طارق نور.. ليس مجرد اسم لأحد أهم خبراء الإعلان فى مصر إنما هو «علامة تجارية» مميزة، ولا يمكن اختزاله فى القول بأنه أشهر صوت إعلانى إنما هو أحد مؤسسى علم الإيجاز والإقناع.. هو الساحر الذى يمكنه أن يغير قناعاتك تجاه منتج أو شخص فى ثوان معدودة ويقنعك أنه الأفضل والأهم. عشنا طوال الثمانينيات والتسعينيات نردد إعلاناته ليس باعتبارها مجرد إعلانات عن منتجات إنما مقطوعات فنية تعكس وتعبر عن هويتنا الثقافية والاجتماعية.. طارق نور صاحب واحدة من أهم محطات التليفزيون (القاهرة والناس) التى أثارت جدلا شديدا بسبب ما يقدم على شاشتها، خاضت حربا ضروسا ضد الإخوان ومع بداية عهد جديد كثر تحرش السلطة بها بسبب برنامج إبراهيم عيسى لتعكس فى وقت حساس جانبا من علاقة السلطة بالإعلام وحجم التوتر بينهما.
فى هذا الحوار يكشف طارق نور شكل علاقته بالسلطة ويوضح أسباب التوتر بين الدولة والإعلام من جانب وبين الدولة ورجال الأعمال من جانب آخر ويقدم روشتة للخروج الآمن للجميع.. وإلى نص الحوار.
■ حالة من عدم الثقة المتبادلة والتوجس تغلف العلاقة بين الدولة والإعلام مؤخرا فما تفسيرك؟
- توجد مشكلة حقيقية بين الطرفين سببها الأساسى نقص المعلومات وتخوف الدولة من حق المواطن فى المعرفة، فمن مصلحة الدولة أن تشرك الإعلامى فى أمور البلد قبل اتخاذها للقرارات الصعبة وليس بعدها. وقتها يمكن أن يتفهم الإعلامى الموقف بل سيساعد على توصيل الخبر بطريقة إيجابية ومؤثرة على الرأى العام. الإعلامى المحترف إذا علم ببواطن الأمور يشعر وقتها بالثقة وأنه شريك فى القرار كما يتحمل شرف المسؤولية، وفى المقابل نفس هذا الإعلامى إذا لم يعلم قد لا يتفهم تبرير القرار بعد وقوعه.
■ هل ضحى النظام برجاله فى الإعلام وكل من ساندوه ضد الإخوان؟
- لنقل إنه يريد من الإعلاميين بعض الهدوء وتركه فى هذه الفترة الحساسة من عمر الوطن ليتفرغ لمعاركه الحقيقية فى الداخل والخارج وهذا ليس وقت المطالبة بالديمقراطية والحريات إنما الرجل مشغول فى مجابهة الإرهاب والتفجيرات فى الداخل والضغوط الخارجية وتأمين الغذاء والبنزين فليس من المنطقى الحديث عن الحريات والديمقراطية الآن، فالبلد فى حالة حرب.
■ منذ 52 وهم يقولون لنا إن البلد فى حالة حرب وأن هذا ليس وقت المطالبة بالديمقراطية؟ ألا يمكن أبدا أن نجابه الإرهاب ونحسن الاقتصاد ونحافظ على الديمقراطية فى نفس الوقت أم أنها معادلة صعبة؟
- فلنضع أنفسنا مكان المسؤول.. الطبيعة الإنسانية لأى منا وهو مشغول بأمور كبيرة لا يريد أن يشده أحد من الجاكتة.
■ فى كل الدول الأنظمة تواجه الإرهاب وتوفر الغذاء وتسمح فى نفس الوقت للإعلام أن يمسكهم من الجاكتة بل ياقة القميص أحيانا ومحاسبتهم؟
- نحن لسنا فى الغرب ولم يتوفر لنا التعليم والتربية الأسرية التى تنتج نضوج الوعى الشعبى المتطور هناك، الذكاء الفطرى الذى يتمتع به الشعب المصرى شىء والوعى شىء آخر. ولا تنسى أن عمرنا فى إدارة بلدنا 65 عاما فقط منذ تولى محمد نجيب للسلطة، فقبلها 3000 سنة منذ أيام الهكسوس إلى أسرة محمد على كنا محكومين بأجانب لذا 65 عاما هى مدة قصيرة جدا فى عمر الأوطان فما زلنا نتعلم.
■ لكن مهاتير محمد أحدث طفرة فى عشرين عاما فقط وكوريا الجنوبية قفزت للصفوف الأولى فى نفس المدة التى تتحدث عنها؟
- نعم ولكن نحن لدينا ميراث طويل فى الفشل أسسته ثورة 52 ومازلنا نجنى ثماره حتى الآن فلا يجب محاسبة الرئيس الحالى ولا من قبله ولا الذى سبقه لأنها تراكمات طويلة فقد بنيت الأمور على خطأ واستمرت.
■ هل يزعجك مايقال سرا وعلانية عن هيمنة الدولة على كيانات إعلامية قائمة واستحداثها كيانات جديدة؟
- لماذا نستخدم كلمة «هيمنة» على الإعلام. الأجهزة دخلت لشراء حصص فى القنوات الخاصة المختلفة ليس من باب الهيمنة على الإعلام إنما رغبة فى حماية هذه القنوات من السقوط، ولن أذيع سرا إذا قلت إن بعض القنوات هى التى طلبت دعما ماليا من الدولة، فاستجابت الدولة بدورها وأرادت أن تنقذ صناعة الإعلام. فعندما تستجيب الدولة يذهبون للقول بأن الأجهزة تسيطر على الإعلام!
■ مرة ثانية للتأكيد.. أنت تقول إن القنوات هى التى طلبت من الدولة أن تشترى حصصا فيها؟
- نعم.
■ بكامل إرادتها وليس بضغط من الدولة؟
- نعم.
■ وهل طلبوا منك شراء حصة فى قناتك؟
- لا
■ وماذا لو طلبوا؟
- ياريت.
■ ألا يزعجك أن يكون للدولة اليد الطولى فى كافة وسائل الإعلام مما يحولها جميعا إلى صوت واحد؟
- لا يزعجنى إطلاقا دخول الدولة فى المجال لإثراء الشاشة المصرية وتوفير الإمكانيات وتعظيم الإنتاج والمحتوى. هكذا فعلت «إم. بى. سى» السعودية بأموال الدولة، و«الجزيرة القطرية» بل وبعض المؤسسات فى دول كثيرة أخرى. الإعلام إذا كان فى يد صنايعى، قوة هائلة فى يد الدولة الرشيدة ولكن يجب السماح بوجود متنفس للمعارضة ليس فقط فى قنوات أخرى بل فى قنوات الدولة نفسها، هكذا نبدأ بناء الفكر الحر الذى يعد أول خطوات الديمقراطية تماما كما فعل وزير الشباب عندما أتى بإبراهيم عيسى وهو فى قمة المعارضة على منصة مؤتمر الشباب الأول، وكان الرئيس أمامه يستمع إليه وكان ذلك وساما على صدر الرئيس ليس فى سعة الصدر بقدر ما هو سعة الفكر.
■ لكن الأجهزة لن تسمح بالمعارضة للرئيس أو نقد سياساته؟
- نحن نحتاج الى مرحله من الهدوء والتروى وليس فى مصلحتنا أن يكون هناك اعلام يُسود الحياه فى وجوهنا نحن نحتاج الى الأمل.
■ ألهذا السبب تم التضحية بإبراهيم عيسى؟
المصري اليوم تحاور الخبير الإعلانى« الدكتور طارق نور»
- فى حقيقة الأمر أنه بعد رمضان 2016، أبلغنى إبراهيم عيسى برغبته فى التفرغ لأعماله فى مجال الكتابة والصحافة والأدب، لأنه «زهق» على حد تعبيره. وأعتقد أن هذا لم يكن السبب الوحيد، وإنما السبب الأساسى هو أنه كان له رأى معارض فى قناة ليست معارضة، وذلك بشهادة الجميع. فقناة «القاهرة والناس» لعبت الدور الأكبر والأجرأ فى الإعلام لدعم ثورة 30 يونيو، وكان إبراهيم عيسى من أبرز وجوهها فى الهجوم على جماعة الإخوان، إلى أن سقطت بإرادة شعبية.
■ هل تم إلغاء معرضك «لومارشيه» فى يناير الماضى للضغط عليك لإنهاء التعاقد مع إبراهيم عيسى كما يتردد بقوة؟
- لم يقل لى أحد أى شىء ولم يطلبوا منى إلغاء التعاقد مع إبراهيم، المعلن أنه لم يكن هناك توافر لشروط الحماية المدنية فى المكان الذى سيقام فيه المعرض.
■ هذه الأمور لا تُطلب صراحة دكتور طارق «بس الحدق يفهم»؟
- نعم شعرت أنهم «زعلانين» لكن ليس منى إنما من إبراهيم عيسى رغم أن إبراهيم عيسى على يقين من أن الرئيس عبدالفتاح السيسى من أنقى وأشرف وأنبل رجال مصر وأن هذه الصفات لا يختلف عليها أى مصرى عاقل غير ملوث بأيديولوجيات التخلف والتحالفات الإرهابية والمعارضين لكل شىء، والجاهلين بالأمور. وأعتقد أنه متفق على الهدف، لكنه يعارض الأسلوب. وقد رأى ابراهيم عيسى أنه من الأفضل أن يرحل لأنه يعلم أنه أضر بالقناة وأضر بى أنا شخصيا لأن الجرعة الزائدة من النقد قد تقتل المريض ومصر بعدما حدث لها وما فعلناه بها فى غرفة الإنعاش الآن.
■ ذهب كثيرون إلى كون أحد الأجهزة الأمنية دخل كمنافس قوى لضرب معرضك ما حقيقة الأمر؟
- أنا أستبعد ذلك تماما فكل الجهات الأمنية والسيادية لايمكن أن تقف ضد المستثمر وإلا عدنا للستينيات بكل ماأتوا به. وعلى حد علمى فإن معرض لومارشيه قائم وتاريخه من 11 – 14 مايو 2017، وكل الجهات السيادية تشجع إقامته، بل هو تحت رعاية وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والسياحة.
■ وماذا عن اتهامك من قبل النائب مصطفى بكرى بأنك شريك للإخوان فى هذا المعرض؟
المصري اليوم تحاور الخبير الإعلانى« الدكتور طارق نور»
- موقفى من الإخوان معلن منذ زمن ولست فى حاجة إلى إقناع الناس به، ومن يتابع القاهرة والناس سيجد أنها قناة ولدت لتكون ضد الإخوان المسلمين، أما عما قاله الأستاذ مصطفى بكرى فهو غير دقيق، ومن أعطاه المعلومات أعطاه نصف المعلومة فقط ولو سألنى وعرف منى الحقيقة كاملة أنا متأكد أنه سيكون أول المدافعين عنى، ومن يروج أننى أشارك الإخوان لمجرد إقامتى لمعرض هو غبى أكثر منه مغرضا، فالموضوع باختصار أنه بعد إلغاء المعرض الأول فى ديسمبر حاولنا عقده فى شهر يناير الماضى إلا أن الحماية المدنية ألغته ولأن أرض المعارض كانت مشغولة لفترات طويلة ما كان أمامى إلا اللجوء إلى شركة أسامة مالك وهو يقيم معارض منذ 25 عاما لنقيم معرضنا معه فى نفس التوقيت كنوع من الشراكة، وأسامة هو ابن عم حسن مالك لكن لا علاقة له على الإطلاق بالإخوان ولا بالتنظيم لكن هى محاولة لضربى وضرب المعرض.
صحيح هناك أقاويل أن معرضا يقام حاليا يتبع أحد شركائه جهازا أمنيا كبيرا مما يعطى انطباعا أن الدولة تساند طرفا على حساب الآخرين وأنا أربأ بالدولة أن تفعل ذلك، خاصة أن بيزنس المعارض بيزنس صغير ولا يحتمل دخول الدولة فيه أو دعم أحد أطرافه على حساب الآخر حيث سينسحب وقتها الجميع لأن المنافسة ستكون محسومة مسبقا لصالح الدولة.
■ وماذا عن دخول الدولة فى كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل «الأسمنت، الأسمدة، الأدوية«، وغيرها؟
- أرجو أن يكون تدخلا مؤقتا لحماية الأمن القومى الاقتصادى وأنا لا أشك لحظة واحدة أن الجيش حينما يتولى مسؤولية مشروع فالغرض منه الحفاظ على أمن واستقرار البلد، فأن تسعى الدولة لتوفير الأمن الاقتصادى فى مجالات محددة أسرع وأوفر وأدق، هذا شىء يجب أن نتفهمه ونقدره كمواطنين، وبالمناسبة أنا والدى كان ضابطا فى القوات المسلحة لذا أحترم المؤسسة العسكرية بالفطرة والتجربة لأنها أعز ما تملك مصر.
■ وماذا لو أن الأمر لن يكون مؤقتا؟
- سيكون هناك خسائر ضخمة على المدى الطويل وسينسحب الجميع من السوق لأنه كما قلت لك لا أحد يستطيع أن ينافس أو يجابه الدولة.
ولكن يجب أن نعرف جيدا أن دخول الجيش للحفاظ على أمن الدولة الاقتصادى هو ضرورة حتمية فى الوقت الحالى فنحن لا نملك رفاهية الانتظار، خصوصا أن الجيش يدير المشروع ويستعمل القطاع الخاص فى التنفيذ.
■ هل المستثمر المصرى مطمئن؟
- بالقطع لا.. المستثمر المصرى غير مطمئن ومن ثم المستثمر الأجنبى لن يكون مطمئنا ولن يأتى، ولذلك جاءت الوزيرة الشابة النشطة دكتورة سحر نصر لتنظيم القانون الجديد للاستثمار والذى فى اعتقادى سيغير الأمور كثيرا.. فقد كتب على مدخل مطار القاهرة «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» ولكن لم يقولوا لنا «نخرج ازاى»!.
المستثمر فى الخارج يحظى بمميزات ضريبية وتسهيلات فى التعاملات فى مقابل تشغيل عماله ودفع الضرائب لكن هنا فى مصر أى رجل أعمال لا يحظى بتسهيلات ولا مميزات بل يدفع ضرائب غير مستحقة، مهما قدم من أوراق تثبت سلامة موقفه فهو مدان لدى الحكومة وبالتالى كثير من رجال الأعمال يدفعون ضرائب غير مستحقة فوق الضرائب المستحقة لمجرد البعد عن وجع الدماغ.
■ إذن الموضوع ليس موضوع قانون الاستثمار إنما طريقة التعامل مع المستثمرين على أرض الواقع؟
- نعم بكل تأكيد. قانون الاستثمار هو مجرد بداية، لوائح نحتكم إليها فى النهاية، لكن الممارسات الخاطئة تأثيرها أسوأ على الاستثمار وسمعته، فإجراء منع رجل أعمال من السفر لمجرد أنه متهم والاتهام لا يعنى إدانة يعد ذلك سياسة تخويفية للمستثمرين جميعا ولا أكون مبالغا إذا قلت لك إن منع رجل أعمال واحد من السفر يوازيه تخويف 1000 رجل أعمال آخرين من الدخول للسوق المصرية وللأسف جرت العادة أن الاتهام فى مصر يعنى الإدانة مما يتسبب فى غلق حسابات رجل الأعمال فى الخارج وامتناع شركائه والموردين من التعامل معه حتى إنهاء عملية التقاضى التى هى بطبيعتها طويلة الأمد مما يؤدى إلى خراب اقتصادى يدفع نتائجه البلد وبالتالى يجب التعامل مع الاقتصاد بحنكة سياسية.
■ دعنى أسألك بطريقة أخرى، هل يتعرض طارق نور وغيره من مجتمع رجال الأعمال إلى ضغوط من أطراف بعينها؟
- الدولة نفسها، لا يمكن. ولكن أخشى أن يتسبب أحدهم فى تشويه صورة النظام الحالى بادعائه أنه مسنود، وتخويفه للخلق بعلاقاته بالأجهزة، بل استعراضه مثلا بالمكالمات المسجلة لأسماء بعينها من رجال الأعمال المرموقين، فى خرق صارخ للحرية الشخصية وتهديد خطير للشفافية.
■ بمناسبة تسريب المكالمات أنت وقناتك أول من فتحتم الباب لهذا الأسلوب عن طريق برنامج الدكتور عبدالرحيم على؟
- لا الوضع مختلف تماما فعندما فتحنا الباب كان لفضح الإخوان وتسريب مكالماتهم لكشف مخططاتهم وأنا أعتبر التسريب لحماية الأمن القومى المصرى أمرا مشروعا تماما فالناس فهمت ووعت حقيقة الإخوان المسلمين بعد إذاعة هذه المكالمات أما عندما استغل عبدالرحيم على الأمر بشكل شخصى وسرب مكالمات ضد نجيب ساويرس وتحول الأمر إلى صراع شخصى أوقفت البرنامج على الفور رغم توتر العلاقة بينى وبين ساويرس ولكن أنا ضد التدخل فى الحياة الشخصية للناس واختراق خصوصياتهم.
■ انتشر موضوع التسريبات بشكل لم نعهده من قبل للانتقام من كل المعارضين ولم نجد أى تعليق بالرفض لا من الرئيس ولا من المسؤولين مما يعطى انطباعا باستحسان الفكرة؟
- لا يجب أن يتدخل الرئيس فى كل كبيرة وصغيرة ومش كل مصيبة تحصل نقول لازم الرئيس يتدخل.
■ لكنه أمر ممنوع ويمثل خرقا واضحا للدستور والقانون وضد الشرع والدين وليس بالأمر البسيط ودلالاته تعطى انطباعا سيئا عن النظام؟
- نعم ولكن قد يحدث الأمر بدون علم الرئيس بل أنا متأكد أنه يحدث بدون علمه وأيضا دون علم رؤساء الأجهزة الأمنية والسيادية فكل مؤسسة فيها أشخاص يتصرفون بشكل شخصى ولا أستطيع القول إنه منهج للتعامل مع المعارضين.
■ كرجل أعمال هل تعرف المجلس الأعلى للاستثمار وماهية عمله؟
- لا معرفش..وهذا يعيدنى للحديث عن حق المواطن فى المعرفة وأن هناك مؤسسات لا نعرف عنها شيئا ولا ماذا تقدم.
■ ما رأيك فى المشروعات القومية وجدواها الاقتصادية؟
- أنا أراها مشروعات مستقبلية ممتازة سنجنى ثمارها بعد سنوات وسنعرف قيمتها فيما بعد، مشكلتها الوحيدة من وجهة نظرى أنه لم يتم الإعلان والإعلام عنها بالشكل الملائم ليقتنع المواطن بها وهذا تأكيد واضح لضرورة وجود جهاز حق المواطن فى المعرفة. فالمشروعات القومية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والتى كنت أرى أن تطرح من منطلق أن الأبحاث تؤكد أنه فى سنة 2100، سيبلغ تعداد القاهرة وحدها نحو 70 مليون نسمة. أى أن القاهرة ستنفجر سكانيا، وعشوائياتها ستأكلها. وتتحول هذه المدينة التاريخية إلى كارثة مروعة. ومن يقل لى إن إنقاذ القاهرة ليس ضمن الأولويات فهو ليس على دراية بالأمور أو من المجموعة إياها المعطلة الرافضة لكل شىء، ودور الإعلام هنا هو التوعية فى حملة قومية عن خطورة زيادة السكان التى ذكر أبوبكر الجندى أنها أكثر خطورة من الإرهاب نفسه. والمفارقة أن ها هو رئيس دولة يعمل ويخطط ويتابع من الآن إلى ما بعد فترة حياته الافتراضية لإنقاذ الدولة من مصايب محققة.
مثال آخر وهو مشروع الريف المصرى الجديد (أو المليون ونصف المليون فدان) الذى سيحل جزءا من أكبر مشكلة فى مصر وهى المياه الصالحة للزراعة، فمشروع يعتمد على مصدر جديد للرى يجب ألا يهمل، أتوقع من الرئيس نفسه تحرير مصر من أسلوب الرى بالغمر حتى نستثمر كل نقطة مياه لدينا ونتوسع بالرقعة الزراعية الموجودة، بهذا قد نضاعفها، لقد رأيت كثيرا من المشاريع الضخمة.. ولكن لم أنبهر فى حياتى مثلما انبهرت بمشروع الثروة السمكية فى «غليون» كفر الشيخ والذى يوفر لمصر أرقى أنواع الأسماك وبنصف الثمن.هذه قضايا يجب أن يقوم الإعلام بالتبشير بها.
■ قرار تعويم الجنيه بقدر أهميته الاقتصادية إلا أن تأثيره على الطبقات الفقيرة كان قاسيا للغاية فما رأيك؟
- قرار تعويم الجنيه وراءه شجاعة، شجاعة العبور وشجاعة ثورة 30 يونيو. شجاعة تأخرت وتراجعنا عنها منذ 1977، وأخذنا ندفع ثمنها حتى يوم (تعويم الجنيه)، ولكن أيضا كان يجب أن يصاحب ذلك حملات توعية مثلما قمنا فى حملة «مصلحتك أولا» لوزارة المالية قبل أقل من عشر سنوات، والتى كانت قد بدأت فى ترسيخ فكرة «الثقافة الضريبية» وجنت مصر من ورائها المليارات المطلوبة لبناء الخدمات والطرق.. إلخ.
