه مجموعة المستنيرين الجُدد من مزاعم عن المتمسكين بالعقيدة الأرثوذكسية واتهامها إياهم بالتشدد.
ج: أوصانا الكتاب المقدس بالتفريق بين التشدد وبين التمسك بالإيمان الصحيح؛ القديس يهوذا قال لنا: "اجتهدوا من أجل الإيمان المُسّلم مرة للقديسين". والقديس يوحنا اللاهوتى رسول المحبة قال من جهة مَن يفّرط أو يغّير فى إيمان الكنيسة: "لا تقبلوه فى البيت ولا تسلموا عليه، لأن من يسلم عليه يشترك فى أعماله الشريرة". هناك فرق بين التمسك والتشدد؛ ونحن متمسكين غير مُفرّطين ولسنا متشددين. ولو فعل القديس أثناسيوس ما ينادى به أولئك الآن لما وجُدت الآن مسيحية تؤمن بلاهوت المسيح. ولو فعل البابا تيموثاوس فى مجمع القسطنطينية بما ينادى به أولئك الجُدد، لكان اختفى الاعتراف بالروح القدس. ولو قبلت كنيستنا بفكرة أن المسيح طبيعتين وأن العذراء مجرد إنسانة وأنها ليست والدة الإله، ما ظل الإيمان المسيحى بهذه الصورة. أولئك جُدد مدفوعين من أفكار غربية غير أرثوذكسية، حتى لو كان بعضهم داخل الكنيسة ولا نوافقهم لأنه لو أُخُذ بأفكارهم، لهدموا الكنيسة رأساً على عقب.

س: نريد من نيافتكم توجيه رسائل لثلاث فئات من الأقباط .. أولاً للأقباط والشباب الذين باتوا فى حيرة بعدما تردد عن توحيد المعمودية.. ماذا تقول نيافتكم لهم؟
ج: لم يحدث توحيد إطلاقاً. وإذا كان حدث فنحن نرفضه اسماً وموضوعاً ونطلب من قداسة البابا وسكرتير المجمع المقدس إظهار الوثائق الرسمية، بحيث تطلع عليها مجموعة من الأحبار الأجلاء مطارنة وأساقفة.

أقول لشبابنا أنتم مستقبل كنيستنا وأقدّر للشعب القبطى وقفته وتمسكه وحرصه على إيمان كنيسته الأرثوذكسية، الذى أظهر معدنه الأصيل فى محبتهم وثورتهم على التوحد بدون حوار وبدون شرط. ونطالبهم بالتعبير عن رأيهم بدون خطأ أو تعدى.

ثانياً: كلمة للفئة الثانية التى تطالب بضرورة نشر الوثيقة الأصلية الرسمية المُوقّعة من كلا الباباوين.. ماذا تقول نيافتكم لهم؟
ج: نحن مع مَن يطالبون بإظهار الوثائق الأصلية الرسمية وليس صور منها. على أن يطلع عليها مجموعة من المجمع المقدس للتأكد من صحة كل ما جاء بها. وينبغى أن يصدر قرار من المجمع المقدس بخصوص ما تم حتى لا يمر هذا الأمر مرور الكرام، وحتى لا يتكرر ثانية فى الحاضر والمستقبل.. حتى الآن لم تظهر الوثائق الحقيقية.

س: هل نيافتكم ممن عُرض عليهم الوثيقة قبل التوقيع أم لا؟
ج: لم نعلم رسمياً بالتوقيع، وعلمنا من تسريبات. وكنت من الناس الرافضين. وأرسلت إيميل لقداسة البابا والأنبا رافائيل طالبتهما بتحويل الموضوع للمجمع المقدس الذى يدير الكنيسة برئاسة قداسته، وقلت نفس الكلام لنيافة الأنبا رافائيل. وأعدوا جروب للأباء الأساقفة؛ فكتبت رأيى وعدم موافقتى على توقيع وثيقة أو بيان بدون علم المجمع المقدس. وأخيراً أكدت  أننى قلت رأيي شهادة للتاريخ ولتبرئة نفسى أمام الله والكنيسة.

س: هل تلقيت نيافتكم رداً من قداسة البابا أو من نيافة أنبا رافائيل؟
ج: اطلاقاً.. لم يردا علي أو على آخرين.

س: أغلب الأقباط يستنكروا صمت المجمع المقدس ويطرحوا العديد من التساؤلات عن موقف أعضاؤه.. ماذا تقول نيافتكم لهم؟
ج: الوثيقة ليست مع المجمع؛ وإنما مع قداسة البابا ونيافة الأنبا رافائيل، لأنهما كانا طرفاً مع الكنيسة الكاثوليكية. والمجمع مش ساكت فقد أعلن رفضه لهذا الأمر الذى تم من ورائه. ولجان المجمع ستنعقد قبل العنصرة وأكيد سيُطرح هذا الأمور بها وسيؤخذ قرار بشأنه.

س: البعض قال أن عدد من الأحبار كانوا موجودين فى الكاتدرائية يوم الزيارة، فكيف لم يعلموا بأمر التوقيع على وثيقة توحيد المعمودية؟
عندما تم تسريب أمر الوثيقة والاتفاق، هناك أباء رفضوا ورفضوا بشدة، وهناك أباء وافقوا. أما ما كُتب مؤخراً عما دار بين قداسة البابا تواضروس وبابا روما فلا يعلم أحد عنه شيئاً سوى قداسة البابا والأنبا رافائيل. ولم يطلعا أحداً على نص الوثيقة. وهذا أمر ليس من حقهما؛ إنما من حق المجمع كله على رأسه قداسة البابا. حتى لو كان الأمر ليس توحيداً للمعمودية؛ فكان يجب أن يرجعا للمجمع المقدس قبل التوقيع على أى شئ. وهذا أمر سُجل فى التاريخ ضدهما وهو ليس فى صالحهما.

س: بمناسبة الحديث عن التسريبات.. ترددت معلومات مفادها أن ما تم التوقيع عليه هو 4 وثائق، اثنتين منهما تضمنتا "نسعى جاهدين نحو عدم إعادة المعمودية" فيما تضمنتا الاثنتين الأخرتين قرار نهائى بتوحيدها وعدم إعادتها.. فما هو تعليق نيافتكم؟
ج: هذا ما سمعناه. حتى موقع الفاتيكان نشر وثيقتين فعلاً – غير معتمدتين - إحداهما ب "نسعى جاهدين" والأخرى ب "قررنا" وهذا الأمر يشغلنا كثيراً. وحتى الآن مش عارفين هل قداسة البابا وقّع على وثيقة " نسعى..." أم وقّع على قبول المعمودية وعدم إعادتها. وقد صرّح مطارنة الكاثوليك بأن التوقيع على وثيقة "نسعى" كان لتهدئة الأقباط الأرثوذكس فقط. لدينا تشكك كبير بوجود وثيقتين. ونطلب إظهار الحقيقة، حتى يستريح الأقباط، لأن المجمع المقدس مسئول عن إيمان الكنيسة منذ 21 قرن.

س: ما تعليق نيافتكم على تصريحات الأنبا يوحنا قلته منذ زيارة بابا روما والتوقيع وحتى اليوم؟
ج: نرفض تلك التصريحات اسماً وموضوعاً. لقد اتهمنا الأنبا يوحنا بالتشدد ورفضنا الرد عليه وقتها. نحن متمسكين ولسنا متشددين. عاوز أقول للأنبا يوحنا أن أباك وجدك كانا قبطيين أرثوذكسيين قبل دخول الكثلكة مصر. ونحن نرفض بشدة قرار عدم إعادة المعمودية.

س: نريد كلمة من نيافتك للفئة التى ترى أن اتفاق المعمودية يقّرب الوحدة بين الكنيستين وما يتم ضده الآن هو مؤامرة؟
ج: نحن مع الوحدة المشروطة. ما تم حدث من وراء المجمع وهذا ليس فى صالح الوحدة. ولو كان عُرض على المجمع وتم دراسته، كان الوضع سيختلف تماماً عما نحن فيه الآن. غضب الأقباط وردود فعلهم الثائرة الآن بسبب إتمام الأمر خلسة فى الخفاء. تاريخ الكنيسة يؤكد أن كل قرارتها تتم بموافقة الأغلبية وليس بقرارات منفردة.

س: يتردد الآن أن كل إيبارشية ستتعامل مع الموضوع حسب رأى أسقفها، بمعنى أن نيافتك رافض التوحيد وبالتالى سيلتزم الأباء الكهنة بتوجيهات نيافتكم، والعكس صحيح بالنسبة للأباء الأساقفة الموافقين على قرار التوحيد... ما تعليق نيافتك على هذا الكلام وكيف ترى الوضع فى ظل هذه الأمور؟
ج: التوقيع لن يغير شئ فى قواعد الكنيسة وقوانينها التى تسير عليها منذ القِدم. لأنه يجب صدور قرار من المجمع المقدس بشأن عدم إعادة المعمودية. وهذا لن يتم إلا بعد حوار مسكونى يوافق عليه المجمع. وإذا وجُدت أقلية من الأحبار غير موافقين؛ فيجب عليهم الخضوع لرأى الأغلبية. مفيش حاجة اسمها كل أسقف حسب رأيه.. أحنا مش طوايف.. نحن كنيسة مقدسة جامعة رسولية. والأسقف الذى يحيد عن الإيمان الأرثوذكسى، فمن حق المجمع أن يعاقبه. القرار جماعى وليس فردى.

س: هل تريد نيافتكم إضافة كلمة أو رسالة أخيرة؟
ج: نطلب من الله أن يحافظ على كنيسته كما تسلمناها، لأنها وديعة وقد تعهد كلاً منا يوم رسامته أسقفاً أن يحافظ على الإيمان ونسّلمه صحيحاً. وأى تغيير للخطأ يوقعنا فى دينوية. لذا يجب علينا أن نتمسك بإيمان كنيستنا الذى استشهد من أجله الآلاف والملايين عبر العصور، ومازالوا يستشهدوا حتى اليوم. لهذا  دعيت كنيستنا بكنيسة الشهداء. نطلب من ربنا أن ينظر إليها لأنه غرسها بدمه. ولى ثقة أن كنيستنا راسخة مثل الجبل منذ 21 قرن وسوف تظل وتُسّلم كما هى.