الأقباط متحدون - بلاش الفصل المعكوس
  • ١٣:١٦
  • الخميس , ١١ مايو ٢٠١٧
English version

بلاش الفصل المعكوس

سعيد السنى

مساحة رأي

٢٤: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ١١ مايو ٢٠١٧

الدكتور طارق شوقي
الدكتور طارق شوقي

سعيد السني
الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، يبدو كما لو كان مقيماً في قصر افتراضي عالي الأسوار، والقصر نفسه بأسواره العازلة، هائم على غير هُدى، في الفضاء الإلكتروني.. فـ«الوزير»، خبير بـ«الهندسة الميكانيكية»، وله سابقة تدريسها، وعمادة كلية لذات التخصص بالجامعة الأمريكية، بما يجعله أبعد ما يكون عن الصلاحية لإدارة شؤون وزارة بأهمية «التربية والتعليم».. فلا هو سياسي له برنامج أو رؤية تعليمية مدروسة تبرر توزيره، وتمكينه من رأس المؤسسة التعليمية، ولا هو «تربوي» دارس لعلوم التربية ومهنة التعليم، لكننا في مصر بلد العجائب، و«المضحكات المبكيات» على رأي شاعرنا العربي الحكيم أبوالطيب المتنبي (915م- 965م).. ثُم إن «الوزير شوقي»، مُعادٍ لمجانية التعليم، ولا يّمل الهجوم على الدستور الحامي لهذه المجانية.. فمن رأيه تحميل المواطن نفقات تعليم أبنائه، غير مُدرك بأن ملايين المصريين يعانون الجوع حرفياً، ويجدون صعوبة شديدة في تدبير ثمن «الخبز»، أكرر «الخبز فقط» لإطعام أبنائهم.. فهل يسعى إلى نشر الجهل والأمية، بأكثر مما هم منتشرين؟.. وهو يطرح «أفكاراً» في نفس السياق، مصطدماً بحالة البؤس والفقر التي يعيشها شعبنا، كأنه لم يسمع مقولات الرئيس عبدالفتاح السيسي، «إحنا فقرا أوي أوي، وغلابة أوي أوي».

«الوزير شوقي» اعترف قبل أيام بخروج تعليمنا من التصنيف الدولي، بعد أن كان يحتل المركز قبل الأخير، عام 2015م، حيث كان ترتيب مصر في جودة التعليم، هو 139، من بين 140 دولة.. وارجع المشكلة إلى «أسلوب الحفظ والتلقين» المتبع بمدارسنا؟، وهو تشخيص «جزئي» سليم.. عليه قرر «الوزير» تطبيق فكرة «الفصل المقلوب» أو المعكوس بداية من العام الدراسي المقبل على الصفين الأول والثاتي الثانوي.. هي فكرة تقوم حسب شروح «الدكتور شوقي»، على إلغاء الكتاب المدرسي، وإدماج التكنولوجيا بالتعليم، اعتماداً على معلمين مؤهلين جيداً لاستخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة، بأن يُحَدد المعلم الموضوعات والدروس مسبّقاَّ لـ«طلاب الفصل»، وعليهم تجهيز الدرس، بالبحث عنه ومراجعته من خلال المناهج الإلكترونية، المتاحة على موقع «بنك المعرفة المصري»، ربطاً للتلاميذ بـ«البنك».. وفي الفصل يفتح المعلم باب المناقشة، ويقوم الطالب باستعراض الدرس أو الموضوع.

الفكرة جيدة نظريَّأ، ومُستحيلة عمليَّا في ظل الواقع المرير الذي يعيشه طلابنا بالمدارس وفي بيوتهم، سيما وأن «شوقي»، أعلن تعميمها مع بداية العام الدراسي المقبل.. لنا أن نطرح عددا من التساؤلات، وسوف يبين من الإجابة عنها أن الفصل المقلوب غير واقعي. فهل يعرف معالي الوزير الهائم في قصره الافتراضي العالي أن لدينا مدارس تعمل فترتين، ولا يمكث بها «الطلاب» سوى ساعات قليلة غير كافية تعليمياً، وأنهم والمعلمون يذهبون للمدارس على سبيل إثبات الحضور، وربما لتأكيد وتظبيط مواعيد الدرس الخصوصي، بعد أن غاب التعليم من المدرسة؟.. ألا يدرك «معاليه»، أن لدينا فصولاً تصل كثافتها إلى 120 طالباً.. بينما 24 طالباً للفصل، هي الكثافة المتعارف عليها دوليا، والصالحة لتنفيذ الفكرة؟.. هل تتوفر داخل حجرة الفصل بالمدارس الثانوية شبكة الإنترنت، والأجهزة التكنولوجية اللازمة للتنفيذ، من حواسب آلية، وشاشات عرض إلكتروني، وطابعات، وما شابه؟.. أم أن المسألة هي تجارب فاشلة للمزيد من تدهور التعليم، على أساس أن مدارسنا، حقول تجارب، للوزراء الهواة أمثال وزيرنا الهُمام، وأبناؤنا فئران للتجريب؟.. هل تم تنظيم دورات تدريبية لمعلمي المرحلة الثانوية على هذا الأسلوب، وعلى وسائل التكنولوجيا الملائمة، وحتى لو شرعت الوزارة الآن في تدريبهم.. فهل الفترة الباقية كافية، سيما وأن بداية العام الدراسي في سبتمبر القادم؟.. هل استعان الوزير بجهاز التعبئة والإحصاء مثلاً، للوقوف على ما إذا كان كل طالب من أبنائنا لديه جهاز حاسب آلي شخصي، أو حتى التأكد من وجود كمبيوتر، وإنترنت متاح بمنازل جميع طلاب الثانوي؟.. لو كان الوزير قد فعل، لعلم أن الملايين من طلابنا يفتقدون هذه الإمكانيات من كمبيوتر خاص وإنترنت، وليس بوسع أولياء أمورهم توفيرها لهم، فالأولوية هي إطعامهم وتدبير كُلفة الدروس الخصوصية إن أمكن.

أخشى أن «الوزير شوقي» يسعى من وراء الفصل المقلوب إلى تسويق موقع «بنك المعرفة المصري»، الذي أشرف على إنشائه، وقت أن كان رئيساً للمجلس التخصصي الرئاسي للتعليم، بالتعاون مع شركة ديسكفري العالمية، وهو عبارة عن مكتبة رقمية ضخمة، ومتميزة، وتحوي المقررات الدراسية لطلاب التعليم قبل الجامعي، على طريقة التليفزيون التعليمي.. لكن يبدو أن الإقبال على الموقع جاء ضعيفاً على غير توقعات الوزير شوقي، ومن هنا فقد يكون الفصل المعكوس سبيلاً لذيوع البنك وانتشاره.. خلاصته.. بلاش الفصل المعكوس.. وفروا الإمكانيات أولا.

نسأل الله السلامة لمصر.

Saidalssonny2@gmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع