بقلم: مايكل مجدي
    مما لا شك فيه أننا نعيش الأن فى مرحلة خطيرة جداً يملأها القلاقل والتوترات وهى فرصة لنضوج الشعب المصرى الذى كان محجور على ديمقراطيته وحريته وأنا لا أقول اننا وصلنا لذلك ولكن اقول أنها فرصة ، بل وفرصة إجبارية وأشك أن يكون المستقبل مثلما كانت عليه مصر لكن أتوقع خيار من خيارين الأول وهى الحرية الراقية والديمقراطية وقطع رؤوس الفساد وإعطاء الفرصة للشباب أما الخيار الآخر وهو الحركات الأسلامية المُعلنه عن نفسها والخفية بكل ما تحمل من فكر ،و الأن أنا هنا لأشير إلى إحدى تلك الموجات التى تريد الميل بهذا البلد لشواطئ الدولة الدينية الإسلامية ، وهو اشبه بالبيان الصوتى وقد سمعته على إحدى المواقع الألكترونية وهو بتاريخ 22 فبراير لسنة 2011.

      وكان المتحدث هو الشيخ وجدى غنيم ومحور حديثه هو الفرق بين مبدأ الشورى والديمقراطية ،    إن ما سمعته من فضيله الشيخ جعلنى ابتسم حيث رجعت بمخيلتى لمشاهد من الأفلام القديمة التى تحدثت عن فجر الأسلام وشعرت أن الشيخ وجدى يريد إرجاعنا لعصور بعيدة جداً متجاهلاً التطور والتكنولوجيا واستنارة الفكر بالأضافة للأنترنت الذى فتح العالم كله لبعضه وأريد فى بداية حديثى أن أقول له فقط أن وسيلة ثورة 25 يناير الأولى كانت الفيس بوك حيث نجحت عندما فشلت كل حيل الجماعات المعارضة للحكومة برغم قوتها وجماهيريتها ، ويجب الأنتباه أن أسلحة الحرب تغيرت ، نحن الأن أمام حرب الفكر فى مناخ حر بلا قيود ولا حواجز مهما كانت الحواجز مقدسه ومحرمه.

    لقد تعجبت فى واقع الأمر عندما رأيت فضيلة الشيخ يطل علينا بهذه الفكرة الإبداعية التى لا تصلح فى عصر غير عصر الخيام والخيول والجمال ، ولا يمكن تطبيقها الأن وتسائلت بينى وبين نفسى عن الشورى وقلت إذا كانت الشورى فكرة اسلامية رائعة لماذا تفتت وتفككت الإمبراطورية الإسلامية ؟!؟  ولماذا لا تستخدمها الدول الأسلامية المتطلعه للغرب ؟!؟ ،  فدوله مثل تركيا تتمنى كل يوم الأنضمام للإتحاد الأوروبى وتطور من نفسها وحتى الأن لم تصل لمستوى هذا الأرتباط هل تستطيع ترك نظامها الديمقراطى وتلتجأ لمبدأ الشورى الأسلامى ؟؟!
   
    أما فضيلته فلم يقف عند حد الفتوى ولكنه تحدى أن يأتيه آحد بشئ تفوقت فيه الديمقراطية على الشورى ، والغريب أنى وجدت الكثير وأغلبها من كلمات فضيلة الشيخ أختصرها فيما يأتى:

1.    قال عن الشورى ( أنها ربانية أى الهية أى منزله أى لا تغيير ولا تعديل فيها ولا عليها ولا أضافه ولا حذف فيها أما الديموقراطية فهى بشرية وضعية  ) وهذا عيب خطير بما يعنى غلق باب التغيير والتطوير حتى لو ظهر بها فساد  او استغلها فاسد وتلاعب من خلال ثغراتها ففرصة سد الثغرات ممنوعة ، وعندما قال عنها أنها ربناية تكلم وكأنه صاحب الرأى الوحيد والفريد وكأن الله هو فقط الذى فى الأسلام ولم يتكلم فى غير القرآن ، بالرغم من أن المسيحيين يقولون عكس كلامه ويستطيعون أيضاً القول " هكذا قال لنا الله" !!!