■ كثر الحديث عن تجديد الخطاب الدينى فى نفس الوقت الذى تعرض فيه إسلام بحيرى للسجن لأنه حاول التجديد فما رأيك ولماذا لم تقف إلى جواره؟
- أولا أنا أفضّل كلمة الإحياء عن كلمة التجديد على الأقل فى المخاطبة الإعلامية، وإحياؤه فى فهمه وتفسيره الصحيح والذى يتماشى مع تطور البشرية، لأننا نريد الإحياء فى الموضوع وليس تجديد الشكل.ولكن إحياء الخطاب الدينى لن يأتى بين عشية وضحاها ولكنه مجهود جماعى يستلزم تطوير جميع مناهج التعليم ومراجعة جميع المناهج الدينية على أن يكون الرد على ما يخالف الثوابت بالكلمة، لا بالمصادرة والتكفير وتقييد الحرية.
مصر كلها حزب كنبة، المتحرك الوحيد كان السلفيين والإخوان، تم تحجيم الإخوان ولا يزال السلفيون منطلقين، يعلنون حزبهم ويدخلون به البرلمان. يطاردون كل المتنورين، جمال البنا منعت كتبه، نصر حامد أبوزيد كفروه وفصلوه عن زوجته، فرج فودة قتلوه، إسلام بحيرى وفاطمة ناعوت حكم عليهما بالسجن، إن الإرهاب وليد الغفلة، ونحن تركنا السلفيين وهاجمنا الأزهر.
■ أفهم من ذلك أنك كنت مساندا لـ«بحيرى»؟
- أنا مؤمن بأفكار بحيرى ورغبته فى التنوير فقط كنت أعترض على أسلوبه المستفز فى طرح الأفكار ودخوله فى صراع مع مؤسسة الأزهر التى أكن لها كل الاحترام وأرى أنه ليس من مصلحة أحد هدمها، قد نختلف مع بعض العاملين فيها ولكن تبقى مؤسسة الأزهر قيمة وقامة وعلى أى تنويرى مثل إسلام بحيرى وغيره، ألا يتشدد هو الآخر مثلهم، فهناك فرق كبير بين صحيح الحجة وأسلوب طرحها. وقد يكون الأسلوب هو الذى خان إسلام وليس الفكر.
■ وهل يؤدى الأسلوب إلى اتهامه بازدراء الأديان؟
- الحكم استند إلى الفقرة (و) من قانون العقوبات وهى ازدراء الأديان الذى تحول إلى سيف مسلط فى يد السلفيين من كل نوع قد يتخلله الإساءة، خاصة أن الفقرة لم تفرق بين الإساءة إلى الذات الإلهية والأنبياء ومحاولة نقد أو استبيان الحقيقة فى أفكار أئمة وعلماء هم أولا وأخيرا من المجتهدين، هناك فرق كبير بين القانون والعدل. ومن العدل هنا إلغاء هذه الفقرة من أصلها.
■ يظل التليفزيون المصرى إحدى المعضلات المؤرقة للدولة فى ظل ارتفاع تكلفة تشغيله وتدنى مستوى الأداء فما الحل؟
- التليفزيون المصرى لن ينصلح حاله إلا بإعطاء معاش مبكر محترم لـ47 ألف موظف يعملون فى المبنى، تدفع من حصيلة بيع مبنى ماسبيرو وأرضه والإبقاء على أفضل ألف موظف فقط ونقلهم إلى المبنى الجديد فى مدينة الإنتاج الإعلامى.
على أن يتم إنشاء قناتين عامتين بهما الدراما والكورة والبرامج الحوارية والكوميدية – وتتخللها الأخبار القصيرة ونشرة واحدة كبيرة، وقناة ثالثة للشؤون الدينية تجمع بين مقدميها الشيخ أسامة الأزهرى والباحث سعد الدين الهلالى والكاتب إبراهيم عيسى والباحث إسلام بحيرى وكل العقول المستنيرة. وقناة رابعة بالأبيض والأسود لإعادة عرض أفلام وبرامج زمان وقناة خام للتاريخ وهى قناة وثائقية تكتب التاريخ الحقيقى من جديد. هذه هى رؤيتى للحل.
■ سؤال أخير.. هل تؤيد انتخاب رئيس الجمهورية لفترة ثانية؟
- نعم بكل تأكيد فقد أنقذنا هذا البطل من نظام الإخوان الذى أراد بنا كل الشر ولو أن السيسى لم ينتج أى شىء فى حقبته الرئاسية- وهذا غير حقيقى- سيكفينى إنقاذه لمصر من براثن الإخوان، ولا ننسى أن مهدى عاكف قال «طظ فى مصر» أما السيسى فقال «تحيا مصر» هذا هو الفرق.