جنسية عماد الدين أديب!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاربعاء ١٠ مايو ٢٠١٧
طالعت مقالاً للكاتب الكبير عماد الدين أديب فى الشقيقة «الوطن» بعنوان: هل بيع الجنسية عورة؟
يستنكر فى سطوره المستفزة رفض الرافضين بيع الجنسية المصرية، ويرى فيما يرى الكاتب أن حديث رفض بيع الجنسية للأجانب، عربا وعجما، لا يستقيم، ونصاً يقول: هذا الجو المسموم القائم على الكيد والتحريض لا يمكن أن يبنى وطناً صالحاً!. ويتزيّد بالقول: «ومنذ أن خرج المشروع أو مسودته المبدئية إلى العلن وهناك، كالعادة، مزايدات تنمّ عن جهل وتحريض»!!.
وبما أننى جاهل، ومن جملة المحرضين على رفض بيع الجنسية المصرية، ابتداء أستميحه عذراً، كفى مقارنات ظالمة بالولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وألمانيا وإسبانيا وكندا وفرنسا، باعتبارها دولاً عظمى وتبيع جنسيتها لمن يدفع!.
مقارنة انسحاقية مملة لا تصح فى موضوع الجنسية.. نعم، لسنا دولة عظمى، ودولة تترجى الله فى حق النشوق، وشعب فقير قوى، ولكن يصدق فينا المثل العربى الذائع: «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها»، ولن نبيع جنسيتنا ولو أكلنا ورق الشجر، ولا تعايرنا بفقرنا، إحنا كده وهنفضل كده، المصرى يأكلها بدقة ولا سؤال اللئيم، مستثمراً كان أو مغامراً.
يتحدث عن «حلم» بيع الإقامة طريقاً لبيع الجنسية، يسمى بيع الجنسية حلماً، احلم كما شئت وشاء لك الهوى، ولكن عن أى حلم تتحدث، بيع الجنسية لا يعدو تجارة رخيصة، وماذا بقى فى مصر من غائلة المستثمرين ليتم تبضيعه وتسليعه وبيعه؟!
الرئيس من قسوة الظرف قال: «لو ينفع أتباع لبعت نفسى»، ولكنه لم يقل أبيع الجنسية المصرية، لأنها عنده كما عند المصريين تعنى المصرية، وهى أشياء لا تُباع ولا تُشترى، وهذه المعانى المستبطنة فى قرار المصريين لا تعنى عند البعض ممن درج على تبضع الجنسيات الأجنبية شيئاً.
جُبِلنا على أن الجنسية مرادف للوطنية، ونحفظ عن ظهر قلب قول الشاعر الجنوبى أمل دنقل مخاطباً من يبحث عن الدرهم مقابل العرض والأرض: «ولو منحوك الذهب، أترى حين أفقأ عينيك، ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى؟.. هى أشياء لا تُشترى..».
سلو بلدنا، الجنسية لا تُباع ولا تُشترى، الجنسية بالميلاد، خلقنا ربنا مصريين، صحيح على قد حالنا، ولم ينصفنا أحد، وتكالبت علينا الأمم تكالب الأكلة على قصعتها، حتى الجنسية لم تفلت من بين أسنانهم، وسؤال بسؤال: من ذا الذى يروم الجنسية المصرية والجواز المصرى؟!.
بعضمة لسانك وفى نهاية مقالك، قلت نصاً: «بالمناسبة، جواز السفر المصرى لا يدخلك أى دولة بدون تأشيرة إلا عدة دول غير مهمة لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة»!!
وكأنك تقول للرافضين: ويحكم، اتلهوا على عنيكم، انتم فاكرين الجواز المصرى ذى قيمة. لا يا سيدى قيمة الجواز المصرى من قيمة مصر، ونحن راضون بالجواز المصرى، وقانعون، ولا نرتضى بغيره بديلاً، سمها ما شئت، «شوفونية» إذا كان هذا يرضيك.
وأسألك سؤال العارفين: إذا كان الجواز المصرى هكذا بائسا وحالته تعيسة، لماذا يطلبه الطالبون، يقيناً هناك غرض، والغرض مرض، وباعتباركم خبيرا ببورصة الجنسيات العالمية، احسبها بعقليتك الاستثمارية: جواز لا يُقدم ولا يُؤخر ولا تتعدى قيمته عالمياً سوى إثبات جنسية صاحبه، لماذا اللهاث على طلبه وربط وديعة دولارية للظفر به؟..
وفى الأخير، أرجو أن تسمع كلمات تغنى بها لطفى بوشناق:
ما أخاف الفقر لكن كل خوفى من الضباب
ومن غياب الوعى عنكم كم أخاف من الغياب..
دمتم فى لندن بكل الخير.
نقلا عن المصري اليوم