2.    قال عن الشورى ( أنها إلزامية وترتجع فقط للشريعة الإسلامية ) وهذا غير مقبول فى دولة يمثل الأقباط فيها نسبة ليست بقليله ورغم أنهم أقليه ولكنهم سيظلوا أصحاب البلد وسكانها الأصلييون فكيف تأتى فضيلته لأناس أمنين فى بلدهم ويضع عليهم أحكام شريعة إسلامية لا يؤمنون هم بها ويلزمهم أتباعها؟؟! وهذا المبدأ يتعارض مع ما قاله عنها في أنها تسمع بالحرية فأين الحرية والشورى تحتم على مسيحيين مصر الألتزام بأحكام الشرع الأسلامى برغم عدم قبولهم للدين الأسلامى ككل ، أليس من حقهم العيش فى وطنهم بأمان وسلام يفعلوا ما يريحهم دون إيذاء من الآخر؟؟! وهنا يظهر العيب الأكبر للشورى وهو النرجسية في ثوب إسلامي دون مراعاة الآخر صاحب الوطن وليس الغريب أو الضيف ولا الغازي المحتل.

3.    استخدم الشيخ اللعبة المعتادة للسلفين للتأثير على الطبقة العريضة المتدينة من الشعب بقوله ( الديمقراطية هى سلطة الشعب أما الشورى فهى سلطة الله على الشعب ) وكأن الله سبحانه سوف ينزل ليحكم على عرش الدولة المصرية الإسلامية ( حاشا لله ) ولم يقل الشيخ أن من يقرر الشرائع والقوانين هم بشر عاديين يرجعون للقرآن للحكم والبيان وهنا يظهر فكرهم فى تفسير وتطبيق النص التشريعى وبالتالى يحكمون بعقولهم وفكرهم الشخصى ويُلبسون هذه الأقاويل ثوب ( هكذا قال تعالى وهكذا قال الرسول ) وما على الشعب ألا الطاعة.

4.    يقول ( الشورى مُلزمه ) أى أنها إلزاميه المفعول والسريان ولا يمكن تجاهلها وبذلك يعطى للشورى صلاحيات وقوة لا يمكن تجاهلها أى لا وجود فرصة للأعتراض.

5.    يقول ( الشورى ليس فيها معارضه ) أى أنه على الجميع الطاعة والتنفيذ ولا يوجد فرصة لمعارض يلفت نظر الحكام لفكر مختلف ويحفظ الدولة فى توازن بل على الجميع الطاعة فقط والتنفيذ ، وهنا أتسائل هل هذه هى الحرية عندكم ؟؟!

6.    يقول ( الشورى ترفض سيادة الشعب على نفسه وترفض حرية التدين وترفض حرية التعبير ) أنها اشبه بالسجن فى عصرنا الحالى ،وأرى هنا أن الشيخ يريد حرمان الشعب من الأنتخابات والمشاركة فى الحياة السياسية ويرفض كل أنواع الحريات مادامت خارج النص والدين الأسلامى وترفض حرية التعبير باى فكرة تعارض الدين الأسلامى.

والأن هذه مشكلات الشورى فى الواقع وأما عن طلب فضيلة الشيخ عن أمور جيدة لا توجد فى الشورى فهى كثيرة جداً اقول فقط عناوين مختصرة منها لا يسعنى الوقت لتفصيلها ولكنى متيقن أن القارئ يعلم تفاصيلها جيداً بل ويحلم كل يوم بان يعيشها مثل (أن الديمقراطية فيها حرية حقيقية تقبل الآخر بكل ما فيه من مميزات وعيوب بفكره ونشاطه ما دام لم يضر غيره وهى أيضاً تقبل الأختلاف ولا تقتله ، وتقبل المعارضين وتستمع لها وتعطيهم الفرصة وتسمح لهم بالوصول للحكم أذا كانوا من الكفائات ، الديمقراطية ليست حبيسه الدين والشرع ولا حتى الدين المسيحى فهى تسع كل الأديان وكل الأعراق والطبقات ولا تفرق بين آحد منهم والديمقراطية ليست ربانية أى تقبل التغيير والتعديل والتطوير ولا تخجل لو أخطأت ، اللهم أعطنا الحرية ولا تسمح بسجننا بسجن جديد بعد كسر القديم هكذا أمنياتى لشعبى المصرى الأصيل ، وختاماً أقول لفضيلة الشيخ مصر لن تكن مثل إيران ولا أفغانستان مصر حره وتسع الجميع من كل الأديان يحكمها قانون محايد صالح للجميع.