أهلنا فى الجنوب يأكلون ورق الشجر!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الخميس ١١ مايو ٢٠١٧
«نحن بحاجة ماسة لتبرعاتكم العاجلة.. رجاء تبرع الآن»..
ذبح قلبى طلب تبرع مؤلم، مصدره UNHCR المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تطلب تبرعا من حول العالم لإخوتنا فى جنوب السودان، المجاعة تضرب الجنوب ونحن عنه غافلون.
ابتداءً، نحن أهل الشمال أولى بأهل جنوب السودان، ونحن أهل مصر أولى بإخوتنا فى الجنوب، وعلى الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يبادر ليقود جهداً وطنياً ودولياً إنسانياً للوقوف إلى جانب شعب جنوب السودان.
شعبنا الذى يعانى شحاً اقتصادياً لن يتأخر عن إغاثة أهل الجنوب، ولطالما وقفت مصر مع أهلنا فى الجنوب، ودوماً إلى جوارهم، ولم تتخل عن دورها يوماً.
وأود أن أسمع خبراً ساراً فى غضون الأيام المقبلة عن تحرك مصرى معتبر لإغاثة المنكوبين فى الجنوب، جهد مصرى خالص يستصحب جهداً دولياً لإنقاذ نحو مائة ألف من الأطفال والعجائز ضربتهم المجاعة.
من رسالة المفوضية أنقل سطوراً حزينة: «صرخات تخرج من جنوب السودان، المجاعة وقعت، إنه لشعور مؤلم لنا كبشر أن يكون هناك وجود للمجاعة فى العالم!. هناك فى جنوب السودان ما لا يقل عن 100.000 شخص (أكثر من نصفهم من الأطفال) تحت خطر الموت جوعاً!، وباستمرار الصراع الدموى هناك منذ ديسمبر 2013، والذى جعل من أزمة لاجئى ونازحى جنوب السودان الأكبر فى أفريقيا فى ظل التراجع الحاد فى الدعم الذى أدى إلى نقص حاد بل حتى الانقطاع فى توفير الطعام والغذاء.
هناك 5.5 مليون سودانى فى الجنوب (أى 42% من مجمل عدد السكان) هم بحاجة ماسة للطعام والمساعدات الإنسانية. وهناك قرابة مليون شخص منهم صُنّفوا بأنهم (على حافة المجاعة). إننا فى مفوضية اللاجئين متواجدون على الأرض لنبقى نقدم كل المساعدة ولكى نضمن عدم ذهاب هؤلاء العائلات والأطفال إلى النوم وهم جياع! ولكن لا نستطيع فعل ذلك وحدنا. نحن فى حاجة ماسة لتبرعاتكم. رجاء تبرع الآن».
كل المنابر الدولية تتحدث عن المجاعة فى الجنوب، والأرقام فى رسالة المفوضية لا تعبر تماماً عن الوضع المأساوى فى جنوب السودان، الجنوب على حافة مجاعة، يأكلون ورق الشجر، وأطفالهم صرعى صراعات لا ذنب لهم فيها، ينامون على الطوى، والقدور تغلى بماء قراح، والتقارير من ولاية «الوحدة» تشير إلى وضع كارثى، هى الأسوأ، تليها ولاية «بحر غزال»، الأمر الذى يحتاج إلى تدخل إنسانى عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح، الجوع والمرض يحصدانهم، ويذرانهم كالهشيم.
لقد أسمعت لو ناديت حيـا، ولكن لا حياة لمـن تنـادى.. يصح هذا البيت فى أى مكان فى العالم إلا فى مصر، والأذان فى مصر صوته مسموع، هنا لا تؤذن فى مالطة، وفى استراتيجيات الأمن القومى الجنوب حاضر، وفى الرئاسة المصرية من يقومون على تقوية وتطعيم العلاقات مع السودان، شماله وجنوبه، وإن انفصلا انفصال التوائم الملتصقة، ونجدة أهلنا فى الجنوب واجب وطنى تحتمه اعتبارات الأمن القومى المصرى.
UNHCR تقوم بواجبها الإنسانى فى الجنوب، «لكى نضمن عدم ذهاب هؤلاء العائلات والأطفال إلى النوم وهم جياع»! وأظنه واجبنا نحن أيضاً، واجب تؤهلنا للقيام به علاقات طيبة مع أهل الجنوب، وأعلم تنامى هذه العلاقات التى بُنيت على أساس من الاحترام الكامل منذ حكم الزعيم الجنوبى الراحل جون قرنق، وتعاظمت مع حضور سلفه القائد سيلفا كير، فلنمد يد العون إلى أهلنا فى الجنوب كرمى للأيام المقبلة.
نقلا عن المصري اليوم